صحيفة إيطالية: هكذا تفوق قائد المتمردين في تيغراي على جيشين متحالفين

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة إيطالية أن قيادة الجنرال السابق بالجيش الإثيوبي تسادكان غبريتنساي للتقدم المفاجئ للمتمردين في إقليم تيغراي نحو عاصمتها ماكالي، أدت إلى تغير في "ميزان الحرب".

وأوضحت صحيفة "إيل بوست" أن "قوات دفاع تيغراي (تحالف يجمع المتمردين المناهضين للحكومة من منطقة شمال إثيوبيا) شنت خلال الأيام الأخيرة، هجوما عسكريا مفاجئا لاستعادة السيطرة على ماكالي، العاصمة الإقليمية التي احتلها الجيش الإثيوبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020".

وأشارت إلى أن "قوات المتمردين أجبرت الجيش الإثيوبي على الانسحاب تحت غطاء وقف إطلاق نار أحادي الجانب أعلن عنه من قبل رئيس وزراء الحكومة الفيدرالية، آبي أحمد".

مفاجأة كبيرة

ولفتت الصحيفة إلى أن "إعادة بناء الأحداث التي وقعت مؤخرا يظل غير مكتمل وجزئي، بسبب غياب الصحفيين والمراقبين الدوليين في تيغراي، وانقطاع جميع الاتصالات مع الخارج، ولهذا السبب أيضا أحدثت هذه التطورات مفاجأة كبيرة". 

وأوضحت أن القليل من المراقبين توقعوا أن المتمردين الذين تكبدوا هزيمة سريعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وأجبروا على اللجوء إلى الجبال، ستكون لديهم القدرة على إعادة تنظيم قواتهم وبدء عملية عسكرية جديدة واستعادة ماكالي مجبرين قوات جيشين على الانسحاب".

وكتبت صحيفة "الإيكونوميست" معلقة على ما حدث: "عندما يكتب تاريخ آخر حرب أهلية إثيوبية، ستوصف معارك يونيو/حزيران بأنها من أعظم الانتصارات التي حققتها جماعة متمردة في السنوات الأخيرة".

وأشارت إلى أن أحد الشخصيات المركزية التي لفتت الانتباه في الأحداث الأخيرة هي جنرال التيغراي غبريتنساي، الذي يقود التمرد في سن 68 عاما، ويعد أشهر عسكري في إثيوبيا وأحد أفضل الإستراتيجيين العسكريين من جيله في جميع أنحاء إفريقيا.

كما يمتلك تاريخا خاصا للغاية، يعتبر في بعض نواحيه رمزا للعلاقات المعقدة التي ربطت تيغراي ببقية البلاد لعقود.

وانضم غبريتنساي إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عام 1976، بعد أن تخلى عن شهادته في علم الأحياء من جامعة أديس أبابا.

ولم تكن الجبهة التي باتت الحزب السياسي الرئيس في منطقة تيغراي اليوم، سوى فصيل صغير مكون من بضع مئات من رجال حرب العصابات الذين أرادوا الإطاحة بالنظام الماركسي لمنغيستو هيلا مريم، الذي حكم إثيوبيا حتى عام 1991. 

مهارات هائلة

وبحلول نهاية الثمانينيات، كتب المحلل أليكس دي فال، بأن غبريتنساي أصبح واحدا من أكثر قادة الجبهة احتراما، كما باتت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تضم جيشا قوامه أكثر من 100 ألف جندي.

وفي مايو/أيار 1991، تمكنت الجبهة بقيادة غبريتنساي، المتحالف مع الجيش الإريتري، من احتلال أديس أبابا، والإطاحة بنظام منغيستو.

وأضاف دي فال بأن غبريتنساي أقام منزلا مؤقتا قرب فندق هيلتون في العاصمة "ونام على سرير نوم لأول مرة منذ 15 عاما".

وخلال السنوات التي تلت ذلك، سيطرت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على السلطة في إثيوبيا، وسط احتجاجات وسخط الجماعات العرقية الأخرى في البلاد، التي يفوق عددها بكثير أقلية التيغراي إلا أنها أقل تمثيلا في الحكومة. 

وتابعت الصحيفة بأن غبريتنساي منح رتبة جنرال وتم تكليفه بمهمة إعادة بناء الجيش الفيدرالي لإثيوبيا، وعلى غرار ما حدث في الحكومة، قام بتعيين عناصر من عرق التيغراي على رأس المناصب الرئيسة في صفوف القوات المسلحة.

ونوهت بأن هذه العناصر اكتسبت مهارات هائلة في المجال العسكري وطورتها لتستفيد منها للغاية في التخطيط للتمرد الأخير.

وأواخر التسعينيات، أكد الجنرال الإثيوبي السابق نفسه كخبير إستراتيجي عسكري ماهر ومختص أثناء الحرب التي خاضتها إثيوبيا ضد إريتريا، لكن قربه من الحكومة الفيدرالية لم يدم طويلا. 

وأثناء الصراع، اختلف غبريتنساي مع قادة عسكريين آخرين من التيغراي حول الإستراتيجية التي يجب اتباعها، وكذلك مع رئيس الوزراء آنذاك ميليس زيناوي، الذي كان أيضا رئيسا للأركان، وقام الأخير إثر انتهاء العمليات القتالية بإقالته من منصبه.

أعمال رهيبة

وذكرت الصحيفة أن قائد المتمردين الحالي في تيغراي، عاد إلى الانخراط في الشأن العام بعد انتخاب رئيس الوزراء آبي أحمد عام 2018، والذي على عكس رؤساء الحكومات الذين سبقوه ليس تيغرينيا وإنما ينتمي إلى عرق أورومو، إحدى الجماعات العرقية الأكثر تهميشا في البلاد .

ورجحت الصحيفة أن يكون غبريتنساي قد عبر عن استعداده للتعاون مع الحكومة الجديدة بدافع الشعور بالرغبة في الانتقام من قادة إقليم التيغراي الذين أطاحوا به، لكن هذه المرة أيضا لم يدم هذا التعاون طويلا. 

وأفادت بأنه مع تنامي المشاعر المناهضة للحكومة في منطقة تيغراي، بالتوازي مع المطالب الانفصالية للمنطقة، وضع غبريتنساي الانقسامات السابقة جانبا وعاد إلى ماكالي لينضم إلى المتمردين مع بداية  الحرب بين الجيش الإثيوبي والقوات الانفصالية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وعين الجنرال السابق على الفور قائدا لقوات دفاع تيغراي، إلا أنه فشل في التصدي للهجوم الأول للجيش الفيدرالي الإثيوبي المتحالف مع الجيش الإريتري، وقد أُجبر مع مقاتليه على اللجوء إلى الجبال مانحين الفرصة لحكومة آبي احمد لإعلان انتصارها في الحرب.

لكن في منتصف يونيو/حزيران 2021، بعد أربعة أشهر قضتها في جبال تيغراي للتدريب وإعادة تنظيم الصفوف تحت قيادة غبريتنساي وغيره من القادة العسكريين المتمردين، تمكنت قوات الدفاع - بشكل غير متوقع للجميع - من شن هجوم مضاد، وإجبار الجنود الإثيوبيين والإريتريين على الفرار وإعادة السيطرة على  ماكالي.

ولفتت الصحيفة إلى أن "تفاصيل كيفية تمكن المتمردين من تنفيذ عملية من هذا النوع لم تكشف حتى الآن، ويرجع ذلك أيضا إلى رفض حكومة آبي أحمد الاعتراف بالهزيمة وتقديم وصف دقيق وصريح لميزان القوة الموجودة اليوم في تيغراي". 

وأكدت "إيل بوست" أنه "رغم استعادة المتمردين السيطرة على ماكالي، إلا أن ذلك لا يعني أن إعلان انتهاء الحرب قد أصبح وشيكا". 

في هذا الصدد، كتبت صحيفة نيويورك تايمز، "يبدو أن قوات المتمردين لا ترغب كثيرا في التوصل إلى هدنة، وتنوي على الأرجح بدء عملية عسكرية في إريتريا المجاورة، لاستباق أي هجمات أخرى في المستقبل من قبل الجيش الإريتري على تيغراي". 

وترى "إيل بوست" أن رقعة الحرب "قد تتسع أكثر، مما قد يزيد من أعمال العنف الرهيبة التي نفذتها الأطراف المتحاربة ضد المدنيين في الأشهر الأخيرة".