الحوثيون والحراك الجنوبي باليمن.. علاقات خفية ونفي علني

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

السر الوحيد الدافع لتلك العلاقة هو الطرف الإقليمي الداعم لهما وهو إيران، والهدف المشترك للطرفين هو الانفصال وإن كان خفيا لدى الحوثيين، علاقة الحراك الجنوبي بالحوثي لم تكن حديثة، بل سبقت انقلاب الحوثي، كما سبقت تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

ومع أن ناشطين في الحراك الجنوبي نفوا أي اتصال مع الحوثيين، إلا أن أحداثا أثبتت وجود علاقة بين الطرفين، فقد شارك قادة من الحراك الجنوبي بمراسم تشييع مؤسس جماعة الحوثي، حسين بدر الدين الحوثي، ورفعوا العلم الجنوبي في مراسم التشييع.

وفي وقت سابق، قبيل الانقلاب، أكد عضو لجنة الحوار عن جماعة الحوثي عبد الكريم جدبان، وجود علاقة وصفها بالجيدة مع الحراك الجنوبي، مبررا تلك العلاقة بوجود علاقة طيبة تجمع الحوثيين بكل الأحزاب والمكونات السياسية.

وبعد الانقلاب شكل الحوثيون حكومة ضمت عناصر من الحراك الجنوبي، منهم القيادي في الحراك محمد علي أحمد الذي اعتذر عن تولي وزارة الأشغال العامة التي شغلها بدلا منه غالب مطلق، ووزير السياحة ناصر باقزقوز، الذي استقال لاحقا إثر الحديث عن خلافات بين الحوثيين والحراك الجنوبي .

وخلال مشاورات جنيف الماضية في سبتمبر/أيلول 2108، جمع لقاء بين مسؤول العلاقات الخارجية في الحراك الجنوبي عيدروس النقيب والقيادي في جماعة الحوثيين محمد الشامي في جنيف، ما يدلل على أن العلاقة بين الطرفين لم تعد خافية.

الحراك وحزب الله

القيادي في الحراك الجنوبي محمد العقلة أكد أن هناك علاقة بين الحوثيين وجناح علي سالم البيض، الرئيس الجنوبي السابق، الذي كان يقيم في بيروت ويتزعم أحد أجنحة الحراك، ويمتلك قناة فضائية تبث من بيروت.

وكان وزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي، قد اتهم حزب الله بأنه يقدم الدعم لعلي سالم البيض، الذي يطالب بانفصال الجنوب اليمني، كما أن هناك أيضا فصيلا آخر يتبع المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي الموالي للحوثيين، وكان يتواجد رئيسه فادي باعوم في الضاحية الجنوبية للبنان مقر حزب الله.

بدوره نفى الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للحراك قاسم جبران في وقت سابق، أي علاقة تربط الحراك بالحوثيين، كما نفى وجود أي علاقة بين الحراك وإيران وحزب الله اللبناني، وقال إن إقامة الرئيس الجنوبي الأسبق علي سالم البيض في بيروت "تمت بضيافة من الحكومة اللبنانية لوجود حرية إعلام هناك"، حسب قوله.

نوايا الانفصال

في حين يقول البعض إن العلاقة بين الحراك والحوثيين فرضتها حالة المظلومية التي يدعيها الطرفان، إلا أن العلاقة بينهما تتجاوز، فيما يبدو، هذه المسألة وتتعداها لحد تساوي المطالب والأهداف، وبالتالي التواصل والتنسيق من أجل تحقيقها، وهو ما أكده القيادي في الحراك الجنوبي محمد العقلة، بقوله: "الحوثي والحراك الجنوبي تجمعهما مصالح مشتركة، فهما يسعيان للانفصال عن صنعاء، حيث يطالب الحوثيون بإقامة حكم ذاتي، ويسعى الحراك لاستعادة دولة الجنوب".

فنوايا الحوثي بإقامة حكم ذاتي في صعدة، كانت قبل أن يجتاح العاصمة صنعاء، وقبل أن يتوسع طموحه بعد انقلابه على الحكومة الشرعية واستيلائه على مؤسسات الدولة.

ففي منتصف يوليو/تموز من عام 2015 أعلنت الحكومة الشرعية تحرير عدن من سيطرة الحوثيين، وفي مايو/آيار 2017، أعلن محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي عن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يهدف إلى فك ارتباط جنوب اليمن عن شماله، وتحقيق استقلال جنوب اليمن عن سلطة صنعاء، بحدوده قبل إعادة تحقيق الوحدة عام 1990،  بحسب نص البيان.

ويتزعم المجلس الانتقالي محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي، ونائبه المقال السلفي هاني بن بريك، ويتلقى دعما مباشرا من الإمارات، وهو الأمر الذي أقره الزبيدي في حديثه لصحيفة الجارديان البريطانية حين قال: "لدينا الآن جيش، ونسيطر على الجنوب، ولدينا حليف إقليمي معنا، في إشارة للإمارات"، غير أن المجلس الانتقالي لا يبدو كحليف للإمارات، بل كتابع، ينفذ أجندة أبو ظبي في الجنوب.

وكان اجتماع رئاسي ضم هادي بنوابه ومجلس الوزراء قد اتهم، في وقت سابق، المجلس الانتقالي بالتمرد المسلح واستهداف معسكرات واقتحام مؤسسات الدولة والانتشار في شوارع وأحياء عدن، واعتبر الاجتماع أن "ما يجري في عدن عمل انقلابي مرفوض"، وأشار إلى أن تلك الأعمال ليست عفوية وتضع أكثر من علامة استفهام حول الجهة المستفيدة منها.  

المعادل الموضوعي

يبدو المجلس الانتقالي في الجنوب كما لو كان المعادل الموضوعي للحوثيين في الشمال، يقول الكاتب والصحفي شاكر خالد لـ "الاستقلال"، "كلاهما جماعة انقلابية، وكلاهما ميلشيا متمردة على الشرعية، تتلقى دعما من أطراف خارجية لتنفيذ أجندة داخلية، والحقيقة أن ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما".

الشكوك حول أن علاقة ما تربط المجلس الانتقالي الجنوبي بالحوثيين لم تتوقف، غير أن تصريحا رسميا صادرا عن الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام أزال تلك الشكوك وأكد تلك الفرضيات.

ففي حديث صريح لصحيفة سبوتنيك الروسية قال الناطق باسم الجماعة: "الحوثيون يتابعون عن كثب التطورات الأخيرة في عدن ويؤيدون تحركات المجلس الانتقالي الهادفة لطرد حكومة الرئيس هادي من مدينة عدن" وحرض عبد السلام الجنوبيين في حديثه على حكومة الرئيس هادي وحثهم على الانتفاض ضده .

تنسيقات واتصالات

رغم التناقض الحاصل بين الحوثيين والمجلس الانتقالي، خصوصا بعد سيطرة الحوثيين على عدن، ثم طردهم منها لاحقا، إلا أن تنسيقا واتصالات تجري بينهما، على المستوى الداخلي والخارجي.

فقد تحدثت مصادر عن دور قام به الحوثيون في العاصمة البريطانية لندن، في التنسيق لإقامة فعالية حضرها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في  لندن مارس/آذار الماضي، وأوضحت أن عضو وفد الحوثيين في المشاورات، غالب مطلق، وزير الأشغال بحكومة الحوثيين، والقيادي في الحراك الجنوبي، كان ضمن اللجنة المنظمة للفعالية، التي تحدث خلالها "الزبيدي" عن حق الجنوبيين في فك الارتباط.

تهريب أسلحة

انعكست تلك العلاقة على وجود حالة من التخادم بين الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي، وتمثلت بتسهيلات حصل عليها الحوثيون عبر السماح لتدفق السلاح من إيران عبر المناطق الخاضعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وكذا تسهيل سفر عناصر الحوثي بأسماء مستعارة، عبر مطار عدن الدولي، الخاضع للقوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي.

المحلل السعودي سليمان العقيلي اتهم في تغريدة على تويتر المجلس الانتقالي الجنوبي بتورطه في تهريب أسلحة إيرانية الصنع لجماعة الحوثي، تم ضبطها في محافظة البيضاء، قادمة من موانئ محافظة شبوة جنوب اليمن.

ووصف العقيلي نشطاء الانتقالي بـ"متحوثة الجنوب" في إشارة واضحة الى علاقته بجماعة الحوثي وإيران، كما دعا نشطاء الانتقالي أن "يخجلوا من أعمالهم المشينة وأن يتوبوا من عمالتهم للحوثي والفرس وحزب الله".

كلمة السر

الكاتب والصحفي محمد اللطيفي، قال في حديث لـ "الاستقلال": "العلاقة بين الحوثيين والمجلس الانتقالي تجمعها نقطتان أساسيتان، الأولى أن كليهما تمردا على الرئيس هادي وحكومته الشرعية، وبالتالي فإنهما يقفان على الضد من شرعية هادي".

الأمر الثاني، حسب اللطيفي، "أن لهما موقفا موحدا من حزب الإصلاح، وهذا يفسر الهجمة الشرسة من قبل الطرفين على الحزب، وبالتالي فتنسيقاتهما تأتي في إطار تقويض عمل السلطة الشرعية، وكذلك توحيد الخطاب ضد حزب الإصلاح الذي يملك حاضنة شعبية واسعة في الجنوب والشمال على السواء".

أما الكاتب والناشط السياسي نبيل البكيري فقال: "السر الوحيد الدافع لتلك العلاقة هو الطرف الإقليمي الداعم لهما وهو إيران، والهدف المشترك للطرفين هو الانفصال وإن كان خفيا لدى الحوثيين"، على حد قوله.

القيادي في الحراك الجنوبي فادي باعوم أكد في منشور على صفحته بـ" فيسبوك" تلك العلاقة قائلا: "إيران احتضنت كل فصائل الحراك الجنوبي في بيروت ودعمتهم بالمال والخبرات السياسية والإعلامية، ومن بينهم من هم الآن على رأس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوده عيدروس الزبيدي ونائبه هاني بن بريك أبرز حلفاء الإمارات في الجنوب".

مركز "ذي أتلانتك كانسل" للأبحاث والدراسات، كشف عن تقديم أبو ظبي ثمن تدخل موسكو في البلاد، بمنحها مساحة لرسو سفنها البحرية بالعاصمة المؤقتة عدن. وكان التوجه الروسي في مد نفوذ إلى اليمن، قد بدا واضحا، خاصة مع وجود تقارب بين موسكو وطهران، وترحيب بتدخلها من قِبل الإمارات التي تعمل على تقويض جهود الشرعية.

وتأتي تحركات روسيا تلك، من أجل أطماعها ورغبتها ببناء قاعدة بحرية لها في اليمن، التي ستتمكن من خلالها أن تكون فاعلة في مضيق باب المندب الإستراتيجي، وفي البحر الأحمر، وكذا مواجهة نفوذ واشنطن المتزايد في المنطقة.

الكلمات المفتاحية