أميركا تسبح في لقاحات كورونا.. متى توزعها على الدول الموبوءة؟

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة تركية إن أنقرة أرسلت 150 ألف جرعة من لقاح كورونا إلى ليبيا، بينما تتبرع دول أخرى باللقاحات للمحتاجين بالرغم من عدم امتلاكها لفائض.

مع ذلك، لم ترسل الولايات المتحدة التي كان من المتوقع أن تعطي مليار جرعة فائضة عندها بعد تطعيم سكانها، جرعة واحدة إلى المناطق الفقيرة، وهي لا تعطي حلفاءها مقابل المال أيضا.

وأضافت صحيفة "خبر ترك": "حضر وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة اجتماع منظمة الصحة العالمية قبل أسبوعين (مطلع أبريل/نيسان). وقال في الاجتماع إن المنظمة يمكنها تطوير صيغة لحل مشكلة حقوق الملكية الفكرية المتعلقة باللقاحات من أجل تسهيل وصولها إلى العالم".

مفترق الطرق الثلاثة

وتقول الكاتبة التركية عائشة أوزيك قره صو: "كانت منظمة الصحة العالمية لتقوم بإلغاء حقوق براءة اختراع لقاحات كوفيدـ19 وتجنب تفاوت الوصول إلى اللقاحات التي وصل إلى حد كارثي لو كان الأمر بيدها، لكن الأمر لا يدخل في نطاق سلطتها".

 فاليد العليا لمنظمة التجارة العالمية، بل للبلدان الغنية التي هي أعضاء في المنظمة لو أردنا الدقة. واليوم يحتل حقوق براءات الاختراع المركز الأول على جدول أعمال اجتماع المنظمة في جنيف، وفق قولها.

وشرحت ذلك بالقول: تطالب 55 دولة، من بينها الهند وجنوب إفريقيا، منظمة التجارة العالمية بالتنازل المؤقت عن قوانين "اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية" (تريبس) لزيادة إنتاج اللقاحات من أجل الفقراء.

 وبما أن منظمة الصحة العالمية تدعم هذه الحركة أيضا، يمكن أن يؤدي ذلك إلى القضاء على التفاوت في توزيع اللقاحات حول العالم.

واستدركت قائلة: على الناحية الأخرى تعارض المملكة المتحدة وسويسرا ودول الاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا وكندا والولايات المتحدة التي تملك صناعات دوائية كبيرة، هذا الطلب، وتستمر النقاشات حولها منذ ستة أشهر. 

ولربما كان هذا المثال الوحيد الذي تحرك فيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بروح التضامن الدولي. ولم يتغير الموقف الأميركي بقدوم خليفته جو بايدن.

فوفقا للأثرياء الغربيين، فإن "حماية حقوق الملكية الفكرية تشجع على البحث والابتكار. ولم يكن من الممكن تطوير لقاحات كورونا في مثل هذا الوقت القصير إلا من خلال حماية حقوق براءات الاختراع".

كما يعتقدون أن تعليق الحقوق يعرض مكافحة الأوبئة المحتملة في المستقبل للخطر بما أنه لن يؤدي إلى زيادة مفاجئة في كمية عرض اللقاحات.

وللأسف، لا يعتبر الأغنياء مخطئين في حجتهم هذه، لكن هناك وجها آخر للعملة؛ فعلى الرغم من أن البلدان المتقدمة ذات القدرة العالية على الإنتاج والتطعيم توفر مناعة اجتماعية داخلها، فإنه لا يمكن أن تكون آمنة ما لم يكن العالم كله آمنا من الوباء، تنوه الكاتبة.

وأضافت: كتبت أكثر من 400 منظمة غير حكومية رسالة إلى بايدن في فبراير/شباط 2021، تطلب من الولايات المتحدة رفع حظر التنازل عن حقوق براءات الاختراع الخاصة بها استنادا إلى وجهة النظر هذه. 

كما ضغط الديمقراطيون أيضا في الكونغرس على إدارة بايدن بنفس الحجة، فهم يتهمون شركات الأدوية بالسعي لتحقيق الربح بدلا من إنقاذ الأرواح البشرية. وقد تم جمع حوالي مائة توقيع من بينها شخصيات مهمة لتغير الولايات المتحدة موقفها.

ووفقا للكاتبة، أرسل مديرو 31 شركة أدوية رسالة إلى بايدن، ذكروا فيها أنه لا يوجد دليل على أن حقوق براءات الاختراع تمنع استيراد اللقاحات، قائلين إن "الشركات المنتجة للقاح ستوفر 10 مليارات جرعة بحلول نهاية عام 2021، والتي ستكون كافية لتطعيم السكان حول العالم".

وقالت: الآن وبعد كل شيء، ليس هناك ما يشير إلى اقتناع بايدن بالتنازل عن حقوق ملكية اللقاحات. 

وبما أن القرارات في منظمة التجارة العالمية يتم اتخاذها بالإجماع، أي أنه يجب الحصول على موافقة الـ 164 عضوا، فإن الرأي السائد يقول بأنه في حال غيرت الولايات المتحدة موقفها، فإن ذلك سيؤثر على المعارضين الآخرين.

وفي الحقيقة، تقدم بايدن خطوة على ترامب بدعمه البرنامج العالمي للتوزيع العادل للقاح كوفاكس والذي بلغ 4 مليارات دولار، والذي سيتم من خلاله توفير اللقاحات لـ 92 دولة من الفئات ذات الدخل المتوسط ​​والمنخفض.

 كما أنه بصدد إرسال 7 ملايين جرعة من لقاح أسترازينيكا إلى المكسيك وكندا، بحسب الكاتبة التركية.

وأضافت الكاتبة: كانت نغوزي أوكونجو إيويلا، المدير العام الجديد لمنظمة التجارة العالمية والتي نظمت برنامج كوفاكس، رئيس تحالف غافي الدولي للقاحات، وهذا يوضح بالتأكيد في أي الصفوف تقف. 

وهي تقترح أن يزيد حاملو براءات الاختراع من إنتاجهم من خلال عقد اتفاقيات ترخيص مع شركات الأدوية في مختلف البلدان باعتبارها "الطريقة الثالثة" لتوزيع اللقاحات على نطاق واسع.

وهناك شركتان تعملان على ذلك: أسترازينيكا ونوفافاكس، حيث يتم إنتاج لقاحات كوفيدـ19 في الهند وكوريا الجنوبية واليابان بترخيص من الشركتين. ومع ذلك، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن هذا لا يكفي لمكافحة الوباء.

السباحة في الفائض

وترى قره صو أن الولايات المتحدة الأميركية واحدة من أكثر الدول نجاحا في التطعيم، بما أنه قد تم تطعيم 35 بالمئة من السكان بجرعة واحدة على الأقل.

وسيغطي البرنامج جميع الأشخاص البالغين في أيام الصيف القادمة والذي يستمر حاليا بمتوسط ​​3 ملايين جرعة يوميا.

وبحلول نهاية شهر مارس/آذار، كانت شركتا موديرنا وفايزر توزعان 23 مليون جرعة من اللقاح أسبوعيا في جميع أنحاء البلاد. 

وإلى جانب الملايين من الجرعات من لقاح جونسون أند جونسون، من المتوقع أن تصل الجرعات من هذه المصادر الثلاثة إلى 40 مليون أسبوعيا، بحلول نهاية أبريل/نيسان، وفقا للكاتبة التركية.

وتقول: جرى تعليق لقاح شركة جونسون أند جونسون في بعض الولايات بسبب حدوث حالات تجلط دم، لكن الولايات المتحدة لا تمتلك مخاوف بشأن تطعيم جميع السكان. 

فهي ضامنة لما مجموعه 600 مليون جرعة من شركات بيوتيك فايزر وموديرنا ونوفافاكس وسانوفي، في الوقت الذي يبلغ فيه عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما والذين يجب تطعيمهم، 266 مليونا. 

وتتساءل قائلة: لكن ماذا سيحدث عندما يكون هناك فائض في اللقاح؟ سيتم إعطاء مليار جرعة إضافية مع تقدم الإنتاج بعد أن يحصل كل أميركي على الجرعات المطلوبة من اللقاح وفقا لإحدى التوقعات، ومن المتوقع أن تمنح إدارة بايدن إذنا بالتصدير لشركات الأدوية للانفتاح على الأسواق العالمية. 

مع عملية التطوير السريع للقاحات التي بدأت في عهد ترامب، تم تحويل 10 مليارات دولار إلى الشركات، ولم يطلب منهم في مقابل ذلك مشاركة حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم مع الإدارة. 

ومن المتوقع الآن أن توقع الشركات اتفاقيات مؤجلة حول فائض الإنتاج في الولايات المتحدة، تلفت الكاتبة. وتضيف: علقت صحيفة واشنطن بوست بأن مثل هذه الاتفاقيات يمكن أن تعرقل خطط بايدن الدبلوماسية العالمية. 

إذ يحاول بايدن تحسين العلاقات مع حلفائه في أوروبا الغربية، أما الاتحاد الأوروبي فيمر بأزمة لقاحات. 

وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن يحقق بايدن نجاحا دبلوماسيا كبيرا في حال أرسل فائض اللقاحات إلى حلفائه في أوروبا. وبالطبع هذا في حال لم تقف الاتفاقيات الخاصة التي أبرمها مع الشركات حائلا أمامه.

وتستطرد قره صو: هناك دول أخرى تنتظر هدايا لقاح من الولايات المتحدة، مثل الهند التي لا تستطيع إنتاج لقاحات محلية يكفي لسكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة في وقت يتصاعد فيه عدد الحالات. 

ومع أن بايدن يهدف إلى تحسين علاقاته مع نيودلهي ضد النفوذ الصيني في المنطقة فإنه من الواضح أن فائض الإنتاج الأميركي في نهاية الصيف لن يكفي الهند. 

وتتابع: كما تتوقع البرازيل والمكسيك وكذلك كندا حصة من فائض اللقاح في الولايات المتحدة، لكن الأهم من ذلك كله ما سيحدث للمناطق الفقيرة التي لم يتم تضمينها في الخطط الإستراتيجية الأميركية.

إذ إنه لا يبدو ممكنا أن يصل اللقاح إلى جميع أنحاء إفريقيا وأجزاء من أميركا الجنوبية وآسيا، حتى عام 2023.

وتختم الكاتبة التركية مقالها بالإشارة إلى دور الرئيس الأميركي الموكل إليه قائلة: يمكن للحلفاء الأثرياء أيضا أن يشتروا اللقاحات.

لكن يجب على بايدن أن يسعى إلى تحقيق توازن عالمي بإستراتيجية مماثلة لخطة مارشال (عملية إعمار أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية) لكي تتمكن الولايات المتحدة من أن تظهر على المسرح العالمي كمنقذ، بحسب واشنطن بوست.

 ووفقا للصحيفة نفسها، يجب على بايدن الإسراع في صياغة الخطة، لأن المتغيرات الجديدة للفيروس قد تجعل اللقاحات غير فعالة إذا لم يتم توفير مناعة القطيع العالمية في أقرب وقت ممكن.

كما تحذر رئيسة الاحتياطي الفيدرالي السابقة ووزيرة الخزانة الجديدة في أميركا جانيت يلين قائلة: "في حال لم يتم تسريع عملية توزيع اللقاحات على البلدان الفقيرة، فإن آثار كورونا في الدول النامية ستهدد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي أيضا".