"أكبر ماخور".. هكذا تزايدت السياحة الجنسية في دبي وأغرت مافيا إسرائيل

سليمان حيدر | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لا تقف فضائح وانتهاكات الإمارات التي تمارسها بحق المواطنين والمغتربين، من تعذيب وسجن، بل تمتد إلى فتح أبوابها واسعة أمام استيراد الكحول والدعارة والاتجار بالبشر تحت حماية ورعاية المسؤولين والحكام، وهو ما تؤكده العديد من التقارير الدولية والمنظمات الحقوقية.

ورغم أن القوانين التي سنتها الإمارات في السابق والتعديلات التي أدخلتها عام 2016 "لا تسمح بالدعارة والجنس"، إلا أن هذا النوع من السياحة انتشر على نطاق واسع خاصة في إحدى إماراتها السبع "دبي" التي أصبحت وجهة يقصدها الكثير من جميع أنحاء العالم.

وأصبحت دبي توصف بـ"لاس فيغاس إيست" أو "لاس فيغاس الشرق الأوسط" في إشارة إلى مدينة لاس فيغاس الأميركية التي تشتهر بالحانات والبارات والنوادي الليلية والدعارة.

وباتت إمارة دبي كما تصفها العديد من التقارير الأجنبية "عاصمة البغاء" في الخليج والعالم كما لقبها البعض بـ "لاس فيغاس إيست" أو "لاس فيغاس الشرق الأوسط" بعد تزايد أعداد السياحة الجنسية فيها خلال الأشهر الأخيرة التي أعقبت التوقيع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل منتصف سبتمبر/أيلول 2020.

ورغم الانتشار الواسع لوباء كورونا حول العالم، إلا أن العاملين في مجال الدعارة في الإمارات استغلوا الخطوة الاستباقية التي قامت بها الدولة بتلقيح أكثر من ثلث السكان وقاموا بالدعاية لأنفسهم واستخدموا التلقيح حجة للترويج للحفلات الجنسية، بحسب الكاتب الفرنسي، جان بيير فيلو.

وأشار فيلو في مقال بصحيفة "لوموند" الفرنسية في 21 مارس/آذار 2021، إلى أن "السلطات الإماراتية تسمح بتناول الكحول في الفنادق والحانات والمطاعم والملاهي الليلية وأن العاملات في الدعارة يبحثن عن الزبون المحتمل في هذه الأماكن والاتفاق معه"، معتبرا أن "مرافقة فتاة أثناء الإقامة في الإمارات أصبح بذلك أمرا سهلا".

أرقام مفزعة

تشير الإحصاءات إلى أن عدد الإماراتيين في إمارة دبي لا يتجاوز 5 بالمائة من عدد سكانها البالغ 10 ملايين نسمة، حيث يصل عدد الأجانب المقيمين والعاملين فيها إلى 95 بالمائة من السكان.

وبحسب موقع "توريزم ريفيو" المعني بالسفر والسياحة حول العالم تشير التقديرات إلى أن إمارة دبي وحدها يعمل فيها نحو 45 ألف فتاة من البغايا في مجال الجنس.

وأشار تقرير للموقع في 29 مارس/آذار أنه يصعب تحديد الرقم الفعلي للعاملين في هذا المجال بدقة، بسبب النظام المعقد الذي يعتمد على نظام الكفالة -يمنح المواطنين الإماراتيين رخصة برعاية دخول عدد معين من الأجانب بتأشيرات إقامة- وقيام بعض المرخص لهم بذلك بالتنازل عن حق الكفالة لوسطاء دون أن يعرفوا النشاط الحقيقي لمستقبل الأفراد من الخارج، والتي غالبا ما تستخدم في الدعارة.

وشدد التقرير على أن "مثل هذا النوع من الخدمات من غير المعقول تقديمه في دبي دون وجود حماية قوية وغالبا ما تبرم الصفقة دون وجود وسطاء أو ما يعرف بالقوادة". 

ورغم إدخال الإمارات تعديلات على نظام التأشيرات في 2016 إلا أن هذا النظام "مازال يسمح بهذا النوع من التلاعب".

ولفت التقرير إلى أن "الشبكات التي تعمل في هذا المجال تركز على الطرف الأدنى من سوق الدعارة، وهم الفتيات الذين يتم استقدامهم من الخارج وغالبا من الصين والفلبين ومولدوفا ودول شرق آسيا؛ بسبب الفقر والتكلفة الزهيدة بجانب أخريات من روسيا ودول عربية أخرى".

ونقل العديد من الناشطين على "تويتر" تصريحات سابقة لقائد الشرطة الإماراتي السابق، ضاحي خلفان أقر فيها بأن "الخمور والدعارة في الفنادق بدبي أمر منتشر وعام"، زاعما أنه "لا يمكن منعها أو الحد منها" ليبرر بذلك تورط النظام في تلك الظاهرة.

ومع تنامي الظاهرة وانتشار الدعارة بشكل واسع حتى بات الأمر لافتا للعامة، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي عامي 2016 و2019 وسوما وهاشتاجات تطالب بوقف الدعارة في دبي وأبو ظبي تحت عنوان "#أوقفوا الدعارة في دبي" و"#أوقفوا الدعارة في دبي وأبو ظبي".

أفلام وثائقية

تروج الإمارات لنفسها على أنها من أكثر الدول تقدما، إلا أن انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر والجنس والبغاء جعلها محط أنظار الكثير من الصحفيين ومنتجي الأفلام الوثائقية الذين بحثوا خلف الصورة الجمالية التي يروج لها النظام والعائلة الحاكمة.

البداية كانت في العام 2007 حين قررت الصحفية والمخرجة الأميركية ميمي تشاكاروفا، إنتاج فيلم وثائقي عن الدعارة في الإمارات وخاصة إمارة دبي تحت عنوان "أسرار الليل" كشفت فيه "حجم الاتجار بالمرأة في الإمارة والتناقض بين ظاهرة المحافظة الاجتماعية فيها وانتشار النوادي الليلية والبارات لتوظيف البغايا والمومسات".

وأشار الفيلم الوثائقي إلى أن الفتيات اللواتي يعملن في هذا المجال يدخلن بتأشيرة زيارة للتحايل على القانون، ومن ثم يتم تحويلها إلى تأشيرة عمل، ثم يعملن في الدعارة ويجدن من يؤمن لهن وجودهن داخل الدولة بحسب التقارير التي تحدثت عن الفيلم.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 نشرت إحدى القنوات اليونانية تقريرا مطولا عن انتشار تلك الظاهرة في الإمارات وكشف التحقيق الذي بثته قناة "voulı" اليونانية عن تنامي الاتجار بالبشر والجنس والبغاء القسري بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان والاتجار بالمرأة التي تبحث عن وظائف في قطاع الخدمات.

وخلص التقرير إلى أن الإمارات توفر البيئة الخصبة لممارسات الدعارة والفساد وعمليات الاستغلال الواسعة وأن العديد من الجهات تستغل النساء العاملات في صالات المساج في الإمارات جنسيا.

وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2019 تم عرض فيلم جديد في أوروبا "يفضح الانتهاكات الجسيمة والدور الإماراتي في الدعارة والاتجار بالبشر"، كما وصفته صحيفة "إكسبريس" البريطانية.

وقالت الصحيفة إن الفيلم الذي عرض خلال مؤتمر دولي بجامعة فلورنسا الإيطالية نهاية أكتوبر /تشرين الثاني 2019 يمثل "تحقيقا موثقا بشكل مروع"، حيث تم تنفيذه على مدى عامين جرى خلالهما الكشف عن كيفية تنظيم هذه التجارة القاتلة وأولئك الذين يقفون خلف تلك الجرائم الأكثر ربحية في العالم ومن هم الضحايا الذين يقعون فيها.  

وتم تصوير الفيلم باستخدام كاميرات سرية في الإمارات، كما جرى تتبع ملاجئ إعادة تأهيل الضحايا في أوروبا واستعراض قصص شخصية، من خلال إجراء العديد من المقابلات مع الضحايا والمهنيين العاملين في مجال الوقاية وناشطين حقوقيين.

مافيا إسرائيلية

كان الهدف الرئيس للعديد من شبكات المافيا الإسرائيلية هي التمركز في الإمارات من أجل التوسع في تجارة المخدرات والكوكايين و"إدارة أعمالهم القذرة" حول العالم مستغلين اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل. 

ودخل العديد من أفراد المافيا الإسرائيلية إلى الإمارات عبر جوازات سفر أوروبية، إلا أنهم وجدوا أن القوانين الخاصة بتجارة المخدرات ربما تصل بهم إلى الإعدام، في حين أن العمل في الدعارة والجنس أمر أيسر وأسهل وأرباحه أكثر بكثير.

وكشف تقرير لموقع "ماكو" العبري النقاب عن شركات مملوكة لمجرمين إسرائيليين نقلت أنشطتها من أوروبا الشرقية إلى الشرق الأوسط بعد فرارهم من إسرائيل ودخولهم إلى دبي بجوازات سفر أوروبية لتجارة الكوكايين وتجارة الجنس.

ونقل الموقع عن مصدر في الشرطة الإسرائيلية في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020 أنه قبل وقت قصير من توقيع اتفاقيات التطبيع "تم رصد بعض المجرمين من وسط البلاد الذين فروا من إسرائيل ودخلوا إلى دبي بجوازات سفر أوروبية".

وأضاف المصدر: "هؤلاء الإسرائيليون دفعوا ملايين الدراهم للدخول في شراكات مع عدة وكالات مرافقة مع رجال أعمال إماراتيين"، مشيرا إلى أن "الهدف من هذه الشراكة كان الانخراط في تجارة الكوكايين، إلا أن الخوف من العقوبات المشددة التي تصل إلى الإعدام جعلهم يعيدون التفكير، ومع ذلك فإن بعضهم مازال يدير تلك الأعمال من دبي".

وأوضح التقرير أن هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون إلى منظمات إجرامية يشاركون في إدارة شبكات من وكالات المرافقة في دبي ويتأكدون من أن السياح الإسرائيليين لا يستمتعون فقط بالمعالم السياحية والتسوق والجولات بسيارات الجيب في الصحراء بل أيضا يأتون إلى نفس الأماكن لممارسة الجنس مع فتيات آسيويات.

كما تحدث التقرير عن "طرق الاستقطاب والدعاية لهذا النوع من السياحة القذرة، وكيف أن هؤلاء المجرمين جنوا من وراء تلك الأعمال ملايين الدولارات شهريا". 

ويؤكد ماكو هيلين وهو مدير مركز مرافقة شهير في دبي أن أحد الأشخاص المسؤولين عن المكان الذي يديره هو إسرائيلي من يافا وأن الكثير من السياح الإسرائيليين يأتون إليه ويعرض عليهم الفتيات "من خلال كتالوجات".

وقال آخر -وصفه تقرير "ماكو" بأنه متمرس في صناعة الجنس الإسرائيلية التي غزت دبي- أنهم لا يدفعون أية ضرائب، وأن أرباح المجرمين الإسرائيليين والإماراتيين ضخمة حيث "استثمروا كثيرا من الأموال في كل هذا ويمكن أن تصل أرباحهم إلى عدة ملايين من الدولارات شهريا وأكثر".

وبعد توقيع كل من الإمارات وإسرائيل على اتفاق تطبيع العلاقات وقيام كلا الطرفين بالسماح للمواطنين بدخول البلاد دون  تأشيرة مسبقة، ارتفع عدد السائحين الإسرائيليين الباحثين عن السياحة الجنسية في الإمارات بشكل كبير.

وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن أكثر من 50 ألف إسرائيلي زاروا الإمارات في الفترة ما بين توقيع اتفاقية التطبيع منتصف سبتمبر/أيلول 2020 ومطلع العام الجديد. 

ويوضح ذلك تقرير لموقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني الذي اعتبر أن السياحة الجنسية الإسرائيلية هي ثمرة التطبيع مع الإمارات. 

وعبر الكاتب عدنان عامر في تقرير للموقع في 5 يناير/كانون الثاني الماضي عن اندهاشه من شهادات السائحين الإسرائيليين العائدين من الإمارات والتي وصفوا فيها دبي بأنها "لاس فيغاس" في الشرق الأوسط، بسبب انتشار الدعارة وتجارة الجنس. 

ونقل عامر عن أحد المقيمين الإسرائيليين في دبي أن الأعداد الكبيرة من الإسرائيليين الذين يزورون الإمارات وخاصة إمارة دبي "جعلهم يشعرون وكأنهم في وطنهم ويمكنهم فعل ما يريدون".

وأضاف التقرير أن "شخصا آخر يشارك في هذه الأعمال الدنيئة في دبي قال إنه ذهب إلى العاصمة الرومانية بوخارست 6 مرات، ولكن يعتقد الآن على وجه اليقين أن دبي قد تصبح أكبر ماخور في العالم مع الفنادق الكبيرة والفاخرة على الشاطئ".

ونقل التقرير عن صحفي إسرائيلي قوله إن "الإسرائيليين يذهبون إلى النوادي الليلية في دبي للتسكع مع العاهرات اللواتي يشبهن عارضات الأزياء ويلتقون جميعا في ردهة الفندق المليء بـ100 إلى 150 فتاة يعملن في سوق اللحوم بدبي، مثل الولايات المتحدة، وأن كل شخص ينفق نحو 15 ألف دولار خلال الأسبوع".