جنوب السودان.. ندرة في المياه تحول حياة الأطفال إلى جحيم

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة فوربس الأميركية أن توفير المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، يمكن أن ينعكس إيجابيا على حياة الأطفال ومستقبلهم في جنوب السودان.  

وتحدثت المجلة في تقرير لسارة فيرجسون محررة المحتوى في وسائل التواصل التابعة لمنظمة "يونيسيف" عن بئر أعيد تأهيله حديثا في مدرسة إيلوهوم الابتدائية في توريت، جنوب السودان، بالقول "لا توجد مياه، لا حياة". 

ويسمح البئر للطلاب بضخ المياه الصالحة للشرب لاستخدامها خلال اليوم الدراسي. وقبل أن يتم إصلاحه، كان على الطلاب المشي أكثر من ميل ذهابا وإيابا لجلب الماء للشرب وطهي الوجبات المدرسية، وفق فيرجسون.

في هذا السياق، قال مدير المدرسة أدونجا ديفيد: "تحتاج المدرسة إلى الكثير من الماء، كان على الأطفال قضاء فترات الراحة في جلب الماء لفائدتهم أو إحضاره إلى المدرسة". 

وتابع: "كان بعض الأطفال يذهبون إلى منازلهم للحصول على الماء ولا يعودون، كما يغيب الآخرون عن الفصل بسبب انعدام الماء".

وتشير ممثلة اليونيسف في جنوب السودان حميدة لاسيكو إلى أن 40 في المائة فقط من سكان الدولة يحصلون على المياه الصالحة للشرب فيما لا تحصل سوى 10 في المائة من الأسر على خدمات الصرف الصحي.  

وأضافت "عندما تحرم شخصا ما من حقه في المياه النظيفة والصرف الصحي والنظافة، فإنك تحرمه أيضا من الحق في الصحة والحياة والحماية والكرامة". 

وتابعت "في كل مرة يمرض الأطفال بشدة بسبب نقص خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وبعضهم رغم جهود المنظمة لن يكون محظوظا بما يكفي للوصول لمرحلة البلوغ. هذا غير مقبول، لأنه يمكن تجنبه".

وقدم التقرير خمس تأثيرات للمياه على حياة الأطفال وفتح الباب لمستقبل أكثر إشراقا لهم. 

الصحة والتعليم

لمنع انتشار المرض، يحتاج الأطفال إلى مياه نظيفة للشرب وغسل أيديهم بشكل صحيح، ومرافق صحية موثوقة. 

وتعد المياه القذرة وسوء الصرف الصحي من العوامل الرئيسة المساهمة في الإسهال المائي الحاد، وهو أحد الأسباب الرئيسة لوفيات الأطفال في جنوب السودان.

وتقول أندريا سولي، نائبة ممثل اليونيسف في جنوب السودان: "إنه لأمر مفجع أن نرى الأطفال يركضون إلى المدرسة والابتسامات على وجوههم، ولكن بعد ذلك لا يجدون مراحيض وحتى إن وجدت تكون غير صالحة للاستعمال".

يقع عبء جلب المياه عادة على عاتق الفتيات خاصة بين الطلاب الأكبر سنا. والوقت المستغرق في نقله يعني قضاء وقت أقل في التعلم في الفصل الدراسي. 

وتشتري بعض المدارس المياه من شاحنات المياه لإنقاذ الطلاب من الاضطرار إلى جلبها، ولكن المياه المتاحة للشراء ليست بالضرورة صالحة للشرب.

وتعمل اليونيسف وشركاؤها على حفر آبار جديدة بالقرب من المدارس لفائدة الأطفال على وجه التحديد، ولكن الآبار مفتوحة للمجتمع بأكمله. ولذلك يتلقى أفراد المجتمع المحلي تدريبا على كيفية الحفاظ على مصادر المياه. 

ويشير التقرير إلى أنه من الأسهل على الطلاب التعلم عندما يتم إطعامهم وتوفير مياه الشرب لفائدتهم.  

ويعد غذاء المدرسة هو الوجبة الوحيدة في اليوم للعديد من الطلاب. وفي ظل الجو الحار طوال العام في جنوب السودان، يحتاج الطلاب أيضا إلى الماء للشرب خلال اليوم الدراسي.

بالنسبة للعديد من الفتيات، يعد الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والمراحيض أساس المساواة.  

وعندما يكون لدى المدرسة مراحيض نظيفة ومفصولة بين الجنسين، لا يتعين على الفتيات التغييب عند الدورة الشهرية التي تبعدهم حاليا إلى ما يصل الأسبوع عن التعليم في الشهر. 

وتعد أولئك اللواتي تتأخرن في دراستهن  أكثر عرضة للزواج في وقت مبكر.

وتزود اليونيسف الفتيات بمواد تحتوي على مستلزمات الدورة الشهرية، حيث يشير جونوكا أكاي، نائب مدير مدرسة Dumak الابتدائية: "من قبل، لم تكن الفتيات مستعدات، وإذا فاجأت الفتاة الدورة الشهرية، كنا نكتفي باستخدام فوطة مؤقتة أو بعض الملابس القديمة أو شيء من هذا القبيل".

وتابع: "الآن لديهم جميعا ما يخصهم ، وفي المدرسة نحتفظ ببعض الأشياء الإضافية في حالة الضرورة".

الفرص متاحة

صنداي لينو البالغة من العمر عشر سنوات، هي عضو في نادي النظافة في مدرستها في أكاديمية وزارة الإيمان الدولية في توريت.

يجتمع الطلاب لمناقشة أهمية غسل اليدين لمنع انتشار كورونا ومخاطر قضاء الحاجة في العراء وكيف يمكن للفتيات إدارة الدورة الشهرية. كما يشاركون هذه المعلومات مع زملائهم الطلاب وحتى مع عائلاتهم.

وقالت إحدى الفتيات لأخصائي الاتصال في اليونيسف، هيلين ساندبو ريينج: "إننا ننبه البالغين عندما يرتكبون ذلك بشكل خاطئ".

ويعد تبادل المعلومات تحديا في جنوب السودان، حيث يتم التحدث بأكثر من 60 لغة وثلث السكان أميون. لذلك تعد المدارس مراكزا لتوزيع معلومات الصحة والنظافة بهدف الرفع من مستوى المجتمع بأكمله.

وأوضحت لاسيكو: "عندما يعيش الأطفال في جنوب السودان ويحققون أداء جيدا في المدرسة، يكون أداء الدولة أفضل.. أن نحصل على أطفال أكثر صحة وذكاء وثقة، فهذا أمر مهم".

وتابعت: "يحتاج جنوب السودان إلى جيل مشرق من الأطفال الذين يمكنهم الاستمرار في تنمية البلاد والحفاظ على السلام. مع أخذ كل هذا في الاعتبار، لدينا جميعا مصلحة في توفير المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في المدارس لتصبح أولوية".

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، أنشأت اليونيسف 402 بئرا وأنشأت وأعادت تأهيل 321 مرحاضا في المدارس في جميع أنحاء جنوب السودان.

 ومع ذلك ، فإن ثلث مدارس الدولة فقط لديها إمكانية الوصول إلى المياه، كما أن معظم المراحيض الموجودة في المدارس ليست في حالة صالحة للاستعمال.

ويكلف حفر بئر 18 ألف دولارا، وإذا تمت صيانته بشكل صحيح، فسيستمر لسنوات. وتبلغ تكلفة بناء مرحاض واحد هو 10 آلاف دولار. وتحتاج كل مدرسة على الأقل إلى مرحاض للذكور وآخر للبنات.