أنفق مليارات الجنيهات لحماية طائرته الرئاسية.. هل السيسي مهدد بالفعل؟

محمد السهيلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

على مدار سنوات حرص رئيس النظام المصري "عبد الفتاح السيسي" على حماية أمنه الشخصي وقصوره الرئاسية وعاصمته الإدارية، فوقع تعاقدات مع دول أوروبية لشراء أجهزة مراقبة متطورة، أهمها أجهزة التصوير بالأقمار الصناعية الفرنسية.

لكن المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن انشغال "السيسي" بحماية أمنه في الجو، كانت في 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، عندما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، عن صفقة محتملة لبيع نظام جوي لمصر لحماية الطائرة الرئاسية من تهديدات الصواريخ.

منظومة الحماية

وكالة التعاون الأمني الدفاعي، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أبلغت الكونغرس بقبول الصفقة التي تتعلق بنظام مضاد للصواريخ الحرارية من طراز (AN/AAQ-24) سيتم تركيبه على طائرة إيرباص المصرية، وفق ما نشر موقع "الدفاع العربي".

وأوضحت "الوكالة" أن صفقة مصر تبلغ 169.6 مليون دولار، أي ما يعادل 3 مليارات جنيه مصري، وتشمل بيع أنظمة مضادة للأشعة تحت الحمراء لتعزيز الطائرات الرئاسية بقيمة 104 ملايين دولار، كما تشمل كبسولات استهداف متطورة للطائرات بقيمة 65 مليونا و600 ألف دولار.

الإعلان عن الصفقة، يأتي بعد نحو أسبوع من تمرير "الكونغرس" قانون ميزانية الإنفاق الحكومي للعام 2021، والذي يتضمن المساعدات العسكرية لمصر  بنحو 1.3 مليار دولار، وذلك رغم حديث الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2020، الذي قال فيه: "إن مصر تستخدم تلك المعونة لشراء أسلحة روسية".

المثير في الصفقة، هو أن ذلك الإعلان يتزامن مع ما تثيره بعض الصفحات والحسابات المحسوبة على نظام "السيسي" عبر مواقع التواصل من مزاعم حول إلغاء السيسي زيارته المقررة للعراق في يناير/كانون الثاني 2021، بدعوى الكشف عن مخطط استهداف طائرته عند نزولها في مطار بغداد من قبل حزب الله.

لكن بعض "الحسابات" زعمت أن الاستهداف المزعوم لطائرة السيسي هو من قبل حركة حماس، ولهذا أخلى السيسي مقر القنصلية المصرية في غزة، فيما قالت حسابات أخرى إنه مستهدف من خلية إسرائيلية توجه 5 صواريخ على إحداثيات مطار بغداد، وضبطها العراق. 

 

طائرات الرئاسة

أسطول طائرات رئاسية لدى مصر لم يكتف بها "السيسي"، الذي اشترى 4 طائرات "فالكون إكس 7" فرنسية الصنع، بقيمة 300 مليون يورو (3 مليارات جنيه) في أغسطس/آب 2016، للتنقلات الرئاسية رغم وجود 24 طائرة مخصصة لمؤسسة الرئاسة. 

اشترى "السيسي" الكثير من الأسلحة والمعدات العسكرية في صفقات مليارية من روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفي منظومة الطائرات فقط اشترى 24 طائرة "رافال" من فرنسا بداية من فبراير/شباط 2015.

كما اشترى 4 طائرات من طراز "إف 16" الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2015، بجانب حاملتي مروحيات من طراز الميسترال عام 2016، إلى جانب مقاتلات "سوخوى 35" و"ميج 29m".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، وفي مشهد لافت أثار الجدل حينها، استقبلت مقاتلات فرنسية ومصرية من طراز "رافال"، طائرة "السيسي" الرئاسية بعد دخولها المجال الجوي الفرنسي، ترحيبا بزيارته وحماية له.

دأب الجيش المصري على تأمين موكب طائرة "السيسي" بطائرات الهليكوبتر، والرافال الفرنسية التي تم شراؤها بنحو 3 مليارات دولار، وهو المشهد الذي ظهر خلال تنصيبه لفترة رئاسية ثانية في يونيو/حزيران 2018، حيث امتلأت سماء القاهرة بـ7 طائرات "رافال"، و5 طائرات مروحية.

"تحيا مصر"

شراء نظام "السيسي" أجهزة حماية بنحو 170 مليون دولار أثار غضبا وسخرية في الشارع المصري من إنفاق "السيسي" ببذخ بينما الشعب يعاني، حيث سخر الناشط والطبيب "عمرو الخولي"، قائلا: "وفي عز الأزمة، نشتري لحماية حياة قائدنا إن شاء الله بآخر مليم لكي تحيا مصر".

ويعاني نحو ثلث المصريين من الفقر المدقع "حسب تقارير حكومية"، وحوالي 60% منهم "وفق تقارير للبنك الدولي"، وتفاقمت أزماتهم الاقتصادية مع انتشار "جائحة كورونا" خلال العام 2020.

ضابط مصري سابق يدعى "أحمد سالم"، قال: "إن السيسي يحمي نفسه من أخطار نسبة حدوثها لا تتجاوز 1% بمبلغ حوالي 200 مليون دولار، أي ما يعادل 3 مليارات جنيه تقريبا، وشعب مصر يحتاج إلى الجنيه الواحد ليحمي نفسه من أخطار "كورونا"، أو يُشبع بطون أولاده الجوعى، أو يخلق فرصة عمل لتكون مصدر رزق لأولياء الأمور العاطلين".

شراء "السيسي"، لتلك المنظومة لحماية الطائرات الرئاسية دفع للتساؤل عن أسباب مخاوفه؟، والجهة التي يخافها؟، وما إذا كان قد وصلته أنباء ومعلومات مخابراتية عن استهدافه من قبل عناصر أو تنظيم مسلح؟.

هل لدى "السيسي" مخاوف من أركان نظامه؟ أم أن الصفقة تعد خطوة أميركية لحماية السيسي لأدواره الهامة كعراب للتطبيع وحماية المصالح الأميركية وتنفيذ أجندتها في المنطقة؟.

هاجس أمني

رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل، قال: "من الضروري أن نؤكد أولا أن السيسي ليس عدوا للشعب فقط، لكنه عدو لكل الشعوب العربية والإسلامية، لذلك الهاجس الأمني مرتفع للغاية عنده فهو يتحرك دائما في بيئة معادية".

الضابط السابق بالجيش أضاف في حديثه لـ"الاستقلال": أنه "ومع الوقت واستمرار الخيانة ووضوحها واختفاء كل مظاهر الحياة السياسية تزداد احتمالات انتشار العنف، وتكون في غالبها غير ظاهرة ومعقدة للغاية، فمن الطبيعي أن يزيد من دوائر الحماية حوله بدعم كامل من العدو الأصلي الصهاينة، ومن كل من يحاول الحفاظ على مصالحه على حساب الشعوب".

وشدد "عادل"، على أهمية "السيسي" بالنسبة للغرب ولذلك يهتم بحمايته، قائلا: "السيسي قدم للصهاينة والغرب تنازلات هائلة تجعله فتاهم المدلل بلا منازع مع مثلث الشر النظام الإماراتي والسعودي".

وألمح إلى أنه "ربما ما زالت هناك بعض الأمور التي يحتاجونه فيها فيستمر حفاظهم عليه حتى لحظة ما يصبح عبء وجوده أكبر من تغييره"، مؤكدا أنه "وهنا يأتي دور الشعوب العربية بضرورة الثورة لإحداث تغيير حقيقي عميق بدلا من تغيير العملاء الدائم".

وحول احتمالات أن يكون "السيسي" قد استعان بتلك الصفقة بسبب مخاوف من الجبهة الداخلية أو استهدافه من أركان نظامه، قال عادل: "الشعب المصري أكبر عدو للسيسي بحكم سيطرته على مصر، وهو شعب كبير 100 مليون".

وأكد "بالتأكيد خوفه الأكبر من المصريين الذين لا يعرفون له مكانا ويختفي منهم طيلة الوقت ويسعى للانعزال عنهم فيما تسمى العاصمة الإدارية والأقرب للتسمية أنها منطقة خضراء لقوات احتلال".

عربون بايدن

السياسي والبرلماني السابق "محمد عماد صابر"، قال في حديثه لـ"الاستقلال": "الغرب له مصالحه أولا وهي في 3 مجالات أساسية، تجارة السلاح، والطاقة، وأمن إسرائيل". 

وفي رسمه للإطار العام للمشهد الحالي، أكد "صابر" أنه يتمثل في أن "مصالح الغرب مع النظم الاستبدادية، وليست مع النظم الثورية ولا الديمقراطية، والنظم الاستبدادية وكيلة الغرب وتحافظ على مصالحه وهو يحافظ على وجودها". 

وبشأن تأمين طائرة "السيسي"، أوضح صابر أنه "منذ الانقلاب العسكري في 2013، قالت وسائل إعلام السيسي في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2016: إنه تعرض لمحاولتي اغتيال الأولى بالسعودية، آب/أغسطس 2014، من خلايا إرهابية أثناء تأدية العمرة بمكة المكرمة، هو وولي العهد السعودي الأسبق محمد بن نايف، وكان مقررا أن تتم بفندق برج الساعة".

أما المحاولة الثانية، وفق إعلام السيسي، دبرت من قبل خلية إرهابية مكونة من 7 أعضاء منهم 6 ضباط شرطة سابقين وطبيب أسنان باسم (الضباط الملتحين)"، لافتا إلى أن "وسائل إعلام مصرية وعربية قالت: إن السيسي تعرض لـ 4 أو 5 محاولات اغتيال منذ انقلاب 2013 دون أدلة إثبات حقيقية".

وألمح "صابر" إلى أن التغييرات العالمية الجديدة لها دور في تأمين السيسي لطائراته، فهناك اضطرابات عالمية بسبب "جائحة كورونا"، وضغط البرلمان الأوروبي على دول الاتحاد كي تضع حدا لدعم السيسي في قمعه لحقوق الإنسان.

مضيفا: "أيضا ترامب لأول مرة ينتقد المساعدات العسكرية الأميركية لمصر تمهيدا لمعاقبتها على صفقاتها مع روسيا، مع قرب استلام الرئيس جو بايدن السلطة بالبيت الأبيض".

"صابر" قال: "الأنظمة العربية وعلى رأسها نظام السيسي، تخطط لإبرام صفقات أسلحة بمليارات الدولارات كجزء من دعمها للاقتصاد الأميركي لإرضاء الإدارة الأميركية الجديدة، ولتكون أداة ضغط على بايدن من الشركات الأميركية".

ويعتقد السياسي المصري، أن ما يثار "بترويج معلومات مخابراتية عن استهداف السيسي، فهي للاستهلاك المحلي، أما الهدف الحقيقي هو إرضاء الإدارة الأميركية الجديدة، والقبول بالسيسي كحليف وداعم لها بالشرق الأوسط".