أميناتو حيدر.. ناشطة صحراوية رحلها المغرب لـ"الكناري" وأعادها ساركوزي

12

طباعة

مشاركة

في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، مُنعت الناشطة الصحراوية المؤيدة للبوليساريو، أميناتو حيدر، من الصعود إلى طائرة متجهة إلى جزر لاس بالماس (مدينة إسبانية تقع في جزيرة كناريا الكبرى بالمحيط الأطلسي) انطلاقا من مطار العيون في إقليم الصحراء.

احتجت حيدر في مطار العيون (جنوبا)، وفي مقطع مصور نشرته على صفحتها بفيسبوك، شرحت ما تعرضت له من منع من السفر إلى جزر الكناري، على يد ما أسمته "سلطات الاحتلال المغربي".

حيدر اعتبرت الأمر تصعيدا من السلطات "ضد مناضلي الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي"، حسب تعبيرها، فيما بررت شركة الطيران المغربية سبب المنع، بأن حيدر "كانت مصابة بفيروس كورونا، ولا يمكنها السفر لهذا السبب".

السلطات سمحت لنجل أميناتو حيدر بالسفر على نفس الرحلة، بحكم حمله للجنسية الإسبانية وتقديمه وثيقة سلبية لتحليل كورونا.

تحليل كورونا

أفاد بيان للخطوط الملكية المغربية بأن المنع جاء بسبب ثبوت إصابة أميناتو بفيروس كورونا. وأشار إلى أنه وفقا لبروتوكول حالة الطوارئ الصحية، فقد أبلغت الخطوط المغربية من قبل السلطات الصحية في العيون، بأن الراكبة المعنية بالأمر ثبتت إصابتها بكوفيد 19.

وأوضح المصدر ذاته، أن هذا التنسيق بين السلطات المعنية والخطوط الملكية المغربية يهدف إلى الحفاظ على صحة الركاب وسلامة الرحلات، مذكرا بأنه طبقا لإجراءات الشركة وتلك الخاصة بمعظم شركات الطيران، فإنه لا يمكن منطقيا للأشخاص المصابين بكوفيد -19 صعود رحلة والمجازفة بإصابة جميع الركاب.

وخلص البيان من جانب آخر، إلى التذكير بأن أي شخص مصاب بالفيروس ينبغي أن يخضع لحجر صحي صارم لمدة 14 يوما وتجنب أي اتصال مع أشخاص آخرين.

وذكرت مصادر محلية، أن الرباط رفضت السماح لأميناتو حيدر بصعود الطائرة، بعدما رفضت تقديم شهادة تثبت خلوها من الفيروس، لتعمد إلى نشر مقطع مصور تقول فيه: إن السلطات ليس من حقها مطالبتها بهذه الوثيقة للسفر، في تحد لقوانين الطوارئ التي أصدرتها معظم دول العالم.

ورغم أنها تحمل جواز سفر مغربي، رفضت أميناتو الخضوع لقوانين السفر من وإلى المغرب، بالكشف عن نتيجة فحوص كورونا كما يطبق على كافة المسافرين الحاملين للجنسية المغربية.

الأزمة الجديدة جاءت بعد أسابيع من دعم أميناتو حيدر، العرقلة التي عرفها معبر الكركرات، ووجهت رسالة دعم للانفصاليين الذين وقفوا على عرقلة حركة النقل البري بين المغرب وموريتانيا. وقالت: إن ما يقومون به من حقهم، منتقدة الموقف الأممي الرافض لعرقلة حركة النقل بالكركرات.

وقالت لوكالة الأنباء الصحراوية: إن الأمم المتحدة "أخفقت في التزاماتها" تجاه الشعب الصحراوي، بعد أن فتح المغرب ثغرة غير قانونية في منطقة الكركرات في الجنوب الغربي للصحراء الغربية.

وقالت الناشطة الصحراوية في تصريح لقناة كنال ألجيري (موجهة للجالية الجزائرية بالخارج): إنه "بعد 29 عاما من وقف إطلاق النار (6 سبتمبر/ أيلول 1991)، أخفقت الأمم المتحدة في التزاماتها تجاه الشعب الصحراوي وأخص بالذكر مجلس الأمن الذي من المفروض أن يكون الضامن لحل النزاع".

وأضافت الناشطة: "لم نر شيئا ملموسا في تطور الوضع وفي حل هذه الأزمة. لقد لاحظنا تواطؤا داخل مجلس الأمن - وخاصة من جانب  فرنسا - مع المغرب" ، متسائلة عن "سبب جمود الوضع وتعنت المغرب ورفضه الاعتراف بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير"، بحسب التصريح.

وأضافت أميناتو حيدر: أن "قرار الأمم المتحدة الأخير لم يترك أي أمل للشعب الصحراوي في مواصلة نضاله السلمي"، مشددة على أن "حمل السلاح قد يصبح مرة أخرى خيارا للشعب الصحراوي حيث إن الأمم المتحدة لم تترك الخيار للشعب الصحراوي ولا لممثله الشرعي وهو البوليساريو".

الأزمة بين حيدر والرباط ليست الأولى، فهي تعتبر "الانفصالية الأبرز" كما تطلق عليها السلطات المغربية، ولا يكاد اسمها يختفي من وسائل الإعلام حتى يبرز مجددا.

في 20 سبتمبر/ أيلول 2020، أسست حيدر هيئة "انفصالية" جديدة، فتحت على إثرها النيابة العامة المغربية تحقيقا، واعتبرت السلطات في المملكة أن جبهة البوليساريو حاولت العودة إلى الواجهة من جديد من خلال دعم تأسيس ما يسمى "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي" في العيون.

وعلى خلفية هذا التأسيس، أعلن الوكيل العام للملك، لدى محكمة الإستئناف بمدينة العيون، عن "متابعة المشاركين في تأسيس منظمة انفصالية برئاسة أميناتو حيدر، بالنظر لما يشكله العمل المذكور من مساس بالوحدة الترابية للمملكة، وما تضمنه من دعوات تحريضية صريحة على ارتكاب أفعال مخالفة للقانون الجنائي، فقد أمرت النيابة العامة بفتح بحث قضائي (تحقيق) في الموضوع".

جزر الكناري

في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، أوقفت السلطات حيدر لدى وصولها إلى مدينة العيون، آتية من جزر الكناري واتهمتها بأنها رفضت "الامتثال لإجراءات الشرطة العادية ونبذت جنسيتها المغربية".

وفي اليوم التالي رحلتها السلطات جوا إلى جزر الكناري، حيث بدأت إضرابا عن الطعام في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، مطالبة بالعودة إلى  مدينة العيون.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2009، أعلنت السلطات أن الناشطة وصلت إلى مطار مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية، على متن طائرة قادمة من جزيرة لانثاروتي الإسبانية، حيث كانت مضربة عن الطعام منذ أكثر من شهر، احتجاجا على منعها من العودة إلى وطنها.

وفي تطور لاحق، أعلن قصر الإليزيه، أن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي طلب من السلطات المغربية تمكين حيدر من العودة إلى المغرب وإعطائها جواز سفرها.

وجاء في البيان أن ساركوزي قام بهذه الخطوة لدى استقباله في باريس وزير الخارجية المغربي الأسبق الطيب الفاسي الفهري، وأعرب له عن "أمله في أن تعيد المملكة المغربية إلى حيدر جواز سفرها لدى وصولها إلى الأراضي المغربية".

وأوضح البيان أنه "بعد هذه المحادثات" أرسل العاهل المغربي الملك محمد السادس "رسالة إلى الرئيس ساركوزي في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2009 أبلغه فيها موافقة الدولة المغربية على طلبه".

وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، دخلت حينها على الخط، عندما عبّرت عن "ارتياحها" لقرار السلطات المغربية السماح للناشطة الصحراوية حيدر بالعودة إلى الصحراء الغربية.

وقالت كلينتون في بيان: "لقد سررت بقرار الحكومة المغربية"، مذكرة بأن الناشطة الصحراوية كانت قد حصلت من قبل على جائزة روبرت كينيدي لحقوق الإنسان. 

لكن بتأسيسها للهيئة التي أطلقت عليها اسم "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي"، اعتبرت السلطة في المغرب أن حيدر تحولت من ما هو حقوقي إلى ما هو سياسي.

 

تأثير خارجي

في 2014 سافرت أميناتو حيدر إلى ألمانيا التي تعتبر قوة هامة وسط الاتحاد الأوروبي، للدفاع عن تقرير المصير، حيث تم استقبالها في البرلمان الألماني، وبحثت مع مسؤولين وأحزاب سياسية المساعدات الاجتماعية لمخيمات اللاجئين في تندوف، الواقعة جنوب غربي الجزائر على الحدود الموريتانية، وكذلك الضغط السياسي على المغرب لقبول استفتاء تقرير المصير.

شاركت حيدر في مناسبات تعريفية بنزاع الصحراء من وجهة نظر جبهة البوليساريو وتقرير المصير وكذلك طرح ملفات صحراويين معتقلين في المغرب.

في السنة نفسها قامت حيدر بحملة قوية في إسبانيا للدفاع عن تقرير المصير والتنديد بما تعتبرها "خروقات في منطقة الصحراء". وراهن أنصار تقرير المصير على حيدر أكثر من زعيم البوليساريو، سواء السابق محمد عبد العزيز أو الحالي إبراهيم غالي، باعتبارها أصبحت وجها معروفا في إسبانيا منذ الإضراب عن الطعام سنة 2009 للعودة إلى مدينة العيون بعدما طردتها السلطات المغربية.

شاركت أميناتو في التنسيقية الأوروبية للتضامن مع الصحراويين وفي أنشطة أخرى بين مدريد وجزر الكناري، وألقت خطابات باللغة الإسبانية للتواصل أكثر مع الرأي العام. 

لم تعد السلطات المغربية تمنع أميناتو حيدر من السفر أو تستنطقها في المطارات رغم تزعمها للحملات ضد مغربية الصحراء ونقدها الشديد للملك محمد السادس تجنبا لانتقادات دولية والمساهمة في التعريف بها دوليا، كما حدث سنة 2009.

وصلت حيدر إلى الكونجرس الأميركي في 2014، وشاركت في ندوة نظمتها منظمة "دفونس فوروم فوندايشن"، حيث طالبت واشنطن والأمم المتحدة بضرورة تكليف قوات المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، ونجحت أميناتو حيدر في طرح قضية نزاع الصحراء في الإعلام الأنجلوسكسوني.

كانت هذه هي المرة الثانية التي تحضر فيها حيدر إلى الكونجرس في ظل جمود وبرود في العلاقات بين واشنطن والرباط، باستثناء بعض مبادرات السفير الأميركي السابق في المغرب إدوارد غابرييل.