نجيب ساويرس.. رجل أعمال سرّب بيانات المصريين لإسرائيل وروج للتطبيع

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"اللي عايز يحارب ياخد بندقية وينزل على إسرائيل ويحارب"، جملة قالها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الذي يواجه اتهامات بالتطبيع مع إسرائيل، ويثير الجدل باستمرار بسبب طبيعة علاقته المريبة بدولة الاحتلال. 

تورط نجيب ساويرس في عدة قضايا مثيرة للجدل، إذ يُتهم بالطائفية والعنصرية، ولكن أخطر ما يواجهه، هو اتهامات بقيادته خط التطبيع بين الشعوب، ومحاولة جر الفنانين باعتبارهم القوة الناعمة إلى هذه الفكرة المرفوضة لدى الشعب المصري بمختلف قطاعاته شكلا ومضمونا. 

ونجيب هو رجال أعمال وسياسي مصري، ولد في 15 يونيو/ حزيران 1954، وهو نجل أنسي ساويرس مؤسس مجموعة شركات أوراسكوم.

يمتلك نجيب وعائلته عدة مجموعات شركات في العديد من القطاعات أبرزها المقاولات والاتصالات. وهي مجموعة شركات أوراسكوم، والتي كانت من ضمنها شركة الاتصالات الشهيرة "موبينيل" قبل أن يبيع نسبة كبيرة من حصته فيها وتصبح "أورانج". 

مع التطبيع

يعد رجل الأعمال ساويرس من أنصار التطبيع في مصر، وهو الأمر المستدل عليه عبر مجموعة من الأحداث والوقائع، آخرها عندما ثار الشعب المصري بمختلف فئاته يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على الفنان محمد رمضان بسبب ظهوره مع إسرائيليين في دبي. 

ونشر ساويرس تغريدة عبر حسابه على "تويتر" قال خلالها بطريقة ساخرة: "من ساعة ما موضوع صورة محمد رمضان مع المغني الإسرائيلي ما حصل بقيت أبص على باسبور أي واحد عايز يتصور معايا! المشكلة مش كل واحد ماشي بباسبوره".

من ساعة ما موضوع صورة محمد رمضان مع المغنى الإسرائيلي ما حصل بقيت ابص علي باسبور اي واحد عايز يتصور معايا !!! المشكلة مش كل واحد ماشي بباسبوره ��

وتغريدة ساويروس تجاهلت حالة الغضب العارمة لدى الشعب المصري، وقرارات معاقبة رمضان، إذ أصدرت نقابة الممثلين المصريين، قرارا رسميا بوقفه عن العمل، في ظل اتهامه بالتطبيع مع إسرائيل.

وكذلك قررت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بمقاطعة أخبار محمد رمضان، وعدم نشر اسمه أو صورته في أي منصة صحفية لحين انتهاء التحقيق معه في نقابته.

 

جونة "التطبيع" 

موقف ساويرس تسبب في حالة غضب شعبية موازية لما تعرض له رمضان، حيث استحضر المصريون، تاريخه مع التطبيع، وسعيه هو الآخر إلى التواصل الفني مع إسرائيل الذي يرعاه في عديد من المناسبات.

أبرزها مهرجان الجونة السينمائي، وهو سنوي يعقد في مدينة الجونة بالغردقة على ساحل البحر الأحمر. وتأسس المهرجان عام 2017، على يد نجيب ساويرس، وأخيه سميح.

في النسخة الأخيرة من المهرجان في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ظهر الوجه القبيح للحدث عندما تورط ساويرس في التطبيع. 

وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أصدرت مجموعة من السينمائيين والفنانين المصريين بيانا مشتركا حول ما أطلقوا عليه "تطبيع الجونة"، رفضوا فيه بشدة قيام المهرجان، باستضافة وتكريم الممثل الفرنسي جيرار ديبارديو، المعروف بانتمائه إلى الحركة الصهيونية العالمية. 

قال الفنانون آنذاك: "نعلن نحن الموقعين على هذا البيان أننا تابعنا على شاشات التلفزيون ما جرى من إصرار القائمين على مهرجان الجونة السينمائي على تكريم الممثل الفرنسي المدعو جيرار ديبارديو، الصهيوني العنصري المعادي لقيم السلام والتسامح والداعم لاحتلال الكيان الصهيوني للأراضي العربية في فلسطين، وممارسة أعمال الإرهاب ضد شعبنا العربي في فلسطين".

الموقعون على البيان المشترك طالبوا كذلك بـتوجيه التحية لجموع الشعب العربي في مصر وكافة أقطار الوطن العربي الرافض لكافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني"، قبل أن يختتموا بيانهم بـ"عاش نضال الشعب العربي ضد غطرسة الكيان الصهيوني".

وكان من بين الموقعين الرافضين لتطبيع الجونة برعاية ساويرس، المخرجين: علي بدرخان، محمد فاضل، علي عبد الخالق، عرب لطفي، حامد سعيد، أحمد عاطف درة، أيمن مكرم.

بعدها انتشرت دعوات غاضبة لمقاطعة المهرجان ومؤسسه، رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، الذي رد بدوره على تلك الانتقادات بالقول: "اللي عايز يحارب ياخد بندقية وينزل على (إسرائيل) ويحارب". 

ردود غاضبة 

تطبيع ساويرس، واستهزاؤه بدعوات مناهضة التطبيع، وردوده الساخرة على المنتقدين له، خلقت حالة غضب ظهرت في تعليقات وتغريدات ضده، رصدت سياسته الرامية إلى خلق حالة جديدة داخل الوسط الفني، يتقبلون من خلالها فكرة التعامل مع دولة الاحتلال. 

وهو ما أظهره الفنان المصري أسامة أبو العطا في رسالة وجهها إلى ساويرس، قائلا له: "لماذا الإصرار على تكريم فنان صهيوني.. لو فيه مصلحة قول لنا؟ معنديش فيديوهات تأييد لمرسي عشان مفيش حد يلعب دور منحط ويقول إني إخوان.. لا تترك شاردة دون تعليق فلماذا لا تعلق على رفض تكريم هذا الصهيوني؟". 

وكذلك علق مستشار وزير الأوقاف المصري (السابق) الدكتور محمد الصغير، "نجيب ساويرس الصليبي، يدافع عن محمد رمضان الصهيوني!"، وفق تعبيره. 

وغرد الناشط المصري عبد الرحمن عز، قائلا: "رجل الأعمال نجيب ساويرس استضاف صهيوني إسرائيلي في مهرجان الجونة الأخير وقام بتكريمه وتم تنظيم برنامج لالتقاط صور له مع عدد من الفنانين المصريين".  

وقال الناشط السياسي المصري عمرو عبد الهادي ساخرا: "تفاجأت صراحة أن نجيب ساويرس يدافع عن تطبيع محمد رمضان مع  إسرائيل.. إزاي يعمل كده رغم أنه كل سنة يدعو ممثلا إسرائيليا في مهرجان الجونة.. إزاي يعمل كده وهو مشارك في شركة اتصالات إسرائيلية.. إزاي يعمل كده وهو عالج بنته في إسرائيل.. أنا كعمرو تفاجأت بصراحة".

فكرة التطبيع نفسها تجاوزها ساويرس بمراحل منذ سنوات، إذ وصل إلى درجات أبعد في علاقته بدولة الاحتلال، عندما اتهم وشركته السابقة "موبينيل" في قضية تجسس كبرى مع إسرائيل، أضرت بمصر. 

متهم بالتجسس 

فعقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، بدأ نجم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، يسطع في سماء الحياة السياسية المصرية، عقب انخراطه في السياسة بتأسيس حزب المصريين الأحرار، بالإضافة إلى تاريخه كواحد من أكبر رجال الأعمال المصريين، وامتلاكه للعديد من القنوات الإعلامية والصحف الخاصة. 

وفي تلك الفترة واجه ساويرس، وشركته "موبينيل" للاتصالات، أكثر الاتهامات خطورة، حول تورطهم بالتخابر مع إسرائيل ضد البلاد. 

وكشفت تحقيقات النيابة المصرية في 23 أغسطس/ آب 2011، أن شبكات التقوية التي أنشأتها "موبينيل" المملوكة لنجيب ساويرس، بالقرب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ساهمت بقوة في إيصال ترددات الاتصالات المصرية والتقاطها عن طريق إسرائيل، ما سهل عمل شبكة التجسس في متابعة الاتصالات الدولية، والتجسس على شبكات المحمول المصرية واختراق الأمن القومي.

وأشارت النيابة في تحقيقاتها إلى أن بعض محطات التقوية للشبكة موجهة بزاوية 75 درجة داخل الحدود المصرية.

وفي 26 فبراير/ شباط 2012، تقدم عضو مجلس الشعب (آنذاك) الراحل فريد إسماعيل، النائب عن حزب الحرية والعدالة، ببيان إلى المجلس، أكد خلاله أن "موبينيل" أقامت أبراج تتجسس على مصر لحساب إسرائيل، الأمر الذي يهدد أمن الدولة والمواطنين. 

وكانت النيابة المصرية أكدت أن توجيه معظم الهوائيات الخاصة بشركة موبينيل في منطقة العوجة في جهة الجانب الإسرائيلي يسمح باختراق الشبكة المصرية وتمرير المكالمات الدولية، ووجهت أصابع الاتهام بشكل واضح إلى نجيب ساويرس. 

واستمرت القضية قائمة حتى يناير/ كانون الثاني 2017، عندما فرضت المحكمة الاقتصادية في مصر غرامة مالية، على شركة "أورانج" مصر للاتصالات "موبينيل سابقا" بعد أن أقرت ثبوت تجسس الشركة على المصريين لصالح إسرائيل، من خلال إنشاء محطة لها في منطقة العوجة شمال سيناء، دون الحصول على موافقة الجهة المالكة للبرج المعدني.

وجرى وقتها إلزام شركة "أورانج" مصر بتعويض مادي لصالح الشركة المصرية للاتصالات قدره "49.1 مليون جنيه"، تعويضا عن الخسائر التي أصابتها نتيجة تمرير مكالمات بطرق غير شرعية مع "تل أبيب" في القضية المعروفة إعلاميا بـ"تخابر موبينيل مع إسرائيل".

وفي مايو/ أيار 2017، قادت جبهة عصام خليل، داخل حزب المصريين الأحرار، هجوما شرسا على مؤسسه نجيب ساويرس، وصل إلى حد الاتهامات بالعمالة والخيانة والتخابر مع إسرائيل، والإضرار بمصر.

وأعلن حينها الأمين العام للحزب ناصر القفاص، أن "هناك قضية لدى أجهزة الدولة متعلقة بتجسس ساويرس لصالح (إسرائيل) عبر أبراج الاتصال الخاص بشركته السابقة (موبينيل)، وأن برج الشركة الموجود في منطقة العوجة ظل ينقل رسائل للكيان المحتل لمدة 40 يوما. 

وقد استعان ساويرس في قضيته بفريق من الخبراء الأجانب، خاصة وأن التقارير الصادرة عن جهاز الأمن الوطني والمخابرات العامة أدانته بتهديد الأمن القومي المصري، حتى خروجه من القضية.