حراك جديد للطلاب السوريين في تركيا.. هل تنجح الخطوات المتأخرة؟

تمام أبو الخير | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من تزايد أعداد الطلاب الجامعيين السوريين على مدار 9 سنوات لجؤوا فيها إلى تركيا، فإنه لم يتشكل أي اتحاد ناطق باسمهم أو تكتل يدعمهم، إلى أن انطلقت مؤخرا عدة حراكات ناشئة لتبدأ بتمثيلهم. 

فمع مطلع 2020 بدأ الحديث يدور عن تنظيم تكتل يجمع الفرق الطلابية السورية الموجودة في الجامعات التركية، فباشر بعض الطلاب بتأسيس "اتحاد الطلبة السوريين الأحرار" في الوقت الذي كان فيه طلاب آخرون يعملون على إتمام ترتيباتهم لإطلاق "ملتقى الطلبة السوريين في تركيا".

وبحلول العام الدراسي 2020/ 2021 بلغ عدد الطلاب السوريين في الجامعات التركية ما يزيد على 27 ألفا، موزعين على 148 جامعة من أصل 182 جامعة في عموم البلاد.

وقدمت تركيا تسهيلات كبيرة للطلاب السوريين ووفرت عددا كبيرا من المقاعد في جامعاتها لهم، ولكن لا تخلو الأجواء من صعوبات تعتري الطالب الذي أصبح مكافحا على عدد من الجبهات الحياتية منها والاجتماعية والدراسية ومواجهة الصعوبات المجتمعية المتمثلة باللغة الجديدة والاندماج مع الشعب التركي.

وطول تلك السنين لم يجد الطالب السوري تجمعا سوريا حقيقيا يكون ملاذا له يستند عليه في المشاكل والأزمات، على الرغم من أن أرقام الطلاب السوريين أصبحت بالآلاف. 

فقد اقتصر العمل على أن يؤسس طلاب كل جامعة على حدة فريقا يتواصلون من خلاله مع إدارة الجامعة، ويكون كممثل لهم في المؤتمرات العلمية التي تحصل، كما عملت بعض الفرق على عدة نشاطات ثورية لتعريف الطلاب الأتراك بالقضية السورية.

ولكن في خطوة متأخرة، بدأ الطلاب السوريون في تركيا، بتنظيم أنفسهم في كيانات تجمع قوتهم وتوجهها نحو كيان يمثلهم ويطرح مشاكلهم ويعمل على حلها..

اتحاد الطلبة الأحرار

يعرّف اتحاد الطلبة السوريين الأحرار نفسه على أنه: "منظمة نقابية طلابية منتخبة، مستقلة في قراراتها، نيابية في هيكليتها، تستمد شرعيتها من القواعد الطلابية في الجامعات وتتبنى مبادئ ثورة الحرية والكرامة والتي انطلقت في مارس/آذار 2011. 

تأسس الاتحاد عام 2019، وهو "الممثل الرسمي للفرق الطلابية المنتسبة إليه إزاء كل القضايا التي تهمهم باعتباره ممثلا لهم أمام السلطة والرأي العام". 

بدأت فكرة الاتحاد من تركيا "حيث توجد مساحة كبيرة لعمل الطلاب السوريين المؤمنين بأفكار الثورة السورية" وفقا لما قاله يمان زباد أحد أعضاء الهيئة التأسيسية في الاتحاد.

ويشير زباد في تصريحاته لـ "الاستقلال" إلى أن "الفكرة هي إنشاء كيان نقابي طلابي بديل للمؤسسة الممثلة للطلاب السوريين التي يشرف عليها النظام السوري وهي الاتحاد الوطني لطلبة سوريا". 

بحسب زباد، فإن الاتحاد الوطني وعلى الرغم من كل العقوبات المفروضة على النظام السوري، فإنه ما زال يمثل دمشق في المؤتمرات العلمية والطبية في الاتحاد الأوروبي وغيره من الدول، وعليه فإن هذه الهيئة الطلابية المعارضة ستسعى "بكل قوة" لأن تحل مكانه.

سيعمل هذا الاتحاد على تحقيق عدة أهداف وأهمها وفقا لما ذكره في موقعه: "تنسيب التجمعات الطلابية السورية المنتخبة في الجامعات حول العالم والمساهمة في تنظيم الفرق الطلابية إداريا".

كما سيعمل على "التشبيك الريادي" بين الطلبة الفاعلين من الشباب الجامعي، فيما سيسعى لتوحيد الجهود الطلابية من أجل الوصول إلى نتائج أفضل للحفاظ على مصالحهم المادية والمعنوية داخليا وخارجيا. 

وفي حديثه، يقول زباد: إن الاتحاد سيحرص على "تفعيل الدور الطلابي وتنشيطه في مختلف الأصعدة للتأثير بشكل أكبر في الأحداث الاجتماعية والعلمية والسياسية الوطنية".

وأكد أن الاتحاد ليس متعلقا بالجهد الطلابي في تركيا إنما له تواصل مع جامعات في الداخل السوري وفي دول عربية كالأردن ومصر والسودان ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وماليزيا.

ولم تدرك القوى السورية المعارضة أهمية الكتل الطلابية خاصة تلك الموجودة في تركيا، فكانت المؤسسات دائما بعيدة كل البعد في خطابها ونشاطاتها ومؤتمراتها عن هذه الشريحة.

وبهذا الصدد يقول زباد: "لا يوجد أي كيان سياسي نستطيع أن نأخذ منه الشرعية حتى الائتلاف السوري المعارض، عملنا على أخذ الشرعية من الطلاب المنضمين ومن التراخيص المركزية في البلدان التي نعمل بها".

ولكن كل كيان أو مؤسسة ناشئة بحاجة للدعم وهنا يشير زباد إلى أنه كان يوجد عدة شراكات مع مؤسسات من أجل إطلاق المؤتمر التأسيسي وتم الأمر بنجاح. 

وأوضح أنه "لم تفرض علينا هذه المؤسسات أية ضغوطات أو تضغط باتجاه توجه معين أو أيديولوجية محددة". وعلى الرغم من كونه كيانا طلابيا إلا أنه يعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من الحراك السياسي السوري المعارض.

تصبغ الاتحاد "هوية وطنية تمثلها قيم الثورة وعلمها" وفقا لزباد، كما أنه يعتبر أن الاتحاد سيكون لديه رؤيته السياسية بدون مشاركة مباشرة بالحراك السياسي.

ملتقى الطلبة السوريين

بالتزامن مع الخطوات التي كان يسير عليها اتحاد الطلبة السوريين الأحرار، كان مؤسسو ملتقى الطلبة السوريين في تركيا يعملون على إطلاق مؤتمرهم التأسيسي الأول الذي لم يتم بسبب ظروف فيروس كورونا وما سببه من إغلاق في البلاد.

وترجع فكرة الملتقى إلى سنوات مضت، لكن انطلاقته تأخرت بسبب عدة ظروف منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو تنظيمي. 

يسعى الملتقى بحسب ما يعرّف نفسه إلى "تطوير إمكانات الشباب الجامعي والعمل على تلبية احتياجاتهم واستثمار الطاقات الشبابية في بناء مجتمعه".

والملتقى هو "مجتمع شبابي سوري جامعي مؤثر في صناعة التغيير المجتمعي الحضاري وخدمة القضية السورية والأخوة السورية التركية"، وتأسس الملتقى عام 2019 ويستهدف الطلاب السوريين في تركيا فقط.

وعن أهمية وجوده، يقول طارق زلق نائب مدير الملتقى: إن "الحاجة لدعم حقوق الطلاب السوريين في تركيا هو ما دفعهم لتأسيسه". وفي حديثه لـ"الاستقلال"، أكد وجود حاجة من الطلبة السوريين لجهة تساعدهم في تنفيذ أنشطتهم وتوسيع آفاقهم وتقدم دعما لهم في المجال الأكاديمي والبحث العلمي.

ووفقا لنائب مدير الملتقى فإن الإدارة تحاول "تأمين الدعم لمشاريعنا وليس لإدارة الملتقى (..) والإدارة حاليا هي تطوعية تنفيذية، وليس لنا أي حراك سياسي"، مشيرا إلى أنهم يسعون لخدمة الطلبة السوريين في تركيا فقط وتوحيد جهودهم وتحصيل الخدمات لهم.

من جهته يقول عبادة صنوفي أحد المؤسسين: إن الملتقى "منظمة شبابية بدأت فكرتها لدى شخصين وأجروا معنا اجتماعا لعرض الفكرة ببداية عام 2019".

ويشير عبادة في حديث لـ"الاستقلال" أنهم ومن خلال مئات الساعات التي قضوها في الاجتماعات التنظيمية والتأسيسية استطاعوا وضع هيكلية قادرة على قيادة هذه المؤسسة بشكل سلس ويخدم الهدف المرجو.

ويجد صنوفي أن "التمكين والحشد" هما الهدفان الأساسيان من الملتقى وفكرته، حيث إنهم ينوون تمكين وحشد طاقات الطلاب السوريين في تركيا.

ويوضح أن هناك عدة تحديات واجهت الملتقى وما زال بعضها تحديا حتى اليوم وهي: إقناع الطلاب أن ينتسبوا لهذه المؤسسة خاصة في ظل وجود تجارب سابقة فاشلة. ويقول: "حاولنا إثبات كل شيء جديد بطريقة الطرح لهذه المؤسسة والعمل التنظيمي".

التحدي الثاني هو العمل الجديد أمام الطلاب في هذه المجال، إذ إنه خلال عشرات السنوات في سوريا كان الطلاب محرومين من أي عمل تنظيمي أو كيان طلابي خارج إطار حزب البعث وأفرعه التعليمية المحصورة بطلائع البعث للمرحلة الإبتدائية وشبيبة الثورة الخاصة بالمرحلة الثانوية.

أما بالنسبة للتحدي الأخير يشير صنوفي أن فشل التجارب السابقة هو أكبر تحد، "ومن أجل ذلك أعطينا جهدا لهذا الملتقى مئات الساعات من أوقاتنا لكي لا يكون فيه أية ثغرات". ويختتم قوله بأن هدف الملتقى ليس سياسيا ولكن من الأكيد "سيتخذ موقفا في حال القضايا الكبرى الخاصة ببلده".