مصير مجهول.. لماذا تأخرت خطة إسرائيل لضم جزء من الضفة الغربية؟

12

طباعة

مشاركة

عقب مرور أكثر من أسبوعين، على الموعد الرسمي المقرر لإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ضم أجزاء من الضفة الغربية، ما زال "حلم تل أبيب" يواجه العديد من العوائق العملية، ودعما أقل وضوحا من الولايات المتحدة.

تحت هذه الكلمات نشرت صحيفة "لا كروا" الفرنسية تقريرا عن مصير الخطة التي حددت حكومة نتنياهو الأول من يوليو/ تموز موعدا لها للبدء رسميا بضم أراض احتلتها عام 1967.

وقالت الصحيفة: "بينما كان العالم ينتظر مطلع الشهر، لم يقل بنيامين نتنياهو شيئا عن وعده بضم جزء من الضفة الغربية، كما لم تظهر الأيام التالية أي إشارة أخرى إلى نواياه، فهل استسلم؟ أم أنه ينتظر وقتا أفضل؟".

ونوهت الصحيفة إلى قصة يهودية شهيرة، ذكرها الكاتب الأنجلو-إسرائيلي أنشيل بفيفير في عمود له بصحيفة هآرتس اليومية، لتفسير تسويف رئيس الوزراء الإسرائيلي لوعده هذا.

ويروي الكاتب قصة يهودي متدين ذهب إلى الحاخام ليشكو من ظروفه المعيشية في منزله الصغير، مع امرأة سيئة الطبع، وأطفال صاخبين، ووالدي زوجته، حيث يقترح الحاخام عليه أن يمتلك ماعزا.

ويضيف الكاتب: "في الأسبوع التالي، عاد هذا اليهودي بالفعل وشكا للحاخام من أن لديه الآن ماعزا في البيت يستمر في الثغاء، ويملأ المنزل بالروث ويقضم كل ما يجد أمامه. فينصحه الحاخام "بالتخلي عن الماعز". ويقول له: "استمتع بمنزلك كما هو".

فوائد الوضع الراهن

وأوضح أنه على غرار هذا اليهودي المتدين، هل أدرك بنيامين نتنياهو الانزعاج الذي يسببه له ضم كتل معينة من المستعمرات، حتى في غور الأردن؟ هل يعي أن الوضع الراهن هو في النهاية أفضل؟، لأنه بموجب اتفاقيات أوسلو (بين السلطة الفلسطينية وتل أبيب 1993)، هذه الأراضي هي بالفعل تحت السيطرة الحصرية لإسرائيل. 

وتقول الصحيفة الفرنسية: في الوقت الذي تواجه فيه تل أبيب وضعا اقتصاديا مزريا ويتكاثر وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) بسرعة كبيرة، تعد خطة الضم هذه أحد الافتراضات الخطرة التي حذر منها علماء الحياة السياسية الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن الفيلسوف الإسرائيلي- الأميركي ميخا غودمان أكد عشية 1 يوليو/ تموز، من أن "فوائد الضم رمزية في حين أن المخاطر الناتجة عن هذه الخطة حقيقية للغاية"، متسائلا: "عن اتفاقيات السلام مع الأردن والتوترات مع دول الخليج والعقوبات الأوروبية وحتى انهيار السلطة الفلسطينية".

ونوهت "لاكروا" بأن التحذيرات الدولية في الواقع كانت كذلك تتبع بعضها البعض، إذ كتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في صحيفة "يديعوت أحرونوت" في الأول من يوليو/ تموز "كصديق لإسرائيل، أحثكم ​​على عدم الضم"، مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوة ستكون "مخالفة لمصالح إسرائيل على المدى الطويل".

وتابع: "الضم سيشكل انتهاكا للقانون الدولي، آمل بشدة ألا يتم، وإذا حدث، فإن المملكة المتحدة لن تعترف بأي تغييرات على حدود 1967، باستثناء تلك المتفق عليها بين الطرفين".

أما على الجانب الفرنسي، فقال وزير الخارجية جان إيف لو دريان في جلسة برلمانية: "إن ضم إسرائيل أي أراض في الضفة الغربية المحتلة سيكون انتهاكا للقانون الدولي، وستكون له عواقب"، مضيفا: "ضم أراض فلسطينية، مهما كانت مساحتها، من شأنه أن يلقي بظلال من الشك على أطر حل الصراع".

وشدد على أنه "لا يمكن أن يمر قرار الضم من دون عواقب، ونحن ندرس خيارات مختلفة على المستوى الوطني، وكذلك بالتنسيق مع شركائنا الأوروبيين الرئيسيين".

وفي التاسع من يوليو/تموز، جاء دور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتكرار هذه التحذيرات خلال مكالمة هاتفية مع بنيامين نتنياهو، مؤكدا أن "مثل هذا الإجراء سيكون مخالفا للقانون الدولي وسيعرض للخطر إمكانية التوصل إلى حل الدولتين وإقامة سلام عادل ودائم".

الخوف من "العنف"

وتقول "لا كروا": حتى على الصعيد الداخلي، فإن الوضع أبعد ما يكون عن البساطة بالنسبة لنتنياهو، فبالإضافة إلى الصعوبات العملية لرسم حدود جديدة والعواقب التنفيذية، هناك أيضا صعوبات سياسية.

وبينت أنه مع تكاثر الخلافات بينهما، فشل بنيامين نتنياهو في حشد حليفه في الحكومة بيني غانتس، للدفاع عن قضيته، وحتى المستوطنون، الذين يرغب رئيس الوزراء في كسب تأييدهم، أبعد ما يكونون عن الإجماع.

وبحسب الصحيفة الفرنسية، يرفض معظم المتطرفين (اليهود) بشكل قاطع فكرة "الدولة الفلسطينية"، التي شملتها "خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب" التي أعلن عنها في يناير/ كانون ثاني 2020، لـ"حل الصراع بين الجانبين".

علاوة على ذلك، تذكر لا كروا أن أعلى السلطات الأمنية في إسرائيل - رئيس قوات الجيش ومدير جهاز الشاباك الاستخباراتي - أعربا عن مخاوفهم من تجدد "العنف" في غزة أو بالضفة الغربية، وهو ما لا تحتاجه إسرائيل عندما يكون اقتصادها في أدنى مستوياته.

وأكدت أنه قبل كل شيء، يبدو أن التردد الأميركي صائب في ظل اندفاع نتنياهو، ففي حين أن البيت الأبيض هو الوحيد الذي يدعم أحلام الضم، أرسلت واشنطن رسائل أكثر دقة في الأسابيع الأخيرة، حثت فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي على التوصل إلى اتفاق مع بيني غانتس.

وتساءلت "لا كروا" هل هذا ربما يكون بسبب تفكير دونالد ترامب في شيء آخر؟ أم ربما يخشى عواقب هذا الضم، بينما هو في خضم حملة انتخابية (نوفمبر/تشرين الثاني)، لعملية من شأنها أن تسوء؟

كما لفتت إلى أنه مما لا شك فيه أن الوضع يزداد سوءا أيضا بالنسبة لنتنياهو الذي وصفته بـ "الساحر"، حيث واجه أول مظاهرة واسعة النطاق ضده يوم 14 يوليو/ تموز، وبدأت الجلسة الثانية من محاكمته في قضايا فساد في 19 من نفس الشهر.