أوكرانيا تدرس إلغاء التأشيرة.. هل يستفيد العرب من تداعيات كورونا؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مثلها مثل باقي دول العالم، تأثرت أوكرانيا اقتصاديا بسبب الأزمة الصحية التي ضربت العالم جراء فيروس كورونا، ما جعلها تفكر جديا في إلغاء تأشيرة الدخول لمواطني عدد من الدول، عقب انتهاء التدابير الصحية، لجلب مزيد من الأموال للبلد.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال في 4 يونيو/حزيران 2020: إن "البلاد تدرس إلغاء متطلباتها لمنح التأشيرات للسائحين من الصين وأستراليا ونيوزيلندا والدول العربية، بهدف جذب المزيد من الزائرين فور تخفيف إجراءات العزل العام وجلب المزيد من الأموال للاقتصاد".

وتتوقع الحكومة انكماش الاقتصاد بنسبة 12 بالمئة في الربع الثاني من العام بعد تراجع 1.5 بالمئة في الربع الأول.

وأضاف زيلينسكي: "من الضروري تحرير سياسة التأشيرات؛ إذا ألغت دول متطلبات التأشيرات للأوكرانيين الذين يفدون إليها، فسنلغيها لهم أيضا. نحتاج إلى المنافسة على السائحين".

تصريحات الرئيس جاءت بعد نحو عام من استحداث أوكرانيا التأشيرات الإلكترونية للمواطنين من 52 دولة، بما في ذلك الصين وأستراليا. وتتكلف التأشيرة الفردية لمدة 30 يوما 85 دولارا. ويمكن لمواطني دول الاتحاد الأوروبي الدخول دون تأشيرة لرحلات قصيرة.

معضلة السكان

تواجه أوكرانيا مشكلة من حيث عدد السكان، حيث يبلغ عدد سكان أوكرانيا نحو 42 مليونا و56 ألف نسمة، في أحدث إحصائية أجريت في مايو/أيار 2019، وتشهد أوكرانيا تراجعا من حيث عدد السكان، ومن المتوقع أن ينخفض عدد السكان إلى 35 مليونا بحلول 2050، بحسب الأمم المتحدة.

ويعزو خبراء هذا التراجع إلى مجموعة عوامل، منها تراجع حالة الإنجاب في كل أسرة، حيث باتت أكثر الأسر التي تسكن في المدينة تقتصر على طفلين كحد أعلى، بالإضافة إلى تفوق عدد الوفيات على عدد المواليد.

وحسب رئيس قسم التاريخ الحديث والسياسة في معهد تاريخ أوكرانيا في كييف، جيورجي كاسيانوف، فإن 100 حالة وفاة، تقابلها 58 حالة ولادة فقط.

بالإضافة إلى موجة الهجرة، والحرب في منطقة دونباس شرقي البلاد والموالية لروسيا، والتي اندلعت عقب إقدام روسيا الاتحادية على ضم شبه جزيرة القرم إليها.

لماذا أوكرانيا؟

بعد تبني قرار إلغاء طلبات التأشيرة، سيكون العرب قد حصلوا على خيار إضافي، يمكن أن يوسع خياراتهم في السياحة والدراسة والتجارة أيضا.

في عام 2018، حققت السياحة في أوكرانيا أعلى معدل لها بـ14 مليون سائح، ويعد فصل الصيف هو الموسم المثالي للسياحة، ويعد فصل الربيع هو أقلها لهطول الأمطار في هذا الموسم على نحو شبه دائم.

وحسب قسم الاتصالات التابع للرئيس، ينفق السائح الأجنبي عادة ما بين 120 و150 دولارا في اليوم ويقضي في أوكرانيا 3 أو 4 أيام في المتوسط.

وتحوي أوكرانيا مناظر ومعالم طبيعية متنوعة، وتحوز ثقافات متعددة، لوقوعها في شرق أوروبا وغرب آسيا، واحتوائها على أكثر من عرقية مستوطنة في البلاد.

لاتنتمي أوكرانيا لفضاء الشنجن، لهذا لا يمكن دخولها بتأشيرة الشنغن، ويشترط الحصول على تأشيرة مسبقة، يمكن الحصول عليها من مكاتب VFS وبتكلفة تصل لنحو 85 دولارا، تتيح البقاء نحو 30 يوما.

وتوفر أوكرانيا عدة خيارات للسواح، فيمكن للسائح على سبيل المثال إنفاق ما متوسطه 27 دولارا في اليوم، ويمكن للزوجين إنفاق 200 دولار لمدة أسبوع كامل.

متوسط تكلفة الفندق يوميا لزوجين تبلغ نحو 35 دولارا، وكلما اتجه السائح للريف الأوكراني وابتعد عن العاصمة كييف، وجد خيارات أرخص وأنسب، أما تكلفة الطعام فتبلغ نحو 7 دولارات للشخص الواحد في اليوم، مع الإشارة إلى أن التكلفة اليومية قد تصل إلى 120 دولارا لليوم الواحد، في حال توسعت خيارات الشخص في السكن والطعام.

في وسائل المواصلات، يفضل استخدام الشخص وسائل النقل العامة، ويعد القطار هو الأكثر استخداما، تليه الحافلات العامة، ويجب على السائح أن يكون حذرا ونبيها من تعرضه لأي حوادث نصب، حيث يتوزع النشالون والمحتالون، وخاصة الذين يستهدفون العرب على أنحاء المدن الأوكرانية.

الدراسة للأجانب

تعتبر أوكرانيا وجهة مثالية لمن يرغبون بالدراسة هناك، حيث توفر الجامعات الأوكرانية تخصصات متعددة، وتستوعب كل رغبات الطالب بنحو 500 تخصص، تدرس في حوالي 100 جامعة.

كما أن الجامعات الأوكرانية تتيح الدراسة باللغة الإنجليزية، ولا تشترط شهادة "تويفل أو آيلتس"، بل تشترط أن يخضع الطالب لاختبار خاص بالجامعة، أو يجتاز المقابلة الشخصية عند التحدث بالإنجليزية.

ويمكن للطالب أيضا أن يدرس باللغة الأوكرانية، لكنه يشترط للطالب الأجنبي أن يقوم بدراستها وتحضيرها وأن يصل لمستوى معين، وقد ألغت الجامعات الأوكرانية اللغة الروسية من مناهجها منذ العام 2018.

توفر الجامعات الأوكرانية، العريقة، تخصصات طبية، سوءا في الطب البشري أو طب الأسنان، وكذلك تخصصات هندسية في كل المجالات بما فيها مجالات الطيران والفضاء، والمجالات التقنية والمعلوماتية، بالإضافة إلى المجالات الإدارية والعلوم الاجتماعية والإنسانية.

تعد الرسوم الدراسية في أوكرانيا مناسبة إلى حد كبير، مقارنة بما هو عليه الحال في دول أوروبا، وتعد خيارا جيدا للطلاب ذوي الدخل المحدود، فالتخصصات الطبية لسنوات البكالوريوس في جامعة خاركوف الوطنية، التي تعد من أعرق الجامعات تكلف نحو 4800 ألف دولار في العام الواحد، وتبلغ سنوات الدراسة الطب العام 6 سنوات، في حين يكلف طب الأسنان نحو 5200 دولار في العام الواحد، وتصل سنوات دراسة طب الأسنان 5 سنوات، ويمكن دفعها مقسطة.

في حين تكلف التخصصات الهندسية بين 2500 إلى 3 آلاف دولار عند دراستها باللغة الإنجليزية، وعند دراستها باللغة الأوكرانية فإن الرسوم تقل نحو 500 دولار.

أما التخصصات الاجتماعية والإنسانية فإن دراستها تكلف نحو 2500 دولار حتى 3 آلاف دولار، عند دراستها باللغة الإنجليزية، وعند دراستها باللغة الأوكرانية فإنها تكلف نحو 2000 دولار.

وما يميز الدراسة في أوكرانيا بأنها لا تشترط مجموعا عاليا في الثانوية لدراسة الطب، فيمكن للطالب الذي حصل على معدل منخفض للغاية في الثانوية دراسة الطب أو الهندسة، كما لا تشترط سنا معينة، ولاتشترط أن تكون متخرجا من ثانوية علمية حتى تدرس تخصصات علمية.

خيارات السكن

بالنسبة للسكن، فإن الجامعات في العادة توفر مساكن طلابية، بنحو 700 إلى 1000 دولار في العام الواحد، ويكلف التأمين الطبي نحو 250 دولارا خلال الأربع سنوات.

وهناك خيار آخر في السكن، حيث يمكن الطلاب السكن في شقة خاصة، وعادة ما يتراوح سعرها ما بين 300 إلى 1000 دولار، بحسب موقع الشقة وعمرها.

وهناك خيار ثالث، وهو السكن مع العائلة، حيث يمكن للطالب السكن في غرفة مفروشة مع عائلة، بحيث يدفع نحو 150 إلى  200 دولار شهريا.

وشهدت أوكرانيا إقبالا من الطلاب العرب لدراسة الطب، وطب الأسنان على وجه الخصوص، بالإضافة إلى دراسة الهندسة المدنية وهندسة الطائرات والهندسة المعلوماتية، والأمن السيبراني على وجه الخصوص.

الاحتيال والنصب

وكغيرها من البلدان فإن هناك محاذير يجب على الطالب أو السائح الانتباه لها، وهي مسائل تتعلق بالاحتيال والنصب على من لا يعرف وضع البلد.

وما ينبغي للطالب أو للسائح عمله، هو التنسيق المسبق مع شخص موثوق ومؤتمن، وذلك لترتيب الدراسة واختيار التخصص المناسب، والجامعة المناسبة، ثم تحديد السكن المناسب لميزانية الطالب.

مع ضرورة الإشارة إلى أن الطالب أو السائح سيكون عرضة للنصب ابتداء من مطار كييف، مرورا بمكاتب السياحة والخدمات الطلابية وسمسرة السكن.

وسيكون وضع الطالب صعبا، إذا كان على خلاف مع الجامعة التي يمكن أن تتسبب في ترحيله من البلاد دون قدرة الطالب على اللجوء للقضاء.

ثاني أكبر دولة

تقع أوكرانيا في أوروبا الشرقية، وتحدها روسيا من الشرق، وبيلاروسيا من الشمال، ومن الغرب تحدها بولندا وسلوفاكيا وهنغاريا (المجر)، الجنوب الغربي رومانيا ومولدوفا، أما من الجنوب فيحدها البحر الأسود وبحر آزوف.

كانت أوكرانيا جزءا من الاتحاد السوفيتي سابقا، حيث تأسست في 24 أغسطس/آب 1991، بعد استقلالها عن الاتحاد عقب انهياره.

يتحدث سكانها البالغ عددهم أكثر من 42 مليون نسمة، اللغة الأوكرانية، وهي اللغة الرسمية في البلاد، كما يتحدث بعضهم ، خصوصا في الشرق، اللغة الروسية إلى جانب الأوكرانية، بالإضافة إلى لغة تتار القرم.

تمتلك الدولة حدودا مع 7 دول أخرى، وتعد ثاني أكبر دولة أوروبية بعد تركيا بمساحة قدرها 603 آلاف و550 كم، إذا ما تم استبعاد روسيا التي تمتد على قارتي آسيا وروسيا، ويقع الجزء الأكبر منها في آسيا، كما تحتل أوكرانيا المرتبة 46 من حيث المساحة على مستوى العالم.

انضمت أوكرانيا إلى المجتمع الغربي الأوروبي، وذلك بعد ضم روسيا الاتحادية لشبه جزيرة القرم وسلخها من جسدها الأوكراني.

تعد المسيحية هي ديانة الشريحة الأكبر في البلاد، يليها الإسلام، وهي أقلية يصل عدد أفرادها في عموم البلاد لنحو مليون شخص، بحسب أحدث تقديرات لمفتي المسلمين في أوكرانيا سعيد إسماعيلوف عام 2016، تليها في المرتبة الثالثة الديانة اليهودية بعدد نحو 120 ألف يهودي في عموم الأقاليم الأوكرانية.

وتحقق الأقلية المسلمة هناك اندماجا مع المجتمع الأوكراني، من غير تسجيل حوادث تمييز بارزة، كما أن السلطات تمنحهم حق ممارسة الشعائر، وزادت مساحة تلك الحرية بعد أن عارض تتار القرم (المسلمون) الوجود الروسي في 2014 بإقليم القرم، حيث يرون في تلك العودة اضطهادا دينيا كان يحدث إبان الاتحاد السوفيتي، ويجردهم من هويتهم.