مقتل أمير "القاعدة" بالمغرب العربي.. ما تأثيره على تماسك التنظيم؟

12

طباعة

مشاركة

ما بين اعتبارها خطوة مهمة في إطار محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل أو أنها لن تغير شيئا، اختلفت آراء الصحف الفرنسية بشأن مقتل زعيم "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عبد المالك دروكدال.

والجزائري دروكدال هو "أحد زعماء الإرهاب في بلاد المغرب، ومرشد للعديد من الجماعات الإرهابية في الساحل"، وقد قُتل يوم 4 يونيو/ حزيران 2020 في تساليت شمال مالي، بحسب صحف فرنسية.

وهذ الرجل عضو اللجنة التوجيهية لـ"القاعدة" وكان أيضا يقود كل مجموعات التنظيم في شمال إفريقيا وقطاع الساحل، بما في ذلك جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، إحدى التنظيمات الرئيسية الناشطة في الساحل.

في البداية أجرى موقع "فرانس إنتر" لقاء مع فريديريك باربي، المتحدث باسم هيئة الأركان العامة في فرنسا، تحدث فيه عن كيفية "تحييد" هذا الرجل الذي كان هدفا إستراتيجيا رئيسيا في مكافحة الإرهاب بالمنطقة.

وأشار باربي إلى أن العملية جرت شمال أدراس، على بعد 80 كيلومترا شرق مدينة تساليت المالية، ونُفذت من قبل القوات البرية بالاشتراك مع وحدة مكونة من طائرات هليكوبتر مدعومة بعنصر طيران.

وبالإضافة إلى مقتل دروكدال، تمكن الجيش الفرنسي أيضا من تحييد توفيق شايب، وهو مسؤول تنفيذي بارز في التنظيم مسؤول عن التنسيق والدعاية.

ورأى باربي أن هذه عملية "مهمة بالنسبة لنا لأنها تمثل نجاحا مهما في محاربة الجماعات الإرهابية المسلحة ووجهت ضربة قوية لهذه المنظمة"، مبينا أنه خلال العملية استسلم إرهابي، لم يتم الكشف عن هويته.

ضربة قاسية

وأكد المسؤول الفرنسي أن ما حدث يمثل ضربة قاسية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يمكن مقارنتها أيضا بالنجاح الآخر المثير للاهتمام للغاية الذي حققته قوة برخان -أكبر مهمة عسكرية للجيش الفرنسي بالخارج وعددها خمسة آلاف عنصر- في 19 مايو/ أيار 2020.

وتمكنت قوة برخان من اعتقال، دون تبادل لإطلاق النار، قيادي مهم بتنظيم الدولة في الصحراء الكبرى.

ونوه إلى أنه رغم تحقيق العديد من الانتصارات في الفترة الأخيرة وزيادة الضغط على الإرهابيين بالمنطقة، وحرمانهم من حرية الحركة، "لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، ولكن ما حدث نجاح يمكننا أن نبتهج به".

من جهتها قالت صحيفة "لوبينيون": إن القوات الفرنسية تلقت خلال مقتل عبد المالك دروكدال دعما أميركيا حاسما، وأن دور الجزائر في "تحييد" هذا الرجل لا يزال مجهولا.

ولفتت إلى أن هذا الجزائري البالغ من العمر 50 سنة، الملقب بـ أبو مصعب عبد الودود، ذو ماض إرهابي طويل، فهو ينتمي إلى حركة الجهاد التاريخية بالجزائر التي ظهرت خلال الحرب الأهلية (1991-2002).

ورأت أن هناك شيئا واحدا يبدو مؤكدا وهو أنه ربما لن يغير موته بشكل جذري الوضع في منطقة الساحل، ولكن يمكن أن يعيد توزيع بطاقات معينة.

كما لفتت إلى أن القياديين الرئيسيين الحليفين للقاعدة في المغرب الإسلامي هما إياد أغ غالي وأمادو كوفا، لا يزال النيل منهما بعيد المنال، على الرغم من أن وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي أعلنت "خطأ" وفاة الثاني عام 2019.

تنظيم الدولة

وإضافة إلى ذلك، أوضحت الصحيفة، أن الإرهاب في مالي ينقسم إلى اتجاهين متنافسين والآن أصبحا معاديين، إذ تعهد بعض المقاتلين بالولاء للقاعدة، والبعض الآخر لتنظيم الدولة.

وقررت فرنسا ودول الساحل تركيز جهودها ضد تنظيم الدولة خلال قمة "باو" التي جمعت قادة دول الساحل الإفريقي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يناير/ كانون ثاني 2020.

كما أشارت "لوبينيون" أيضا إلى أن هذا النجاح التكتيكي للجيش الفرنسي الذي لا جدال فيه، يأتي في وقت تتهم فيه الجيوش المحلية (المدعومة من فرنسا) بارتكاب أعمال عنف ضد السكان المدنيين.

أما مجلة "أتلانتيكو" فكتبت تحت عنوان "الساحل: ماذا سيغير موت أمير القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؟"، أن خليفة دروكدال، قد يكون أبو عبيدة يوسف العنابي، الذي يتولى منذ عام 2011 منصب رئيس مجلس الأعيان في التنظيم.

وأضافت: "من المعروف أنه دعا في عام 2013 المسلمين في جميع أنحاء العالم لمهاجمة المصالح الفرنسية. وفي سبتمبر/ أيلول 2015، وضعته وزارة الخارجية الأميركية على قائمة الإرهابيين الدوليين".

وتطرقت المجلة إلى سيرة دروكودال الذي ولد في 1971 في منطقة فقيرة في ضواحي العاصمة الجزائرية وانضم إلى "الجماعة الإسلامية المسلحة" في 1993، ونهاية تسعينيات القرن الماضي، شارك في تأسيس الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية.

وبعد انتخابه في 1999، نجح الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة في إقناع معظم الجماعات المسلحة بوقف القتال لكن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" رفضت ذلك، وتأكد ارتباط عبد المالك دروكدال بالقاعدة في 2006. 

وفي يناير/ كانون الثاني 2007، جرى تغيير اسم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" ليصبح تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

وأعلن دروكدال مسؤوليته عن عدة هجمات قاتلة في الجزائر وحكم عليه بالإعدام غيابيا، لكنه فشل في توسيع نفوذه خارج معقله في منطقة القبايل، وأصبحت مالي تدريجيا منطقة عمل متميزة بالنسبة له.

المقاتلون المحبطون

وحول تأثير مقتل دروكدال على الحرب ضد الإرهاب في المنطقة، قالت "أتلانتيكو": إن الأمر سيصب في مصلحة تنظيم الدولة.

وبينت أنه حتى لو تم إضعافه في مكان آخر، فهذا التنظيم يكتسب قوة في القارة الإفريقية، حيث يتوسع في ليبيا ومصر والصومال ويتنافس مع الجماعات المنتسبة لتنظيم القاعدة.

ولذلك أطلق التنظيم جماعتين جديدتين هما: "الدولة الإسلامية في وسط إفريقيا" الناشطة في موزمبيق و"الدولة الإسلامية في جمهورية الكونغو" الموجودة على الحدود الأوغندية.

ولفتت إلى أن التنظيم سيغتنم الفرصة لمحاولة جذب المقاتلين المحبطين إلى صفوفه، حيث نجحت هذه الطريقة بشكل جيد منذ ظهور هذا "الفرع السلفي الجهادي" لأن الغالبية العظمى من "المقاطعات الخارجية" (النواة السورية العراقية) تتكون من ناشطي القاعدة السابقين. 

ويعتقد هؤلاء الناشطون أن راية تنظيم الدولة القتالية كانت أقوى من راية القاعدة التي تعتبر في تراجع دائم.

وحتى أن الهزيمة العسكرية لـ "الخلافة" في سوريا والعراق ومقتل أبو بكر البغدادي لا يبدو أنها قوضت هذا الحماس لـ"السلفيين الجهاديين"، فجهود تنظيم الدولة الحربية تحدث حسب الفرص التي تمت مواجهتها، ويبدو أن القارة الإفريقية هي بالفعل واحدة من القارات الرئيسية للتنظيم، تخلص المجلة الفرنسية.