بعد طرد حفتر من أبرز مواقعه.. هل تتغير التحالفات في ليبيا؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحف تركية عن الانتصارات الأخيرة التي ترى أنها غيرت بشكل كبير مصير معركة طرابلس، خاصة بعد تدخل أنقرة ضد قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.

ففي 5 يونيو/حزيران 2020، بسطت قوات حكومة الوفاق سيطرتها على مدينة بني وليد بعد ساعات من انهيار قوات حفتر بـ"ترهونة" وفرارها باتجاه الجنوب، فيما تعهد رئيس الحكومة فايز السراج بمواصلة المعركة لحين استعادة كافة أراضي ليبيا.

وأعلنت القوات الموالية لحكومة السراج المعترف بها دوليا، السيطرة على مدينة ترهونة الإستراتيجية، والتي تعد آخر معاقل قوات حفتر في غرب ليبيا، وذلك بعد يوم واحد من إعلان استعادتها كامل حدود العاصمة طرابلس، التي يحاول اللواء المنقلب السيطرة عليها منذ أبريل/ نيسان 2019.

التدخل التركي

وقالت الكاتبة هلال كابلان في مقالة نشرتها صحيفة صباح: إن تلك الانتصارات لم تكن لتتم لولا تدخل الرئيس رجب طيب أردوغان والقوات والطائرات بدون طيار التي أرسلتها أنقرة إلى هناك مطلع العام 2020.

وتابعت: "هذا التدخل التركي الخارجي يعد الأقوى منذ تأسيس الجمهورية قبل نحو 100 عام".

ونقلت عن صحيفة نيويورك تايمز قولها: إن تركيا باتت تصنع الملوك في ليبيا، بعد أن حافظت على "الوطن الأزرق" عبر خطوات رشيقة وواثقة في عرض البحر المتوسط شرقا وغربا.

وترى أن "مساعي حفتر للسيطرة على البلاد أصبحت مجرد عبث. أيضا فإن الخطوات المقبلة التي ستقوم بها روسيا بعد تدمير العشرات من منصاتها الصاروخية عبر طائرات تركيا المسيرة لها أهمية كبيرة وما عدا ذلك من الدول الأخرى الداعمة لحفتر ليس لها أي قيمة في الحسابات الراهنة".

وهو ما يفسر لقاء وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره الليبي ونائب رئيس الوزراء في موسكو مؤخرا، حيث كان واضحا أن روسيا تفكر في بديل عن حفتر ومن أهم الأسماء البديلة رئيس البرلمان المنعقد في طبرق عقيلة صالح، وفق الكاتبة.

وقالت روسيا في وقت سابق: إنها "توفر الأساس لإيجاد حلول للمشاكل القائمة وإقامة حوار بين الليبيين لإنشاء أجهزة دولة واحدة في البلاد".

وأوضحت الكاتبة أنه "من الواضح أن الاتفاقية البحرية الموقعة بين أنقرة وطرابلس تكسب أهمية كبيرة وتغير المنطقة من حولنا بشكل تدريجي".

وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقع الطرفان مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.

زيارة السراج

وبدوره، رأى الكاتب برهان الدين دوران في مقالة بنفس الصحيفة أن زيارة السراج الأخيرة لأنقرة (4 يونيو/حزيران) تختلف عن سابقاتها.

واحتفى السراج وأردوغان باستعادة طرابلس كاملة من براثن قوات حفتر، وتحدثا عن ضرورة عدم التوقف عند ذلك بل الاستمرار قدما نحو إعادة السيطرة على خط بني وليد (جرى استعادتها فعليا) والهلال النفطي بعد سرت.

وقال: "من البديهي أن الإعلان عن بدء محادثات وقف إطلاق النار للأمم المتحدة يوم الاثنين (2 يونيو/حزيران) يدفع كلا الجانبين إلى اتصال وثيق مع العواصم ذات الصلة للفوز في المفاوضات، وعليه فقد ذهب حفتر لمصر وأبوظبي وحتى فرنسا لاستطلاع الموقف بناء على مصالح هذه الأطراف".

في المقابل كان السراج في أنقرة بعد جولة شملت عددا من العواصم وبهذه الزيارة تقرر التعاون بين أنقرة وطرابلس في المجال العسكري وأثناء وقف إطلاق النار وبعد الصراع، يقول الكاتب.

ويضيف: "صحيح أن روسيا وتركيا تضعان ثقلهما لاستئناف العملية الدبلوماسية المقبلة في ليبيا، ولكن من الممكن أن تعود الأمور لنقطة الصفر كما كانت".

فطرابلس لا ترى في حفتر طرفا يصلح التفاوض معه وأنقرة تشاطرها ذلك. في المقابل يطالب اللواء المنقلب بالانسحاب التركي من ليبيا قبل بدء الحوارات. 

والأهم أيضا أن لكل طرف من يدعمه وبالتالي سيواجه المنتصر السراج والمغلوب حفتر صعوبة في إقناع داعميهم بالتنازلات الدبلوماسية المتوقعة، بحسب الكاتب الذي يواصل: "أضف إلى ذلك تعقيدات المشهد السوري الذي ينعكس أي توتر فيه بالطبع على المشهد الليبي".

ويرى أنه يمكن للإمارات العربية المتحدة وفرنسا تقويض حكومة الوفاق من خلال التواصل مع كبار الشخصيات في طرابلس.

ومن تفاصيل المفاوضات الصعبة أنه إذا تم قبول مجلس الرئاسة، الذي اقترحه عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، ومقره في طبرق، فما هو تكوين هذا الهيكل وسلطاته؟

وبين أن إدارة عائدات النفط هي أكثر فصول المفاوضات صعوبة، متسائلا عن الدور الروسي من ذلك كله خاصة وأن موسكو اقتربت بالطائرات التي جلبتها من القيادة الأميركية الإفريقية، ومن الواضح أن الغرض من هذا هو السيطرة على آبار النفط وبناء قاعدة عسكرية في شمال شرق ليبيا وجنوبها.

وفي المقابل ولأن موسكو خائفة من النفوذ المتزايد للولايات المتحدة، تحاول ضمان مصالحها الخاصة من خلال التواصل مع أنقرة والاجتماع معها، بحسب تقدير الكاتب.

وأردف: "من الواضح أن التعاون التركي الليبي بعد الاجتماع الأخير لن يكون دفاعيا فقط ولا مصالح مشتركة، بل سيشمل تعاونا لأجل إعادة الإعمار في ليبيا بواسطة شركات تركية".

ويعتقد أنه على أنقرة، التي غيرت مسار الحرب لصالح الحكومة الشرعية، مساعدة طرابلس على أعلى مستوى لفترة ما بعد الصراع إذا حدث وقف لإطلاق النار، وذلك من خلال تحسين الحياة اليومية في العاصمة مثل تطوير خدمات البنية التحتية، وخاصة الكهرباء والصحة وكذلك القطاع الأمني، مع منع عقود نفط حفتر غير القانونية وصد أي محاولة لتقسيم ليبيا.

قوة إقليمية

أما الكاتب إبراهيم كاراغول فقال في مقالة منشورة بصحيفة يني شفق: إن تركيا باتت قوة إقليمية قادرة على تغيير اللعبة، "فلا يمكن فعل أي شيء في أي شبر من أرضي المنطقة دون وضع التأثير التركي في الحسبان".

وأكد أن من خسر خلال الأيام الأخيرة ليس حفتر وحده بل أيضا الدول الداعمة له فرنسا ومصر والإمارات، حيث فشلت المخططات والمحاولات التي أقدمت تلك الدول على تنفيذها لاحتلال ليبيا.

ويرى أن تلك الدول لن تستطيع بعد اليوم تغيير المعادلة والعودة بها لما كانت عليه؛ إذ تغيرت الدبلوماسية الدولية والوضع العسكري على الأرض لصالح ليبيا وتركيا.

ويعتقد أن موسكو فقدت الأمل في حفتر وبدأت تعقد مباحثات مع حكومة الوفاق، وهو ما يعني أن تركيا لا تدير الوضع العسكري في ليبيا فحسب، بل أيضا تقود الوضع الدبلوماسي وتستخدم قدراتها في ذلك.

وتحدث الكاتب عن صعود قوة تحمل اسم "محور تركيا"، الذي سيغدو زلزالا في خريطة القوى العالمية، وفق تعبيره.

وقال: إن ما يحدث باختصار هو عودة دولة إلى التاريخ والجغرافيا بعد مائة عام من أفول نجمها وما يعنيه ذلك على المستويين الإقليمي والدولي.

وختم الكاتب مقاله بأن كل من يتابع باهتمام ما يحدث في المنطقة والشرق والغرب والولايات المتحدة وأوروبا وكيانات القوى الدولية سيرى كيف يتطور صعود قوة تركيا ويستند إلى أرضية صلبة في ذلك.