فيروس كورونا.. هل تنتقل العدوى من الإنسان إلى الحيوان؟

12

طباعة

مشاركة

في فبراير/ شباط 2020، ظهرت إصابة كلب في هونغ كونغ بفيروس كورونا بعد أن كان صاحبه مصابا، ما أثار قلقا واسعا وتساؤلات عن إمكانية انتقال العدوى من الإنسان إلى الحيوان.

وكالة الصحة الفرنسية وفي اجتماع طارئ، قالت: إن "الاحتمالية ضئيلة جدا، والفيروس في الأساس انتقل من الحيوان إلى الإنسان (وليس العكس)".

وفي الأسبوع الأول من أبريل/ نيسان 2020، أُعلن عن إصابة أنثى نمر من الفصيلة الماليزية، تعيش في حديقة حيوانات بمدينة نيويورك الأميركية، بفيروس كورونا المستجد.

أنثى النمر التي يُطلق عليها اسم "ناديا" أصيبت شقيقتها "آزول" ونمران آخران من فصيلة آمور وكذلك 3 أسود إفريقية بسعال جاف.

حديقة الحيوان أفادت في بيان أن "العدوى انتقلت إلى النمور عبر حارس يعمل في الحديقة، في فترة حضانته للفيروس قبل أن تظهر عليه الأعراض"، فهل تعيد وكالة الصحة الفرنسية حساباتها بعد حادثة الكلب في هونغ كونغ وأنثى النمر في ماليزيا.

المنتجة للغذاء

القلق الذي أثاره خبر إصابة أنثى النمر جعل معهد "فريدريش لوفلر" الألماني المتخصص في رصد الأوبئة الحيوانية يدخل على الخط.

المتحدثة باسم المعهد التابع لوزارة الأغذية، إلكي رينكينج قالت: "المؤسسة تتعامل بشكل رئيسي مع الحيوانات المنتجة للغذاء، لذلك أجرى المعهد دراسة عما إذا كان الإنسان  بحاجة لحماية الخنازير والدجاج من الاتصال بالبشر".

وأظهرت النتائج المؤقتة الأولية للبحث أن "الخنازير والدجاج ليسوا عرضة للفيروس، حسب المعهد الذي أشارت المتحدثة باسمه أن فريق البحث يجري فحوصات على الماشية للتأكد من إمكانية إصابتها بالعدوى، لكن الدراسة بشكل أولي أفادت بأن المؤشرات كلها تشير إلى أن حيوانات المزرعية مستبعدة.

الدراسات التي قام بها المعهد حول تفاعل الفيروس مع الأنواع الحيوانية المضيفة له أثبتت أن بنية جهازها التنفسي مشابهة للبشر، لكن رينكينج لفتت إلى أن دراسة المعهد لم تكتمل بعد، مستطردة: "لا يمكننا استبعاد انتقال العدوى بين الإنسان والحيوان 100 بالمائة".

الحيوانات الأليفة

وتعليقا على خبر إصابة قطة في بلجيكا بالتهابات بعد أن ثبت أن صاحبها كان مصابا، قال المعهد الألماني: إن دراسات من الصين على القطط أظهرت أنها يمكن أن تصيب البشر، لكن في الوقت الحالي، يفترض معهد "فريدريش لوفلر" أن القطط لا تلعب أي دور في الانتشار، فالوباء ينتقل من إنسان إلى إنسان.

إلكي رينكينج شددت في نفس تصريحاتها، على أنه يجب على الأشخاص المصابين والموجودين في عزلة منزلية الحفاظ على بعدهم عن حيواناتهم وعدم العطس أو السعال بالقرب منها، ومن بين التدابير التي أوصت بها المتحدثة باسم المعهد الألماني، "إبقاء القطط في المنزل أثناء العزل".

فيما أظهرت الدراسات الصينية أن الكلاب لا يمكن أن تصاب بالعدوى، وأنه يمكن الاقتراب منها، لكن مع ذلك أوصى المعهد باستخدام الحزام أثناء أخذ كلب المنزل في جولة خارجية.

الدراسة لفتت إلى أنه حتى الآن لم يثبت أن فراء الحيوانات قد يلعب دورا في انتقال العدوى، وأنه تطبق عليه قواعد النظافة العادية، وعند لمس الكلب يجب غسل اليدين فورا، على الأقل قبل لمس الوجه.

رئيس جمعية الأميركية للطب البيطري، الدكتور جون هو، قال لمجلة "فوربس": "الفيروس يستقر على الأسطح الملساء، وبالتالي سيكون من الصعب التقاط الفرو للفيروس، لا خطر في الربت على الحيوانات الأليفة".

وقطعا لأي شك من وجودها في محيط أي شخص مصاب نصح الدكتور جون هو بـ"المداومة على غسل فرو حيوانات المنزل بشامبو علاجي مثل الكلورهيكسيدين"، موضحا أن "الفيروسات التاجية تدمر بسرعة كبيرة بالصابون أو الشامبو"، قبل أن يشدد على أنه "لا ينبغي تحت أي ظرف رش الحيوانات بالمطهرات".

شكوك كثيرة

ردا على ما تلا خبر إصابات متفرقة لحيوانات أليفة بفيروس كورونا، قالت منظمة الصحة العالمية: إنها تحقق في هذه الحالات، وإن إحدى الدراسات التي أجريت على القطط في ووهان وجدت أن الحيوانات الأليفة يمكن أن تصاب بالفيروس التاجي.

وقالت الدكتورة بمنظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف: "المتخصصون لا يعتقدون أن الحيوانات تلعب دورا في انتقال العدوى إلى البشر، رغم أن البشر يمكن أن يصيبوا الحيوانات".

وأفادت كيرخوف بأن منظمة الصحة العالمية تعمل بشكل وثيق مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان للنظر بشكل أعمق في إصابة الحيوانات بالفيروس التاجي. 

من جهته، قال رئيس جمعية الأميركية للطب البيطري لـ"فوربس": "غير قلق بشأن الدواجن والمواشي، باستثناء النمس الذي ثبت أنه ينقل العدوى للناس. عدا ذلك لا يزال، انتقال العدوى من إنسان إلى آخر هو المحرك الرئيسي".

المجلة تابعت: "رغم أن عدد الكلاب والقطط الذي اتضحت إصابتها في الصين، والتي تم الكشف عن الفيروس لديها من الجهاز التنفسي والبراز، إلا أن الأكثر إثارة للقلق هو أن القطط غير المصابة التي تم وضعها في أقفاص مجاورة لتلك المصابة، أصيبت أيضا بالعدوى بواسطة الرذاذ كما يحدث مع الإنسان".

من جهتها، أخذت بريطانيا وأستراليا التدابير الاحترازية، ونصح الأطباء البيطريون مالكي القطط في الأسر المصابة بإبقاء حيواناتهم الأليفة في المنازل قدر الإمكان وتجنب التفاعل معها في حال الشعور بالأعراض.

التحذيرات أتت أيضا من الجمعية البيطرية في البلدين بعد أيام من ثبوت إصابة عدد من النمور في حديقة الحيوان بنيويورك.

أكل اللحوم

في انتظار الحسم في هذا الجدل، أصدرت الحكومة الصينية مسودة قائمة بالحيوانات المسموح استهلاك لحومها، في انتظار إقرار القانون بشكل نهائي، في أعقاب وباء الفيروس التاجي، الذي يشتبه في أنه انتقل من الحيوانات البرية في سوق ووهان.

وحظرت بكين مؤقتا جميع التجارة في الحيوانات البرية من أجل الاستهلاك بعد تفشي المرض، وتضمنت قائمة وزارة الزراعة الصينية، "الخنازير والأبقار والدجاج والأغنام، والماشية الخاصة مثل عدد من أنواع الغزلان الألبكة والنعام". كما أبقت على نوعين من الثعالب، الراكون والمنك، لكن كمواش للتربية وليس من أجل لحومهم.

ولم تذكر القائمة أنواع الحيوانات التي يشتبه العلماء في أنها نشرت الفيروس، مثل البنغولين والخفافيش وقطط الزباد.

وغابت الكلاب عن قائمة الحيوانات المسموح باستهلاك لحومها، بعد أن منعت بشكل رسمي، حيث اعتبر موقع "سي إن إن"، حظر أكل الكلاب في الصين لأول مرة، انتصارا للناشطين في مجال حقوق الحيوان.

وارتبط تفشي الوباء بسوق للحيوانات البرية في ووهان، حيث تباع لحوم الثعابين وكلاب الراكون والخفافيش. وأوضح تقرير الموقع أن استهلاك الحيوانات البرية ليس شائعا في معظم الصين، ولكنها تجارة مربحة للغاية في جنوب البلاد.

في حين أفاد الخبراء بأن الاحتفاظ بالحيوانات البرية على مقربة شديدة من البشر في ظروف غير صحية، يزيد من خطر انتشار الفيروسات بين الحيوانات ومن ثم انتقالها إلى البشر.

وافترض الباحثون أنه ربما يكون نوع من هذه الحيوانات قد نقل الفيروس في الأصل إلى البشر، لكن لا توجد إجابة قطعية حتى الآن.