حالة إنكار.. صحيفة "لوموند" تكشف حقيقة وجود فيروس كورونا بسوريا

12

طباعة

مشاركة

ينفي النظام السوري، القريب من إيران، الدولة الأكثر تضررا من فيروس كورونا في الشرق الأوسط، أي انتشار للفيروس في دمشق، ويؤكد أنه لم يسجل أي إصابة حتى الآن، وهو الأمر الذي يشكك فيه مراقبون.

وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية: إن النظام أغلق المسجد الأموي في دمشق، وكل المقاهي باتت مهجورة، كما يعمل الموظفون على تطهير الشوارع والحافلات وجميع الأماكن العامة بهدف منع انتشار كورونا، لكن كل هذه التدابير بحسب وزارة الصحة السورية وقائية.

وأضافت "لوموند" إن الإصابات والوفيات صفر، فبحسب سلطات دمشق، فإن سوريا حاليا خالية من وباء الفيروس التاجي.

وفي حين أن جميع دول المنطقة تكافح المرض، ولا سيما إيران، حيث جرى تسجيل أكثر من 19 ألف إصابة ونحو 1433حالة وفاة، يؤكد نظام بشار الأسد أن كوفيد 19 لم يصل أراضيه.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه وفقا لوزارة الصحة، من بين 103 اختبارات أجريت حتى الآن على المرضى الذين يعانون من أعراض مشبوهة، لم تثبت حالة واحدة إيجابية.

وقال وزير الصحة نزار يازيجي: "الجيش السوري طهر سوريا من العديد من الجراثيم ولا توجد إصابات بفيروس كورونا حتى الآن"، مثيرا معادلة ضمنية بين الفيروس والمعارضة المناهضة للأسد.

وبحسب "لوموند" فإن هذه الصورة المتفائلة للغاية بالكاد تقنع من هم خارج الدوائر الرسمية، لكن وفقا لمعظم المراقبين المستقلين، فإنه من غير المعقول ألا تتأثر البلاد، نظرا للعلاقات الوثيقة مع إيران، المصدر الرئيسي لانتشار الفيروس في الشرق الأوسط.

فبالإضافة إلى الآلاف من رجال المليشيات، الذين يقاتلون إلى جانب القوات الحكومية، يزور العديد من الإيرانيين مقام السيدة زينب الواقع في جنوب العاصمة دمشق.

"حالة إنكار"

"كيف يمكننا أن نتصور أن الفيروس التاجي لم يتجذر عندما يواصل الإيرانيون القدوم والذهاب إلى سوريا؟"، يسأل سامر جبور، طبيب سوري وأستاذ الصحة العامة في الجامعة الأميركية ببيروت.

ويضيف دبلوماسي غربي يعمل في الملف السوري: "السلطات السورية في حالة إنكار ومنظمة الصحة العالمية عالقة. ممثلها في دمشق يعرف جيدا أنه إذا أدلى ببيان يتناقض مع موقف الحكومة، سيتم وضعه على متن الطائرة (إرساله إلى الخارج)".

وبينت "لوموند" أنه من الصعب التحقق من ادعاءات الانتشار السريع لفيروس كورونا التي جرى تداولها في أوساط المعارضة على مدار عدة أيام.

ولفتت إلى أن المرصد السوري لحقوق الإنسان (OSDH)، الذي لديه شبكة من جامعي المعلومات على الأرض، يتحدث عن العديد من حالات الإصابة والوفيات في محافظات دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص، وقال: "تلقى الأطباء أوامر صارمة بالتكتم على الأمر من السلطات السورية".

وبحسب المصدر نفسه، فإن ثمانية من أفراد المليشيات التي تمولها طهران، ستة إيرانيين وعراقيين اثنين، متمركزين في مدينة الميادين، في وادي الفرات، ثبت بشكل خاص أنهم مصابون بالفيروس التاجي.

موقع آخر مناهض للنظام، وهو "صوت العاصمة"، يقول: إن قائدا إيرانيا، فرهاد دابيريان، عضو في الحرس الثوري، توفي بالفيروس في أحد مستشفيات دمشق.

وكانت وكالة "فارس" الإيرانية أعلنت في وقت سابق من شهر مارس/آذار ٢٠٢٠، أن الضابط "سقط شهيدا" في سوريا، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وفي سلسلة من التغريدات، سخر الصحفي الموالي للنظام، رفيق لطف، من نفي الحكومة عدم وجود إصابات بكورونا، مؤكدا أن حالات الوفاة من مشاكل الجهاز التنفسي في ازدياد. 

وقال في تغريدة مؤرخة بـ 9 مارس/ آذار ٢٠٢٠: "يعتقد الناس أن الفيروس المنتشر في جميع أنحاء العالم سيتوقف عند حدود سوريا"، ومنذ ذلك اليوم، أوقف الصحفي تغريداته على الشبكة الاجتماعية، ربما تحت ضغط من النظام ومؤيديه.

وتذكر "لوموند" أن أكثر الأدلة الملموسة التي تدعم ادعاءات انتشار الفيروس في سوريا عبارة عن بيان صحفي من مقاطعة السند، بباكستان، حيث قال مسؤولون صحيون محليون: إن نتائج الاختبار التي أجريت لستة سوريين وصلوا إلى مطار كراتشي بعد عبورهم الدوحة كانت إيجابية.

الإخفاء المتعمد

وأكدت الصحيفة أن بعض المحللين يرون في إنكار الحكومة وجود إصابات على أراضيها تعمدا، ويقولون: إنها مناورة تهدف إلى منع أي زعزعة للتحالف مع طهران.

لكن حقيقة أنه لم يتم اكتشاف أي حالة حتى الآن في سوريا قد تكون أيضا بسبب أوجه القصور في النظام الصحي للدولة، التي دمرتها تسع سنوات من الحرب.

وبحسب الطبيب سامر جبور: "ربما يكون العاملان معا. النظام له مصلحة في التقليل من الظاهرة، ولكن من المسلم به أيضا أنه لا يوجد سوى مركز فحص واحد يقع في دمشق".

وتنوه "لوموند" بأنه كعلامة على اضطراب السلطة، جرى تعليق صلاة الجمعة الأخيرة، وأغلقت المدارس والجامعات حتى 4 أبريل/ نيسان ٢٠٢٠.

كما أصدر رئيس النظام بشار الأسد قرارا بتأجيل انتخابات مجلس الشعب "البرلمان"، حيث تم تحديد موعد هذا الاستطلاع في 13 أبريل/ نيسان، وتم تأجيله إلى 20 مايو/ أيار ٢٠٢٠.

وأكدت أنه في المناطق ذات الأغلبية الكردية، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، في شمال شرق البلاد، حظر النظام جميع المسيرات وأغلقت نقطة العبور الحدودية مع العراق المجاور. 

ونوهت بأن حق النقض الذي استخدمته روسيا نهاية عام 2019 بشأن تجديد قرار الأمم المتحدة الذي يجيز تسليم المساعدات الإنسانية عن طريق هذه النقطة، يمنع منظمة الصحة العالمية من إجراء الاختبارات في الشمال الشرقي، كما فعلت في محافظة إدلب.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه في هذا الحزام، المعقل الأخير للمعارضة، الذي يقع في الزاوية الشمالية الغربية لسوريا، حيث يعيش 3 ملايين شخص، فإن الخوف من الإصابات قوي أيضا. 

السكان الذين يستفيدون من وقف إطلاق النار الهش بعد أشهر من القصف، يتألفون إلى حد كبير من النازحين، الذين يتجمعون في الخيام والملاجيء المؤقتة، على طول الحدود مع تركيا. 

وجرى إغلاق المدارس، تكتب "لوموند"، لكن في ظل العدد القليل للأطفال الذين يدرسون، سيكون تأثير القرار ضئيلا. 

وأكدت أن نصف المؤسسات الصحية فقط في هذه المنطقة لا تزال تعمل، وقد تلقت هذه المؤسسات، التي لم يكن لديها في السابق وسيلة للكشف عن الفيروس التاجي، مؤخرا معدات من منظمة الصحة العالمية، التي تسمح لها ببدء الاختبار.

ويحذر دبلوماسي غربي مطلع على الصراع السوري من أنه: "إذا انتشر الفيروس التاجي في منطقة كثيفة مثل إدلب، حيث يعيش عشرة أشخاص في بعض الأحيان داخل خيمة واحدة، فسيكون هناك مجزرة".