زعيمة "الدستوري الحر" بتونس.. هكذا تدّعي الديمقراطية وتقصي مخالفيها

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مرة أخرى تعود رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسي إلى واجهة الأحداث في البلاد، لا فقط بما تقوم به من صراخ ومحاولات لتعطيل جلسات البرلمان، بل هذه المرة باتخاذها قرارات عقابية بحق أحد نواب حزبها.

في 2 مارس/آذار 2020، أعلن "الدستوري الحر"، إقالة النائبة لمياء جعيدان من كتلته البرلمانية، وتجميد عضويتها في اللجنة المركزية، في انتظار إحالتها إلى لجنة النظام الداخلي لمساءلتها، وفق بيان للحزب.

واتخذ الحزب هذا القرار إثر حضور جعيدان اجتماعا عقد في قصر هلال مطلع مارس/آذار 2020، نظمه سياسيون صوتوا لحكومة إلياس الفخفاخ.

القرار الأخير بفصل جعيدان أثار التساؤل مجددا عن المسألة الديمقراطية داخل الحزب الذي تقوده عبير موسي، والذي يعتبره العديد في تونس امتدادا لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا (حقبة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي)، معتبرين أن الحزب يتمحور حول شخص رئيسته عبير موسي.

في المقابل، يرى آخرون أن هذا الوضع لا يخص حزب موسي فقط، إنما يمتد لغيره من الأحزاب التي تدار بحكم الفرد، وتضيق في بعض الأحيان على أعضائها مما يدفعهم للانسحاب أو الاستقالة.

محاكمة عاجلة

أحيا عدد من ناشطي المجتمع المدني في مدينة قصر هلال (شرق البلاد)، الذكرى 86 لتأسيس الحزب الدستوري الحر الجديد في 2 مارس/آذار 1934، بعد خلاف بين الجناح القديم للحزب الذي يقوده الشيخ عبدالعزيز الثعالبي، وجناح الشباب الذي يقوده محمود الماطري والرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

تحت شعار "قصر هلال.. تواصل الأجيال من أجل تونس"، شارك عدد من الوزراء السابقين في الحكومات المتعاقبة منذ زمن بورقيبة، إلى جانب حضور رئيس حزب البديل مهدي جمعة، والأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق وعدد من أعضاء البرلمان والحركة الوطنية.

الاجتماع، قاطعته عبير موسي، التي نظم حزبها احتفالا منفردا في نفس اليوم (2 مارس/آذار 2020)، إلا أن حضور النائبة عن الحزب الدستوري الحر لمياء جعيدان في قصر هلال، أثار حفيظة موسي التي سارعت بجمع قيادات الحزب واستصدار قرارات عقابية بحق جعيدان.

وفي بيان للحزب، اعتبرت موسي، حضور جعيدان الاجتماع الذي انعقد بقصر هلال خروجا عن واجب الانضباط للحزب وللكتلة البرلمانية وخروجها عن خط الحزب.

وأضاف البيان: "الاجتماع نظمه سياسيون صوتوا لحكومة إلياس الفخفاخ التي تضم منتمين لتنظيم الإخوان مطلوبين للعدالة الدولية وسبق أن أعلنوا رفضهم لسحب الثقة من راشد الغنوشي على رأس البرلمان وبحضور أشخاص عرفوا بولائهم التام لتنظيم الإخوان وخيانتهم لثوابت الحزب الدستوري وذهبوا يتمسحون على أعتاب خصوم النموذج المجتمعي البورقيبي".

وأعلن البيان "إحالة النائبة وعضو اللجنة المركزية بالحزب لمياء جعيدان إلى لجنة النظام، وتجميد عضويتها الحزبية في انتظار جلسة المساءلة، وإعلام رئاسة مجلس نواب الشعب بإقالتها من كتلة الحزب الدستوري الحر وشطب اسمها من قائمة الأعضاء المنتمين إلى الكتلة".

ديكتاتورية ناشئة

في افتتاح الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب (البرلمان) يوم 3 مارس/آذار 2020، أعلن عن تحوّل النائبة لمياء جعيدان من كتلة الحزب الدستوري إلى نائب مستقل، وردت جعيدان على قرار فصلها قائلة: "ردا على محاولة الترويج لعقلية التطبيع مع أي حزب أنا لمياء جعيدان أعلن بتاريخ 3 مارس 2020 إن مرجعيتي أولا وأخيرا دستورية وأنا اليوم نائبة مستقلة".

كما أكدت أنها ستظل دستورية لكنها مستقلة مؤكدة رفضها "للممارسات الديكتاتورية"، في إشارة لقرار عبير موسي بفصلها من كتلة الحزب.

كما نظم عدد من الناشطين الدستوريين، وقفة استنكار ومساندة وتضامن بقصر هلال مع "جعيدان" وهي ابنة السياسي الدستوري الصادق جعيدان وابنة مدينة قصر هلال، التي تعرف بولائها للحزب منذ عقود.

واعتبر ناشطون ما أقدمت عليه عبير موسي إهانة في حق جعيدان وكل "المناضلين الدستوريين" في قصر هلال وتونس، وأن استبعادها من الحزب الدستوري الحر هو انعتاق لها مما وصفوها بـ"ديكتاتورية وفاشية" عبير موسي.

واستنكر آخرون طريقة تعامل عبير موسي مع جعيدان التي ساهمت بشكل كبير حسب تعبيرهم في توسيع شعبية الحزب في جهة المنستير، وتحديدا في قصر هلال، معتبرين أن معاداة عبير موسي للجميع وسياستها في تسيير الحزب ستقودها للفشل.

سياسة الإقصاء

وأعلن عدد من قيادات وممثلين عن هياكل الحزب الدستوري الحر، رسميا عن استقالاتهم من الحزب بقيادته المركزية الحالية، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة.

وأوضحت القيادية السابقة بالحزب المحامية سامية العوني، أن هذه الاستقالات جاءت نتيجة ما وصفته ب "سياسة الإقصاء الممنهجة والاستبداد بالرأي والتهميش المتعمد للمناضلين والكفاءات الوطنية من طرف رئيسة الحزب عبير موسي".

وقالت: "سلسلة استقالات قيادات وممثلي هياكل الحزب انطلقت منذ الإعلان عن قوائم الحزب في الانتخابات التشريعية التي أقصت في مجملها مختلف القياديين، وترأسها أعضاء الديوان السياسي لمجرد التموقع صلب المشهد السياسي والبحث عن الحصانة"، مؤكدة أن لجنة الانتخابات التابعة للحزب والتي انتظمت بمدينة الحمامات "تعهدت بترك الأولوية في الترشيحات لكفاءات الحزب وتجنب الإسقاطات"، وفق تعبيرها.

وأشارت العوني الى أن الهدف من تنظيم هذا المؤتمر الصحفي هو "إعادة الاعتبار لكل دستوري وطني تم استغلاله ثم إبعاده والنيل من كرامته بمختلف الجهات، والتشهير بمختلف الممارسات الاستبدادية لرئيسة الحزب التى ترفض النقاش مع المستقيلين"، حسب قولها. 

أحزاب مماثلة

في 21 يناير/كانون الثاني 2020، تقدم كل من النائب بمجلس نواب الشعب عن ولاية منوبة، معاذ بن ضياف، والنائب عن ولاية أريانة، أحمد بن عياد، استقالتهما من حزب الرحمة الذي يرأسه النائب سعيد الجزيري.

ووفقا لنص الاستقالة الموحد الذي تقدم به النائب أحمد بن عيّاد والنائب معاذ بن ضياف إلى رئيس الحزب سعيد الجزيري، فإن الأسباب تعود إلى تفرد الجزيري بأخذ القرار وعدم التشاور مع نواب الحزب في ذلك.

كما أكدوا عدم وجود هيكلة واضحة داخل الحزب لإدارة وأخذ القرارات وعدم الاستجابة لدعواتهم المتكررة للهيكلة. وأكدوا في نص استقالتهم، حياد الجزيري عن وعود الحزب أثناء الانتخابات التشريعية، بالإضافة إلى تجاوز حدود الاحترام في التعامل مع النواب. 

كما أعلنت النائبة بالبرلمان إيمان بالطيب استقالتها من حركة "أمل وعمل" المستقلة، التي يتزعمها النائب ياسين العياري، مبينة أنها ستواصل عملها بمجلس نواب الشعب كمستقلة.

ونشرت بالطيب استقالتها من الكتلة البرلمانية، موضحة أن الأسباب التي دفعتها إلى الاستقالة تعود إلى ما اعتبرته "تفرد مؤسس الحركة ياسين العياري بالرأي ومهاجمة خصومه السياسيين وإقصائها من الاستشارة والتحاور وحظرها من صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالحزب".