في ذكرى ثورة يناير.. مصريون يواجهون الشرطة بجرائمها والعسكر بانقلابهم

القاهرة- الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في مثل هذا اليوم قبل تسع سنوات كانت البداية لحدث عظيم في تاريخ مصر الحديث، حين أعلن المصريون احتجاجهم على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية، منددين بسوء معاملة الشرطة للشعب.

وطالب المصريون حينها بإسقاط النظام ونادوا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية من خلال تحركات شعبية سلمية برز فيها دور الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، ونجحت بإسقاط رئيس النظام حينها محمد حسني مبارك في 11 فبراير/شباط 2011.

وبالرغم من ذلك، فإن الثورة لم تنجح في تحقيق باقي أهدافها بل سرقت من قبل نظام العسكر بقيادة عبد الفتاح السيسي الذي انقلب على الرئيس الشرعي محمد مرسي في 2013، وأصبح رئيسا للنظام، وحول رمزية الثورة من نجاح للشعب إلى تمجيد لدور الشرطة.

ووسط إصرار شعبي على الحفاظ على الذكريات الباقية من الثورة والتأكيد على أن اليوم هو ذكرى ثورة يناير وليس احتفالا بعيد الشرطة، أطلق ناشطون هاشتاج #ثوره_الغضب_25 مذكرين بأن جرائم الشرطة وقمعها للشعب تحت ذريعة تطبيق "قانون الطوارئ" كانت أبرز الأسباب غير المباشرة للثورة.

قمع الشرطة

ولفتوا إلى بروز أكثر من حدث يفضح قتل الشرطة للشباب بعد تعرضهم للضرب والسحل بمراكز الشرطة وأمن الدولة في تبني واضح لسياسة التعذيب الممنهج والقتل العمد في الأقسام على يد رجال الشرطة والتي مست فئة عريضة من الشباب والمدونين ورواد مواقع التواصل.

كما تحدثوا عن قمع الشرطة لثورة الشعب ومواجهتهم لهم بالشوارع بالخرطوش والقنابل المسيلة للدموع وقنص العيون وغيرها.

ونشروا مقاطع فيديو لذكريات الثورة الأولى تظهر تصدي الشباب لعنف الشرطة ووقوفهم في الصفوف الأولى لمواجهة قمعهم لهم والإشارة إلى أن أغلبهم الآن إما شهداء أو مصابون أو معتقلون وإما مطاردون خارج مصر.

وأكدوا أن ثورة يناير ستظل أفضل ما حدث في تاريخ مصر الحديث، كما ستبقى أيام الاعتصام والاحتجاج في الميادين أجمل حدث في حياة كل ثائر حر شارك في الثورة، معربين عن آمالهم في العودة إلى الميادين والتخلص من نظام الانقلاب الحالي.

سرد الوقائع والتذكير بالمحطات الرئيسة التي شهدتها الثورة المصرية منذ انطلاقها في 2011 وحتى الآن يؤكد أنها مرت بمنعطفات منعت إقرار العدالة الانتقالية وفضحت سيطرة وتحكم الأنظمة القمعية والاستبدادية بالسلطة.

إلا أن الإعلامي محمد ناصر اعتبر مرور الثورة بالمنعطفات التاريخية في الصراع بين أقوام المصالح، ورجال المبادئ، يجعلها تنال مكانتها اللائقة في تاريخ الأمم والشعوب.

وتحدث الناشطون في الهاشتاج عن الفترة التي تبنى فيها الإعلام صوت الشعب وطالب بإسقاط النظام، إذ نشر جمال سلطان رئيس تحرير صحيفة المصريون، صورة الصفحة الأولى لصحيفة الوفد المصرية تنقل فيها مطالب الشارع وتعلن بالمانشيت العريض أن الشعب يريد "رأس" المشير (محمد) طنطاوي.

وعقب "سلطان" على مانشيت الصحيفة قائلا: "عندما كان الشعب يعرف كل الحقيقة، وصحافة الشعب قادرة على أن تقول للأعور يا أعور في عينه: من قتل الثوار، ومن خطط لاغتيال الرموز، ومن يهدد بإسقاط الدولة، ومن يتستر على المجرم"، جازما بأن محاولة فرض الخوف لن تنسي الناس الحقيقة مهما طال الزمن، ويوم الحساب آت لا ريب فيه".

وفي ظل سيطرة نظام قمعي واستبدادي على الحكم في مصر وانتهاجه سياسة تصفية المعارضين، تظل أصوات الشباب تلاحق النظام وإن لم يكن في هيئة أحزاب سياسية أو جماعات تتبنى نهج واحد مناهض للسلطة.

وقال علي خفاجي عضو ائتلاف شباب الثورة سابقا: "هفضل أكتب وافتكر وأدون ذكريات الثورة ٢٥ يناير. بالنسبالي هي كل حاجة حلوه في حياتي".

طمأنة الشعب

ويحاول الناشطون عبر الهاشتاج طمأنة بعضهم والنظر إلى إيجابيات الأحداث التي تشهدها مصر وحالة الغضب التي تلاحق النظام، معربين عن أملهم في الأجيال الجديدة.

وخاطب الكاتب الصحفي السعودي تركي الشلهوب المصريين قائلا: "تأكدوا أن كل موجة معارضة واحتجاج ضد نظام السيسي، سواء كانت صغيرة أم كبيرة، نجحت أو فشلت، فإنها ستُضاف إلى رصيد الثورة وتاريخها الذي ستنبثق منه حرية مصر وكرامة شعبها. مهما طال الزمن".

وقال د. محمد الصغير -مستشار وزير الأوقاف السابق: "بعد مرور تسع سنوات على انطلاق #ثورة_يناير فإني أرى جمرها مازال تحت الرماد، وسوف يَضرم نارها، ويُجدد أُوراها، جيل وعت ذاكرته عنها الشيء اليسير، كان في عمر العاشرة أو دونها بقليل، والآن أصبح في فورة الشباب وعنفوان الرجولة، وبسواعده الفتية ستكون الضربة النهائية".

وقال أحمد كمال: إن #ثوره_الغضب_25. أعظم يوم في تاريخ مصر استشهد لأجله رئيس، استشهد لأجله الشباب، استشهدت لأجله سيدات، اعتقل لأجله ٢٠٠ الف معتقل في ٧ سنوات".

جرائم النظام

ورصد الناشطون كم الجرائم التي يرتكبها نظام السيسي والشرطة التي حولت الاحتفال بذكرى الثورة إلى احتفالا بعيدها، مطالبين بالحرية والكرامة واسترداد الوطن والثأر لدماء الشهداء التي سالت منذ الثورة وحتى الآن. 

وكتب الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل: "فيه شعب بيموت بالبطيء، وفيه ناس انتحرت، وفي ناس بتهاجر هجرة غير شرعية نسبة النجاة فيها 50%، وفي شعب قرر يحيا كريما في بلده". 

وحث ناشطون على وحدة الصف وتبني مطلب الإفراج عن المعتقلين، وجزم أحمد عامر الأكاديمي المتخصص في مجال الاستشارات والعلاقات الدولية، بأن بداية طريق النصر هو وحدة الكلمة والصف الواحد.

إعادة هيكلة

رافق هتافات المصريين إبان ثورة يناير المطالبة بإسقاط النظام دعوات لتطهير جهاز الأمن وإصلاحه، وخرج النظام حينها على الشعب بوعود بإعادة الهيكلة وإصلاح الشرطة وإطلاق المبادرات وغيرها وظلت الوعود تتلاحق بهذا الشأن، إلا أن أيا من ذلك لم يتحقق حتى الآن.

وزادت الشرطة المصرية في قمعها خاصة منذ انقلاب السيسي وتوليه الحكم، إلى الحد الذي جعل حقوقيين يؤكدون أن شرطة السيسي تفوقت في القمع على شرطة مبارك.

وذكر الناشطون عبر تغريداتهم بموقف الشرطة من الشعب خلال ثورة يناير وتبعاتها، حين كانت الشرطة تفر من غضب الشعب وتترك الأقسام والسجون وكان رجال الشرطة يتجنبون ارتداء زيهم الرسمي خوفا من ملاحقة الثوار لهم.

وقالت رانيا: "في اليوم ده يا عبده، مصر معرتش ظهرها ولا كشفت كتفها بس في اليوم ده رجالتك هربوا باللبس و هما خايفين من الشعب، و تعيشوا و تجروا باللبس تاني".

وسخرت نجاه أحمد قائلة: "كل عيد شرطه وانتوا طيبين زي انهردا من ٩ سنين الشرطه قلعوا بدلهم من الخوف وكانوا بيجروا بالكلوتات".

واعتبر الناشطون تعمد تجهيل ذكر ثورة يناير وإبراز الاحتفالات بعيد الشرطة بأنها محاولة من النظام لوأد فكرة الثورة، إلا أن مغردين أكدوا أن الثورة لن تموت ما دام الظلم والفقر والجهل موجودين.