صحيفة تركية: هذا سبب دعم الولايات المتحدة لأكراد سوريا

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقالا للكاتب زكريا قورشون، تحدث فيه عن أسباب دعم الولايات المتحدة للفصائل المسلحة الكردية في سوريا، على الرغم من موقف تركيا حليفتها الأكبر في الناتو منهم.

وقال في مقاله الذي ترجمته "الاستقلال": إنه "بجانب تناقضات أمريكا في الانسحاب من سوريا واستمرارها في دعم وتجهيز وحدات حماية الشعب الكردية، لم يكن مفاجئا نيتها في وضع تركيا في قائمة الأعداء في حروبها الاقتصادية. وحتى لو عرضت التطورات الأخيرة على أنها تصرفات ترامب الشخصية، فهي ليست خارج السياسة التقليدية للولايات المتحدة".

وذكرت الصحيفة: "منذ أن ظهرت الولايات المتحدة على المسرح العالمي، فإن سياساتها وعرضها للقوة وتدخلاتها و إباحتها لكل شيء موصل الى الهدف ليس الا تتبعا لمنهج ميكافللي. وعلى الرغم من أن الأوضاع العرضية تتسبب في كسر هذا الترتيب، فإن النتائج لا تتغير".

هل تحب أمريكا الأكراد؟

وأورد الكاتب تساؤلات عدة: "هل لدى الولايات المتحدة حلفاء؟ في ضوء موقفه من حليفه الأكبر، الناتو، من المستحيل أن يكون للولايات المتحدة حليف حقيقي. اذًا كيف يمكن شرح استثمارات أمريكا في الأكراد السوريين وهي التي لا تتفق سياساتها مع كلمات من مثل الصداقة والوفاء؟ دعونا نسأل السؤال بطريقة أوضح: هل تحب الولايات المتحدة الأكراد؟".

وردًا على جملة التساؤلات التي ساقها الكاتب، فقد أكد أن: "كل واحد لديه إجابة مختلفة ولكن منذ الحرب العالمية الأولى وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، أظهرت السياسات الإقليمية أن: الولايات المتحدة لا تحب أحداً ، خصوصاً الأكراد. من الواضح أن الخطاب الكردي، الذي كان يعتمد في السابق على السوفيات، لا يمكن أن يتبنى الآن فكرة سخيفة من مثل اعتقاد أن الولايات المتحدة تحبهم".

وأوضح الكاتب: "ليس اهتمام الولايات المتحدة بالأكراد مرتكزًا على حديثهم، بل على أساس استخدامها ضد داعش ومنع روسيا وإيران من الحصول على مساحة أكبر في هذا المجال. وعندما أضيف الى هذين العاملين تركيا، ازدادت محبة الولايات المتحدة للأكراد، وحتى تحولت الى عشق شديد من الناحية النظرية، من الممكن فهو وجود مصالح  للدولة وليس وجود أصدقاء أو أعداء".

ومن المؤكد، بحسب المقال، أن "هذا المبدأ مقبول من أجل إقامة علاقات دولية متوازنة، ولتجنب الحرب والاستمرار في السلام. ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أن هناك حدودا أخلاقية. فالأخلاق كما أن لها مكانة مهمة في التنشئة الاجتماعية للدول، فلها أهمية كبيرة في تعليمها للأفراد أيضا. فإنه إضافة إلى الاتفاقيات الشفوية أو الخطية، فإن الدول تتصرف من خلال الشعور بمسؤوليتها الأخلاقية".

ولفت قورشون إلى أنه "لسوء الحظ، فكما يمكن رؤية الرياء، والنفاق، وتفسير القيم والأخلاق وفقاً للمصالح الخاصة وتطوير عقلية الاهتمام بالذات والأنانية في الأفراد، فيمكن رؤية هذا في الدول أيضا. وهكذا نرى أن السياسات الأمريكية، التي لديها القدرة على تنظيم العمليات في جميع أنحاء العالم والتدخل فيها، تظهر أيضا هذا السلوك غير الأخلاقي".

فشل الاعتماد على أمريكا

وأشارت الصحيفة في مقال الكاتب إلى أن "كل تحالف تحرك معتمدا على الولايات المتحدة قد فشل بما فيهم تركيا، وأن الدول التي يبدو أنها ناجحة ومزدهرة مثل كوريا الجنوبية لا تتعدى كونها حامية للمصالح الامريكية، وتصبح مضطرة الى التعايش مع تهديدات أكبر. وفي كل مرة تواجه فيها الولايات المتحدة مشاكل تضع حلفاءها في مصاعب وتضعهم في مواجهة مشكلة البيكا وتسعد بذلك".

ورأت "يني شفق" أنه "من الواضح، أن الوضع الذي أصبحت فيه المعارضة العراقية والتي أطاحت بصدام معتمدة على الولايات المتحدة. نعم، نجا العراق من صدام، لكن مع ظهور العشرات من مثله، وأن الاستثمار في شمال العراق على وجه الخصوص بنى مدينة منظمة مثل أربيل حيث يمكن للبعثة الأمريكية أن تعيش لكن لم يكن دواء لتوق أنصار البارزاني إلى الاستقلال".

وأردفت: "فهنا لم تتم تقوية الأكراد ضد العناصر الأخرى، بل وعزز هذا عداءهم مع الأكراد السليمانيون الذين يشتركون معهم القدر والمصير ذاته. وبالفعل ، فإن بعض المسؤولين رفيعي المستوى الذين التقيت بهم في أربيل بعد الاستفتاء لم يخفوا أن رفاقهم في القيادة شعروا بحقد أكبر ضد الأكراد؛ حتى عندما كانوا يتحدثون عن خداع الولايات المتحدة لهم".

التكيف مع السيناريو القديم

وانتقل الكاتب التركي إلى أن "التاريخ يمتلئ بالألعاب التي تخدع وتضلل باستمرار. فبعض الألعاب بقيت في مرحلة السيناريو، وعرض بعضها الآخر على خشبة المسرح، ولما لم يتم قراءة هذه السيناريوهات التي تعطي دروسا عندما يتم تأملها بنظرة عميقة بشكل صحيح؛ فإن الاخطاء تتكرر".

وساق قورشون مثالا على ذلك بالقول: إن "اهتمام فرنسا بسورية قبل الحرب العالمية الأولى معروف. لكن الولايات المتحدة قد انزعجت من هذا الاهتمام الجديد بتجارة البحر الأبيض المتوسط. ومن خلال دعم بعض السوريين الذين سافروا إلى الولايات المتحدة ساهموا في تأسيس جمعية الشباب السوريين في نيويورك، مستهدفين الإمبراطورية العثمانية، وهذه الجمعية سوف ترسل أسلحة إلى سوريا بما تجمعه من مساعدات هناك، وسوف يوقظون إخوانهم العرب وينقذونهم من العبودية".

وزاد: "المنافسة الدولية على المنطقة جعلت السوريين ينسون أنفسهم ويحتقرون إنسانيتهم. حتى أنه أدى إلى الانتداب الفرنسي الذي أدى إلى الاضطهاد الحالي. ومن المثير للاهتمام أن أول رد فعل على الشباب السوريين جاء من البابا. وفي قصر يلدز الثاني حذر سابونجوزاده لويس ألبيرّي، الذي كان مستشارا لعبد الحميد، السوريين في الولايات المتحدة من خلال التذكير ببعض الأحداث التاريخية".

وعادت الصحيفة التركية إلى عام 1860 حين تم تنصيب فرنسا على سورية، وفي عام 1881 كما تم تنصيب البريطانيين في العام التالي على السكان الأصليين في مصر، طالبين منهم "الاستيقاظ من الأحلام المذهبة". واليوم الوضع هو نفسه بالنسبة للعرب والكرد، فإن دعم الولايات المتحدة للأكراد ليس من حبهم، بل من بغضهم تجاه الأطراف الأخرى.

وخلص الكاتب التركي في مقاله إلى أنه "من الواضح أن الأكراد الذين يشكلون وحدات حماية الشعب لن يأخذوا دروسا من حالة العرب السوريين الشباب. لذلك ليس هناك جدوى من تطوير لغة جديدة في هذا الموضوع. أما في الوقت الحالي، ستستمر الاستعدادات لتجهيز أحد السيناريوهات القديمة التي سيتم تنفيذها قريبا، وسيحدد الأدوار في اللعبة والمواقف التي يتم تركها للجمهور مستقبل المنطقة".