الاحتجاجات في إيران.. هل تنجح هذه المرة في إسقاط النظام؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد أسابيع من اندلاعها في العراق ولبنان، دخلت إيران على خط الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية رافعة شعار "الموت للديكتاتور" في إشارة للمرشد الأعلى علي خامنئي.

ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تندلع فيها المظاهرات في إيران لكن يبدو أنها لن تنطفأ هذه المرة بسهولة متأثرة، حسب خبراء، بموجة جديدة من ثورات الربيع العربي بدأت في السودان والجزائر ثم العراق ولبنان.

حدة الاحتجاجات المناهضة للنظام الإيراني واتساع رقعتها، جاء إثر قرار الحكومة برفع أسعار البنزين بنسبة تتراوح بين 50% و300%، ما دعا المحتجون إلى المطالبة باستقالة الرئيس حسن روحاني.

عمت المظاهرات عددا من المدن الإيرانية، بينها الأهواز وماشهر وسيرجان وشيبان وشوشتر وهرمشهر وبيرسيند ومشهد وبندر عباس وأصفهان وشيراز. 

تصاعدت الاحتجاجات إثر إقدام القوات الأمنية على قتل متظاهرَين اثنين يوم الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أحدهما في مدينة سيرجان وسط البلاد، بعد أن فتحت النار بشكل عشوائي على المتظاهرين، متسببة بإصابة العديد منهم.

تزامن ذلك مع حوادث اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن في بلدة قلعة حسن خان، غرب العاصمة طهران، وقيام متظاهرين، في مدينة بهبهان جنوب غربي إيران، بإحراق فرع المصرف الوطني بالمدينة. 

وإزاء تلك الموجة المتصاعدة من الاحتجاجات، رفعت الأجهزة الأمنية حالة الاستنفار الأمني، وانتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن ووحدات مكافحة الشعب في عدد من المدن الإيرانية.

قبيل الاحتجاجات الأخيرة، كانت الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط قد أقرت زيادة البنزين بنحو 50 %، أي بزيادة من 10 آلاف ريال إيراني ( 9 سنت أمريكي)، إلى 15 آلاف ريال ( 14 سنت) للتر الوحد، وتلك التسعيرة خاصة بأول 60 لترا يتم شراؤها كل شهر، ثم زيادة قدرها 300 % عن أي كمية تزيد عن 60 لتر شهريا.

في 2007 تم استحداث بطاقات الوقود للمرّة الأولى في إيران، وصرحت الشركة الوطنية وقتها أن ذلك الإجراء يأتي في مسعى لإصلاح منظومة الدعم الحكومي للوقود ووضع حد للتهريب الذي ينتشر على نطاق واسع.

ومع أن سعر البنزين في إيران يعد الأكثر دعما، من بين بلدان العالم، إلا أن متوسط دخل الفرد المتدني، الذي يتراوح بين 100 دولار و200 دولار شهريا، يحول دون قدرة المواطنين على تحمل مزيد من الجرعات، خصوصا بعد ارتفاع أسعار المواد الأساسية، التي تضاعفت منذ بدء العقوبات على إيران، بحسب متظاهرين.

إزاء تلك الاحتجاجات، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: إن تلك الزيادة لمصلحة الشعب، والطبقات الفقيرة، وقال: إنه سيتم توزيع العائدات من الزيادات على الطبقات الفقيرة، وأن الحكومة تريد منذ فترة طويلة مساعدة الفقراء، لكنها لم تكن قادرة على ذلك بسبب نقص التمويل و العجز في الموازنة.

وبررت الحكومة قرار رفع أسعار البنزين وتقنين توزيعه، بحاجتها لسيولة نقدية لتغطية الاحتياجات العاجلة لـ18 مليون أسرة فقيرة، وتأمين المساعدات المستمرة لأكثر من 60 مليون إيراني.

وعلى ما يبدو فإن هذه الخطوة جاءت بمثابة تطبيق مباشر لخطاب الرئيس روحاني الذي دعا فيه إلى زيادة الضرائب على الشركات والمواطنين، لتعويض العجز الناجم عن حظر صادرات النفط الإيراني.

ثمن التدخل

رغم أن إيران تعاني عجزا كبيرا في الموازنة، سعت لتعويضه برفع أسعار المحروقات على المواطنين، إلا أنها تنفق مليارات الدولارات سنويا بسبب تدخلها في عدد من الدول.

وتتدخل إيران في نحو 4 دول عربية على الأقل، هي العراق وسوريا ولبنان واليمن، عبر دعم ميلشيات محلية تابعة لها، وتزويدها بالسلاح، وتقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي.

وكشف تقرير حديث للمركز الدولي للدراسات الإستراتيجية في بريطانيا: أن إيران تنفق نحو 16 مليار دولار سنويا على ميلشياتها المنتشرة في الشرق الأوسط.

وقال التقرير المعنون بـ "شبكات تغلغل إيران في الشرق الأوسط": أنه أجرى دراسته خلال فترة امتدت لـ 16 شهرا، وأن شبكات النفوذ الإيراني تشكل أهمية لطهران أكبر من البرنامج الصاروخي أو المخططات النووية المزعومة أو قواتها المسلحة المعهودة.

وأوضح تقرير المعهد: أن تلك الشبكة صممتها طهران ومولتها ونشرتها رغم وجود مخاوف من الهجوم عليها.

وأكد التقرير: أن مليشيا حزب الله اللبناني تتلقى من إيران سنويا ما قيمته 700 مليون دولار، من إجمالي نفقات إيران على عناصرها في سوريا والعراق واليمن والتي تبلغ 16 مليار دولار.

وكان أمين عام حزب الله حسن نصر الله قد اعترف في تصريح له بأن مرتبات حزب الله اللبناني يتلقاها كلها من إيران.

وأوضح التقرير: أن طهران طورت قدراتها من خلال عناصرها الخارجية مثل مليشيا فيلق القدس وتجنيد العديد من المليشيات، التي تصل لـ200 ألف مسلح، والمشاركة في صراعات "المنطقة الرمادية"، التي تبقي فيها على أعمالها العدائية دون عتبة الحرب بين دولة وأخرى.

وأضاف: أن إيران تواجه مجموعة من التحديات بسبب موجة الاحتجاجات المناهضة لها في العراق ولبنان، لافتا إلى: أن تصنيف مليشاتها بـ"وكلاء" أمر بسيط، وأنها لا تتوقع منهم عائدا اقتصاديا، بل على النقيض تمولهم.

بطالة وبؤس

في يوليو/تموز الماضي ذكرت أرقام رسمية إيرانية: أن "مؤشر البؤس" في إيران سجل ارتفاعا كبيرا في النصف الأول من 2019، وذلك بالتزامن مع تهاوي الاقتصاد الإيراني بفعل العقوبات الأمريكية الصارمة المفروضة على طهران.

وذكر مركز الإحصاء الرسمي الإيراني: أن مؤشر البؤس الذي يعنى بـ"إجمالي نسبتي البطالة والتضخم" في البلاد، قد وصل إلى 39 %، بينما كان قبل عام عند حدود 19.4 % فقط.

وطبقا للأرقام الرسمية: فإن معدل البطالة في إيران وصل إلى أكثر من 12 %، بينما وصل معدل التضخم إلى 19.5 % في الربع الأخير من العام الماضي، في ظل تقديرات غير رسمية تقول بأن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير. 

ويتراوح متوسط دخل الفرد في إيران بين 100 دولار و200 دولار شهريا، وهو رقم يقل كثيرا عن خط الفقر الرسمي في البلاد، وذلك بسبب فقدان العملة الوطنية الكثير من قيمتها من جرّاء العقوبات. 

عقوبات ترامب

رغم احتياطها الضخم من النفط، إلا أن إيران تواجه أزمة اقتصادية كبيرة بسبب العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقب انسحابه الأحادي من الاتفاق النووي مع إيران العام الماضي، وإعادة فرض عقوبات على صناعتها النفطية الحيوية وقطاعات أخرى.

وتراجع إنتاج النفط الإيراني بمقدار 2.2 مليون برميل نفط يوميا بفعل العقوبات، مما يعني فقدان طهران نحو 90 في المئة من إيراداتها النفطية.

وتبحث الحكومة الإيرانية مأزق انخفاض حصة النفط الخام في ميزانية العام الإيراني المقبل الذي يبدأ في 21 مارس/آذار إلى الصفر، وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الإيراني أكثر، وأن يصل التضخم إلى 40 في المئة.

ومنذ انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/آيار 2018، والاقتصاد الإيراني يرزح تحت وطأة ضغوط هائلة، وأدى قرار ترامب بفرض عقوبات على قطاع النفط الإيراني إلى حرمان طهران من جانب كبير من الإيرادات التي كانت تتمتع بها.