كيف خرق السيسي قوانين الاتحاد الإفريقي بتولي رئاسته؟

12

طباعة

مشاركة

أدى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليمين الدستوري كرئيس للاتحاد الإفريقي حتى يناير/ كانون الثاني 2020. إذ يتم اختيار رئيس جديد سنوياً من بين أعضاء جمعية رؤساء الدول والحكومات التابعة للاتحاد الإفريقي، وهو "الجهاز الأعلى" للاتحاد.

وعن ترأس السيسي للاتحاد نشر موقع "The conversation"  مقالاً بعنوان " تولي مصر دورة رئاسة الاتحاد الإفريقي لا ينبغي أن يلهينا عن إخفاقاتها في مجال حقوق الإنسان".

ووقف المقال، الذي كتبته مديرة برنامج الماجستير في حقوق الإنسان والديمقراطية في إفريقيا في مركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا، أشوانى بودو، ومدير وأستاذ القانون الدولي لحقوق الإنسان بمركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا، وفرانس فيلوين، على الخروقات التي صاحبت تولي رئيس مصر لرئاسة الاتحاد.

"صعود السيسي إلى هذا المنصب القوي، حتى وإن كان لمدة 12 شهراً فقط ، يجب أن يهمَّ كل من يلتزم بحقوق الإنسان". ووضح الكاتبان أن "شرعية ادعائه للرئاسة المصرية ضعيفة بعد أن جاء إلى السلطة في 2013 عقب انقلاب أطاح بالرئيس محمد مرسي". وأكد الحقوقيان أن "هذا يخالف القواعد الخاصة بالاتحاد الإفريقي، الذي علّق عضوية مصر بعد الانقلاب".

ورأى أستاذي القانون أن "تم كسر قاعدة أخرى من قواعد الاتحاد الإفريقي، التي تنص على أن المحرضين على الانقلاب الناجح لا يمكنهم خوض أي انتخابات أخرى". موضحين أن السيسي "فاز في انتخابات رئاسية بفارق ضخم دون معارضة حقيقية، وكبح حرية التعبير وتكوين الجمعيات في الفترة السابقة للانتخابات". "وهو يسعى حالياً إلى تغيير الدستور المصري الذي سيسمح له بتمديد فترة رئاسته".

وتابع الكاتبان، "بدلا من معاقبة مصر والسيسي، أعاد الاتحاد الإفريقي عضوية البلاد. وفي الوقت الذي تعيش فيه مصر أزمة حقوق إنسان، رفع الاتحاد الافريقي منصب السيسي إلى الرئاسة. وهذا يُظهر استخفافا صارخا بالتعذيب والاحتجاز والمراقبة، وهو ما أصبح اعتيادياً فى مصر".

الحقوقيان اعتبرا أنها "فرصة لمصر لكي تقدم نفسها إلى العالم كنصير لحقوق الإنسان ودولة تقدمية، في حين أن سجلها في مجال حقوق الإنسان غير مستقر".

سجل حقوق الإنسان

وقال كاتبا المقال إن "مصر تعيش داخليا انتهاكات في مجال حقوق الإنسان، لكنها تعطي انطباعاً على المستوى العالمي بأنها مهتمة بالمجال ومنخرطة فيه. إذ صادقت على معظم معاهدات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان".

وأضافوا أنها "عضو حالي في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهي واحدة من ثلاث ولايات فقط (إلى جانب ألمانيا وجنوب إفريقيا) ولها خدمة وطنية في كل من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. الهيئتين الأساسيتين المنشأتين بموجب معاهدات حقوق الإنسان على مستوى الأمم المتحدة".

"مثل أحمد فتح الله، منذ 2008 مصر في لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وهو الآن نائب الرئيس"، بحسب النسخة الإنجليزية من الموقع، "وهناك دائما تواجد مصري في هذه اللجنة -مع تسجيل انقطاع قصير لمدة عامين- منذ إنشائها. ومن المواطنين المصريين الآخرين المتواجدين فيها، محمد عبد المنعم، النائب الحالي لرئيس لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي خدم بدون انقطاع منذ 2005".

وأشار العضوان في المؤسسة الدولية لحقوق الإنسان في مقالهما، إلى "وجود مصريين في لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، وفي اللجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما عمل المصريون كأعضاء منذ إنشاء هذه الهيئات، مع انقطاعات قصيرة جداً. ولم يكن لأي دولة أخرى مثل هذا التواجد في هذه الهيئات".

وذهب الكاتبان إلى حد القول، "بالنظر إلى سجلها المليء بالانتهاكات، فإن تواجد مصر في هذه الهيئات التابعة للأمم المتحدة قد يكون لتلميع صورتها، وليس لاهتمامها بحقوق الإنسان. وقربها من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، قد يجعلها قادرة على ثني الخطاب ليتلائم مع جدول أعمالها".

وأعطى الحقوقيات مثالاً عن ذلك بكون مصر "كانت من الدول الأكثر صخبا أمام أجهزة سياسة الإتحاد الإفريقي في التشكيك في النتائج التي توصلت لها اللجنة وسبل عملها".

ونبه المقال إلى أنه "مع المصادقة على معظم معاهدات حقوق الإنسان الخاصة بالأمم المتحدة، فإن مصر لا تشترك في أي من آليات الشكاوى التى أُنشأت بموجب تلك المعاهدات. وهذا يعني أنه لا يمكن مساءلتها عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها ضد شعبها أمام أي هيئة تعاهدية تابعة للأمم المتحدة".

بلد الرئيس لا يلتزم بميثاق الاتحاد

أكدت بودو وفيلوين على ضرورة، "أن تشكل معاهدة الاتحاد الإفريقي الرئيسية لحقوق الإنسان-الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، تحدياً أكثر صرامة لمصر التي صدقت على الوثيقة".

وأرجع الكاتبان السبب في ذلك لكون "الميثاق الإفريقي يسمح تلقائيا لمواطني أي دولة مشاركة بتقديم شكاوى فردية إلى اللجنة الإفريقية. وحقيقة أن مصر لم تقبل ولاية المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب تجعل دور اللجنة أساسياً".

واعتبر المقال، أنه "من المثير للاهتمام أن السنوات القليلة الماضية شهدت موجة من الشكاوى من المصريين إلى اللجنة الإفريقية التي تقول إن حقوقهم قد انتهكت. وردا على ذلك، دعت اللجنة مراراً الحكومة المصرية إلى الامتناع عن إعدام ضحايا المحاكمات غير العادلة، ضمن عدد من الانتهاكات الجسيمة الأخرى للحقوق".

واللجنة طلبت من مصر، بحسب ذات المصدر، "تعويض الضحايا والتحقيق في الانتهاكات وتقديم الجناة إلى العدالة، وتغيير قوانين البلد. لكن مصر تجاهلت توصيات اللجنة".

وقال الحقوقيان، إن "المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي يطرح سلسلة من الإصلاحات التي من شأنها إضعاف اللجنة الإفريقية. وقد أعربت مصر مراراً عن قلقها أمام اللجنة الإفريقية. وهذا يبين أن مصر عازمة على تقويض سلطات اللجنة، خاصة أنها في وضع يمكنها من التأثير على جدول أعماله".

إشكالية الرئاسة

ويرى الكاتبان، أن "الرؤساء السابقين للاتحاد الإفريقي، بول كاغامي وإدريس ديبي وروبرت موغابي، أن الرئاسة لا تذهب بالضرورة إلى البلدان ذات السجلات النظيفة لحقوق الإنسان بل إلى البلدان التي لها تأثير أكبر على المستوى الإفريقي".

وشدد المسؤولان بمركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا في مقالهما، على "ضرورة توجه الأنظار إلى السيسي كرئيس للاتحاد الإفريقي. وأن يتم التدقيق في تصرفاته وتصريحاته على النحو الصحيح، ويجب عدم السماح لمصر باستغلال دورتها الرئاسية للاتحاد لزيادة تلميع سمعتها في الخارج بينما تستمر حملة القمع في الداخل".