"تورّط أممي".. خطط حوثية لفرض التجنيد الإجباري على الطلاب باليمن

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بسبب الاستنزاف الكبير في صفوفها خلال سنوات الحرب الأربع الماضية، وانخفاض عدد المقاتلين في جبهاتها لجأت الجماعة الحوثية باليمن إلى إعادة إقرار قانون التجنيد الإجباري، للطلاب من خريجي الثانوية والمعاهد والجامعات.

بموجب القانون الجديد ينتوي الحوثيون ضم آلاف الطلاب ضمن عناصرهم المقاتلة في المعارك، في مسعى منهم لإطالة أمد الحرب، وتحسين شروط المفاوضات، وفرض أنفسهم كقوة عسكرية يمكن أن تدفع الدول والإقليم للاعتراف بهم كقوة سياسية تحظى بالاحترام ويكون لها حق التمثيل السياسي، التي لم تعترف به حتى الآن.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إيران تحرص على بقاء معركتها في اليمن ملتهبة وساخنة، للضغط على السعودية والمجتمع الدولي في الحصول على أي تسويات من خلال ورقة الحوثيين، التي طالما أرقت وأزعجت النظام السعودي، من خلال استهداف مؤسساتها وبناها التحتية، لهذا فإن استمرار المعركة شرط إيراني، بقدر ماهي رغبة حوثية في السعي نحو السلطة والتفرد بها.

فرض التجنيد

الحكومة اليمنية أوقفت العمل بالخدمة الإلزامية لخريجي الثانوية عام 2003، إلا أن جماعة الحوثي أعادت إقرار هذا القانون، وصرح وزير التربية والتعليم التابع لحكومة الحوثي، غير المعترف بها دوليا يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، أن قرار التجنيد الإلزامي يأتي للاستفادة من طاقات وقدرات الشباب في الحرب، حد قوله.

وصدرت أول وثيقة عن التجنيد الإجباري لدى الحوثيين أول يناير 2018، وخرجت إلى وسائل الإعلام في يوليو/تموز من نفس العام، استجابة لخطاب متلفز لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في 14 سبتمبر/أيلول 2017، الذي  أشار بأنهم يتجهون لفرض قانون التجنيد الإجباري. 

يقول الصحفي والكاتب أسامة عادل لـ"الاستقلال": "لجأ الحوثيون إلى فرض قانون التجنيد الإجباري، والقتال في الجبهات لمدة عامين، بعد أن فشلوا في عملية استقطاب مزيد من الشباب، الذين أدركوا أن الحوثيين إنما يعدونهم كمخزون بشري لتغذية حروبهم".

الجماعة لجأت إلى كل الوسائل لتجنيد الشباب، فتارة تفرض على المشايخ والوجاهات الاجتماعية عددا معينا من المجندين، وتارة تستدرج البعض تحت عدد من الإغراءات، حتى وصل بها الأمر إلى اختطاف الأطفال من المدارس والأحياء والزج بهم في معاركها.

شمل القرار القبول بتعويض مالي، في حال لم يرغب المتخرج بالقتال في معارك الحوثي، أي دفع ما يساوي مرتب عامين، وهو مبلغ كبير بالنسبة لطالب ثانوي أو جامعة في بلد ما زال يعاني أزمة اقتصادية، فموظفو اليمن لا يستلمون رواتبهم منذ نحو 3 أعوام.

رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا للجماعة محمد الحوثي غرد على "تويتر" أن التعويض المالي للإعفاء من التجنيد مقبول، ما يعني أن ثروة ضخمة سوف يجنيها الحوثيون من خريجي الثانوية والجامعات. 

الباحث في العلاقات الدولية مراد محمد، قال: "مثل هذا القرار يعد موردا ماليا ضخما للحوثيين، إلى جانب الموارد الأخرى التي استنزفوها بالبلاد، في مقابل التدهور الذي تشهده البلاد في جميع المجالات، آلاف الطلاب مخيرون بين أن يذهبوا للمحرقة الحوثية، أو يدفعوا مبالغ خيالية".

مستقبل الشباب 

كان قانون الخدمة الإلزامية بعد الثانوية، الذي تم إيقاف العمل به قبل نحو 17 عاما، يقبل أن يؤدي خريج الثانوية الخدمة عبر مهنة التدريس، غير أن الحوثيين في قرارهم لن يقبلوا بأداء الخدمة بالتدريس.

الحوثيون عطلوا العملية التعليمية برمتها، من خلال عدم دفع رواتب المدرسين، واستبدالهم بآخرين من الموالين لهم، وتغيير المنهج بما يتوافق مع أفكارهم، ما دفع بالمعلمين إلى ترك التدريس، ودفع الطلاب إلى العزوف عن الدراسة، وعليه فلن يقبل الحوثيون إلا بالقتال في الصفوف الأمامية في معاركهم، تحت مسمى الدفاع عن الوطن.

الباحث في العلاقات الدولية محمد مياسي قال لـ"الاستقلال": "قرار التجنيد الإجباري الصادر عن الحوثيين يكشف العبثية في أوضح صورها، فاليمنيون بالنسبة للحوثيين ليسوا إلا مخزونا بشريا هائلا يغذي حروبهم ومعاركهم، فالميلشيا الحوثية لا تبالي بالمحارق التي سترمي الشباب اليمنيين فيها".

مضيفا: "بدلا من أن يتجه الطالب نحو مستقبله العلمي والمهني، يجد نفسه في جبهات ومعارك ليس له فيها ناقة ولا جمل، يقاتل من أجل أن يستولي الحوثيون على الحكم".

وتابع مياسي: "في الحقيقة لم تبتل اليمن في زمانها بعصابة مثل هذه العصابة التي تسببت بحرب عبثية وقتلت أكثر من 100 ألف مواطن من أجل الاستيلاء والسيطرة على الحكم، وعصابة قضت على البنية التحتية واتجهت لتأسيس وتوسيع المقابر في المدن والأرياف والقرى اليمنية، ولغمت مستقبل الطلاب والأطفال التي لن يتعافى منها ولو بعد عقود".

كانت جماعة الحوثي حولت جامعة صنعاء إلى معرض مفتوح لصور قتلاها، حيث باتت صور قتلى الحوثيين تملأ جدران كليات الجامعة، حتى بات الطالب والزائر يظن الجامعة مقبرة لا جامعة.

المراكز الصيفية

لم تقتصر قرارات التجنيد وحملات التجنيد على خريجي الثانوية والجامعات، بل طالت حتى طلاب الابتدائية، حيث أنشأت جماعة الحوثي مراكز صيفية وألزمت الطلاب بالحضور والمشاركة فيها، تحت ذريعة استغلال الإجازة الصيفية، وأوقات الفراغ في إجازتهم الصيفية في تعلم القرآن والعلوم الشرعية".

ومطلع يونيو/حزيران الماضي أعلنت جماعة الحوثي عبر وسائل إعلامها إنشاء ما يزيد على 2000 مركز صيفي في مناطق سيطرتها، لاستيعاب 250 ألف طالب وطالبة.

وشكّل الحوثيون لجانا صيفية على مستوى أحياء ومديريات صنعاء والمحافظات التي تقع تحت سيطرتهم لتسجيل الطلاب والشباب للانخراط في المراكز الصيفية.

وفي منشور يتبع وزارة التربية والتعليم التابعة للحوثيين، دعت فيه الشباب والأطفال إلى التوجه للمراكز الصيفية بغية استغلال أوقات الفراغ حسب قولها. 

وأكدت مصادر تربوية لـ"لاستقلال"، أن قيادات حوثية فرضت على مدراء المدارس الموالين لها ومكاتب التربية في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتها فتح مراكز صيفية لاستقطاب الأطفال وتدريسهم مناهج وملازم الحوثي، بهدف استدراج وغسل عقولهم، ثم الدفع بهم إلى الجبهات لتعويض خسائرهم المتوالية في عدد من الجبهات.

وسبق لوزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الكشف عن أن خبراء إيرانيين يشاركون ويشرفون على مراكز صيفية أعلن الحوثيون عن إقامتها في مناطق سيطرتها لاستقطاب طلبة المدارس.

وقال الإرياني: "المليشيا تستغل المخيمات الصيفية في مناطقها وتحولها إلى معسكرات مغلقة لاستقطاب الأطفال وتعبئتهم بالأفكار الإرهابية المتطرفة وتدريبهم على القتال".

وأضاف أن "الجماعة الحوثية لجأت إلى استقطاب وتجنيد الأطفال فيما يسمى المراكز الصيفية لتعويض خسائرها البشرية في جبهات القتال خاصة مع عزوف أبناء القبائل عن الانخراط في صفوفها بعد انكشاف حقيقة مشروعها، وأنها مجرد ذراع قذرة تدار من الحرس الثوري الإيراني لزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة".

فضيحة أممية 

بذل اللوبي الحوثي الذي يخترق المنظمات الدولية جهودا في دعم الجماعة التي ينتمي إليها، ووجهت الحكومة اليمنية اتهامات مباشرة لمنظمة تتبع الأمم المتحدة، قالت إنها تمول مراكز صيفية "طائفية تتبع الحوثي".

واتهمت الحكومة اليمنية، منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" بتمويل تلك المراكز حيث نقل موقع "سبتمبر نت"، عن الناطق باسم الجيش الوطني اليمني، أن منظمات أممية تقف وراء تمويل المراكز الصيفية التي تقيمها "المليشيات الحوثية" في العاصمة صنعاء، وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وأشار الموقع إلى أن هذه المراكز "تستهدف تطييف المجتمع واستقطاب الأطفال للجبهات".

وأضافت الحكومة أن منظمة اليونيسيف تكفلت وعبر منظمة "الشراكة العالمية من أجل التعليم" التابعة لوزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين بصنعاء، بجميع التكاليف للمراكز الصيفية التي تقيمها الجماعة للطلاب، كما اتهمت الحكومة المنظمة الأممية بدفع مرتبات العاملين والقائمين على إدارة هذه المراكز".