بدعم من لوبي أميركي.. لماذا تصر الإمارات على استضافة "كوب 28"؟

لندن - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

يعد مؤتمر المناخ حدثا سنويا مهما وركنا أساسيا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها معظم دول العالم عام 1994، للحد من تأثير النشاط البشري السيئ على المناخ.

وقبل نحو عام، وتحديدا في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، فازت مصر والإمارات باستضافة الدورتين، السابعة والعشرين والثامنة والعشرين لمؤتمر المناخ، المعروفين بـ"كوب 27" و"كوب 28".

أعلن حينها رئيس الوزراء الإماراتي حاكم دبي، محمد بن راشد، عبر تويتر، أن بلاده فازت باستضافة مؤتمر "كوب 28" في 2023، مؤكدا أنه "اختيار مستحق لدولتنا".

غير أن مراقبين يرون أن كلمة "مستحق" التي أطلقها ابن راشد، مثيرة للجدل، لمجموعة من الأسباب المحورية، فهي تتمتع بسجل سيئ السمعة وحافل في انتهاك حقوق الإنسان والبيئة داخل البلاد وخارجها.

دور مريب 

حتى سعي الإمارات لاستضافة مؤتمر المناخ لم يكن نزيها بصورة كافية، إذ كشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" المتخصصة في شؤون الاستخبارات، عن دور واشنطن البارز، في استضافة الإمارات لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ. 

وقبل أيام من انطلاق "كوب27" في شرم الشيخ، أكدت المجلة الفرنسية في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أن الإمارات حظيت بدعم قوي من حليفتها واشنطن، من أجل استضافة "كوب 28".

وأوضحت أن "الديمقراطيين الأميركيين دعموا عرض أبوظبي مباشرة عبر حملة علاقات عامة كبرى تديرها مجموعة (GMMB) وهي مجموعة ضغط أميركية". 

وذكرت أن واشنطن روجت أن كوب 28، سيعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 في موقع (إكسبو 2020 دبي)، الذي تحول إلى مركز للطاقة المتجددة تحت اسم (إكسبو سيتي دبي)، وذلك لإقناع غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتصويت لصالح الإمارات.

وأوردت: "أن ولي العهد (آنذاك) الرئيس الحالي محمد بن زايد، استعان بمجموعة الاتصالات الأميركية (GMMB) التي عملت في الماضي على حملات الانتخابات الرئاسية السابقة لرؤساء الولايات المتحدة: بيل كلينتون، وباراك أوباما، وهيلاري كلينتون والرئيس الحالي جو بايدن". 

وعقب نجاح خطته، غرد ابن زايد عبر تويتر، قائلا: "يسعدنا استضافة دولة الإمارات مؤتمر المناخ في عام 2023، فتنسيق الجهود في العمل المناخي بين دول العالم، فرصة لتعزيز حماية البيئة وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، ونرحب بالتعاون مع المجتمع الدولي لضمان ازدهار البشرية".

كيري والإمارات

وأنشئت مجموعة الضغط (GMMB) على يد جيم مارغوليس، المستشار السابق للعلاقات الشخصية لثلاثة رؤساء أميركيين.

وأتاحت هذه المجموعة للإمارات الحصول على حق استضافة كوب 28 من خلال حملة بدأت قبل وقت طويل من طلبها رسميا استضافة الحدث في مايو/ آيار 2021.

فيما حصلت على الموافقة النهائية خلال مؤتمر كوب 26 الذي استضافته غلاسكو في نوفمبر 2021. 

ووجدت (GMMB) في شخص المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري داعما مثاليا لهذه الحملة، فقد عمل مارغوليس مستشارا له خلال حملته الرئاسية في عام 2004. 

ومن خلال عمليات الاتصالات الكبيرة التي نظمتها الشركة الأميركية، أشاد كيري خلال إطلالاته الإعلامية المتعددة بجهود الإمارات ومحمد بن زايد في مجال التنمية المستدامة.

ويعد الدور الذي لعبه كيري محوريا وفارقا في استضافة الإمارات للحدث، فهو من الشخصيات المرموقة دوليا.

وشغل كيري منصب وزير الخارجية في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما (2013-2017)، وقد حضر حوار المناخ الإقليمي الذي نظمته أبو ظبي في أبريل/ نيسان 2021، رفقة وفد أميركي رفيع المستوى.

وعقد اجتماعات مع الدائرة المقربة من ولي العهد آنذاك محمد بن زايد، بما في ذلك نجله خالد ومستشار الأمن القومي طحنون بن زايد.

واستغل المؤتمر لحث دول العالم على المشاركة على دعم طلب الإمارات لاستضافة كوب 28. 

وبالفعل تكللت رحلة كيري آنذاك بالنجاح، ولا سيما بعد لقائه مع المبعوث البحريني الخاص للمناخ محمد بن مبارك الذي انخرط بشكل فعال في ذلك الوقت في جهود البحرين لإقامة علاقات متطورة مع إسرائيل.

 

المفضلة لإسرائيل

ولم يكن اختيار (GMMB) محض صدفة، فقد شارك مارغوليس بالفعل في محاولة الإمارات الناجحة في عام 2009 لاستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، والتي كانت بمثابة المكان المفضل لاجتماع الدبلوماسيين الإسرائيليين والإماراتيين خلال فترة ما قبل التطبيع.

في تلك المناسبة، استعانت (GMMB) بشركة (Unkommon) المغمورة التي أمضى فريقها شهرين في أبوظبي، لوضع إستراتيجية اختراق وسائل الإعلام لدعم العرض الإماراتي.

وتضم "Unkommon" من بين عملائها شركات "Equinor" و"Chevrolet" و"US Bancorp".

وقادت تلك الشركة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حملة "احموا دارفور Save Darfur" التي أطلقتها "GMMB" وأدت إلى مضاعفة نسبة التبرعات لجمعية "Save Darfur"، وهي تحالف من المنظمات الإنسانية غير الحكومية، تعمل من أجل أغراض سياسية. 

ولعبت كل هذه المنظمات والشركات ومجموعات الضغط المأجورة من قبل الإمارات لتسهيل استضافتها قمة المناخ في 2023.

غير أن اختيار الإمارات لاستضافة كوب 28 تسبب في جدل لدى المنظمات الحقوقية الدولية، فنددت منظمة العفو الدولية بقرار اختيار الإمارات ومصر لتنظيم مؤتمر المناخ في نوفمبر 2021.

وقالت في بيان حينها إن "ما تقوم به منظمة العفو الدولية بشأن تغير المناخ يضمن الدفاع عن حقوق الإنسان في (اتفاق باريس) الخاص بتغير المناخ والمساهمة فيه".

وأضافت: "بالنظر لضرورة التعامل مع هذه المسألة على نحو مستعجل، فسوف نعمق مشاركتنا بالقيام بدور محفز لمجتمع حقوق الإنسان لأنه يظهر كيفية تأثير التغير المناخي على حقوق الناس وكيفية استجابة الناس لواقع التغير المناخي، والتهديد الذي يشكله".

وذكرت أن اختيار دولتين (الإمارات ومصر) تدار حولهما شكوك بشأن سجل حقوق الإنسان، يصطدم بدعم منظمة العفو الدولية الشعوب الأصلية، ونقابات العمال، والمجتمعات المحلية المتضررة.

ولفتت إلى أنها ستلجأ إلى الدعاوى القضائية، واستخدام آليات حقوق الإنسان الوطنية والإقليمية كأدوات إضافية لمواصلة الضغط على البلدين.

 

سجل سيئ

وتنتظر أبو ظبي بفارغ الصبر انعقاد كوب 28 على أراضيها كفرصة لعرض وجه مشرق لها يتمثل في تجربتها الخاصة في التحول بمجال الطاقة المتجددة.

ومنذ سنوات تسعى الإمارات من خلال المحافل الدولية، مثل مؤتمر المناخ أو عضوية الأمم المتحدة إلى غسيل سمعتها نتيجة سجلها المروع في حقوق الإنسان، الذي فضحها في السنوات الأخيرة.

ففي 14 أكتوبر 2021، وللمرة الثالثة، انتخبت الإمارات عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رغم التقارير الكثيرة للمنظمات الحقوقية الدولية التي تتحدث عن الانتهاكات التي ترتكبها داخل البلاد وخارجها، ولا سيما في دول مثل اليمن وليبيا.

ورغم بذل قادة الإمارات على رأسهم محمد بن زايد، جهودا كبيرة لتقديم البلاد على أنها تقدمية، ومتسامحة وتحترم الحقوق.

لكن العكس هو الصحيح، حيث أكدت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT) إن "حكومات مثل الإمارات التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير في الداخل والخارج لا يجب أن تنتمي إلى مجلس حقوق الإنسان".

وذكرت المنظمة في بيان، أنها دعت للإفراج  عن معتقلي الرأي.

وقالت إن "أحمد منصور (معتقل منذ 2017) ومحمد الركن (منذ 2012) وكثيرين غيرهم معتقلون في الإمارات، بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم. ويجب إطلاق سراحهم جميعا على الفور".

وشددت المنظمة الدولية على أنه "لسنوات، تجاهلت الإمارات آليات وخبراء مجلس حقوق الإنسان، ولم تسمح لأي مقرر خاص للأمم المتحدة بزيارة البلاد منذ 2014".

وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، قالت مديرة برنامج مجلس حقوق الإنسان بالخدمة الدولية لحقوق الإنسان، سلمى الحسيني: "مجرد انتخاب الإمارات في النهاية يعد أمرا مثيرا للغضب".