صحيفة تركية: صواريخ "سامب تي" اختبار لصدق نوايا أوروبا إزاء أنقرة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "يني شفق" التركية، أن الدور المميز الذي تلعبه أنقرة من أجل إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا، ساهم بشكل إيجابي في تحسين العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي التي شابتها توترات عديدة خلال السنوات الأخيرة.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب "حاجي محمد بويراز"، أن مشروع نظام الدفاع الجوي "سامب تي" بين فرنسا وإيطاليا الذي ينتظر إشراك تركيا به، يُعد اختبارا لصدق نوايا أوروبا إزاء تطوير العلاقات مع أنقرة.

تطور لافت

وذكرت "يني شفق"، أنه مع بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، حدث تطور جديد في العلاقات التركية الأوروبية التي خيمت عليها توترات كبيرة لفترة من الزمن.

ففي أعقاب قمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" الاستثنائية، في 24 مارس/ آذار 2022، أعلن قادة تركيا وفرنسا وإيطاليا، أن الجهود المبذولة لإدراج أنقرة في مشروع نظام الدفاع الجوي "سامب تي"، ستتسارع.

وأشارت الصحيفة إلى أنه كان قد تم الاتفاق بين فرنسا وإيطاليا وتركيا في عام 2017، للتعاون لإطلاق المشروع، لكن بسبب المشاكل السياسية التي تلت ذلك، لم يكن من الممكن تحقيق ذلك التعاون.

ومع ذلك، فإن تعزيز مكانة تركيا في البيئة الجيوسياسية التي تغيرت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية أدى إلى تليين العلاقات التركية الأوروبية.

ونتيجة لتطبيع العلاقات التركية الأوروبية، عاد النقاش إلى الظهور حول إمكانية مشاركة تركيا في هذه الشراكة الفرنسية الإيطالية.

وفي 26 مارس 2022، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن فرنسا وإيطاليا تفكران بشكل جدي أكثر في تنفيذ التصنيع المشترك لمنظومة "سامب ـ تي" في تركيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من أجل فهم صحيح لكيفية وصول العملية إلى هذه النقطة، من الضروري معرفة ما المقصود بمشروع "سامب تي".

وأوضحت أن "سامب تي"، المعروف أيضا باسم "صاروخ أوروبا"، من الناحية الفنية نظام دفاع جوي باليستي متوسط وطويل المدى. ينتجه اتحاد "يوروسام" لشركات "إم بي دي أيه" الفرنسية و"طالس" الإيطالية.

وتم توقيع مذكرة تفاهم بين فرنسا وإيطاليا وتركيا في عام 2017، قبل التوتر السياسي مباشرة الذي بدأ بين تركيا والغرب، أعربت فيها البلدان الثلاثة عن حسن نيتها في الإنتاج المشترك لمشروع "سامب تي"، الذي يتوافق مع أنظمة الناتو.

ولاحقا، ونتيجة للمفاوضات الفنية بين الطرفين، تقرر أن تعمل شركة "يوروسام" جنبا إلى جنب مع رئاسة الصناعات الدفاعية، وشركات "أسيلسان" و"روكيتسان" في بداية عام 2018.

وجرى الترحيب بهذا التطور الإيجابي، الذي يمكن أن يؤدي إلى تحسين قدرات تركيا المعرفية وتعزيز العلاقات ذات التوجه الدفاعي بين الدول الثلاث.

خلاف جوهري

وأشارت "يني شفق" إلى أنه بسبب المشاكل السياسية بين تركيا والأطراف في عام 2017 وما بعدها لم تستطع تركيا الانضمام للمشروع في ذلك الوقت.

ونظرا لعدم قدرتها على الحصول على نظام الدفاع الجوي الأميركي "باتريوت"، أصرت تركيا على ضمان أمنها القومي، وشرعت في عملية بحث جديدة في ظل هذه الظروف وحصلت على نظام "إس400" من روسيا.

ونتيجة لمعارضة الولايات المتحدة وأوروبا لهذا التطور بسبب مخاوفهما الجيوسياسية، تم استبعاد تركيا بشكل غير عادل من العديد من مشاريع الدفاع الدولية مثل مقاتلات "إف35"، ونظام الدفاع الجوي "سامب تي".

فبسبب المواجهات التي خاضتها تركيا في منطقة شرق المتوسط ​​ مع إيطاليا؛ والمواجهة التي حصلت مع فرنسا في سوريا وليبيا وقره باغ، فشلت محاولة إنتاج نظام "سامب تي" تماما.

لكن عاد وأثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القضية مرة أخرى بعد قمة مجموعة العشرين في روما في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، معلنا أن تركيا ستتخذ خطوات إيجابية فيما يتعلق بالمشروع.

وعندما بدأ التدخل الروسي في أوكرانيا، برز إحياء التعاون الثلاثي بين أصحاب المصلحة الأتراك والأوروبيين مرة أخرى.

وبعد اجتماعات الرئيس أردوغان مع نظيريه الفرنسي والإيطالي في قمة الناتو الأخيرة، تقرر اتخاذ خطوات ملموسة فيما يتعلق بالتعاون الثلاثي.

وفي هذه المرحلة، تجدر الإشارة إلى أن تركيا هي واحدة من الدول النادرة التي يمكنها إقامة حوار مع كل من موسكو وكييف، مما يسمح لها بالوساطة بين الطرفين.

وهذا الوضع، الذي جعل تركيا مرة أخرى في موقع مهم بالنسبة لأوروبا، كان رائدا في تخفيف التوتر بين تركيا والدول الأوروبية الكبرى، فضلا عن دوره في إثارة قضية التعاون الثلاثي في ​​إنتاج "سامب تي".

اختبار صدق

وأوضحت الصحيفة أنه في الوقت الذي تعود فيه العلاقات التركية الأوروبية إلى طبيعتها، يمكن أن يلعب إدراج تركيا في مشروع "سامب تي" دورا مهما في إحياء علاقات أنقرة السياسية مع القارة العجوز بشكل عام.

فلا توجد عقبة ملموسة أمام تحقيق هذا التعاون الثلاثي، باستثناء التحيزات الأيديولوجية.

وبما أن تركيا أثبتت نفسها في صناعتها الدفاعية وأصبحت لاعبا بارزا في مجالات مثل الطائرات بدون طيار.

 فقد يتمدد التعاون المحتمل إلى مجالات مختلفة على المدى الطويل، لذلك، يمكن أن يكون هذا التعاون فرصة مهمة لتطبيع أسرع وحتى تعميق العلاقات السياسية بين تركيا وأوروبا.

لذا ينبغي النظر إلى مصير مشروع "سامب تي" على أنه خطوة صادقة في الحفاظ على علاقات أوروبا مع تركيا.

لأن الدول الأوروبية التي تنتقد أنقرة لابتعادها عن الغرب بسبب قضية "إس400" ولكنها لا تستطيع تقديم بديل لها، يمكنها إظهار نواياها الحسنة من خلال إفساح المجال لتركيا في مشروع "سامب تي" إذا كانت تريد حقا إقامة علاقة عقلانية مع تركيا خارج المناقشات الأيديولوجية.

وإلا فإن تركيا، شأنها شأن أي بلد آخر، ستواصل إستراتيجيتها في السياسة الخارجية من أجل مصالحها الخاصة، وضمان أمنها القومي، والتعامل مع التهديدات الأمنية المحتملة.