روسيا لم تظهر كل أوراقها.. صحيفة إسبانية: الغرب ينتظر حربا من نوع آخر

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية، أن حرب روسيا في أوكرانيا الدائرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022، لن تقتصر على الجوانب العسكرية وحسب، مشيرة إلى أن المواجهة الأسوأ لم تأت بعد، وهي الحرب السيبرانية.

وذكرت الصحيفة أن روسيا تحتفظ بخيار الحرب الإلكترونية الشاملة لمرحلة متقدمة من الصراع في أوكرانيا، وما لجأت إليه حتى اليوم لا يقارن بما قد يحدث في المستقبل، ما يمثل تهديدا خطيرا على الغرب أكثر من أي وقت مضى.

مواجهة هجينة

وقالت الصحيفة الإسبانية إن الحروب الحالية شهدت العديد من التطورات، وعلى مختلف الأصعدة، وأصبحت تتميز بكونها هجينة.

ففي الواقع، لا تدار هذه الحروب فقط عبر البر والبحر والجو، بل تمتد أيضا أيضا لتشمل الفضاء الإلكتروني.

وتنطوي الحرب السيبرانية على تعقيدات إضافية، حيث إنه في الحرب التي تدار في الفضاء الإلكتروني، من الصعب تحديد مكان المهاجم والخطوات التي يتخذها على الإنترنت لمهاجمة ضحيته.

وتعد هذه المعركة الافتراضية في أوروبا، وعمليا في جميع أنحاء العالم، مستمرة منذ سنوات. لكن الآن، شهدت الشركات والمؤسسات المخصصة لأمن المعلومات زيادة حادة في الهجمات، التي نمت بنسبة 50 بالمئة في عام 2021.

وأوضحت الصحيفة أن النزاع المسلح في أوكرانيا بدأ في نهاية فبراير 2022، لكن في الفضاء الإلكتروني كانت  المعركة قد بدأت منذ شهور.

وفي هذا الإطار، يبدو أن روسيا استخدمت إستراتيجية يمكننا تقسيمها إلى ثلاث مراحل.

في البداية، كرست روسيا جهودها من أجل سرقة البيانات لأغراض التجسس.

أما المرحلة الثانية، كانت قبل أيام قليلة من الهجوم العسكري، وتمثلت في مهاجمة الشركات والإدارات لإيقاف نشاطها، من خلال تثبيت برامج ضارة على مئات الأجهزة، حيث ظهرت مجموعة جديدة من الفيروسات تسمى "وايبر".

وأخيرا، تركزت المرحلة الثالثة من هذه الهجمات على نشر معلومات مضللة، والتي تعتبر حملات وهجمات إلكترونية تستهدف الرأي العام.

وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الراهن، لا يوجد دليل يبرهن على أن هذه البرامج الضارة، التي تنتمي لمجموعة وايبر، تؤثر خارج أوكرانيا.

لكن، يمكن لهذا المعطى أن يتغير بسرعة، كما حدث بالفعل مع البرنامج الضار "نوت بيتيا"، الذي تسبب انتشاره في خسائر اقتصادية لا تحصى في جميع أنحاء العالم.

هجوم غير مرئي

في الحقيقة، يواجه العالم زيادة كبيرة في نشاط المجرمين الإلكترونيين، لكن المجتمع لا يدرك ذلك.

وتأتي العديد من الهجمات من الاقتصادات التي تعمل بشكل أفضل عندما يكون أداء النموذج الاقتصادي الغربي أسوأ.

في هذا السياق، غالبا ما تكون دول مثل روسيا وبيلاروسيا والصين وكوريا الشمالية مصدرا للهجمات الإلكترونية الموجهة ضد الولايات المتحدة وأوروبا، وهما الركيزتان الأساسيتان للاقتصاد الغربي.

ونقلت الصحيفة الإسبانية عن فرانسيسكو فالنسيا، الرئيس التنفيذي لشركة "سكيور أند أي تي"، أن "مراكز الأمان المتقدمة الخاصة بالشركة اكتشفت زيادة في الأنشطة المشبوهة".

وأكد أن "الشركة تقوم حاليا بإدارة والتصدي لحوالي 150 ألف محاولة هجوم شهرية، بزيادة 15 بالمئة عما كانت عليه قبل أسابيع قليلة".

ومضى يقول: "حسب المعطيات المتاحة حاليا، لم تترجم هذه الزيادة إلى هجمات شديدة العدوانية. لكن، اكتشفنا أن الهجمات الحالية ترتكز على عمليات المسح التي تحاول تحليل الأرضية لإطلاق هجمات مستقبلية أكثر خطورة، على الأرجح".

وأضافت الصحيفة أن مقارنة بسيطة بين الحرب الإلكترونية والحرب العسكرية التي تدار حاليا في أوكرانيا، تشير إلى أن حجم خطورتها معادل للأسابيع التي سبقت غزو أوكرانيا.

حيث أحضرت روسيا 200 ألف من قواتها إلى الحدود وبررت وجودهم بالإشارة إلى مناورات عسكرية.

وفي المجال الإلكتروني الآن، يبدو أن تلك القوات متمركزة على حدود أوروبا الإلكترونية في انتظار الدخول. لقد كانت روسيا تراقب أوروبا ويمكنها الانطلاق في أي لحظة.

ونقلت الصحيفة أن إسبانيا في حالة تأهب جراء التهديد السيبراني المحتمل.

وفي هذا الإطار، طلب مركز الاستخبارات الوطني الإسباني من الإدارات العامة حماية خدماتها ومعداتها من تهديد الهجمات الإلكترونية المحتملة من روسيا، وقد جرى بالفعل رفع مستوى تنبيه الأمن السيبراني إلى المستوى الثالث.

وخلال هذه الأيام، رأينا أيضا أن هذا التهديد أصبح حقيقة، حيث جرى قرصنة الحساب الخاص بهيئة الأركان العامة الإسباني، على موقع انستغرام، ليجري ملؤه في وقت لاحق بصور "منافية للأخلاق".

أمان زائف

وأوضحت الصحيفة الإسبانية أن المفوضية الأوروبية تعمل على إنشاء وحدة مشتركة لتكنولوجيا المعلومات، يمكن أن تبدأ العمل في يونيو/ حزيران 2022.

وبشكل عام، يتمثل هدف الوحدة في معالجة العدد المتزايد من الهجمات الإلكترونية الخطيرة التي تؤثر على الخدمات العامة والشركات والمواطنين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

ولفتت إلى أنه لا تزال هذه المسألة واحدة من القضايا المعلقة للعديد من المنظمات والشركات، التي تعيش شعورا زائفا بالأمان.

ونقلت الصحيفة أن أي شخص يمكن أن يكون هدفا لمجرمي الإنترنت. ولكن قبل كل شيء، فإن التهديدات تذهب إلى أبعد من ذلك وتسبب خسائر للشركات والمنظمات.

إضافة إلى أنه يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار أن الشركة ليست الوحيدة المتضررة من هجوم إلكتروني. لهذا السبب، من الضروري تطبيق التدابير اللازمة عند تعرض العملاء أو الموردين أو الشركاء أو الموظفين أو المستخدمين، للأذى.

كما يجب أن تكون الدول على دراية بالمخاطر الموجودة وتراهن على الأمن السيبراني.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة إلباييس عن نادية كوستيوك، الأستاذة في كلية السياسة العامة في معهد جورجيا التقني بأميركا، أن "أوكرانيا كانت مختبرا للعمليات الإلكترونية الروسية على مدار السنوات الثماني الماضية".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن "أوكرانيا لم تكن جاهزة للحرب الإلكترونية في عام 2014؛ لكنها تعلمت الكثير من شركائها الغربيين وحسنت دفاعها بشكل ملحوظ".

وتواصل قائلة: "فبينما كانت الشبكات والأنظمة الأوكرانية في عام 2014 تعتمد اعتمادا كليا على تلك الموجودة في روسيا، عملت كييف على تقليل ذلك الاعتماد. علاوة على ذلك، أصبحت شبكة الإنترنت لا مركزية بفضل ديناميكيات السوق".

وكان الشركاء الغربيون يعدون دفاعات أوكرانيا منذ شهور قبل اندلاع الصراع". وتعتبر الخبيرة أن روسيا تحتفظ بخيار الحرب الإلكترونية لمرحلة متقدمة من الصراع في أوكرانيا.