ذكرى مرور 1100 عام.. احتفالات روسية باعتماد الإسلام دينا رسميا في تتارستان

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في مدينة كازان الروسية، جرى إعلان 2022 عام احتفاليات روسيا بمرور 1100 عام على اعتماد الإسلام دينا رسميا لمنطقة بلغاريا الفولغا (جمهورية تتارستان الحديثة).

وعن أسباب هذا الاهتمام وتطلعات المسلمين لهذه المناسبة، نشرت صحيفة "أرغومنتي إي فاكتي" الروسية مقالا للكاتبة "أولغا لوبيموفا" سلطت فيه الضوء على الاستعدادات لتنظيم الأنشطة والفعاليات المزمع عقدها احتفاء بها.

وتحدثت عن أن الاحتفالات والفعاليات هذا العام ستتم على نطاق فدرالي واسع يشمل العديد من مناطق روسيا الاتحادية وليس على مستوى جمهورية تتارستان – الوريثة التاريخية لدولة بلغار الفولغا. 

وأشارت الكاتبة إلى أنه اعتمد الإسلام في بلغاريا الفولغا دينا رسميا للبلاد في 21 مايو/أيار 922.

كان ذلك بعدما وصلت بعثة من قبل خليفة المسلمين آنذاك من بغداد إلى منطقة الفولغا الوسطى، بناء على طلب من خان البلغار حينها "ألموش"، وفق الكاتبة الروسية.

ويحتفل مسلمو بلغاريا الفولغا ومناطق وجود المسلمين في روسيا بهذه المناسبة المهمة منذ نهايات ثمانينيات القرن الماضي.

ونظمت فعاليات الاحتفال بذكرى اعتناق مسلمي الفولغا للإسلام لأول مرة عام 1989م بمبادرة من رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا آنذاك الشيخ طلعت تاج الدين، حيث كان يطلق عليها في ذلك الوقت " إيزغي بولغار جييني " – ( ملتقى البلغار المقدس).

وقد صرح تاج الدين في اجتماع اللجنة المنظمة قائلا: "منذ السنة الأولى شارك معنا في إحياء هذه المناسبة ممثلون عن جميع مناطق بلادنا وضيوف من 32 دولة، كما انضم لهذه المناسبة ممثلون عن الطوائف الدينية التقليدية الأخرى".

وتبين الكاتبة أن إعلان العام 2022 مناسبة وطنية للاحتفال باعتناق مسلمي البلغار للإسلام رسميا على مستوى مختلف مناطق الفدرالية الروسية صدر بقرار من الرئيس فلاديمير بوتين شخصيا.

كما جرى الإيعاز بتشكيل لجنة تنظيمية لهذه المناسبة في العام 2021، حيث ترأسها مارات خوسنوللين نائب رئيس الوزراء الروسي. 

وأيضا جرى تشكيل لجنة تنظيمية أخرى محلية على مستوى جمهورية تتارستان. 

ذكرى وملامح

يتذكر رئيس التجمع الديني لمسلمي روسيا، ألبير كرغانوف، كيف أنه في عام 1989 زار المنطقة بحافلة قديمة وصولا إلى المئذنة الصغرى في بولغار وكيف كان من الصعب الوصول والتنقل بين الطرق الوعرة التي لم تكن معبدة في تلك الفترة.

ويضيف كرغانوف: "الآن لا توجد مشاكل من هذا النوع على الإطلاق، فمنذ ذلك الحين جرى تنفيذ الكثير من العمل في الجمهورية لإحياء بولغار ومدينة جزيرة سفياجسك".

وأضاف: "لولا ترميم المباني التاريخية، وبناء أكاديمية بلغار الإسلامية، والمسجد الأبيض، والمتاحف، والبنية التحتية للمواصلات، ما كان هنالك حدث كبير نعد جميعا له الآن". 

وتضيف الكاتبة أن رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف علق على الاستعدادات الجارية وقال: "جرى إحياء الآثار القديمة، وتشييد مبنى تذكاري في مدينة بلغار يضم واحدة من أكبر نسخ المصحف الشريف المطبوعة في العالم، ومتحف حضارة البلغار، وغيرها".

وأشار إلى أن بوتين "لم يكتف بتقديم الدعم النفسي والمعنوي بل أدخل ميزانية ذلك المشروع وجعل تمويله كاملا على نفقة الميزانية الفدرالية"، بحسب تعبيره.

وتتساءل الكاتبة: لماذا تعد هذه الذكرى فريدة و مهمة على المستوى الفدرالي؟ 

حول هذا الموضوع يقول أناتولي فيليغجانين، نائب رئيس إدارة السياسة الداخلية لمكتب الرئاسة الروسي: "انتشار الإسلام في أراضي القوقاز الحديثة، ومنطقة الفولغا، وشبه جزيرة القرم، وفي روسيا الوسطى، تلاه تفاعل وثيق مع ثقافة الجيران".

وأردف: "فقد كان له وافر الأثر والفائدة على تنمية الإنتاج الاجتماعي والتجارة والفكر الاجتماعي وعلى العلم والتعليم والهندسة المعمارية والشعر والموسيقى".

ويضيف كذلك أن "تداخل الثقافات والتقاليد وتلاحمها، والمهارات الناتجة عن التعايش السلمي بين أعراق شعبنا المختلفة هي التي تجعل بلادنا فريدة من نوعها".

ورأى أنه "يجب الحفاظ على هذه القيم وتدعيمها، فهذا الواجب فهمه أسلافنا وحافظوا عليه وسيظل واجبا علينا وعلى أحفادنا، والاحتفالات التي يخطط لها هي خطوة مهمة نحو الحفاظ على هذا التوجه". 

وتعود الكاتبة في هذا السياق إلى ما قاله رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف عن الجانب التاريخي وقيمته المعنوية. 

إذ قال إن "اعتناق بلغار الفولغا للإسلام كدين للدولة في عام 922 ساهم إلى حد كبير بتشكيل حضارة روسية فريدة توحد التقاليد".

وأكد أن "التعايش السلمي لممثلي مختلف الأديان في بلادنا شاهد ومثال على المجتمع الدولي أن يأخذه بعين الاعتبار وهو قيمة وميزة يجب علينا الحفاظ عليها والدفاع عنها".

أهم الأعمال 

وتشير الكاتبة تعليقا على ما صرح به العديد من أعضاء لجنة التنظيم والتنسيق والمتابعة؛ إلى قائمة أعمال في مختلف مناطق روسيا سيتم إنجازها خلال هذا العام، ومن بين تلك الأعمال: 

ترميم وتجديد المسجد التتاري التاريخي في موسكو، ترميم معهد موسكو الإسلامي، إتمام العمل وإصدار القاموس الموسوعي "الإسلام في روسيا الاتحادية"، تطوير البنية التحتية وطرق المواصلات إلى مدينة بلغار التاريخية.

وأيضا، تنظيم لقاءات وتجمعات ومنتديات بمشاركات دولية على أرض مدينة بلغار التاريخية بين 19 و21 مايو 2022، عقد القمة الاقتصادية الدولية السنوية "روسيا - العالم الإسلامي: Kazansummit"، إقامة منتدى عموم روسيا لرجال الدين التتار.

ومن الأعمال كذلك، وضع حجر الأساس لبناء المسجد الجامع الذي سيحمل اسم "مسجد 1100 عام على اعتماد الإسلام دينا رسميا لبلغاريا الفولغا" والذي سيجري بناؤه في عاصمة جمهورية تتارستان – مدينة كازان.

إضافة إلى أعمال بناء وإصلاح العديد من المنشآت التاريخية في كل من مدينتي بلغار وكازان، مهرجان عموم روسيا "بولغار العظيم"، معرض الثقافة الإسلامية "إسلام نوري" – نور الإسلام.

ومنها كذلك، منتدى الشباب الدولي "روسيا - منظمة التعاون الإسلامي"، فضلا عن الفعاليات المخصصة لتاريخ الذكرى في إطار الدورة الـ45 للجنة التراث العالمي - اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة).

وتوضح الكاتبة في ختام المقال أن أحفاد البلغار اليوم يعيشون في مناطق مختلفة من روسيا، وقد جاء البلغار إلى منطقة حوض الفولغا الوسطى من جهة الشرق. 

أنشأت هذه القبيلة التيوركية العرق دولة الفولغا في بلغاريا وقد كانت تلك الدولة كيانا قويا في تلك المنطقة واستمرت لعدة قرون أصبحت خلالها واحدة من مراكز أوروبا في العصور الوسطى. 

وتضيف: "كانت تقع هذه البلاد على طريق الحرير العظيم كما كانت حلقة وصل بين الغرب والشرق، وفي القرن الثالث عشر غزا المغول بلغاريا الفولغا".

وأردفت: "بلغار هي المدينة الوحيدة التي تقف شاهدة على حضارة القبيلة الذهبية المحفوظة في روسيا، حيث جرى الحفاظ فيها على مجموعة من المعالم المعمارية التي أدرجت عام 2014 ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو".