باستقطاب روسيا وتحييد الصين.. هل يستطيع بايدن بناء نظام عالمي جديد؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قال معهد عبري إن "الرئيس الأميركي جو بايدن بإمكانه إحداث تغييرات جذرية في الساحة العالمية، من خلال تقريب روسيا وقطع تحالفها مع الصين، وفي هذا السيناريو ستتاح لموسكو فرصة الاصطفاف مع الحضارة الغربية وإنهاء الانقسام".

وأوضح معهد "القدس للإستراتيجية والأمن" أن "الأزمة الأوكرانية والحوار الأميركي الروسي الحالي بشأن هذه القضية، تمثل فرصة لتغيير نمط العلاقات بين البلدين وإحداث تغيير كبير في ميزان القوى العالمي".

وشدد على أن "بايدن يجب أن يسعى جاهدا لتمييز موسكو وأن يحشد معه نظيره الروسي فلاديمير بوتين ضد الصين، وهو التحدي الدولي الحقيقي لأميركا".

واعتبر المعهد أن "بايدن يتمتع بخبرة واسعة في الساحة الدولية، بصفته عضوا في مجلس الشيوخ، وقد ركز على العلاقات الخارجية وعمل في لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، مرتين كرئيس (2001-2003، 2007-2009)، وبصفته نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما، ولعب دورا رئيسا في تشكيل السياسة الأميركية في العراق".

دبلوماسية جريئة

ويرى المعهد العبري أنه "من الواضح لبايدن أن التنافس بين الولايات المتحدة والصين هو السمة المميزة للنظام الدولي في العصر الحالي".

وأشار إلى أن "صعود الصين وقضية تايوان يجذب الكثير من الجهد الأميركي في مجال العلاقات الخارجية، لذلك من المستحسن إزالة الصراع الأميركي/الغربي الروسي في أوروبا الشرقية من جدول الأعمال، والسماح لواشنطن بالتركيز على التحدي المركزي، فالمحاولة الأميركية لتحسين العلاقات مع روسيا أفضل من المواجهة على أوكرانيا".

وتساءل المعهد العبري: "هل يمكن أن يفاجئ بايدن بدبلوماسية جريئة على غرار أسلوب وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كيسنجر، رغم افتقار الأخير إلى الأمتعة التاريخية والفكرية؟".

وزعم أن "محاولة فصل روسيا عن الصين في صورة طبق الأصل عن رحلة رئيس الولايات المتحدة سابقا، ريتشارد نيكسون، إلى الصين عام 1972، والتي مهدت الطريق في النهاية للنصر في الحرب الباردة (1947 - 1953)، فإذا حدث ذلك، فسيحدث تحول كبير في ميزان القوى العالمي من شأنه أن يزيد بشكل كبير من قدرة أميركا على التعامل مع الصين".

علاوة على ذلك، فإن مثل هذه الخطوة "لديها القدرة على دمج روسيا في الغرب، فروسيا جزء من الثقافة الغربية من نواح كثيرة".

ولفت المعهد العبري إلى أن "الأدب الروسي والموسيقى والباليه أصول ثقافية للقطيع الحديدي في الغرب، يعتبر التراث المسيحي ارتباطا طبيعيا بالحضارة الغربية".

وأفاد بأن "الموقف الأميركي بعد الحرب الباردة تجاه روسيا كان إشكاليا، ففي التسعينيات كانت هناك فرصة لإدخال موسكو في الهندسة الأمنية الغربية، وتتميز بشوق مسيحي متجدد، ورغبة في التحديث والاندماج في الاقتصاد العالمي، حيث كان من الممكن أن تصبح جزءا لا يتجزأ من العالم الغربي، وتنهي انقساما عمره ألف عام".

ويرى رئيس معهد "القدس للإستراتيجية والأمن"، إفرايم عنبار، أن "توسع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي إلى الشرق، والذي تجاهل الحساسيات الروسية التاريخية، زاد من تصور التهديد الذي يمثله القادة الروس الذين خسروا الحرب الباردة، وكثرة التدريبات العسكرية للناتو في البلدان المتاخمة لروسيا، تزيد من تصور موسكو للتهديد".

أخطاء جيوسياسية

وأشار عنبار إلى أن "محاولات الغرب لهندسة أوكرانيا السياسية، القريبة جدا من قلب روسيا، والفرض اللاحق للعقوبات الاقتصادية على تحركات روسيا في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، هي أمثلة حديثة على الأخطاء الجيوسياسية الغربية الجسيمة التي أبعدت موسكو".

كما أدى الضغط الغربي على موسكو إلى "التقارب الروسي مع الصين، وتم دفع التهديد الديموغرافي الصيني في سيبيريا والنضال من أجل آسيا الوسطى جانبا لإنشاء جبهة معادية لأميركا".

وطالب رئيس المعهد العبري، بايدن أن "يسلك طريقا مختلفا، حيث تحتاج الولايات المتحدة إلى التغلب على التصحيح السياسي المقبول من خلال الاعتراف بشبه جزيرة القرم كأراضي روسية، ورفع العقوبات المفروضة على روسيا، رغم أنه ليس من السهل ابتلاعه، لكن الغرب بحاجة إلى قبول أوكرانيا من أجل تهدئة مخاوف روسيا".

وأشار عنبار إلى أنه "خلال الحرب الباردة، سمحت موسكو لفنلندا بالحفاظ على الديمقراطية طالما حافظت على القيود الأمنية، ومن ناحية أخرى، لم تسمح الصين لهونغ كونغ بالحفاظ على ديمقراطيتها، فعندما ينظر الأميركيون إلى الصين، فإنهم يرون تنافسا عسكريا واقتصاديا قويا مع دوافع شمولية وتوسعية".

ولفت إلى أن "بايدن وقع على ميزانية الدفاع في ديسمبر/كانون الأول 2021، والتي تم تحقيقها بدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري والموافقة على 768.2 مليار دولار من الإنفاق العسكري والضغط من أجل تحديث الجيش الأميركي وسط المنافسة المتزايدة مع الصين".

ويشمل مشروع القانون 7.1 مليارات دولار لمبادرة الردع في المحيط الهادئ وإعلان الكونغرس لدعم الدفاع عن تايوان، وهي تدابير تهدف إلى تحييد نفوذ الصين في المنطقة.

كما ابتعد بايدن عن سياسة الصين الواحدة التي تنتهجها أميركا، ودعا تايوان إلى قمة الديمقراطية التي عقدت في ديسمبر/كانون الأول 2021، علاوة على ذلك، أعلن في إحدى المناسبات الأخيرة أن أميركا لديها "التزام بالدفاع عن تايوان"، كما ذكر أن الجزيرة "مستقلة".

ولفت عنبار إلى أنه "في كل مرة، يسارع المسؤولون لتوضيح أنه لم يكن هناك تغيير في السياسة، مما خلق الغموض، لكن الولايات المتحدة تتجه نحو تأمين مظلة عسكرية لتايوان، حليف الولايات المتحدة، وهي تتحرك بالفعل في هذا الاتجاه".

وذكر أن "بايدن يمكنه حشد دعم العناصر السياسية بين حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، وخاصة في ألمانيا، للاقتراب من روسيا، حيث يفضل العديد من الأوروبيين أن تتحمل واشنطن معظم أعبائهم الدفاعية، مع الحرص على عدم معارضة روسيا".

صفقة كبرى

ويرى عنبار أن "العناق الصيني لا يرضي موسكو، وقد يكون الاحتجاج مع أميركا موضع ترحيب، فالسؤال الكبير هو ما إذا كانت روسيا ستقدم مكافآت لتغيير السياسة الأميركية؟".

وأشار إلى أن "بايدن سيحتاج إلى فوائد واضحة يتم من خلالها تسويق أي صفقة كبرى مع روسيا للكونغرس والشعب الأميركي، ويبقى أن نرى ما إذا كان بايدن سينجح في التغلب على المشاعر المعادية لروسيا ومعاداة بوتين في مؤسسة الدفاع والكونغرس، وخاصة بين الديمقراطيين".

وتساءل عنبار "هل روسيا مستعدة لإنهاء تحالفها الفعلي مع الصين؟ وهل موسكو مستعدة للتخلي عن علاقاتها مع نظام الراديكال في إيران لتصبح حليفا للولايات المتحدة في محاربة الانتشار النووي والتطرف؟".

وتابع: "وهل يقبل بوتين بسوريا صغيرة يسيطر عليها رئيس النظام بشار الأسد دون نفوذ إيراني وحزب الله؟ وهل ستكون روسيا مرنة بما يكفي لإنهاء نزاعها الإقليمي مع اليابان حول جزر كوريل لدعم عودة الصراع ضد الصين؟ وهل سيخوض بوتين مقامرة تاريخية وينحاز إلى الغرب".

وأفاد عنبار بأنه "لا توجد إجابات واضحة على هذه الأسئلة، لكن التغيير في السياسة تجاه روسيا يستحق أن ينظر فيه بجدية".

وأنهى رئيس المعهد العبري مقاله بالقول: "إذا كانت أميركا مهتمة بالحفاظ على هيمنتها في العالم، فإنها ستعتمد أيضا على قدرتها على تجنيد الأصدقاء القدامى والأعداء السابقين على حد سواء.