بعد التحذير من مواجهة نووية.. لماذا يلوح بوتين بحرب عالمية ثالثة؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز دراسات تركي الضوء على تصاعد التوترات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والقلق من احتمالية حرب نووية.

وقال مركز "سيتا" للأبحاث والدراسات في مقال للكاتب التركي "برهان الدين دوران" إن تصريحات بوتين التي أدلى بها بعد إعادة انتخابه في 17 مارس/آذار 2024، تعكس موقفا يحمل في طياته تحذيرا شديد اللهجة بشأن التوترات المتصاعدة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو). 

فاستخدامه لعبارة أنّ "الصراع بين الطرفين قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة واسعة النطاق وهو يقع على بعد خطوة واحدة فقط" يعبر عن الرأي القائل بأن التصعيد العسكري بين القوى الكبرى يمكن أن يكون له عواقب وخيمة وغير مسبوقة على الصعيد العالمي.

تهديد واضح

إضافة إلى ذلك، يبدو أن بوتين ينتقد عدم الاهتمام الدولي بالموضوع، وهو ما قد يعكس شعورا بأن التحذيرات الروسية لا تؤخذ على محمل الجد، أو أن العالم لا يقدر تماما خطورة الوضع.

وأضاف أن الإعلان الذي أدلى به بوتين بأن روسيا "مستعدة تقنيا لحرب نووية" يعزز هذا التحذير ويشير إلى أن موسكو لديها القدرات العسكرية والتكنولوجية للدخول في صراع نووي إذا لزم الأمر.

وأشار الكاتب إلى أن السبب في استخدام بوتين لعبارة "خطوة نحو الحرب العالمية الثالثة"، بعد أن كان يذكّر بتهديد الحرب النووية على فترات منتظمة طوال فترة الحرب الروسية الأوكرانية، هو أنّ ماكرون تحدث في 26 فبراير/شباط 2024 عن إمكانية إرسال قوات الناتو إلى أوكرانيا.

وعلى الرغم من وجود تصريحات من الناتو والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا تفيد بأنها لا تدعم هذا الرأي، واصل ماكرون تصريحاته التي تستهدف روسيا. 

وكانت آخر النقاط التي أثارها هي أن "الجيش الفرنسي قد يضطر إلى التدخل مباشرة إذا تحرك نظيره الروسي نحو كييف أو أوديسا".

ولم يكتف ماكرون بذلك وصرّح بأنّ "روسيا خصم" وأنّ "السلام الدائم غير ممكن دون أن تكون شبه جزيرة القرم أرضا أوكرانية مرة أخرى". 

وقال ماكرون في مقابلة عند عودته من برلين خلال مارس/آذار 2024 إنه لا يرغب في أن يكون هو الذي يبادر إلى الصراع، ولكن قد يكون العمل العسكري ضروريا في المستقبل لمواجهة القوات الروسية.

 وأشار إلى أن فرنسا لديها القدرة على تنفيذ هذا العمل العسكري، وأنه يجب عدم الخوف من روسيا لأنها قوة متوسطة الحجم تمتلك أسلحة نووية.

وتعكس هذه التصريحات عدم رغبة ماكرون في الحرب، في وقت يرى أن الاستعداد العسكري ضروري للدفاع عن أوروبا ومواجهة أي تهديدات محتملة. 

ويؤكد أيضًا أن فرنسا لديها القدرة على الاستجابة لتلك التحديات العسكرية، ويشدد على أهمية عدم الوقوع في الخوف والتوتر من روسيا.

مخاوف أمنية

وأشار الكاتب التركي إلى أن الحرب في أوكرانيا قد غيرت تصور أوروبا للأمن بشكل جذري. 

فقبل الحرب كانت هناك توجهات أمنية تركز على السلام والتعاون في أوروبا، وكان هناك تفاهم اقتصادي يعتمد على إمدادات الطاقة من روسيا. لكن مع تصاعد الصراع في أوكرانيا تحطمت هذه التوجهات والتفاهمات. 

فالصراع في أوكرانيا أظهر أن الاستقرار والأمن في المنطقة ليسا مضمونين، وهذا دفع الدول الأوروبية إلى إعادة التفكير في إستراتيجياتها الأمنية وتعزيز قدراتها الدفاعية.

وتابع: على الرغم من ادعاءات بوتين بعكس ذلك، تعتقد العديد من الدول الأوروبية أن روسيا ستستمر في تهديد أمنها خارج أوكرانيا. 

ولهذا السبب تشعر العديد من الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا، بأنها ملزمة بزيادة إنفاقها الدفاعي.

ولفت الكاتب التركي النظر إلى أن احتمال إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2024 هو سيناريو كابوس آخر لأوروبا. 

إذ لم يتردد ترامب، الذي عد حلف شمال الأطلسي "مؤسسة عفا عليها الزمن" خلال فترة رئاسته، في توجيه تهديدات حتى في الحملات الانتخابية. 

وقال إنه سيشجع روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء التي لا تسدد ديونها لحلف شمال الأطلسي. 

وأردف الكاتب: تهدف تصريحات ماكرون إلى تعزيز الدفاع الأوروبي وتوفير الثقة للحلفاء في قدرة أوروبا على مواجهة التحديات الأمنية.

فماكرون يعتقد أنه من الضروري أن تظل أوروبا قوية وموحدة في وجه التحديات الأمنية، وأنه يجب أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها وحماية مصالحها. 

وبالنظر إلى القوة النووية الفرنسية، يرى ماكرون أنه يجب أن تكون روسيا على علم بأنها لن تكون قادرة على الفوز في حالة نشوب الحرب.

ومع ذلك على الرغم من كل المساعدات العسكرية والعقوبات، فإن روسيا بعيدة كل البعد عن "الهزيمة الإستراتيجية" التي يريدها الغرب. 

تصاعد الصراع

وأشار الكاتب إلى أن تزويد أوكرانيا بأسلحة جديدة وأكثر قوة أو إرسال قوات إضافية إليها، سيزيد احتمالية الصراع بين الناتو وروسيا والذي يشير إليه بوتين إلى أنه خطوة نحو الحرب العالمية الثالثة. 

وبين أن هذا يعكس التوترات المستمرة بين الجانبين والتصعيد المحتمل في المنطقة. 

وبالنسبة للخلاف بين بوتين وماكرون فإنه في الواقع لا يذكر إمكانية السلام، حيث يركز الأخير على ضرورة عدم تمكين روسيا من الفوز في الحرب.

ومع ذلك، فإن الخلافات بين الجانبين تظهر صعوبة تحقيق السلام والتوصل إلى حل سياسي للأزمة في أوكرانيا. 

يقول ماكرون أيضا إنه سيقترح على روسيا وقف إطلاق النار خلال فترة إقامة دورة الألعاب الأولمبية في باريس (من 26 يوليو 2024 إلى 11 أغسطس 2024). 

ومع ذلك فإنّ بوتين لا يرغب في تعليق الحرب لإعادة التسلح، ولكنه يؤيد إجراء محادثات سلام جادة.

وأردف الكاتب: يتطلب تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة جهودًا دبلوماسية وسياسية شاملة من جميع الأطراف المعنية. 

ومن المهم أن تتعاون الدول الأوروبية للتوصل إلى حل سياسي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة ويحقق مصالح جميع الأطراف المعنية.

ولكن مع استمرار المشاحنات بين الزعيمين، فإن القلق الذي يسببه الرأي العام العالمي من خلال الحديث عن احتمالية نشوب حرب نووية سيستمر. 

ففرنسا تسعى جاهدة لجلب أوروبا إلى موقف سياسي مشترك ضد روسيا، خاصة بعد أن اضطرت للانسحاب من عدة دول في إفريقيا بسبب نفوذ موسكو.

لكن هذه المهمة صعبة للغاية، حيث إن حتمية نشوب صراع مع روسيا تثير مخاوف العواصم الأوروبية. وحتى تظهر نتائج الانتخابات الأميركية، فإن الاحتمالات المتعلقة بالسلام ستكون ضئيلة، وفق تقدير الكاتب.