انقسام واضح.. كيف تحول دعم إسرائيل إلى تنافس بين الديمقراطيين والجمهوريين؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ماكور ريشون" العبرية الضوء على الانقسام السياسي الأميركي إزاء حكومة بنيامين نتنياهو في ظل استمرار عدوانها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأفادت الصحيفة بأن "الحرب في غزة كشفت عن بعض خطوط الصدع الحاسمة في الحزب الديمقراطي، حيث يستشعر الجناح الليبرالي فيه القلق بشأن سجل حقوق الإنسان في إسرائيل، أحد أقوى حلفاء الولايات المتحدة".

وفي الوقت الذي ينقسم فيه الديمقراطيون بشأن إسرائيل والحرب، فإن رئيس وزراء الاحتلال يحظى بدعم واسع النطاق من قبل الجمهوريين، وفق رؤية "ماكور ريشون".

وفي 20 مارس/ آذار 2024، انضم بنيامين نتنياهو، إلى الجمهوريين في مجلس الشيوخ عبر مكالمة فيديو. 

وتقول الصحيفة إن "وجهه وصوته المزدهر ظهرا في الاجتماع الأسبوعي المغلق للحزب في أحدث دليل على تعميق سياسات الحزب حول العلاقات الإسرائيلية الأميركية".

مسألة حزبية؟

وتابعت: "وبعد مضي أسبوع على زيارة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشارلز شومر، لنتنياهو ودعوته لإجراء انتخابات جديدة في إسرائيل، وفي ظل تصاعد الانتقادات من الديمقراطيين للحرب في غزة، يسعى الجمهوريون في الكونغرس لتعزيز ولائهم غير المشروط لحزبهم تجاه الدولة اليهودية".

وفي هذه النقطة، تلفت الصحيفة إلى أن "موقف الجمهوريين على النقيض تماما من موقف الحزب الديمقراطي، الذي جذب في السابق أكبر عدد من الناخبين اليهود".

وانتقادا لهذه الظاهرة، صرح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الرئيس السابق دونالد ترامب، قائلا إن "اليهود الأميركيين الذين يصوتون للديمقراطيين يكرهون دينهم"، في إشارة منه إلى انتقادات الحزب المنافس المتزايدة للعدوان على غزة.

وكرد فعل، أعرب الديمقراطيون وبعض الجمهوريين عن اشمئزازهم من تصريحات ترامب، التي قالوا إنها “تستغل الصور النمطية المعادية للسامية”.

وفي الاجتماع الذي انضم إليه نتنياهو، اطلع الجمهوريون في مجلس الشيوخ على حالة الحرب، وطمأنه العديد من المشرعين بأنهم يختلفون بشدة مع انتقادات شومر، وفق ما ذكرته الصحيفة.

وبهذا الشأن، توضح الصحيفة أن شومر رفض طلب نتنياهو المشاركة في الجلسة المغلقة للديمقراطيين في مجلس الشيوخ، قائلا إنه "يعتقد أن الخطابات الخاصة بالحزب ستعطي الانطباع بأن دعم أقرب حليف لأميركا هو مسألة سياسية حزبية". 

وأوضح، في تصريحه للصحفيين، أنه يهتم كثيرا بإسرائيل ومستقبلها على المدى الطويل، مشيرا إلى أن "القضية عندما تكون حزبية، فإن المساعدات المقدمة لإسرائيل تصبح ضارة أكثر".

وفي خطابه الذي أثار ردود فعل قوية من المسؤولين الإسرائيليين وبعض الجماعات اليهودية الأميركية، وصف شومر طريقة تعامل نتنياهو مع الحرب بأنها "تؤدي إلى تدهور الدعم لإسرائيل في جميع أنحاء العالم إلى مستوى تاريخي منخفض".

كما أوضح أن "نتنياهو يهتم بالبقاء في السلطة أكثر من اهتمامه بما هو مصلحة لإسرائيل"، لافتا إلى أنها دولة "لا يمكنها البقاء على قيد الحياة إذا أصبحت منبوذة".

وفي المقابل، تشير الصحيفة العبرية إلى أن "هذه التصريحات، التي جاءت من أحد أقوى المؤيدين الديمقراطيين لإسرائيل في الكونغرس، تعكس غضبا واسع النطاق تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني".

وفي تعليق له على التصريحات الأخيرة تجاه الاحتلال الإسرائيلي، قال السيناتور تومي توبرفيل: "كما تعلمون، تحاول الإدارة الأميركية أن تقول لإسرائيل كيف تخوض الحرب. في حين لم يحاولوا أن يخبروها كيف قاتلوا في الحرب العالمية الثانية والعراق وأفغانستان".

وعلى الجانب الآخر، تنقل "ماكور ريشون" رد فعل نتنياهو على كلمات شومر، والذي أعرب عن امتنانه من "وقوف الجمهوريين خلفه بنسبة مئة في المئة، بينما يثير الديمقراطيون انتقادات واعتراضات على سياسته في الحرب". 

وعندما طلب منه أحد أعضاء مجلس الشيوخ الرد مباشرة، قال نتنياهو إن رده الدبلوماسي سيتمثل في وصف انتقادات شومر بأنها غير لائقة، بينما رده غير الدبلوماسي هو وصفها بأنها "فاحشة".

توتر داخلي

وبالعودة إلى مشهد الحرب في غزة، تتناول الصحيفة قول نتنياهو إنه "يعتزم تنفيذ خطة إسرائيلية للقضاء على ما تبقى من كتائب مقاتلي (حركة المقاومة الإسلامية) حماس الموجودة في مدينة رفح المكتظة بالسكان".

وتوضح أنه في المقابل، حث الرئيس الأميركي جو بايدن، نتنياهو على "عدم شن غزو بري على مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، حيث يلجأ معظم سكان القطاع". 

وتؤكد الصحيفة العبرية أن "التزام نتنياهو بالعملية أثار مخاوف حقيقية من ارتفاع عدد القتلى في غزة بشكل كبير، والذي يقترب بالفعل من 32 ألف شخص".

وفي هذا السياق، تلفت الأنظار إلى "الموقف المتناقض لبايدن، فبينما يقدم الأسلحة والدعم الدبلوماسي لإسرائيل، فإنه ينتقد نتنياهو في الوقت نفسه لأنه لم يفعل سوى القليل لمنع سقوط ضحايا من المدنيين ولفرض الحصار على غزة".

وتضيف الصحيفة العبرية أن "إدارة بايدن أدانت كذلك معارضة نتنياهو لرؤية واشنطن التي طال انتظارها بشأن حل الدولتين".

وتنوه إلى أن "بايدن يواجه ضغوطا متزايدة من فصيل من قاعدة الناخبين الديمقراطيين يعارض الحرب، كما أنهم يطلبون من الإدارة قطع المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل".

وردا على ما يعدونه تفضيلا من بايدن لإسرائيل، تسلط الصحيفة الضوء على أن "الديمقراطيين في الولايات المتأرجحة الرئيسة أدلوا بأصوات احتجاجية في الانتخابات التمهيدية الأخيرة".

"وهي علامة تحذير من أنه قد يخسر أصواتهم إذا لم يغير مساره قبل انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2024".

وتابعت: "على الرغم من ذلك، فإن بايدن والغالبية العظمى من المشرعين الديمقراطيين يدعمون إرسال مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل". 

وتنوه الصحيفة إلى أن "هذه المساعدات لا تزال معلقة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وذلك بسبب اعتراضهم على تمويل أوكرانيا، كجزء من نفس الحزمة التي وافق عليها مجلس الشيوخ".

وأردفت: "في المقابل، اتهم المشرعون الجمهوريون -الذين كثيرا ما أرجعوا اهتمام حزبهم المتضائل بتمويل المجهود الحربي في أوكرانيا إلى الضغوط السياسية الداخلية- الديمقراطيين بالاستماع إلى ناخبيهم، وليس إلى مصالح الأمن القومي الأميركي، عندما يتعلق الأمر بإسرائيل".

أداة سياسية

وكما ورد عن الصحيفة، قال السيناتور الجمهوري تيد كروز: "سمعت في إسرائيل أن هناك نكتة مفادها أن الديمقراطيين يسعون إلى حل الدولتين، والدولتان هما ميشيغان ونيفادا"، في إشارة منه إلى ولايتين متأرجحتين في الانتخابات المقبلة. 

وأضاف أن "السياسة الداخلية تدفع الديمقراطيين إلى إلقاء صديقتنا وحليفتنا إسرائيل تحت الحافلة".

وأما بشأن دعم الجمهوريين المطلق لإسرائيل، تشير "ماكور ريشون" إلى المكالمة المطولة التي أجراها رئيس مجلس النواب مايك جونسون، مع نتنياهو.

إذ أكد فيها مجددا على "دعم الجمهوريين في مجلس النواب لإسرائيل"، واصفا كلمات شومر بأنها "خطيرة".

وقال ترامب في مقابلة بثت يوم 18 مارس 2024: "كل يهودي يصوت للديمقراطيين يكره دينه. إنهم يكرهون كل ما يتعلق بإسرائيل، وعليهم أن يخجلوا من أنفسهم". 

وفي المقابل، وصف شومر، أكبر سياسي يهودي في البلاد، تصريحات ترامب بأنها "معادية للسامية"، كما قال إنها "تشجع المنطق القائل بأن اليهود الأميركيين لديهم ولاءات مزدوجة".

فيما صرح السيناتور بريان شاتز بأن "الجمهوريين ينظرون إلى إسرائيل بوصفها أداة سياسية وليس كدولة ووطن". 

وأشار إلى أن تعليقات ترامب الأخيرة كانت بمثابة "مكبر صوت لواحدة من أقدم الصور النمطية المعادية للسامية في السياسة الأميركية". 

وبشكل "صارم للغاية"، على حد وصف الصحيفة، قال اليهودي شاتز: "يُسمح لنا أن نتجادل مع بعضنا البعض بشأن إسرائيل، ويُسمح لنا بمناقشة مسألة ما يعنيه أن تكون يهوديا. لكن لا يُسمح لدونالد ترامب بالدخول في هذه المحادثة".