العمال الأجانب يعيشون "في الظل" بالجزائر.. مجلة فرنسية تشرح قصتهم

قسم الترجمة | منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

استعرضت مجلة فرنسية دراسة أجراها "مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية (Cread)" حول حالة المهاجرين في الجزائر، مؤكدة أنهم يعيشون على هامش المجتمع.

وقالت مجلة جون أفريك إن "الجزائر تسعى إلى فهم التحديات التي يواجهها العمال الأجانب المقيمون على أراضيها، والتصدي لها".

وأجرت مقابلة مع محمد صائب موسيت، أحد القائمين على الدراسة، حيث حلل النتائج الرئيسة لها، في محاولة لتوفير إجابات شاملة عن أحوال العمال الأجانب في الجزائر.

وقال التقرير إن "العمال الأجانب في الجزائر يعيشون في الظل، كما أن هناك نقصا نسبيا في وضع الذين يحظون منهم بوضع قانوني وحقوق اجتماعية، مقابل وجود زيادة في أعداد المهاجرين غير النظاميين".

وهناك ولايات خمس شملتها الدراسة وهي: وهران والجزائر العاصمة وبجاية وتلمسان وتمنراست، وهي مناطق عمل رئيسة للمهاجرين في البلاد.

ضحايا للتمييز

وتتبعت الدراسة مسار القوى العاملة الأجنبية وتطورها في سوق العمل الجزائري، سواء كانت تعمل بشكل رسمي أو غير رسمي. 

وأشار موسيت إلى أن "هناك نسبة عالية من العمال الأجانب يشعرون بأنهم ضحايا لبعض أشكال التمييز".

ووفق الدراسة، فإنه لا توجد هوية موحدة أو ملف تعريف شامل للعمال الأجانب في الجزائر، لكن بدلا من ذلك، تتواجد جاليات أجنبية غير متجانسة تعمل في كل من القطاعين الاقتصاديين: القطاع الحديث والقطاع غير الرسمي.

وقال التقرير: "في القطاع الحديث، يوجد قوة عاملة تستجيب لاحتياجات سوق العمل، حيث يحمل هؤلاء الأجانب إما تصريح عمل (في حالة الموظفين) أو سجلا تجاريا".

أما في الاقتصاد غير الرسمي، فإن العمال لا ينتمون إلى نظام الضمان الاجتماعي ويعملون بشكل ذاتي، أو لصالح أصحاب الأعمال أو كموظفين بدون تسجيل رسمي، وفق التقرير.

ووفقا للنتائج التي توصلت إليها الدراسة، فقد جرى تصنيف العمال الأجانب إلى فئتين متميزتين، أولهما المهاجرون الجدد الذين وصلوا للجزائر في السنوات الخمس الماضية من إفريقيا جنوب الصحراء.

وتتميز هذه الفئة بمستوى تعليم منخفض وخبرة مهنية محدودة، ووضع مالي غير مستقر، واندماج ضعيف للغاية، وفق الموقع.

وأكدت المجلة أن العمال الذين ينتمون إلى هذه الفئة يأملون في تقليل وقت وجودهم في الجزائر، والعبور إلى غيرها من البلدان.

أما الفئة الثانية فتشمل العمال المهاجرين المؤقتين، وينحدر هؤلاء بشكل عام من دول عربية وآسيوية، وهم أفضل تعليما وخبرة من الفئة الأولى، كما أنهم مندمجون بشكل أفضل في الاقتصاد الجزائري.

تطور سوق العمل

وقالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، إنه وفقا للبيانات المتاحة، فإننا نلاحظ انخفاضا في أعداد العمال الأجانب. 

ففي بداية هذه الألفية، كان هناك بالكاد 1000 عامل يحملون تصاريح عمل رسمية، قبل أن يرتفع هذا العدد إلى 100 ألف في عام 2016، حسب الدراسة.

وأفادت الدراسة أنه "في نهاية عام 2020، جرى تقليص عدد حاملي التصاريح الصالحة للعمل إلى الخُمس، أي أقل من 20 ألف عامل أجنبي".

وأكدت المجلة أنه "يجب ملاحظة أن رعايا بعض الدول (مثل تونس وفرنسا) غير ملزمين بنظام تصاريح العمل، ولكن يجري تسجيلهم على أي حال، بيد أن معرفة حجم العمال غير الموثقين يظل بعيد المنال من ناحية الإحصاء".

وفيما يتعلق بالمجالات الأكثر شهرة، فإن قطاعي البناء والتجارة يشهدان نشاطا كبيرا، حيث يشكل التجار الجزء الأكبر من هذه القوة العاملة.

وأفاد التقرير بأن "عدد التجار الذين يعملون بشكل فردي في هذين المجالين يفوق عدد الشركات القانونية في نفسي المجالين بحوالي 7 أضعاف".

وأضاف أن "العمال الأجانب يتوزعون بشكل رئيس في قطاع الخدمات بنسبة 34 بالمئة، وقطاع إنتاج السلع بنسبة 33 بالمئة، وفقا للبيانات الرسمية لعام 2021".

ووفق موسيت، فإن "هناك 5 جاليات تتمتع بحضور قوي في القطاع الاقتصادي الحديث في الجزائر، وهم الفرنسيون بأكثر من 2000 شركة، والأتراك، والسوريون، والتونسيون، والصينيون".

وأضاف أنه "فيما يتعلق بالتكامل الاقتصادي، يمكن القول إنه بمرور الوقت ينتهي الأمر بالمهاجرين إلى الاندماج بشكل أفضل، حتى على هوامش القطاع الحديث، مع استقرار نسبي في العمل، ودخل أعلى من الحد الأدنى للأجور، ويعيشون في ظروف مقبولة إلى حد ما".

بلا اندماج

ومع ذلك، يجدر بالذكر أن غالبية الأجانب في الجزائر يعيشون على هامش المجتمع دون السعي إلى الاندماج مع الجزائريين، وفق الدراسة.

وقال موسيت: "عندما ينتهي عقد العمل الخاص به (سواء كانت هناك وثيقة كتابية أو لا)، يختار الأجنبي العودة إلى بلده، سواء كان يعمل في القطاع الرسمي أو غير الرسمي، وسواء كانت إقامته نظامية أو غير نظامية".

وحول اختلاف الهويات والعنصرية ضد الأجانب، أوضحت مجلة "جون أفريك" أن الدراسة سلطت الضوء على الاختلافات في الممارسات الدينية للأجانب مقارنة بالمجتمع الجزائري.

ويرى موسيت أن "التمييز تجاه الأجانب من ثقافات مختلفة ظاهرة اجتماعية مشتركة بين جميع المجتمعات البشرية، والجزائر ليست استثناء هنا".

وأظهرت الدراسة أن 16 بالمئة من الأجانب في الجزائر يدّعون أنهم ضحايا للتمييز، وهو أمر أكثر بروزا فيما يتعلق بالأجانب من جنوب الصحراء الكبرى (32 بالمئة) مقارنة بالعرب أو الآسيويين، ففي بعض الأحيان ينسى بعض الجزائريين أنهم أفارقة أيضا".

وأضاف موسيت أنه "بالإضافة إلى التمييز، تبقى العنصرية بين الأسود والأبيض موجودة كظاهرة مستترة".

أشار أنه "من المسلّم به أن القيود الأوروبية (على الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي) هي أصل الهجرات العابرة".

وتابع: "لكنها تحدث بشكل أقل فأقل في الجزائر، ويبدو أن الهجرة العابرة التي تمر من الجزائر إلى أوروبا، آخذة في الانخفاض عند مقارنة بيانات المسح".

وأردف: "وفقا لنتائجنا، لا يزال 21 بالمئة من المهاجرين يعتزمون الذهاب إلى بلد آخر، وليس إلى أوروبا".

لكن هناك مسحا أُجري في عام 2008 أشار إلى أن نسبة المهاجرين من جنوب الصحراء الذين عبروا الجزائر للوصول إلى أوروبا كانت حوالي 40 بالمئة، وفق موسيت.

وأكد أنه وفقا لذلك، "فقد انخفض معدل المهاجرين الذين يتطلعون إلى دخول أوروبا بنسبة النصف خلال تلك الفترة".

سياسة مرنة

وأشار "مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية (Cread)" في دراسته إلى أن "سياسة الهجرة الجزائرية ليست ثابتة ولا محددة في خطة أو خطاب أو برنامج".

"لكن تقوم الإستراتيجية المعتمدة على توزيع المهام بين مختلف القطاعات، مع التنسيق بين القطاعات على مستوى رئاسة الوزراء"، حسب المركز البحثي.

وأوضح أن "هذه الإستراتيجية تتطور حسب الظروف، فعلى الصعيد الدولي، امتنعت الجزائر عن التوقيع على ميثاق الهجرة العالمي عام 2018".

لكن على الرغم من ذلك، قدمت الدولة المغاربية في عام 2021 تقريرا استباقيا إلى الأمم المتحدة بشأن تنفيذ هذا الاتفاق.

وعلى المستوى الإقليمي، لم توقع أيضا، في 2018، على بروتوكول الاتحاد الإفريقي بشأن حرية تنقل الأشخاص.

لكن في الوقت نفسه، تمتلك "الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية" صندوقا قيمته مليار دولار لدعم تنمية الدول الإفريقية.

وأخيرا، على المستوى الوطني، أُقر قانون بشأن التمييز في عام 2020، كما اعتُمد قانون جديد بشأن الاتجار بالبشر في عام 2023.

وكذلك أُدخلت تعديلات على قانون إقامة الأجانب عام 2008، وفق مجلة جون أفريك الفرنسية.

وأضاف موسيت: "أخيرا وللتذكير، فإن الجزائر تمنح المنح الدراسية الخاصة بالتعليم العالي للطلاب الأفارقة منذ الستينيات".