التقارب بين تركيا والإمارات.. كيف يؤثر على أزمتي سوريا وليبيا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة بريطانية الضوء على اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان وانعكاساته على العلاقات على الأزمتين الليبية والسورية.

وقالت صحيفة الإندبندنت في نسختها التركية: "جاء رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى تركيا لمشاهدة نهائي دوري أبطال أوروبا مع الرئيس أردوغان (في ملعب أتاتورك الأولمبي بإسطنبول 10 يونيو/ حزيران 2023)".

لقاء مهم

وأردف الكاتب والمحلل السياسي التركي "باتو جوشكون": أكدت الصور الدافئة بين الزعيمين على التحول الذي طرأ على العلاقات بين أنقرة وأبوظبي على مدى العامين الماضيين.

ومع استحضار الاتهامات التركية ووسائل الإعلام المقربة من الحكومة في الماضي غير البعيد، والتي وصلت إلى حد ربط الإمارات بمحاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز 2016، يمكن القول بالفعل إن تطبيعاً شاملاً قد حدث بين العاصمتين. 

وأشار الكاتب التركي إلى أنَّ اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة للإمارات وتركيا تُعَدُّ حافزاً رئيسا للنمو المستدام وبدء مسار جديد لفرص التجارة والاستثمار المتبادلة.

وهذه الاتفاقية وقعها الطرفان في 3 مارس/آذار 2023، في خطوة تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمارات المتبادلة بين البلدين. 

ووقعت الإمارات وتركيا عشرات الاتفاقيات الإستراتيجية ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الثنائي، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والأمنية والبيئية والتكنولوجية وغيرها.

ولفت الكاتب التركي النظر إلى أنه في الماضي، كانت الإمارات أكثر من مجرد مسألة نقاش في السياسة الداخلية التركية، بل كانت أيضاً منافساً إقليمياً مهماً لأنقرة، ولكن الآن تُظهِر هذه المعايير علامات على التغيير. 

وأضاف جوشكون: كان من بين الضيوف الدوليين الذين شاهدوا نهائي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة. 

كما نشرت الصحافة لقطات لأردوغان وآل نهيان والدبيبة وهم يتعانقون ثم يجلسون على طاولة معاً.

تعاون مشترك

وأشار الكاتب التركي إلى أن السؤال الذي يدور في أذهان العديد من المراقبين الدوليين هو ما إذا كانت تركيا والإمارات،، ستعكسان تليين العلاقات الثنائية على الساحة الليبية، بعقل مشترك؟ 

وتساءل: هل الدولتان اللتان دعمتا في السابق حكومتين متنافستين ستتعاملان (بجدية) مع هذه الأزمة التي هي الآن في طريقها إلى أن تصبح صراعاً باهتاً؟

واستدرك جوشكون: في الواقع، يبدو أن تركيا والإمارات بدأتا تعاوناً في ليبيا منذ عام 2022، وهو أمر غير واضح في الوقت الحالي إلّا أنَّ له نتائج فعالة، وأساس هذا التعاون يكمن في فهم مشترك لتوازن القوى في الدولة المغاربية. 

وتابع: "يمكننا القول إن أحد المؤشرات الواضحة على ذلك هو أنه في يوليو 2022، جرى استبدال رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للبترول، مصطفى صنع الله، بفرحات بن قدارة، وهو ما اتفقت عليه كل من أنقرة وأبوظبي وإدارة الدبيبة".

ولفت الكاتب التركي النظر إلى أنه من المهم جداً أن يتجلى هذا التعاون في قطاع إستراتيجي مثل صادرات النفط في ليبيا. 

ويبدو أن الاستثمار المشترك في إدارة الدبيبة ومحاولات فتح المجال أمامه في كل من الشرق والغرب ضمن حسابات القوة المجزأة في ليبيا، تعكس الحس السليم لأنقرة وأبوظبي في هذه المرحلة، وفق تقديره. 

وأردف: "في هذه الفترة التي تتطور فيها العلاقات بين البلدين بسرعة، سيكون من الممكن بالنسبة لنا أن نشعر بالشراكة التركية الإماراتية في ليبيا بأشكال أكثر انفتاحاً وتعدُّداً". 

الأزمة السورية

وأضاف جوشكون: هنالك قضية أخرى بين أنقرة وأبوظبي وهي محاولات إنهاء الأزمة السورية. 

إذ كانت أبوظبي بالفعل واحدة من أوائل الدول العربية التي غيرت موقفها تجاه رئيس النظام السوري بشار الأسد، حيث أقامت علاقات مع دمشق على مستوى السفارة منذ عام 2018.

والآن، جرى التوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً بشأن التطبيع مع الأسد في العالم العربي، لأن المملكة العربية السعودية تشارك في هذه العملية. 

وأشار الكاتب إلى أنه في حين أن تركيا تعمل على تقييم سبل التطبيع مع الأسد في المحادثات التي تعقد من خلال موسكو لبعض الوقت، فإنه من المحتمل الآن أن تلعب الإمارات دوراً مهماً في هذه المرحلة. 

وأضاف جوشكون: لطالما تُركت مفاوضات تركيا مع سوريا لاحتكار موسكو وطهران. وعلى الرغم من إحراز تقدم في هذه المفاوضات، لم تظهر بعد نتيجة جدية ومهمة. 

وفي هذه المرحلة، بالنسبة لصناع القرار الأتراك، قد يؤدي المسار العربي - أي محاولات التطبيع مع الأسد من خلال جامعة الدول العربية - إلى نتائج أكثر صحة، وفق زعمه.

وبالتالي، يمكن حل قضية اللاجئين السوريين، التي تَهُم أيضا كل من تركيا ولبنان والأردن، في شكل إقليمي وأكثر شمولا. 

ومن المرجح أن ينظر الأسد، الذي سيرغب في موازنة نفوذ موسكو وخاصة طهران في بلاده، بشكل إيجابي إلى مثل هذا المسار، كما قال الكاتب.

وتابع: "بالنظر إلى علاقات تركيا العميقة مع العالم العربي، فإن إشراكها في هذه العملية سيجعل العلاقات الطبيعية مع الأسد أكثر فعالية ويفصل هذه العملية عن نفوذ روسيا وإيران".

ولفت إلى أن التطبيع مع الأسد ثم مع سوريا نفسها، تأتي أولاً كقضية عربية، وعلى العواصم العربية بما في ذلك دول الخليج، أن تتفحص وتهتم بهذا الملف.

وختم بالقول: "إذا كان الرئيس أردوغان سيعقد اجتماعا وجها لوجه مع الأسد، فقد تكون أبوظبي هي المكان المناسب لذلك، على عكس موسكو". بحسب تقييمه.