عبدالله الأحمر.. شيخ يمني وفّق بين الممارسات السياسية والأعراف القبلية
.jpg)
في 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، تحل الذكرى الـ 13 لوفاة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، الشخصية القبلية والسياسية الأشهر في اليمن.
توفي الشيخ الأحمر في 28 ديسمبر/كانون الأول 2007، بمدينة الرياض، متأثرا بمرض السرطان، عن عمر ناهز 74 عاما، تبوأ خلالها مناصب قيادية في اليمن، وشهد أحداثا ومنعطفات مهمة، كان جزءا منها أو شاهدا عليها.
يعد الشيخ الأحمر أشهر شخصية قبلية يمنية، وشيخ مشايخ قبيلة حاشد، إحدى كبريات القبائل اليمنية، وسليل أسرة الأحمر، التي قاومت الإمامة وحاربت الملكية لعدة سنوات قبل اندلاع الثورة.
شخصية وازنة
رغم كون الشيخ الأحمر جزءا من حزب الإصلاح المعارض، إلا أنه كان شخصية وازنة، وصاحب تجربة ثورية وقبلية وسياسية ثرية، حيث استطاع بما يحمله من ثقل اجتماعي وخبرة سياسية، أن يحقق نوعا من التوازن في الاختلالات التي عاشها المشهد السياسي اليمني.
وكشخصية قبلية، آمن الأحمر بالتعددية الحزبية مبكرا، غير أنه لم يمارسها إلا بعد أن أقر الدستور اليمني التعددية الحزبية مطلع تسعينيات القرن الماضي.
أدرك الشيخ الأحمر أن القبلية يمكن أن تعمل إلى جانب السياسية بخطين متوازيين ويعضد كل منهما الآخر، فكتب في مذكراته: "لقد أصبحت الحزبية حقيقة واقعة ومؤصلة في الدستور، لكننا نستطيع أن نلتزم بمبدأ التعددية الحزبية، ونحافظ أيضا على التماسك القبلي الذي هو صمام أمان في اليمن عبر التاريخ".
مسؤولية مبكرة
ولد الشيخ عبد الله بن حسين بن ناصر بن مبخوت الأحمر في حصن حبور، بمنطقة "ظليمة" حاشد، التابعة لمحافظة عمران، شمال صنعاء، وتلقى دراسته الأولية في كُتاب القرية، وتعلم القراءة والكتابة والعلوم الأولية على يد معلمه السيد "حسن الفخري".
تولى الشيخ الأحمر مسؤولية عائلته مبكرا، وتحديدا في سن الثانية عشرة، قبل أن تتوسع عقب ذلك مسؤوليته ليكون مشرفا على أملاك والده، عندما ناهز الثالثة عشرة من عمره، حيث كان والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر ملاحقا من قبل الإمام "يحيى حميد الدين" ثم الإمام "أحمد"، في حين كان شقيقه الأكبر "حميد" رهينة لدى الإمام عن أسرة آل الأحمر.
كان الإمام "أحمد" يأخذ من كل قبيلة رهائن من أبرز وجهائها، ليضمن الولاء وعدم التمرد عليه، وهو سلوك درج عليه الإمام يحيى، ومَن قبله من الأئمة الذين حكموا اليمن لنحو 1000 عام.
اعتقل "الشيخ الأحمر" لمدة عام، بدلا عن أخيه الرهينة "حميد الأحمر"، الذي ذهب للزواج، ثم اعتقل مرة ثانية بعد أن أقدم الإمام أحمد على إعدام والده الشيخ "حسين الأحمر" وأخيه "حميد حسين الأحمر"، على خلفية مواقفهما المؤيدة لثوار 1948، ومكث في السجن 3 سنوات حتى قيام الثورة ضد الإمام "أحمد" عام 1962.
قائد عسكري
في نفس يوم الثورة، أي في 26 سبتمبر/أيلول 1962، بعث المشير "عبد الله السلال"، أول رئيس لليمن بعد الثورة، برقية وجه فيها بإطلاق سراح الشيخ "عبد الله الأحمر"، الذي كان نزيلا في سجن المحابشة سيئ السمعة بمحافظة حجة، وكلفه بالمجيء إلى صنعاء.
استقبل "الشيخ الأحمر" بعدها في صنعاء من قبل مجلس قيادة الثورة، وتم تكليفه على الفور بشن هجمات على مسلحي القبائل الموالين للإمام "محمد البدر" نجل الإمام "أحمد"، وهو الأمر الذي استغرق نحو 8 سنوات حتى انتهاء الحرب بين الجمهوريين والملكيين مطلع السبعينيات.
عقب اندلاع ثورة 1962، تولى "الشيخ الأحمر" عضوية مجلس الرئاسة الذي تم تشكيله بعد الثورة، ثم ترأس وزارة الداخلية بعد ذلك بنحو عام، وتولى هذا المنصب لـ3 مرات متتالية.
كان "الشيخ الأحمر" جزءا من القوات الجمهورية في فترة ما سمي "حصار السبعين"، الذي استمر 70 يوما على صنعاء (من 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1967 وحتى 8 فبراير/شباط 1968)، وفي عام 1969 انتخب "الشيخ الأحمر" رئيسا للمجلس الوطني الذي تولى صياغة الدستور الدائم للبلاد.
علاوة على ذلك، كان "الشيخ الأحمر" أحد المساهمين في تحقيق المصالحة الوطنية عام 1970، التي تمت ضمن جدول أعمال المؤتمر الإسلامي بجدة، وتم بموجبها المصالحة بين الجمهوريين والملكيين والاعتراف بالثورة والجمهورية اليمنية من قبل الرياض.
وعقب تحقيق المصالحة الوطنية في يناير/كانون الثاني 1970، تولى "الشيخ الأحمر" رئاسة مجلس الشورى حتى استقالته، ثم حُل المجلس من قبل الرئيس "إبراهيم الحمدي" في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1975.
تولى "الأحمر" بعد ذلك عضوية المجلس الاستشاري عام 1979، ثم عين عضوا في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه عام 1982 حتى قيام الوحدة عام 1990.
الشيخ والرئيس
كان "الأحمر" حليفا سياسيا للرئيس السابق "علي عبد الله صالح"، الأول بصفته القبلية، والثاني بصفته السياسية، متفقين إلى حد ما في كثير من الأمور، وفقا لقاعدة (أنت شيخي وأنا رئيسك) التي كان يرددها الرجلان، حتى قرر "الأحمر" تأسيس حزب الإصلاح المعارض عام 1990، بعد صدور دستور يسمح بتأسيس الأحزاب.
رأس الشيخ الهيئة التحضيرية العليا للحزب، وتولى قيادة الحزب حتى وفاته في 2007، ليخلفه بعدها "محمد عبد الله اليدومي".
تعرض "الأحمر" لانتقاد وهجوم كثير من الأحزاب المعارضة لحزب الإصلاح ذي الخلفية الإسلامية، سواء من حزب المؤتمر الحاكم أو من الأحزاب الأخرى، واليسارية على وجه الخصوص.
تم انتخابه رئيسا لمجلس النواب لثلاث فترات متتالية أي من 15 مايو/آيار 1993، وحتى وفاته في 2007، ورغم أن التوترات التي كانت تحصل بينه وبين الرئيس الراحل "صالح" لم تكن معلنة، لكنها ما لبثت أن طفت على السطح بعد تأزم الوضع في اليمن عام 2002.
محاولة اغتيال
العلاقة بين "صالح" و"الأحمر" زادت توترا عقب اغتيال الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي "جار الله عمر" في 28 ديسمبر/كانون الأول 2002.
تصاعدت الأزمة بين الرجلين ودعا "الأحمر" إلى إخراج البلد من النفق المظلم، ما جعل "صالح" يشتاط غضبا ويسب "الشيخ" لأول مرة بشكل علني، وتتولى الصحف التابعة لحزب المؤتمر تخوين "الأحمر" واتهامه بالعمالة.
في 13 مارس/آذار 2004، تعرض "الأحمر" لمحاولة اغتيال، عبر انقلاب سيارته، أثناء حضوره مؤتمر البرلمان الإسلامي في "داكار" عاصمة السنغال، وتعرض لإصابات خطيرة، نقل على إثرها إلى باريس، وكانت بعض الأصابع تشير إلى وقوف الرئيس السابق "صالح" خلف هذه الحادثة، في حين رأى البعض أنه حادث عرضي.
حينها استقبل الأمير "سلمان بن عبد العزيز"، أمير منطقة الرياض حينها، "الشيخ" عقب عودته من باريس إلى الرياض، واستكماله العلاج، قائلا له: "احمد ربك إنه ما عمل لك مثل جار الله عمر".
الاتهامات غير الرسمية التي وجهت لصالح، تزامنت مع اتهامات أخرى بمسؤولية إسرائيل عن هذه الحادثة، خاصة وأن "الشيخ الأحمر" كان من أشد الداعمين للقضية الفلسطينية.
ترأس "الأحمر" مؤسسة القدس العالمية في اليمن، وكان نائبا لرئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس، ورئيس لجنة القدس بمجلس النواب (البرلمان اليمني)، ورئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأقصى وفلسطين.
وكان أيضا رئيس اللجنة البرلمانية للقدس وفلسطين، كما رأس اللجنة الشعبية لمناصرة الشعب الكويتي بعد الغزو العراقي، وتولى عضوية مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية العالمية.
المصادر
- الشيخ عبد الله في سطور : نبذة تعريفية
- عبدالله بن حسين الأحمر
- رئيس مجلس النواب / الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر
- مذكرات الشيخ عبدالله الأحمر: المشاركة في السلطة واشتعال الأزمة فالحرب (10 ـ 10)
- رحيل الشيخ الأحمر .. فراغٌ في انتظار الأبناء
- الشيخ عبد الله الأحمر.. رمز سياسي وتاريخي يمني
- الشيخ الأحمر .. موسوعة الويكيبديا
- تحمل المسؤولية في الثانية عشرة وحمل البندقية في الثالثة عشرة
- الرئيس وأولاد الشيخ.. التعايش المستحيل