صحيفة إسرائيلية تكشف أسباب الخلاف السعودي الإماراتي باليمن

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن أسباب خلافات قطبي التحالف العربي السعودية والإمارات في اليمن، وعدد من دول المنطقة التي تشهد أزمات، مبينة دوافع أبو ظبي للانسحاب من كامل الأراضي اليمنية، وفقا للأنباء التي أوردتها وكالات أنباء دولية.

وقالت الصحيفة في مقال للكاتب زفي باريل، إن العلاقات المتوترة بين أعضاء التحالف العربي لا تترك أملا كبيرا في حل سياسي باليمن، ما يحبط الهدف الأمريكي السعودي المتمثل في هزيمة الحوثيين شركاء إيران.

مهمة جديدة

وأضاف: "أن لدى الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، مهمة جديدة. إنه يحاول تجنيد الدول والقوات الصديقة في الشرق الأوسط لتشكيل تحالف من القوات البحرية للقيام بدوريات في المجاري المائية الإستراتيجية مثل الخليج العربي، وباب المندب".

وأشار الكاتب إلى أن المرشحين الفوريين للانضمام إلى مثل هذه المجموعة هم السعودية والإمارات وقطر وربما مصر، وأن هذه الدول تستخدم للعمل في الائتلافات.

ولفت إلى أنه ذات مرة كان هناك التحالف العربي الذي أنشأه العاهل السعودي سلمان في عام 2015 ضد إيران، وفي مرة أخرى كان التحالف العربي الأمريكي ضد تنظيم الدولة، وفي أحيان أخرى كانت تحالفات دولية في الحروب ضد أفغانستان والعراق.

وأضاف الكاتب: "تواجه هذه التجمعات العربية الغربية عادة تحالفات مثل المحور الروسي الإيراني التركي. قد يشير تشكيل تحالف لمراقبة الخليج العربي والبحر الأحمر إلى أن الهجوم على إيران انتقاما من الهجمات على ناقلات النفط في الخليج - المنسوبة إلى إيران – ليس ضمن الأولويات".

وبيّن أن حماية السفن جزء من الإستراتيجية الجديدة، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة تعلمت دروسا من محاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة والدولة وحركة طالبان، واكتشفت أن الضربة العنيفة قد تعمل ضد دولة ولكن ليس ضد الصواريخ المحمولة على الكتف أو الإرهابيين الذين يلقون لغما على جسم سفينة أو يطلقون النار أو الصواريخ في المطار".

وبحسب الكاتب، فقد أظهرت هذه الحروب أيضا أنه قد يكون من السهل تشكيل ائتلافات بين القوى الكبرى، لكن يتعين عليها جميعا الاعتماد على القوات المحلية، عادة المليشيات أو غير النظاميين الآخرين.

فشل متكرر

ورأى أنه "في سوريا، فشل التحالف العربي في تجنيد ما يكفي من الفصائل لفترة طويلة. وقاتلت هذه الفصائل بعضها البعض بدلا من نظام الأسد. وكان هذا هو الحال في العراق، حيث كان على الحكومة أن تسعى للحصول على مساعدة المليشيات الموالية لإيران، والتي أصبحت بعد ذلك جزءا من القوات النظامية. لقد قاتلوا بشكل جيد ضد تنظيم الدولة لكنهم زادوا من قبضة إيران على العراق".

ولفت الكاتب إلى أن اليمن تظهر الآن صورة مماثلة للمنافسات المحلية التي تجعل من الصعب محاربة المتمردين الحوثيين. ظاهريا، منطقة الحرب في اليمن تفصل بوضوح بين المؤيدين للغرب والقوات الموالية لإيران. ولكن في الواقع هناك ما لا يقل عن 30 جبهة في جميع أنحاء البلاد. ففي الشمال الأكثر توحدا، توجد قوات الحوثيين التي تعتمد على إيران".

وأردف: "في الجنوب، هناك خليط من القوى، من بينها قوى موالية للحكومة، التي استولت مع قوى أخرى على ميناء عدن، ومليشيا تهامة، التي يتضمن مجندوها سكان مدينة الحديدة الساحلية التي تدخل عبرها معظم البضائع إلى اليمن".

ولفت الكاتب إلى أن هذه المليشيات تقاتل أيضا ضد تنظيم القاعدة في الجنوب الشرقي، وضد مليشيا يمنية بقيادة طارق صالح. بتشكيل التحالف العربي، تقرر أن تعمل المليشيات المحلية تحت إشراف التحالف، برئاسة القادة السعوديين والضباط الإماراتيين، مع توفير الدعم للقوات الجوية في هذين البلدين".

وأوضح: "السعوديون والإماراتيون يدربون الميليشيات ويدفعون رواتبهم ويشترون معداتهم. أرسل السودان ومصر قوات رمزية في البداية لكن مصر سرعان ما اكتفت بالدوريات البحرية وتقديم المشورة. وباكستان، التي انضمت إلى التحالف تحت الضغط السعودي، أعطت السعوديين الطيارين المدربين تدريبا جيدا الذين يشاركون في الغارات الجوية، ولم ترسل قوات برية".

خلاف الإستراتيجيات

ومضى يقول: "في غضون ذلك، اندلع نزاع حول الإستراتيجيات بين السعودية والإمارات. يريد السعوديون توجيه معظم الجهد نحو الشمال، حيث منه يتم شن هجمات على قاعدتين جويتين سعوديتين".

واستطرد الكاتب: "بينما تولي الإمارات أهمية أكبر للسيطرة على الجنوب، وخاصة ميناء عدن. ونتيجة لذلك، بدأت الإمارات ، التي يحكمها الشيخ محمد بن زايد، في دعم ليس فقط المليشيات الجنوبية ولكن أيضا القادة السياسيين في إطار المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي".

ونوّه إلى أن بناء هذا المجلس تأسس استنادا إلى الحركة الجنوبية، التي تأسست عام 2007 كاحتجاج ضد الحاكم السابق لليمن، علي عبد الله صالح، والذي تم خلعه خلال الربيع العربي وقُتل في وقت لاحق على يد الحوثيين بعد محاولته تشكيل تحالف مع السعوديين".

وزاد الكاتب: "يسعى الحراك الجنوبي إلى إحياء جنوب اليمن كدولة مستقلة، والمجلس الانتقالي الجنوبي له نفس الهدف"، لافتا إلى أنه "عندما قرر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، الموجود في السعودية، والذي على ما يبدو رهن الإقامة الجبرية، عزل الزبيدي كحاكم لعدن، ردت قوات الزبيدي على ذلك بالاستيلاء على عدن وحولتها إلى عاصمة للجنوبيين".

وأوضح أن "الحركة الجنوبية تضم حاليا 26 عضوا وتتلقى المساعدات والدعم من دولة الإمارات. وهناك شكوك بأن الإمارات تريد إنشاء دولة مستقلة في جنوب اليمن، وبالتالي ضمان سيطرتها على باب المندب وحركة النفط في البحر الأحمر، وهو طريق يحمل 4 ملايين برميل من النفط يوميا".

وتابع الكاتب: "أدى الخلاف الإستراتيجي بين السعوديين والإمارات إلى تصريحات خلال الأسابيع الأخيرة بأن الإمارات ستسحب قواتها جزئيا من اليمن. وكان يُنظر إلى هذا على الفور على أنه انسحاب كامل من البلاد، وترك السعوديين وحدهم. وقد نفى المسؤولون الإماراتيون ذلك ورفضوا بشدة التلميحات إلى وجود خلاف مع الرياض، لكن يبدو أن بن زايد سئم من الوضع اليائس في اليمن، الذي يهدد بلده".

ضغوط على بن زايد

ونقل عن تقارير قال إنها لوسائل الإعلام الخليجية، أن بن زايد يتعرض لضغوط من شركائه، حكام الإمارات السبع، لمغادرة اليمن، على أساس المخاوف من أن المواجهة العنيفة بين الولايات المتحدة وإيران قد تجعل الإمارات هدفا للهجمات الإيرانية.

وتابع: "كذلك، لا تريد الإمارات أن تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسعوديين، بينما السعودية في عين العاصفة السياسية الأمريكية. بلغت المواجهة بين الرئيس دونالد ترامب والكونجرس حول مبيعات الأسلحة إلى الرياض ذروتها عندما تخطى ترامب قرار الكونجرس بتجميد صفقة بقيمة 8 مليارات دولار. إنه يواجه الآن تشريعات تهدف إلى عرقلة خطوته".

وواصل الكاتب حديثه بالقول: "وفقا للاقتراح الجديد، استنادا إلى مبادرة لإعادة النظر في العلاقات الأمريكية السعودية للسيناتور جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، سيتعين على الرئيس فرض عقوبات على السعودية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ودور ولي العهد محمد بن سلمان في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وكذلك بسبب الحرب في اليمن وأزمتها الإنسانية العملاقة".

ونوه إلى أنه "ليس القصد من ذلك فرض عقوبات صارمة مثل تلك المفروضة على إيران أو سوريا، ولكن تشديد العقوبات المعلنة مثل منع دخول كبار المسؤولين السعوديين. وتشعر الإمارات بالقلق من أن مشاركتها العميقة في حرب اليمن ستجعلها هدفا للعقوبات الأمريكية. وهم يرون أن الحرب في اليمن تبدو وكأنها حرب الأمير محمد الخاصة".

وأكد الكاتب، أن شبكة العلاقات المتوترة بين ترامب والكونجرس وبين السعودية والإمارات، والمشاحنات الداخلية بين الحكومة اليمنية المعترف بها والمجلس الانتقالي الجنوبي، والصراع بين مختلف المليشيات التي تقاتل الحوثيين لا تترك إلا القليل من الأمل في حل دبلوماسي للحرب.

وأشار إلى أن الهدف الأمريكي السعودي المتمثل في إبعاد الحوثيين وقطع ذراع إيران في اليمن، يبدو بعيدا أكثر من أي وقت مضى لأنه لا يوجد اتفاق على هجوم أمريكي شامل مثل الهجوم ضد تنظيم الدولة"، موضحا أن أمرا كهذا لن يكون له شرعية دولية، على عكس إيران، حيث لا يُنظر إلى الوضع في اليمن على أنه تهديد دولي.

ما الحل؟

وبحسب قول الكاتب، فإن الإدارة الأمريكية والكونجرس يعتقدان أنه حتى المزيد من المساعدات العسكرية للسعوديين والإمارات لن تؤدي إلى نصر حاسم وأن الحل، إن وجد، يكمن في الأمم المتحدة. لكن كل ما تم تحقيقه حتى الآن هو وقف إطلاق النار في الحديدة الذي تم توقيعه في ديسمبر/كانون الأول الماضي".

وأردف: "لتحقيق النجاح، يجب على الأمم المتحدة أو أي وسيط آخر إعادة تعريف الحرب في اليمن بحيث لا تبدو حربا من أجل المكانة بين إيران والولايات المتحدة والسعودية، وإنما حرب على التوزيع العادل للتمثيل في الحكومة والموارد. لقد كانت هذه هي الأسباب الحقيقية لقتال الحوثيين ضد الحكومة قبل رسمها بالألوان الإيرانية".

واختتم الكاتب، بقوله: "المشكلة هي أن أي حل يمنح الحوثيين بعض الإنجازات السياسية أو الاقتصادية سوف يُنظر إليه على الفور على أنه نصر إيراني، ومن المشكوك فيه أن توافق الإدارة الأمريكية على ذلك".