عقب انتخابات كركوك المفاجئة.. ما سيناريوهات اختيار المحافظ المرتقب؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2023، ولأول مرة منذ 18 عاما، أجريت في محافظة كركوك الغنية بالنفط، حيث تعيش مكونات العراق كافة، الانتخابات المحلية.

وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأناضول مقالا للكاتب التركي "سلجوق باجالان"، سلط فيه الضوء على نتائج انتخابات مجلس محافظة كركوك وسيناريوهات اختيار المحافظ المرتقب. 

نتائج مفتوحة

ووفقا لنتائج الانتخابات، فاز الأكراد بـ7 مقاعد في مجلس محافظة كركوك، في حين فاز العرب بـ6، والتركمان بمقعدين والمسيحيون بمقعد واحد. 

وبناء على قانون انتخابات مجالس المحافظات في العراق يتم تخصيص 16 مقعدا لكركوك. 

وتفيد هذه النتائج بأنه لا يمكن لأي مجموعة عرقية إنشاء الحكومة المحلية في كركوك بمفردها. 

وذلك نظرا لإمكانية تحديد المجلس المحلي بما لا يقل عن 9 مقاعد من أصل 16 مقعدا مخصصة لكركوك أي 50+1 بالمئة، ويمكن للمجلس انتخاب المحافظ في غضون شهر واحد. 

وتشير هذه الصورة إلى الصعوبة الخطيرة في إنشاء إدارة ائتلافية بين الجماعات العرقية. 

لذلك إذا لم يتم العثور على خيار أمثل لمجلس المحافظة، فقد يتدهور الاستقرار النسبي الذي تحقق من الناحيتين الأمنية والسياسية بعد محاولة الاستفتاء على الاستقلال التي أجرتها حكومة إقليم كردستان في العام 2017، وقد تتصاعد التوترات القائمة على الهوية مرة أخرى.

تحالفات محتملة

وقال الكاتب التركي إن "حقيقة عدم امتلاك أي جماعة في كركوك القدرة على تشكيل حكومة محلية بمفردها تستلزم خيار التحالف". 

فبين عامي 2003 و 2017 حكم الأكراد المدينة بما يتماشى مع مصالحهم السياسية متجاهلين قرارات وآراء التركمان والعرب في مجلس محافظة كركوك. 

وبعد إجراء استفتاء الاستقلال أقام التركمان والعرب علاقات أوثق، وقد يسهم استمرار هذا التقارب بعد الانتخابات الأخيرة في تشكيل الحكومة المحلية. 

وأضاف: فاز التحالف العربي بزعامة المحافظ الحالي راكان سعيد الجبوري بمجموع 6 أعضاء. 

وعلى الرغم من أن العرب ليس لديهم أغلبية في مجلس المحافظة، إلا أنهم يستطيعون الحصول على أغلبية بدعم من التركمان الذين فازوا بمقعدين. 

ومع أن الأكراد لم يحققوا الأغلبية في مجلس المحافظة، إلا أنهم قد يعادلون الأعداد من خلال الحصول على مقعد المسيحيين. 

ومع ذلك قد يواجه الأكراد صعوبة في ذلك بسبب موقف إميل بطرس تجاه الأكراد، وهو العضو الذي تم انتخابه من حصة المقاعد المسيحية.

ويظهر هذا السيناريو أنه في حال اتحاد العرب والتركمان والمسيحيين، فسيتمكنون بذلك من تشكيل الحكومة المحلية في كركوك من خلال الحصول على أغلبية بإجمالي 9 مقاعد، ويمكن لهذا التحالف أيضا الحصول على حق تحديد محافظ كركوك. 

لذلك لن يكون من الخطأ القول إن التركمان يمكن أن يلعبوا دورا رئيسا في تشكيل الحكومة المحلية، على الرغم من حقيقة أنهم فازوا بمقاعد قليلة في انتخابات مجالس محافظة كركوك.

ومع ذلك، لا ينبغي استبعاد أن الأكراد سيعقدون أيضا اتفاقا مع العرب للسيطرة على مجلس المحافظة. 

فقبل الانتخابات بفترة قام محمد علي تميم وهو إحدى الشخصيات البارزة في القطب السني في العراق بالإضافة إلى راكان سعيد الجبوري وهو محافظ كركوك بزيارة منزل حسن توران رئيس الجبهة التركمانية العراقية.

وعدت هذه الزيارة بمثابة دبلوماسية مستترة في الساحة السياسية فيما يتعلق بالتحالف التركماني العربي والنقاش حول إعطاء منصب الحاكم للتركمان. 

ولفت الكاتب إلى أنه لطالما جادل التركمان بأن محافظ كركوك يجب أن يكون تركمانيا. فبعد يوم من إعلان نتائج الانتخابات، زار الجبوري منزل النائب عن الجبهة التركمانية العراقية في كركوك إرشاد صالحي. 

وفي هذا السياق يمكن القول إن التحالف العربي التركماني يمكن أن تدعمه تركيا أيضا؛ حيث يبدو أن هناك حوارا دافئا بين الجبوري وتركيا.

إن احتمال انتخاب المحافظ من الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات، يعزز مخاوف كل من التركمان وأنقرة. 

وتواصل أنقرة ممارسة الضغوط، مثل إغلاق الاتحاد الوطني الكردستاني مجاله الجوي أمام السليمانية بسبب قربه من حزب العمال الكردستاني.  

فبعد عام 2017 تم إجراء العديد من الاستثمارات مثل المستشفيات والمطارات ومراكز التسوق والطرق السريعة، وكل هذا تم بناؤه من خلال استثمارات الشركات التركية في كركوك التي شهدت استقرارا أمنيا جزئيا بعد أن أصبح الجبوري محافظا لها، وتؤيد أنقرة استمرار هذا الاستقرار هنا.

"هوية كركوكية"

وفي الوقت الراهن تفيد مؤشرات احتمالية بتشكيل تحالف بين التركمان والعرب إلى اجتماعات "مفاوضات كركوك" التي عقدت في فبراير 2019 بدعم من الأمم المتحدة. 

وفي هذه الاجتماعات تمت مناقشة مصير ملف أمن كركوك، ووضع الأراضي الزراعية، وتوزيع المناصب الإدارية العليا بنسبة 32٪، وتولي منصب المحافظ بالتناوب بين البنية السكانية لكركوك. 

وهذه الاتفاقيات بين التركمان والعرب فيما يتعلق بمستقبل وإدارة كركوك تزيد من احتمالية تشكيل تحالف في الحكومة المحلية بعد الانتخابات المحلية. 

ومع ذلك يجب على التركمان أن يبقوا أبواب المفاوضات مفتوحة مع الفصائل الكردية في تشكيل الحكومة المحلية. 

حيث يستعد إقليم كردستان العراق للانتخابات البرلمانية في فبراير 2024، ونظرا لوجود عدد كبير من التركمان في أربيل والسليمانية، يجب على التركمان اتباع سياسة حذرة للحفاظ على تمثيلهم السياسي في إقليم كردستان العراق. 

وأشار الكاتب إلى أن التركمان يدافعون بشدة عن فكرة أن كركوك هي "مدينة الأخوة". 

فكركوك في الفترة من عام 2003 إلى عام 2017 كانت تحت سيطرة الأكراد، ومن عام 2017 إلى عام 2023 كانت تحت سيطرة العرب. 

ومن الممكن أن يكون تولي التركمان للمحافظة في الفترة الجديدة دعما لهذه الفكرة، ولكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفًا. 

وفي ضوء الاضطرابات والفوضى التي شهدتها كركوك لفترة طويلة، يعد تشكيل مجلس يضم جميع الأعراق أكثر السيناريوهات واقعية. 

ويمكن أن يسهم هذا النموذج في تقليل التوتر القائم على الهوية السياسية، وتعزيز ثقافة العيش المشترك، وتسريع عملية تحقيق الاستقرار في المحافظة.

وأشار الكاتب إلى أن نسبة المشاركة الكبيرة في الانتخابات بكركوك هي مؤشر على القلق وليس الإرادة؛ حيث كان معدل الإقبال في كركوك بنسبة 65 بالمئة بينما كانت في العراق ككل بنسبة 41 بالمئة.

وتعبّر تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بأن "الانتخابات المحلية في كركوك ستكون انتخابات وطنية" عن الاهتمام الكبير لجميع الأطراف بهذه الانتخابات. 

ومع ذلك تكشف هذه الحالة أيضًا عن تبني الأطراف لسياسة قائمة على الانتماء العرقي.

لذلك، يجب على الأعراف المختلفة في كركوك اعتماد "هوية كركوكية" كهوية عليا وتطوير نموذج جديد في هذا السياق، وهذا سيخدم مستقبل المدينة بشكل أفضل. 

وإذا نجح هذا النموذج في كركوك، فقد يكون له تأثير على مستوى البلاد ويكون مثالًا للهوية العليا "العراقية". وإلا فإن إنهاء الفوضى في كركوك ثمّ في العراق يبدو أمرا صعبا.