البريكس في توسع ضد الولايات المتحدة.. لماذا لم تنضم تركيا؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

ابتدءا من 1 يناير/ كانون الثاني 2024، توسعت مجموعة البريكس (BRICS) بعد انضمام الإمارات وإثيوبيا وإيران ومصر والسعودية رسميا إليها، ليرتفع عدد أعضاء المجموعة إلى 10.

وبطبيعة الحال، فقد تضمن الحديث الداخلي بين الأعضاء، البحث عن اسم جديد للمجموعة، ومن المرجح أن يتم استخدام مصطلح (+BRICS) في المقام الأول.

توسع المعارضة

ونشرت وكالة "الأناضول" للأنباء التركية الرسمية مقالا لرئيس قسم الدراسات الإفريقية بجامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية، مرسل بيرام، قال فيه إن "توسع البريكس يعني توسع المعارضة ضد النظام العالمي الحالي المتمركز حول الولايات المتحدة كقطب واحد".

وأوضح  أن "مجموعة البريكس تمثل البحث عن نظام عالمي أكثر عدالة ومتعدد الأقطاب، بهدف إنشاء جغرافيا سياسية وثقافية واقتصادية أوسع مع الأعضاء الجدد الذين تضمنتهم في بنيتها".

وأشار الكاتب التركي إلى "زيادة ثقل إفريقيا والشرق الأوسط في مجموعة البريكس المتوسعة بشكل كبير، مما يعني أن مركز التحديات الجيوسياسية العالمية ستتمحور حول إفريقيا والشرق الأوسط مرة أخرى".

من جهةٍ أخرى، تعد الأرجنتين إحدى الدول المدعوة إلى الانضمام للبريكس، لكن ورغم أن الرئيس اليساري السابق ألبرتو فرنانديز، الذي انتهت فترة رئاسته في ديسمبر /كانون الأول 2023، كان يمتلك مقاربة إيجابية تجاه عضوية البريكس، فقد اتخذ الرئيس الجديد خافيير مايلي النهج المعاكس معلنا أنهم لن ينضموا إليها.

وتُظهر حالة الأرجنتين هنا أن التغييرات المحتملة في السلطة بإمكانها التأثير على توسع مجموعة البريكس.

وفي حالة حدوث تغيير جذري في السلطة في الدول المنضمة حديثا فقد يتم تعليق عضوية الدولة المعنية في البريكس أو إنهائها.

وتمثل هذه الاحتمالات حاجة مجموعة البريكس إلى بنية فوق حكومية ومؤسسية أكثر، وفق بيرام.

منتجة للنفط

ومع وصول إجمالي عدد سكان الدول الأعضاء في البريكس والدول المنضمة حديثا له إلى 3.5 مليارات نسمة، تمثل البريكس حاليا ما يقرب من نصف سكان العالم، مما يعني هذا أن مجموعة البريكس "كتلة عالمية حقيقية".

ومن السمات البارزة للدول المُنضمة حديثا أنها "دول منتجة للنفط".

وهكذا بهيكله الحالي الذي يمثل ما لا يقل عن 40 بالمئة من إنتاج النفط العالمي، يُعد البريكس من الآن فصاعدا جهة فاعلة يجب أخذها في الحسبان في سوق الهيدروكربونات.

وسيزداد الحجم الاقتصادي الإجمالي لدول البريكس (28.5 تريليون دولار) بشكل كبير ليمثل حوالي ثلث الاقتصاد العالمي.

وربما يؤدي الثقل المتزايد لمجموعة البريكس في الاقتصاد العالمي إلى جعل نظام "بريتون وودز" غير فعال في المستقبل البعيد.

كما يمكن لمجموعة البريكس أن توفر للأعضاء الجدد فرصة تحقيق التوازن في سياساتهم الخارجية، حيث يمكن للدول التي ترغب في موازنة النفوذ الأميركي على وجه الخصوص أن تستمد القوة من عضويتها في البريكس بهذا الصدد.

ونظام "بريتون وودز"، هو الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي الذي انعقد لوضع الخطط لاستقرار النظام العالمي المالي، ويصب هذا النظام في صالح نظام النقد الأميركي.

أمر وارد

وتابع الكاتب الحديث مشيرا إلى أن "تركيا انتهجت نهجا إيجابيا في التعاون مع مجموعة البريكس".

وصرح نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك بأنهم يفكرون في الانضمام إلى بنك التنمية الجديد، الذي أنشأته مجموعة البريكس بهدف الاستفادة من مشاريعه.

كما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حضوره لقمة البريكس العاشرة بأنه "يرى تعاونا مؤسسيا بين أنقرة وبريكس".

ووردت تصريحات بأنه سيتم مناقشة عضوية تركيا إلى جانب مصر والسعودية في قمة البريكس القادمة.

ويبدو بأن المجموعة لم تتمكن من التوصل إلى وفاق حول هذه المسألة، إذ لم يصدر قرار بدعوة تركيا إلى العضوية.

ولفت الكاتب الانتباه إلى أن "تركيا لم تكن من بين الدول الـ22 التي أعلنت رغبتها في الانضمام إلى البريكس عام 2023". 

ويرجع سبب هذا إلى أن "أنقرة كانت تتبع أاخيرا سياسة خارجية متعددة الأبعاد ومتوازنة قدر الإمكان، أقامت خلالها علاقات وثيقة مع كل من العالم الغربي والجهات الفاعلة الرئيسة في مجموعة البريكس مثل روسيا والصين".

ورجح الكاتب أن "الأمر لن يكون بهذه السهولة، إذ سيبدو عندها أن دولة عضو في الناتو تنضم إلى مجموعة مناهضة للناتو".

أنظمة بديلة

في القمة التي أجريت عام 2023، شكلت البريكس مجموعة عمل لتطوير عُملة مرجعية للدول الأعضاء، كما وردت مصادر بأن أعضاء البريكس سيعقدون اتفاقيات تجارية بعملاتهم المحلية، وبأنه سيتم تطوير أنظمة الدفع اللازمة لضمان تدفق الأموال في خطوط آمنة بين الأعضاء.

وفي هذا السياق، ستحظى ثلاث قضايا بالأولوية في قمة البريكس المقرر عقدها في روسيا عام 2024، حسب الكاتب.

أولها، زيادة دور البريكس في النظام المالي الدولي.

ثانيا، زيادة التعاون بين بنوك الدول الأعضاء في البريكس بإجراء التداول بين عملاتها الخاصة.

وأخيرا، تعزيز التعاون الضريبي والجمركي بين الدول الأعضاء.

ونظرا لأن اقتصادات دول البريكس لها خصائص مختلفة، فقد لا تكون العملة المشتركة عملية في هذه المرحلة، حسب رأي الكاتب، ولكن العملة الرقمية أو العملة القائمة على الذهب والتي يمكن استخدامها في التجارة الدولية يمكن أن تكون منافسا محتملا للدولار.

وتناقش دول البريكس حاليا استخدام العملات الرقمية التي من شأنها أن تسمح لها بتبادل البيانات والمعاملات المالية خارج نظام التحويل العالمي.

كما يقدم نظام الدفع عبر الحدود في الصين خدمات مقايضة للمعاملات باليوان الصيني بين البنوك في مختلف البلدان.

وطرح الكاتب هذه المبادرات كأمثلة يمكن أن تسهل تطوير أنظمة الدفع الرقمية من قبل مجموعة البريكس.

وتعمل العملات الرقمية على تسهيل عملية عرض الأموال والسيطرة عليها، مما يجعل من الممكن تحويل الأموال بسرعة وتتبعها إلى الأبد.

واختتم الكاتب مقاله قائلا إن "العملة الرقمية المشتركة يمكن أن تكون خطوة مهمة نحو التخلص من الدولار والنظام العالمي المالي أحادي القطب، كما يمكن أن تكون مفيدة أيضا في الحد من الفساد المالي".