دعم و"فيتو".. هكذا يطيل ترامب أمد الصراع في اليمن

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

استخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أسبوع، حق النقض (الفيتو) ضد قرار للكونجرس يسعى لإنهاء المشاركة الأمريكية في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن.

وتقدم الولايات المتحدة الدعم العسكري للتحالف بقيادة السعودية في العملية التي أطلقتها في 26 مارس/آذار من عام 2015.

وبحسب "رويترز"، فإن ترامب قال في الرسالة التي أعلن فيها استخدام "الفيتو"، إن "هذا القرار محاولة غير ضرورية وخطيرة لإضعاف سلطاتي الدستورية، وهو ما يعرض للخطر أرواح مواطنين أمريكيين وجنودا شجعانا، في الوقت الحالي وفي المستقبل". 

وكان مجلس النواب، قد أقر مشروع القرار في أبريل/نيسان الجاري، بأغلبية 247 صوتا مقابل 175، بينما أقره مجلس الشيوخ في مارس/آذار الماضي، بأغلبية 54 صوتا مقابل 46 في أول مرة يقر فيها الكونجرس مشروع قانون بشأن صلاحيات الحرب، والذي يقيد قدرة الرئيس على إرسال قوات للمشاركة في عمليات.

طبيعة المشاركة 

في حين يدور الحديث عن دعم استخباراتي ولوجستي محدود للقوات السعودية في حربها على اليمن، توضح  بعض المصادر عن دعم مباشر وأساسي لها، الأمر الذي مكنها من استمرار شنها الحرب في اليمن.

موقع  "إنترسبت" الأمريكي، كشف أن "السعودية تعتمد بشكل كبير على الجيش الأمريكي لتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتزويد الطائرات الحربية بالوقود، ونقل القنابل العنقودية أمريكية الصنع، والصواريخ، وغيرها من الذخائر المستخدمة ضد أهداف في اليمن". 

ليس ذلك فحسب، فقد نقلت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، أن "إدارة ترامب اعترفت ولأول مرة بوجود قوات أمريكية منتشرة على الحدود السعودية اليمنية تشرف على قوات سعودية تنفذ عمليات خاصة داخل الأراضي الشمالية اليمنية لدعم التحالف السعودي". 

وكانت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قد تحدثت أيضا، في تقريرها التي عنونته بـ( حربنا السرية القذرة)، أن قوات بريطانية تنتشر في بعض المناطق على الحدود السعودية اليمنية، وتشرف على تدريب قوات سعودية.

وأضافت، أن "5 جنود من القوات البريطانية الخاصة في اليمن أصيبوا أثناء "تقديم المشورة" للمملكة العربية السعودية"، مشيرة إلى أنهم أصيبوا في اشتباكات مع عناصر حوثية مقاتلة في اليمن.  

وهو الأمر الذي أكدته صحيفة "الجارديان" البريطانية، عندما تحدثت عن إصابة جنود من القوات الخاصة البريطانية في اشتباك مع عناصر حوثية مقاتلة في اليمن.

البداية

لم يصدر قرار من الكونجرس يقضي بمشاركة الولايات المتحدة في حرب اليمن التي تقودها التحالف، وكان استخدام القوات العسكرية الأمريكية في اليمن مبينا على قرار سابق في عام 2001، لمحاربة التنظيمات المسؤولة عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، غير أنها استمرت في عملياتها العسكرية، و قررت دعم السعودية في حربها التي شنتها منذ 25 مارس/آذار 2015.

وكانت صحيفة "أنترسبت" الأمريكية، قد ذكرت أن أعضاء من الكونجرس أشاروا إلى أن إدارتي أوباما وترامب اعتمدت على تفويض عام 2001 لاستخدام القوة العسكرية، وأن تبرير مشاركة الولايات المتحدة بذلك التفويض أمر "سخيف"، إذ كان ذلك التصريح يهدف إلى محاربة "الجماعات الإرهابية" المسؤولة عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وعدم التدخل في الحرب الأهلية في اليمن.

ما مدى المشروعية؟

وأضافت الصحيفة، أنه على مدى 16 عاما، أشارت السلطة التنفيذية إلى تفويض استخدام القوة كمبرر قانوني لمشاركتها في النزاعات بالشرق الأوسط وأفريقيا، وهي إستراتيجية مشكوك فيها قانونيا، لكن استخدام القوات في الوضع اليمني غريب بشكل خاص، نظراً لأن هدف التفويض هو القاعدة، وأن الأخيرة في شبه الجزيرة العربية تقاتل إلى جانب التحالف الأمريكي السعودي ضد الحوثيين، وفق التقرير.

وكان السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، قد وصف حرب اليمن بأنها "كارثة"، داعيا إلى وقف أي مساعدة أمريكية مقدَّمة للسعودية في هذه الحرب. وقال "إن الكونغرس لم يصرح للقوات الأمريكية بالمشاركة وتقديم الدعم في الحرب اليمنية؛ ومن ثم فإنها غير دستورية كما تنص المادة الأولى من الدستور، التي تشير إلى أن الكونغرس -وليس الرئيس- هو من يملك سلطة إعلان الحرب". 

ورأى ساندرز، أنه بالإضافة إلى ما خلفته حرب اليمن من كوارث إنسانية جمة، فقد "أسهمت أيضا في تقوية المتطرفين باليمن".

لماذا تشارك أمريكا؟

مع أن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب هاجم السعودية، أثناء حملته الانتخابية، واتهمها بمحاولة الاستيلاء على نفط اليمن، وهددها بتنفيذ قانون "جاستا" الذي أقره الكونجرس الأمريكي في الأشهر الأخيرة من عام 2016 في الحرب على "الإسلام المتطرف"، إلا أنه ما لبث أن تعاون معها وعقد الصفقات الاقتصادية والعسكرية الكبيرة، في دلالة إلى أن ترامب كان يمارس ابتزازا للسعودية، من أجل الحصول على المال، بحسب مراقبين.

وحصل ترامب بالفعل على الأموال من السعودية، إذ ما لبثت الرياض أن وقعت  اتفاقيات عدة مع الإدارة الأمريكية تجاوزت الـ 400 مليار دولار ، لتهدأ بعد ذلك وتيرة التلويحات باستخدام قانون "جاستا".

وفي حديث سابق لـ"الاستقلال"، قال المحلل السياسي ياسين التميمي، إن دعم السعودية لليمن، هو "بزنس يتقاضى ترامب فاتورته الباهظة من السعودية، فإنه يندرج أيضا ضمن ملف التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية في تفاهمات للحد من نفوذ إيران في المنطقة وإنشاء حلف لمواجهتها".

وأضاف: "طبعا هذا الحلف لا يمكن تحقيقه إلا بالاعتراف بدولة إسرائيل، الأمر الذي من خلاله يتم استيعاب إسرائيل في المنطقة، ليس من خلال التطبيع فحسب، بل من خلال العمل معها والاعتراف بها بشكل كامل".

عجز عن التقييم

نشرت "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا لها بعنوان، "أمريكا ترتكب جرائم حرب ولا تعرف.. لماذا؟"، قالت فيه إن "الإدارة الأمريكية غير قادرة على تقييم مشاركتها في الحرب بشكل معقول، ولا تدري ما إذا كانت ناجحة أم لا".

وأوضحت، أنه "كان يتعين على حكومة الولايات المتحدة أن تتوقف عن تقديم الدعم العسكري المباشر للحملة الجوية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن في اليوم التالي لبدء الحملة".  

وبيّنت الصحيفة، أن قادة البنتاغون لا يعرفون الغاية من شن هذه الحرب، واستشهدت بجلسة الاستجواب التي سُئل فيها قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال لويد أوستن، أمام مجلس الشيوخ، عن هدف الحرب، فقال: "لا أعرف الأهداف، وأريد معرفتها لكي أقيّم احتمال النجاح"، ما جعل السيناتور كريستين جيليبراند يسخر منه بالقول: "حسنا، القائد العسكري المسؤول عن الإشراف على توفير الدعم لا يعرف ما هي أهداف التدخّل، كيف له أن يقيّم هذا التدخل؟".

ما يزال تقديم الدعم الأمريكي للسعودية مستمرا، متسببا بإطالة أمد الصراع الدموي، في انتهاك، بحسب مشرعين أمريكيين، للإلزام الدستوري الذي يقضي بأن الكونجرس هو المعني بقرار الخوض في الحرب وليس الرئيس، وخصوصا في حرب تسببت بمقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين وهو ما أدى، بحسب تقرير صحيفة "ذا هيل"، إلى تلطخ واشنطن بالسمعة السيئة وانتهاكات حقوق الإنسان وانتهاك المبادئ الديمقراطية.

في وقت عجز فيه تصويت مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، وتصويت مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، عن إبطال "الفيتو" الذي يحتاج إلى أغلبية الثلثين، وهو ما تعسر بسبب وجود أعضاء داعمين للرئيس ترامب يعملون على الحيلولة دون إصدار أي قرار يقيد صلاحيات الرئيس في مسألة المشاركة في الحروب من عدمها.