صحيفة روسية: قوائم بريطانيا المضللة عن "ضحايا بوتين" تفضح مخططاتها

12

طباعة

مشاركة

تحدثت وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي عن بدء الأجهزة الاستخباراتية البريطانية حملة إعلامية منسقة ضد موسكو والرئيس فلاديمير بوتين، تم التخطيط والتسويق لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وذكرت أن وكالة الاستخبارات البريطانية (جي سي أتش كيو GCHQ) أو ما يعرف بمكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، كانت قد أعلنت عن بدء حملة سيبرانية ضد روسيا تشارك فيها كل من أجهزة المخابرات إم آي 5 (MI5) وإم آي 6 (MI6) والاستخبارات العسكرية بالإضافة إلى كتيبة الجيش 77 المخصصة لإدارة العمليات النفسية الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت.

ويقول الكاتب في الوكالة فلاديمير كورنيلوف: "منذ ذلك الحين كنا نتوقع سماع شائعات ومعلومات مزورة مبنية على مراسلات مزعومة مكتوبة بلغة روسية احترافية".

وتابع: "ما دفعنا لهذا التوقع أن إم آي 6 كانت تلمح إلى استخدام أوكرانيا في هذه الحملة خصوصا بعد زيارة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لمقر جهاز MI6 الاستخباري في لندن".

فبعد هذه الزيارة دعا زيلينسكي من منبر البرلمان الأوكراني الخبراء الأوكران الذين يعملون في مجال التضليل الإعلامي ونشر الشائعات إلى الالتحاق بالمهام التي تم الاتفاق عليها في بريطانيا، حيث قال معلقا: "عسى أن تنفع خبراتكم البلاد ولو بالشيء القليل".

"حكاية مبتذلة"

ويرى كورنيلوف أن الأخبار التي نشرتها وسائل إعلام بريطانية حول "سبق صحفي" يتهم فيه الرئيس بوتين باعتماد قائمة جديدة من المستهدفين الذين يجب القضاء عليهم من قبل "حشاشيه" تعد قصة مبتذلة.

كما يشير إلى أن ست شخصيات من بين تلك القائمة تعيش في بريطانيا بالإضافة إلى أن تلك المعلومات الاستخبارية بنيت على رسالة جاسوس روسي تم إرسالها إلى أحد الضحايا المزعومين في تلك القائمة. 

ويعلق الكاتب على الرسالة قائلا: "هي مكتوبة فعلا باللغة الروسية، غير أن توقعاتنا في احترافية كتابها لم تكن صحيحة، فالأخطاء الإملائية التي وردت فيها بالإضافة إلى أخطاء علامات الترقيم لا ترقى إلا لأن تكون عند مستوى طالب مدرسي يدرس بدرجة مقبول".

وتابع: "هذه الأخطاء الإملائية شائعة في المدارس الأوكرانية حيث يعاني الطلبة في أوكرانيا من مشاكل في تصريف الأفعال في اللغة الروسية، وهذه المشاكل ملاحظة بشكل كبير بين المدونين الأوكران".

ومن هنا يمكن القول بأن دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي لخبراء التضليل الإعلامي لمساعدة الاستخبارات البريطانية وجدت صداها عند أولئك المدونين، وفق الكاتب.

ويضيف أنه لا داعي للتحليل المطول والمتعمق حول "وجود سفاحين روس في الأراضي الإيرلندية ينتظرون إشارة البدء للانتشار في عموم الأراضي البريطانية والقيام بأعمال قذرة".

وبين أنه "لاكتشاف المستوى المبتذل لهذه الحكاية يكفي النظر إلى قائمة الشخصيات المستهدفة والتي من بينها شخصيات من المضحك والسخيف أن تستهدفهم الفدرالية الروسية". 

ويشير الكاتب إلى أن الرسائل التي تلقتها أجهزة الاستخبارات البريطانية بفرحة عارمة تحتوي على الكثير من التناقضات.

ويذكر على سبيل المثال أن قائمة المستهدفين تضم الجاسوس البريطاني السابق كريستوفر ستيل صاحب قضية "ملف ترامب الروسي" سيء السمعة، في إشارة إلى تدخل موسكو المزعوم عبر هجمات سيرانية بالانتخابات الأميركية التي فاز فيها دونالد ترامب.

وقال الكاتب "أصحاب السبق المزور الجديد نسوا أن قضية ستيل تم اعتبارها عملية تضليل وتزوير إعلامي روسية، فما الهدف بعد ذلك لروسيا من تحييد شخصية أصبحت بمحض إرادتها أو رغما عنها تعتبر عميلا لموسكو؟".

ويذكر كورنيلوف كذلك أن من بين الشخصيات المذكورة في قائمة المستهدفين الجاسوس الروسي السابق بوريس كاربيتشكوف الذي يعيش حاليا في بريطانيا.

 ويعرج على نشر صحيفة ذا صن أخبارا أن كاربيتشكوف تعرض لمحاولتي اغتيال بالسم، لكنها لا تذكر أي مصادر تشير إلى تلك العمليتين سوى كاربيتشكوف نفسه المتهم بقضايا فساد واحتيال كبيرة طالبت بسببها دولة لاتفيا بريطانيا بتسليمه. 

ويؤكد أن "لاتفيا وليست روسيا هي من يطالب بتسليم ذلك المحتال"، مستنكرا "الأخبار الحصرية" التي تعتمد عليها الصحافة البريطانية. 

تنسيق كامل 

وعلى الرغم من وجود العديد من التناقضات في أخبار ملف قائمة (مستهدفي بوتين) إلا أن عددا كبيرا من وسائل الإعلام والصحف البريطانية نشرت "تلك الشائعات في نفس التوقيت وبنفس العنوان حرفيا"، وهو مؤشر على أن العمل يتم بتنسيق وتوجيه من جهة واحدة.

ويقول الكاتب إن المثير للانتباه تزامن نشر أخبار وشائعات من هذا النوع في الصحافة الصفراء، وصحف رسمية أخرى.

 ويذكر أن صحيفة ذا سانداي تايمز البريطانية صاغت الخبر بصورة تتناسب مع مستوى متابعيها، وهذا يشير إلى أن منظمي الحملة سعوا إلى تقديم تلك الشائعات بطرق مختلفة لتتناسب مع حجم ونوع الطلب في سوق الصحافة البريطانية. 

بمعنى آخر فإن أصحاب تلك الشائعات يرون أن عرض رسالة لجاسوس روسي ركيك اللغة، مناسبة لقراء ومتابعي الصحف الشعبية مثل The Mirror and Sun، أما بالنسبة لجمهور يعتبر من النخبة ، فيمكن تقديم النص بشكل مختلف على أن يبقى الشيء الرئيس في ذلك هو "قائمة مستهدفي بوتين".

ويشير إلى أن صحيفة "ذا سانداي تايمز" نشرت محتوى مختلفا إلا أن العنوان يشبه كثيرا ما جاءت به الصحافة الصفراء.

 فقد جاء فيها أن القائمة تشمل أسماء لخمسة مقاتلين شيشانيين تم القضاء على أربعة منهم أما الأخير فيقضي حياته متخفيا في مدينة صغيرة في النمسا. 

أي أنها لم تذكر شيئا عن "سبق حصري" لتسريبات أو ما شابه ذلك مما نشرته الصحافة الصفراء لكنها في الوقت ذاته اختتمت المقال باستنتاج أن روسيا تواصل تتبع أهدافها في الأراضي الأوروبية. 

يربط الكاتب بين نشر الشائعات حول قائمة "مستهدفي بوتين" وبين تقرير الأمن والدفاع والسياسات الخارجية الذي طال انتظاره وقام رئيس الوزراء البريطاني (بويس جونسون) مرارا بتأجيله. 

فبحسب ما كان متوقعا فقد جاء في التقرير أن التهديد الأول للأمن القومي البريطاني يأتي من طرف روسيا، وبما أن هناك تهديدا فمن المهم التعامل معه، خصوصا أنه تم نشر تقرير وزارة الدفاع البريطانية بعد تقرير جونسون. 

وقد أعلنت وزارة الدفاع عن تسريح ما يقدر بعشرة آلاف من قواتها العسكرية وكان من الضرورة على خلفية تلك الأخبار السلبية ذكر جهود وأعمال إيجابية تقوم بها الجهات الأمنية البريطانية ككشف رسالة جاسوس روسي مفتعل تثبت بواسطتها أنها تقوم بمهام دفاعية لصد عدوان الخصم الأول. 

 وينقل الكاتب عن تصريحات وزير الدفاع البريطاني بن والاس التي علق فيها على توجه الوزارة لزيادة عدد الصواريخ التي تحمل رؤوسا نووية حيث قال الوزير علنا إن زيادة الترسانة النووية البريطانية بنسبة 40 بالمئة يأتي تحسبا لرد أي عدوان روسي محتمل.

 ويركز كورنيلوف على ما ينشر في الصحافة البريطانية التي تهتم بعدد الصواريخ النووية التي يمكن أن تصل موسكو في حالة المواجهة العسكرية بينما يفوتهم عدد الصواريخ الروسية التي يمكن أن تمطر لندن.

تسويق الوهم

وعقب الكاتب على تقريري جونسون ووزارة الدفاع أن الهدف الأساس في كلا التقريرين هو جعل بريطانيا قوة سيبرانية ديموقراطية عظمى. 

ففي تقرير جونسون تم ذكر كلمة (سايبر) 139 مرة، بالإضافة إلى مخططات الحرب الإعلامية التي تسعى وزارة الدفاع لتمويلها بشكل كبير. 

ويستغرب الكاتب من حقيقة أن مفهوم "المسؤولية" عن حرب إعلامية عند جونسون لا يستثني اختلاق الشائعات أو التضليل الإعلامي.

 وينقل قول جونسون: "ردا على التضليل الإعلامي التي تفتعله الجهات المعادية فإن الأنظمة الاستبدادية ستواجه تحديات من نفس النوع".

 أما وزير الدفاع البريطاني فيصف تلك الحملة بكلمات أكثر رومانسية فيسميها (صراع الروايات) حيث قال: "في هذه المعركة فإن الغلبة لن تكون بعدد الأشخاص الذين يقفون خلفها أو بعدد المنصات التي يعملون من خلالها بشكل أساس بل ستكون الغلبة لمن يستخدم تكنولوجيا المعلومات بشكل أفضل".

 ويعلق الكاتب قائلا: "لذلك تقلل بريطانيا من عدد أفراد جيشها، فالحرب مع روسيا حرب (روايات) معلوماتية وفي حروب كهذه لا حاجة لوجود من يقود الدبابات". 

 ويشير كورنيلوف إلى ما جاء في تقرير وزارة الدفاع البريطانية من وجود نية لزيادة ميزانية الأجهزة الاستخباراتية المختصة بمقاومة الحروب الإلكترونية بما فيها الكتيبة 77 ووحدات المناورة المعلوماتية.

 ويعلق أن التطورات النظرية المتعلقة بمهام هذه الوحدات تشير بشكل مباشر إلى أنها تعمل بالفعل على "ردع" روسيا وأنها ترى أن عليها استخدام كم أكبر من العمليات المعلوماتية والنفسية في هذه الحرب".

ويؤكد كورنيلوف على أن العسكريين البريطانيين كانوا قد استخدموا أساليب التضليل ونشر الشائعات لكن في "أرض العدو" ولم يستخدموا وسائل إعلامهم الوطنية.

 أما الآن فقد جاء في تقرير وزارة الدفاع أن الحرب الإلكترونية و المعلوماتية ساهمت في إذابة حدود الوطن ومفهوم السلام و الحرب "فالمناورة المعلوماتية تعمل على كلتا الجبهتين".

 يختتم الكاتب مقاله بتوجيه رسالة إلى القارئ الروسي مفادها أننا "سنسمع الكثير من الشائعات حول روسيا مثل قوائم بوتين السوداء وقصور بوتين و عن الروس المرعبين وعن لقاح سبوتنيك الفتاك وغيرها".

ويذكر المقولة البريطانية "كلما كانت الكذبة أكثر وحشية كلما زاد الشغف لتصديقها".

 ويعلق على ذلك: "في الماضي كان ما تقوم به بريطانيا يدعى بربوباغندا، أما اليوم فيسمى مناورة معلوماتية أو حرب روايات. المصطلحات تغيرت لكن الحقيقة واحدة يبقى الكذب كذبا والروسوفوبيا روسوفوبيا".