قبل 200 عام.. هكذا وقفت مصر بجانب الدولة العثمانية ضد تمرد اليونان

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة صباح التركية عن تاريخ الدولة العثمانية مع مصر عندما كان البلدان يقفان معا ضد التمرد اليوناني في فترة الثمانينيات.

وقالت الصحيفة في مقال للكاتب أرهان أفيونجو: كان محمد علي باشا الكافالالي (نسبة إلى المدينة التي ولد فيها، كافالا - اليونان) قد أجرى العديد من الإصلاحات في مصر. 

وقد كان ما قام به محمد علي باشا (والي مصر في فترة الحكم العثماني) في المجال العسكري من أهم هذه التحديثات، فقد تم افتتاح المدرسة الحربية بأسوان عام 1820. 

وتابع: وقام محمد علي باشا الذي كان يرغب في إنشاء جيش على الطراز الأوروبي الحديث، بتكليف الضابط الفرنسي جوزيف سيفي (سليمان باشا) بهذه المهمة. 

وقد جرى الاستعانة بالعديد من الخبراء الأجانب المؤهلين في مرحلة التحديث وتزايد عدد المدارس العسكرية تدريجيا، كما وتم بناء المصانع لتلبية احتياجات الجيش.

طلب المساعدة

وبحسب الكاتب، تحولت مورة (اسم شبه جزيرة البيلوبونيز في جنوب اليونان في العصور الوسطى وأوائل العصر الحديث) إلى كتلة ملتهبة نارا خلال الثورة اليونانية عام 1821، وسقطت في أيدي المتمردين في أكتوبر/تشرين الأول 1822، وقتل الآلاف من الأتراك فيها. 

وعندما لم يتمكن الجيش العثماني من قمع التمرد، طلبت الدولة العثمانية المساعدة من محمد علي باشا الذي كان قد أنشأ جيشا جديدا، ليرسل الأخير بعدها 12 سفينة في مايو/أيار 1821 ويخبر بأن 18 سفينة أخرى ستنطلق خلال أسرع وقت ممكن.

وتابع قائلا: وقد امتد التمرد في مورة حتى طال جزيرة كريت في يوليو/تموز 1821. لكن السلطان محمود الثاني ترك أمر السيطرة على الأحداث هناك إلى كافالالي أيضا. وطلب الباب العالي، أي الإدارة العثمانية، المزيد من المساعدة من مصر عندما تنامى التمرد في مورة. 

وقد كان من المقرر أن تعطى ولاية مورة إلى إبراهيم باشا (ابن محمد علي باشا). لكن وبما أنه لم يقبل طلب كافالالي في تعيين ابنه في منصب "قبطان البحر" كقائد للأسطول العثماني، فقد تم إرسال الأوامر إلى خسرو باشا الذي تم تعيينه كقبطان البحر، بالعمل مع إبراهيم باشا، وفقا للكاتب التركي.

وتابع: انطلق إبراهيم باشا من الإسكندرية في يوليو/تموز 1824 مع 17000 من المشاة المدربين حديثا برفقة 700 من سلاح الفرسان و4 بطاريات مدفعية (كتائب مدفعية). وبينما نمت النزاعات بين اليونانيين والتي بدأت في عام 1823 تدريجيا، ظهر فريقين رئيسين. 

وبينما كان الصراع الدموي مستمرا بينهما، تملك اليونانيين الخوف والقلق بعد أن سمعوا بقدوم مساعدات للإمبراطورية العثمانية من مصر. لهذا تم إطلاق سراح زعيم المتمردين ثيودوروس كولوكوترونيس ـ الذي كان مسجونا ـ في مايو/أيار 1825. 

وذهب إبراهيم باشا بعد أن انضم إلى خسرو باشا إلى رودس لمهاجمة سيسام (ساموس)، لكن القوارب اليونانية المبحرة في بحر إيجه لم تسمح بذلك. 

لهذا انتقل إبراهيم باشا من رودس إلى كريت ومكث هناك حوالي أربعة أشهر، حتى جاء مارس/آذار 1825، عندما انطلق من كريت إلى ميناء سودا بعد أن اندلع الصراع بين اليونان.

واستدرك الكاتب: لكن وبسبب الظروف الجوية السيئة على طول الطريق، تمكنت 25 سفينة و6600 جندي، منهم 600 من الفرسان فقط، من الوصول إلى مودون. 

وقد انضم سبعة آلاف من الجنود إلى إبراهيم باشا بعد مدة من الزمن. لتصل بعدها جميع القوات المصرية المتبقية في جزيرة كريت إلى مورة في غضون بضعة أشهر ويتم تحرير مودون وكورون من الحصار تماما.

صراع الباشاوات

ووفقا للكاتب فقد تسبب تقدم إبراهيم باشا في إثارة الخوف بين اليونانيين. وهكذا وبينما حاول بعضهم الفرار وجد البعض الآخر فرصة نجاته في طاعة الباشا. ولما رأى كولوكوترونيس هذا هدد "المطيعين بالنار والفأس".

كانت إطالة مدة الحرب ترهق الموارد المصرية. كما أن تعليمات محمود الثاني بتغطية احتياجات البحرية العثمانية أيضا في مصر وإرسال البحرية إلى ميناء الإسكندرية، تسببت في انزعاج الجانب المصري.

لكن إبراهيم باشا ذكر في رسالته التي أرسلها إلى والده في 24 ديسمبر/كانون الأول 1825، أن البحرية العثمانية "ضعيفة جدا ويعانون نقصا كبيرا لدرجة أنهم لا يستطيعون حتى إصلاح فرقاطاتهم"ـ بحسب الكاتب.

واستدرك قائلا: وعندما قام رشيد محمد باشا، حاكم روميليا (منطقة إسطنبول وسلانيك وتراقيا ومقدونيا حديثا)، بمحاصرة ميسولنيك، هاجم إبراهيم باشا نافارين. 

وبما أن المتمردين وافقوا على الذهاب إلى كالاماتا، جنوب مورة، استولى إبراهيم باشا، الذي واصل تقدمه بعد نجاحه في نافارين، على أركاديا، كالاماتا، إندروسا، بيريوس وليتل مانيا حتى يونيو/حزيران 1825.

فيما تم تحرير تريبوليس، التي قتل فيها العديد من الأتراك واليهود في بداية التمرد في أكتوبر/تشرين الأول 1825.

 وفي هذه الأثناء، كتب رشيد محمد باشا الذي حاصر ميسولنيك، رسالة إلى إبراهيم باشا وطلب المساعدة. 

بينما كان إبراهيم باشا ذاهبا للمساعدة، أرسل محمد علي باشا تعزيزات لمحاصرة ميسولنيك، ليبدأ صراع بين كل من رشيد محمد باشا وإبراهيم باشا خلال الحصار.

وشرح الكاتب ذلك قائلا: فعلى الرغم من مساعدته، فقد تم اتهام محمد علي باشا الكافالالي بعدم القتال بشكل كاف وحذره قبطان البحر خسرو باشا بلغة قاسية.

 أما كافالالي فقد غضب لذلك غضبا شديدا وكتب رسائل قاسية جدا يتحدث فيها عن مساعداته وجهوده في القتال.

وأردف: وعلى الرغم من أن الباب العالي حاول تهدئة الصراع بين إبراهيم باشا وخسرو باشا لفترة من الزمن، إلا أن العلاقات أصبحت أكثر توترا خلال حصار ميسولنيك. 

واشتكى إبراهيم باشا من أن خسرو باشا لم يعط سفنا لنقل الأغذية من مصر لأجل الجنود، على الرغم من أنه كان يفترض به أن يفعل.

حاول محمد علي باشا أيضا إقالة خسرو باشا وأبلغ المركز أنه سيسحب ابنه من مورة ما لم يتم عزل خسرو باشا من منصبه واستبداله بشخص مفيد. 

أما ميسولنيك، المعروفة باسم "مفتاح مورة"، فقد تم الاستيلاء عليها بعد الحصار الذي استمر حتى أبريل/نيسان 1826، يقول الكاتب التركي.

قمع التمرد

ويشير الكاتب إلى أن الباب العالي قرر أن يقوم الباشاوات بترك المنطقة بعد الاستيلاء على ميسولنيك. 

ووفقا لهذا، كان إبراهيم باشا، الذي حصل على 25 سفينة من البحرية المركزية، سيذهب إلى سولوجا وتشامليجا، فيما كان خسرو باشا سيسيطر على المتمردين في سيسام. وبناء على طلب محمد علي باشا، تم إرسال وسيطين من العاصمة لحل المشاكل بين الباشوات.

وتابع موضحا: وهكذا تحرك إبراهيم باشا باتجاه مورة بعد الاستيلاء على ميسولنيك وفي طريقه ألقى القبض على معظم المتمردين اليونانيين الذين كانوا يختبئون على الطريق وأنقذ أكثر من 500 أسير تركي.

 أما رشيد محمد باشا فقد انطلق للاستيلاء على أثينا، لكن وعلى الرغم من كل الصراعات، فقد تم الاستيلاء على أثينا والأكروبوليس في يونيو/حزيران 1827 وتم قمع التمرد إلى حد كبير.

واستدرك الكاتب قائلا: على الناحية الأخرى وقعت إنجلترا وروسيا وفرنسا معاهدة في لندن في يوليو/تموز 1827 بضغط من الرأي العام، وذلك بعد تغير التوازنات والهيكل السياسي في أوروبا في الفترة ما بعد عام 1826. 

ووفقا لهذه المعاهدة، فقد كان من المفترض أن يتم إنشاء ولاية في مورة وفي بعض الأراضي التي يعيش فيها اليونانيون، تكون تابعة للدولة العثمانية في الضرائب فحسب.

وختم الكاتب التركي مقاله بالقول: لم يستطع الباب العالي تحليل التطورات كما يجب، وأخبر إبراهيم باشا ألا يقلق من تصرفات الأوروبيين. 

ومع ذلك، كان محمد علي باشا قلقا من وجود الأساطيل البحرية لهذه الدول الثلاثة حول نافارين. لكن الدولة العثمانية سرعان ما أدركت أن قلق كافالالي لم يكن عبثا.

وأوضح قائلا: فعندما رفضت الإدارة العثمانية عرض هذه الدول الحليفة واعتبرت الأمر تدخلا في شؤون الإمبراطورية الداخلي، نفذت هذه الدول غارة مفاجئة على الأساطيل البحرية العثمانية والمصرية في نافارين في 20 أكتوبر/تشرين الأول 1827.

 وغرقت في هذه الغارة 52 سفينة كما قدمنا ستة آلاف شهيد، يقول الكاتب.