موقع إيطالي: تشكيل حكومة اليمن يحيي الأمل بإنهاء صراع الـ5 سنوات

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع ''مركز الدراسات الجيوسياسية'' الإيطالي، عن أهمية تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة المعلن عنها في 18 من ديسمبر/كانون الأول، وبقدرتها في التوصل إلى حل للأزمة وتحقيق السلام.

وتطرق الموقع إلى أهداف هذه الحكومة المشكلة في إطار تسريع اتفاق المصالحة بالرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، راصدا أهم ردود الأفعال الوطنية والدولية على تشكيلها. 

قال الموقع إن هذا الهدف تحقق من خلال تقاسم السلطة بين حكومة الرئيس اليمني المعترف به دوليًا، عبد ربه منصور هادي، والمجلس الانتقالي الجنوبي. 

وجاء  الإعلان عنها من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي تدخل منذ 26 مارس/آذار 2015 في الصراع اليمني بدعمه الرئيس هادي ضد جماعة الحوثي الشيعية.

وكان الرئيس اليمني قد كلف رئيس الوزراء الحالي معين عبد الملك سعيد بتشكيل الحكومة الجديدة التي تضم 5 وزراء من الكتل السياسية اليمنية الرئيسة، أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي والتجمع اليمني للإصلاح حرصا على التناصف بين الشمال والجنوب. ولأول مرة منذ عام 2001، لا تضم الحكومة شخصيات نسائية.

ماهية الحكومة

وألمح الموقع الإيطالي إلى أن الرئيس هادي يحتفظ بأكثر حلفائه وفاءا في الوزارات الرئيسة. وعلى سبيل المثال، أُعيد التأكيد على محمد علي المقدشي وزيرا للدفاع، بينما سيشغل وزارة الخارجية أحمد عوض بن مبارك، السفير اليمني لدى الولايات المتحدة. 

وأشار إلى أن تشكيل هذه الحكومة يأتي بعد انتظار طويل دام أكثر من عام، منذ توقيع حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي في 5 نوفمبر/تشرين الأول 2019، على اتفاق الرياض لإنهاء الخلافات والقتال في جنوب اليمن المندلعة منذ أغسطس/آب من نفس العام. 

ومن أبرز بنود الاتفاق، تشكيل حكومة يمنية جديدة تتكون من 24 وزارة، يشارك فيها انفصاليون من المجلس الانتقالي الجنوبي والمناطق الجنوبية، مقابل التعهد بوضع قواتها المسلحة في خدمة هذه الحكومة. 

ولفت الموقع الإيطالي إلى أن الاتفاق بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي كان قريبًا من الفشل على إثر إعلان الانفصاليين في الجنوب في 26 أبريل/ نيسان 2020 عن إنشاء إدارة مستقلة للمناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرتهم، معلنين الحكم الذاتي وحالة الطوارئ. 

وجاء هذا الإعلان، بحسب الموقع، بسبب تراخي الحكومة المركزية في تقديم الخدمات الأساسية ومجابهة تفشي وباء كورونا. 

ولم تتم الموافقة على الترتيبات العسكرية المذكورة أعلاه إلا في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، واستكملت بين 16 و 17 ديسمبر/كانون الأول من خلال فتح الطريق الذي يربط محافظة عدن بأبين جنوب اليمن، إلى جانب انسحاب الوحدات العسكرية من منطقة الشيخ سالم وانتشرت قوات محايدة مكان القوات التابعة للطرفين. 

من جهته، أعلن سفير الرياض في اليمن محمد بن سعيد الجابر، عن انسحاب والفصل بين القوات المتمركزة في أبين تحت إشراف مجموعة تنسيق التحالف بقيادة السعودية. 

وفي الوقت نفسه، انتشرت قوات تابعة للتحالف السعودي في أبين قرب الطارية ووادي سلا، بهدف مراقبة وقف إطلاق النار وعمليات توزيع القوات.  

وبحسب الموقع الإيطالي، يعد  تحقيق هذه الأهداف العسكرية وتوحيد القوات المسلحة  نقطة ذات أهمية أساسية في محاربة حكومة هادي والانفصاليين في الجنوب للحوثيين.

ذكر الموقع أن من بين الأهداف الرئيسة للحكومة الجديدة إصلاح الاقتصاد ووقف تدهور سعر الصرف بالإضافة إلى محاربة الفساد. كما ناقش اجتماع بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني، المهام الموكلة للحكومة الجديدة، ومنها تنمية الموارد وتفعيل مؤسسات الدولة. 

من جانبه، أكد معين عبد الملك أن الحكومة والتحالف سيعملان على مواجهة الانقلاب الذي قام به المتمردون الشيعة وإعادة بناء الدولة اليمنية. 

ولتحقيق نتائج مرضية، أكد رئيس الوزراء أنه سيتبنى نهجا شاملا يتم من خلاله تطبيع الأوضاع في المحافظات الجنوبية المحررة وتوحيد المجموعات العسكرية التابعة للحكومة الشرعية السابقة والقوى الانفصالية ضد ميليشيات الحوثي.

ردود أفعال

قال علي محسن صالح الأحمر نائب الرئيس اليمني، إن إعلان 18 ديسمبر/كانون الأول يمثل منعطفا في المسار السياسي اليمني، من شأنه أن يساعد في تسريع تشكيل دولة يمنية اتحادية وإلحاق الهزيمة بميليشيات الحوثي. 

وصدرت تصريحات مماثلة عن السعودية والدول العربية المتحالفة معها، في مقدمتها مصر التي أشادت بالحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي لالتزامهما بمصالح البلاد وشعبها. 

وبدورها، نوهت دولة الإمارات بالدور الذي لعبته الرياض في تسهيل تنفيذ الاتفاق، بينما أعربت الكويت عن أملها في توصل الحكومة الجديدة إلى حل للأزمة. 

وتابع الموقع الإيطالي بأن البحرين رحبت بالحكومة الجديدة التي تضم كافة المكونات اليمنية وأشادت أيضا بدور الرياض في تشكيل الحكومة الجديدة. 

وأخيراً، أكد البرلمان العربي أن تشكيل الحكومة الجديدة خطوة تاريخية يمكن من خلالها إعادة الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة في اليمن.

كما رحب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيثس بالتطورات الإيجابية في تنفيذ اتفاق الرياض، مهنئًا هادي وأطراف الاتفاق والأحزاب السياسية وجميع الأطراف التي ساهمت في العملية. 

وشدد مع ذلك على الحاجة إلى مزيد من الجهود لإشراك المرأة اليمنية في المشهد السياسي. 

وقال المتحدث الرسمي باسم خدمة العمل الخارجي الأوروبي في بروكسل إن تنفيذ اتفاق الرياض "خطوة إيجابية نحو حل سياسي شامل للبلاد". 

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، من مهام الحكومة الجديدة مواجهة التحديات واتخاذ قرارات مهمة وشجاعة من أجل مصلحة البلاد وشعبها.  

وأورد الموقع أن ردود الفعل الأولى صدرت من لندن عبر تصريحات وزير الخارجية دومينيك راب، ووزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جيمس كليفرلي، الذي حث الحكومة الجديدة على التعاون مع غريفيثس. كما رحبت فرنسا بتشكيل الحكومة الجديدة، معربة عن تقديرها للدور السعودي.

تاريخ موجز للصراع

ويعيش اليمن حربا أهلية منذ 19 مارس/آذار 2015، بدأت بمحاولة جماعة الحوثي السيطرة على المناطق الجنوبية من البلاد. 

في 21 سبتمبر/أيلول 2014، نفذ الحوثيون، بدعم من الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، انقلابًا سمح لهم بالسيطرة على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء. 

في البداية، وُضع رئيس الحكومة الشرعية، عبد ربه منصور هادي، قيد الإقامة الجبرية في منزله بالعاصمة، وبعد أسابيع قليلة تمكن من الفرار، متوجهًا أولاً إلى عدن ثم إلى السعودية. 

ويدعم هادي تحالف بقيادة السعودية ويعترف به المجتمع الدولي كرئيس شرعي للبلاد. في المقابل، تحظى جماعة الحوثي بدعم إيران وميليشيات حزب الله اللبناني الموالية لطهران.  

على إثر ذلك، قررت السعودية التدخل معتقدة أنها ستستعيد العاصمة صنعاء في وقت قصير، لكن الوضع خرج عن السيطرة خاصة بعد أن نشأ صدع في الجبهة، وذلك بعد أن عرضت الإمارات دعمها للقوى الانفصالية، التي يتمثل هدفها الرئيس في إقامة دولة ذات سيادة في جنوب اليمن مما تسبب في تعقيد الوضع أكثر. 

ولوضع حد للنزاعين، عملت السعودية على التوصل إلى اتفاقين مختلفين: الأول هو اتفاق ستوكهولم المبرم في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018 والهادف إلى عقد هدنة مع الحوثيين.

وجرى الاتفاق الثاني بالرياض بتاريخ 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 للتوسط في مصالحة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

في الختام، أكد موقع مركز الدراسات الإيطالي أن تشكيل الحكومة الجديدة حسم الخلاف بين الرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي عرقل أي جهد من جانب الأمم المتحدة للتفاوض على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني. 

ويبدو أنه أعاد إحياء الأمل في تحقيق السلام وإنهاء الصراع الذي تسبب في معاناة للشعب اليمني طيلة خمس سنوات.