إسرائيل تتوعد بضم غور الأردن.. هذه تداعياته على معاهدة وادي عربة

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن العلاقات الأردنية الإسرائيلية في طريقها للتأزم، مع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، بما فيها غور الأردن، إلى إسرائيل، غير عابئ باتفاقات السلام المبرمة بين إسرائيل وأطراف عربية أخرى.

نتنياهو توعد خلال حملاته الانتخابية في سبتمبر/أيلول 2019، بضم مناطق في الضفة الغربية، بما فيها غور الأردن ومستوطنات يهودية في الضفة المحتلة، إلى إسرائيل نهاية يوليو/تموز 2020، حال فوزه في الانتخابات.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية: "لن ندع فرصة كهذه تضيع، نحن من جاء بها، ونحن هنا لتحقيقها، لكن من أجل ذلك، ومن أجل تأمين حدودنا، وتأمين مستقبلنا، أحتاج إلى جميع أعضاء الليكود للخروج والتصويت في الانتخابات المقبلة".

تلك الوعود لم تكن ضمن خطة نتنياهو وحده، بل كانت أيضا ضمن خطة منافسه زعيم حزب أزرق أبيض بيني غانتس، وضم غور الأردن إلى إسرائيل جاء كمقترح للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ضمن خطة تقدم بها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

أهداف إستراتيجية

يعد غور الأردن أرضا فلسطينية، تقع ضمن جغرافيا الضفة الغربية، على الحدود مع الأردن، ويمثل نحو 30 % من مساحة الضفة الغربية المحتلة.

من وجهة نظر إسرائيلية، تكمن أهمية غور الأردن في كونه منطقة إستراتيجية حيوية لأمن إسرائيل، حيث يظن الكيان المحتل أنه، بضم تلك المنطقة، سوف يخلق مساحة عازلة، ومساحة أمان كافية له، حال تعرضت إسرائيل لأي هجمات برية مستقبلا.، فضلا عن كونها أراضي زراعية خصبة غنية بالموارد المائية.

نتانياهو قال في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأميركي ترامب في واشنطن، جرى خلاله الإعلان عن خطة السلام: إن غور الأردن "حيوي" لإسرائيل التي "ستفرض سيادتها" هناك.

وادي عربة

في حال تمكنت إسرائيل من ضمه، يخشى مراقبون من عدم صمود اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل  (وادي عربة) الموقعة في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994، بشأن الحدود الفاصلة بين الدولتين والمارة بوادي عربة.

ملك الأردن عبدالله الثاني قال: إذا استمرت إسرائيل بنواياها في ضم أجزاء من الضفة الغربية فإن ذلك سيؤدي إلى صدام كبير مع بلاده، مشددا على أن الأردن يدرس جميع الخيارات إذا جرى الضم.

وفي مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية أضاف الملك الأردني أنه لا يريد إطلاق التهديدات أو تهيئة الأجواء للخلاف والمشاحنات.

وحذر ملك الأردن من مزيد من الفوضى والتطرف في المنطقة إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية، وقال إنه يتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة يجب ألا يطبق في الشرق الأوسط.

وحسب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، في حديث للاستقلال، فإن القرار الإسرائيلي بتنفيذ ضم المستوطنات اليهودية بالضفة وضم القدس وغور الأردن يعد نسفا كاملا للأسس التي قامت عليها اتفاقات السلام بين العرب وإسرائيل، وستكون سببا لتفاقم التوتر في العلاقات بين الأردن وإسرائيل.

يضيف الحمد: "تشكل تلك الخطوة تهديدا أمنيا حقيقيا على الأردن، وتهدد بتطبيق عمليات تهجير قسرية للمواطنين الفلسطينيين إلى الأراضي الأردنية، كما أنها تحمل في طياتها تهديدا لنظام الحكم وللديموغرافية والجغرافيا الأردنية، بل ولدور الأردن الإقليمي في المنطقة، فضلا عن تحميل عمّان أعباء اقتصادية كبيرة.

خيارات مفتوحة

كان الملك عبدالله الثاني قد هدد بأن الأردن يدرس جميع الخيارات في حال جرى ضم تلك الأراضي، وقد رأى مراقبون أن الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات التي بيد عمان تنفيذها.

رئيس مركز الشرق الأوسط جود الحمد، قال لـ"الاستقلال": "هناك أوراق ضغط وإجراءات يستطيع الأردن اتخاذها في حال تعنت الموقف الإسرائيلي وإصراره على تنفيذ المخطط الذي يهدد المملكة".

من أهم تلك الأوراق، وفق الحمد، "إعادة النظر بمعاهدة وادي عربة سيئة السمعة في المجتمع الأردني، وبالحد الأدنى تجميد تطبيق بنودها المتعلقة بالمصالح الإسرائيلية ومنها التنسيق الأمني والتطبيع السياسي".

يضيف رئيس مركز الشرق الأوسط: "معاهدة السلام بين الطرفين تفرض بيئة أمنية معينة بين الجانبين، وفي حال تجميدها أو إلغائها فان الجانب الإسرائيلي قد يعاني من مشاكل أمنية جديدة في حدود تبلغ طولها أكثر من 628 كلم مع الأردن".

يتابع الكاتب الأردني: "تلك الحدود لا يمكن الدفاع عنها بقوة إسرائيل القائمة اليوم، في ظل تجربة فشل على 40 كلم مع قطاع غزة، وأكبر منها بقليل على حدود لبنان، وفشل إسرائيل في تحقيق الأمن الداخلي والأمن للدولة بسبب أعمال المقاومة المتقطعة ضدها، لذلك فوضع الأردن خطته لمواجهة إسرائيل إعلاميا وسياسيا وقانونيا وشعبيا في حال ضمت هذه الأراضي، فانه يستطيع أن يسبب متاعب وقلقا حقيقيا لإسرائيل واستقرارها في المنطقة".

يضيف الحمد : "يستطيع الأردن أن يطرد السفير الإسرائيلي ويسحب سفيره من عمان، وهي خطوة كانت قد اتخذتها عمان في وقت سابق، بل يستطيع قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني".

ويسترسل الكاتب: "هذه الإجراءات الأردنية ستسبب قلقا كبيرا في الأوساط السياسية الإسرائيلية والدولية، خصوصا في حال تضافرت مع الموقف الفلسطيني، ما يمكن أن يكون له تداعيات على عمليات تطبيع هادئة تجري مع دول خليجية وعربية أخرى".

مضيفا: "تلك الورقة سوف تسمم الأجواء العربية ضد إسرائيل وتحيي برامج المقاطعة ولجان مقاومة التطبيع ولجان الدعم للمقاومة الفلسطينية، وسيكون الموقف الأردني مبررا بشدة لدى المجتمع الدولي باتخاذ الفلسطينيين أي إجراءات سياسية بالتحلل من الاتفاقات بما فيها التنسيق الأمني أو شن عمليات مقاومة مسلحة أو مقاومة مدنية أو مقاومة شعبية ضد الاحتلال".

ويختم رئيس مركز الشرق الأوسط: "من جهة أخرى فإن تفاقم الموقف الأردني ضد الحكومة الإسرائيلية يعني زيادة توتير علاقات هذه الحكومة مع المجتمع الدولي وخصوصا الاتحاد الأوروبي، بسبب قناعتهم باعتدال الأردن ومواقفه تجاه السلام".

رفض أوروبي

جهود من قبل الاتحاد الأوروبي تسعى إلى منع تنفيذ خطوة إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وإقناعها بالتخلي عن خططها بهذا الشأن، حتى لا يضطر للرد ويفرض عقوبات عليها.

ووفق وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسلبورن، في مقابلة تلفزيونية مع فرانس برس، فإن "عددا كبيرا من الدول دعم مسودة نص قام بإعدادها مع نظيره الأيرلندي سايمن كوفيني، حذروا فيها من أن هذا الضم سيشكل انتهاكا للقانون الدولي".

غير أن أسبلورن عبر عن أسفه لأن بلدين، هما المجر والنمسا، يرفضان توقيع الإعلان الذي لن يشكل موقفا مشتركا"، موضحا في المقابل أن "دعم عدد كبير من البلدان لهذا الخط، بحد ذاته يشكل نجاحا".

وكان الاتحاد الأوروبي قد انتقد، في وقت سابق، خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وقال بوريل في إعلان مطلع فبراير/شباط 2020: إن "المبادرة الأميركية كما عرضت في 28 كانون الثاني/يناير2020، تبتعد عن المعايير المتفق عليها على المستوى الدولي".

وشدد على أن "انتهاك القانون الدولي ستكون له عواقب. مصداقية الاتحاد الأوروبي ستكون على المحك".

وتابع وزير الخارجية: "لكنني لا أريد الحديث عن عقوبات حاليا. علينا أن نفعل ما بوسعنا لمنع هذا العمل. لدينا شهران، حتى 15 تموز/يوليو 2020، لإقناع إسرائيل بالتخلي عن هذا المشروع".

عقوبات مستحيلة

بالقدر الذي أظهر الاتحاد الأوروبي رغبته بمنع إسرائيل من تنفيذ هذه الخطوة التي تتعارض والقانون الدولي، وهدد باستخدام عقوبات ضدها في حال أقدمت على تنفيذها، إلا أنه قد يقف عاجزا أمام تنفيذ تلك العقوبات التي تتطلب إجماعا، وهو الأمر الذي قد لا يتمكن القرار الأوروبي من الحصول عليه.

وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اعترف بأن الاتحاد الأوروبي منقسم جدا، وأن المواقف متباينة، وأن العقوبات تتطلب إجماعا.

الدبلوماسية الهولندية سوزانا تيرستال الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، كتبت في تقرير عرض على وزراء الاتحاد قائلة: "لا رغبة لدى الدول الأعضاء في معاقبة إسرائيل في حال ضمت أجزاء من الضفة الغربية المحتلة".

 وفي حال تمكن الاتحاد الأوروبي من الحصول على إجماع فإن العقوبات المحتملة التي يمكن أن تطبق على إسرائيل هي تجميد الاتفاقات الثنائية، وتعليق التعاون العلمي، وإلغاء الرسوم التفضيلية الممنوحة للمنتجات الإسرائيلية، واستدعاء السفراء للتشاور.