نيكولاس هيسوم.. محام شارك في تقسيم السودان يعود كمستشار لحمدوك

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مثّل التبشير بقدوم الجنوب إفريقي نيكولاس هيسوم للعمل كمستشار في مكتب رئيس الوزراء السوداني المكلف عبد الله حمدوك، حالة قلق لدى العديد من الأحزاب السياسية السودانية. 

فتاريخ الرجل الطويل ضمن بعثات الأمم المتحدة، إلى البلاد التي تعاني إشكاليات واضطرابات داخلية، لا يبشر بالخير، من الصومال إلى العراق، وكذلك وجوده في السودان سابقا في إدارة ملف فصل الجنوب، كان محل تساؤلات واعتراض. 

واليوم هيسوم يستعد للعودة إلى السودان، ولكن من باب الحكومة الانتقالية، التي تحاصر بمجموعة من الأزمات، أبرزها استقدام بعثة أممية، لتقع في اتهامات باستجداء التدخلات الأجنبية.

هيسوم والسودان 

في 11 مايو/ أيار 2020، ورد في بيان الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة (إسعاد) حول البعثة الأممية، أنهم اطلعوا على خبر استقدام الجنوب إفريقي نيكولاس هيسوم، ليكون مستشارا في مكتب رئيس الوزراء المكلف عبد الله حمدوك.

وهو الذي شارك في مفاوضات وترتيبات فصل الجنوب السوداني، وكان مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، وجنوب السودان.

كما شارك في ترتيبات فصل الأكراد إداريا في العراق، وفي وضع دستور دولة بوروندي، وكان مبعوثا في أفغانستان، ولم يعرف له أثر إيجابي على تلك الشعوب مطلقا، بل طُرد من الصومال بعد تورطه بالتدخل في الشؤون الداخلية والسيادية.

وفي 19 يوليو/ تموز 2019، نشر الموقع الرسمي للأمم المتحدة، تصريحات مثيرة لهيسوم عن تطورات الأوضاع في السودان، حيث قال: إنه "لدى الشعب السوداني الفرصة ليس فقط لاستبدال حكومة البشير والمجلس العسكري الحالي بسلطة مدنية، ولكن أيضا الفرصة لمحاولة حل تلك المشكلات طويلة الأمد، مثل دارفور وجنوب كردفان النيل الأزرق".

وحذر من أنه في حال "ضاعت هذه الفرصة فمن المحتمل أن تنزلق البلاد إلى حرب أهلية"، واصفا السودان بـ "إقليم متقلب الأوضاع". 

وفي أغسطس/ آب 2016، عندما تسلم هيسوم مهامه في السودان خلفا للمبعوث الأممي هايلي منكريوس، سرعان ما عقد مباحثات مع وزيري الدفاع والخارجية السودانيين.

وطلب وقتها بأن تلعب الخرطوم دورا للمساعدة في إعادة الاستقرار إلى دولة جنوب السودان، عبر مشاركتها بقوات حفظ السلام التى أقر مجلس الأمن الدولي نشرها في جوبا، وهو الأمر الذي رفضته الإدارة السودانية الحاكمة في ذلك الوقت. 

وفي يونيو/ حزيران 2017، فشل نيكولاس هيسوم، في مهمته إزاء احتواء الانقسام الذي ضرب صفوف الحركة الشعبية قطاع الشمال في السودان، بعد قرار مجلس جبال النوبة، بتنصيب عبد العزيز الحلو رئيسا للحركة، وإقالة مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان.

وكانت الإخفاقات المتعددة التي مني بها هيسوم في السودان، جاءت في إطار فشل أكبر على المستويين الدولي والإفريقي. 

المطرود 

في يناير/ كانون الثاني 2019، أعلنت وزارة الخارجية في مقديشو أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالصومال، نيكولاس هيسوم "شخصا غير مرغوب فيه". 

وقالت الوزارة، في بيان أصدرته آنذاك: إن قرارها تم اتخاذه "بسبب قيام هيسوم، بتصرفات لا تليق، وتعد تدخلا سافرا في سياسة الصومال"، من دون أن توضح طبيعة تلك التصرفات.

وجاء قرار مقديشو بعد أن أرسل هيسوم، رسالة إلى وزارة الأمن الصومالية، طلب فيها توضيحات حول اعتقال "شيخ مختار ربو"، أحد القياديين السابقين في حركة الشباب المسلحة. 

وبناء عليه، عين الأمين العام للأمم المتحدة، الدبلوماسي الأميركي جيمس سوان، ممثلا خاصا له ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الصومال، بدلا من نيكولاس هيسوم.

هيسوم والعراق 

في أبريل/ نيسان 2005، اختارت الأمم المتحدة نيكولاس هيسوم، ليقود بعثتها لمساعدة العراق على صياغة دستوره الجديد.

وفي تلك الفترة وجهت انتقادات إلى تلك البعثة الأممية، بأنها تقوم بإملاء صياغات وديباجات على اللجنة المختصة بوضع الدستور العراقي في ذلك الوقت العصيب، بعد سنوات قليلة من الاجتياح الأميركي للبلاد. 

وقتها أعلن هيسوم، بصفته مدير مكتب الدعم الدستوري للبعثة الأممية، قائلا: "نحن لا نكتب الدستور للعراقيين، ولكن نقدم لهم نماذج دستورية من دول أخرى، يمكن الاستفادة منها في كتابة الدستور العراقي".

وكانت ظروف كتابة دستور العراق غاية في الصعوبة، وغارقة في المأساوية، فقبله بشهور كانت الانتخابات التشريعية في يناير/كانون الثاني 2005، ومثلت نقطة مفصلية في المشهد السياسي العراقي الذي كتبت فيه مسودة الدستور.

تلك الانتخابات قاطعها العرب السنة لعدم يقينهم بتوافر ضمانات النزاهة، وهيمنت عليهما الكتلتان الشيعية والكردية، الأمر الذي ساهم في خلق حالة من الشعور بالتهميش والإقصاء لدى السنة، وهو ما كان له أكبر الأثر في كل مراحل وآليات كتابة مسودة الدستور، رغم تراجع قطاع من السنة عن المقاطعة ودخولهم في اللجنة الدستورية العراقية. 

ولكن بعض الأطراف الطائفية في العراق أرادت أن تستفز العرب السنة ليعلنوا انسحابهم من لجنة صياغة الدستور، وذلك عن طريق تعريضهم لعمليات "تهديد وقتل متعمد".

ونجحت هذه الأطراف بالفعل في قتل اثنين من الأعضاء القانونيين المنتمين للعرب السنة في اللجنة هما ضامن حسين العبيدي ومجبل الشيخ عيسى، وذلك على عين مكتب دعم الدستور التابع للأمم المتحدة في بغداد، الذي كان نيكولاس هيسوم يعمل فريقه. 

من هيسوم؟ 

ولد نيكولاس فينك هيسوم عام 1952، في جنوب إفريقيا وهو محام ودبلوماسي، له تاريخ طويل من العمل في البعثات الأممية في دول إفريقية وآسيوية، منها العديد من الدول العربية مثل العراق والصومال والسودان.

ودرس هيسوم القانون في جامعة ناتال وجامعة كيب تاون، وحصل على شهادة البكالوريوس في القانون، وفي عام 2012، حصل على الدكتوراة الفخرية من جامعة كيب تاون الجنوب إفريقية.

ومن أبرز المناصب التي تقلدها في حكومة جنوب إفريقيا، منصب المستشار القانوني والمستشار الدستوري في مكتب الرئيس من عام 1994 إلى عام 1999.

وبعدها انتقل إلى الأمم المتحدة، حيث عمل في الفترة من عام 1999 إلى عام 2002، كمبعوث في محادثات السلام في بوروندي، وشغل المنصب كرئيس للجنة التفاوض بشأن القضايا الدستورية. 

وفي الأعوام من 2002 وحتى 2005، شغل منصب المستشار الرئيسي الوسيط في عملية السلام السودانية، والتي انتهت بفصل جنوب السودان.

وفي الفترة من 2005 إلى عام 2007، شغل منصب رئيس مكتب الدعم الدستوري لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق.

ومن 2007 إلى 2012، شغل منصب مدير الشؤون السياسية وحفظ السلام والشؤون الإنسانية في المكتب التنفيذي للأمين العام للأمم المتحدة.

وفي عام 2012، تم تعيين هيسوم من قبل الأمين العام بان كي مون في منصب نائب الممثل الخاص للأمين العام لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان (UNAMA) وفي 2014 جرى تعيينه كممثل خاص للبعثة.

ونجح هايلي مينكيريوس في تعيينه كمبعوث خاص للسودان وجنوب السودان في مارس/ آذار  عام 2016.

وفي عام 2018، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس هيسوم ممثلا خاصا له في الصومال ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة في البلاد، قبل أن يتم تنحيته كشخص غير مرغوب فيه، في بداية عام 2019.