الروبوتات تحصل على وظائف جديدة بفضل كورونا.. هل تهدد فرص البشر؟

سليمان حيدر | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد انتشار فيروس كورونا، بدأت مخاوف استخدام التكنولوجيا محل الأيدي العاملة بالتراجع، حيث يجري استثمار الروبوتات بشكل مختلف، خاصة في مجال تقديم الخدمات للمصابين، بهدف حماية الطواقم الطبية.

فمع اجتياح الوباء أكثر من 120 دولة حول العالم وإصابته أكثر من مليونين ونصف المليون وقتله أكثر من 180 ألف شخص، أصبحت هناك حاجة ماسة لاستخدام بعض أنواع التكنولوجيا ومنها الروبوتات لتقليل الاحتكاك المباشر بالمصابين. 

ونتيجة لازدياد الطلب على تلك الروبوتات اضطرت العديد من الشركات إلى مضاعفة إنتاجها بعد أن تعددت مجالات استخداماتها سواء في الكشف على المرضى أو في التعقيم والنظافة أو في بسط السيطرة الأمنية خلال فترات الحظر في بعض الدول.

حماية الأطباء

البداية كانت من بؤرة تفشي الوباء حول العالم "ووهان الصينية" التي بدأت باستخدام الروبوتات في عدد من المستشفيات والمرافق الطبية، حيث تبرعت شركة CloudMinds ومقرها بكين بـ 14 روبوتا لمساعدة الصين في رعاية المرضى بعد انتشار كورونا. 

وبحسب تقرير لشبكة CNBC الأميركية، فإن هذه الروبوتات لديها القدرة على التنظيف والتطهير وتقديم الأدوية للمرضى وقياس درجة حرارتهم واستطاعت الصين تحويل مستشفى داخل مركز هونج شان الرياضي إلى مركز طبي ميداني تقوده الروبوتات والأجهزة الذكية بشكل كامل. 

ويظهر مقطع مصور نشرته الشبكة كيف يقيس روبوت أطلق عليه اسم "كلاود جينجر" الحرارة بالأشعة الحمراء داخل المستشفى الصيني للأشخاص عند دخولهم وإذا ظهرت على أحدهم أعراض الحمى يصدر تنبيها للطاقم الطبي البشري.

يضاف إلى ذلك أن الروبوت لديه قدرة أخرى على كسر الملل عند المرضى داخل الحجر الصحي من خلال تسليتهم بالرقص. 

كما استخدم نوع آخر من الروبوتات داخل المستشفى يعمل بنظام ملاحة مستقل ويستطيع من خلاله تجنب العقبات ويمكن استخدامه لتوصيل الطعام والمشروبات والأدوية للمرضى دون الاتصال المباشر من شخص لآخر لتفادي انتقال العدوى بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على المستلزمات الطبية.

وأوضح المتحدث باسم شركة CloudMinds في بيان أن تكلفة هذه الأنواع من الروبوتات تتراوح بين 17 و72 ألف دولار لكل منها. 

وفي تايلاند، اعتمدت ثلاثة مستشفيات كبرى على الروبوت بينتو لحماية الطواقم الطبية من الإصابة بفيروس كورونا، بعد أن تم تجهيز المستشفيات بهذا النوع المزود بشاشات لإجراء الاستشارات عن بعد عبر الفيديو دون أن يضطر المريض إلى الدخول لغرفة الكشف.

 وبحسب تقرير لوكالة رويترز يستطيع هذا الروبوت فحص رئتي المرضى وهو العضو الذي يستهدفه الفيروس ويستقر بداخله في الجسم. 

وفي سنغافورة أيضا، جرى استخدام نوع مشابه من هذه الروبوتات داخل المستشفيات، ويقول مدير الشؤون الابتكارية في مستشفى ألكسندرا خلال مقابلة مع قناة "سي أن إيه" المحلية: إن استخدام الروبوت ساهم في زيادة وتيرة التواصل مع المرضى دون الحاجة إلى ارتداء الطواقم الطبية السترات الواقية التي تغطي كامل الجسم. 

التعقيم والنظافة

وكما نجحت الروبوتات في حماية الطواقم الطبية، فإنه جرى أيضا استخدامها في مهام التنظيف والتعقيم وهي مجالات أساسية في الوقت الحالي للحماية من الفيروس الذي يتطلب عناية دائمة بالنظافة. 

وأظهرت تقارير لمراكز أميركية متخصصة في مراقبة الأمراض والوقاية منها أن أحد الروبوتات عثر على آثار فيروس كورونا على أسطح عدة في مقصورات ركاب السفينة دايموند برينسس بعد إخلائها وإجلاء الركاب.

وأكد وزير الصحة الياباني إصابة 700 شخص ممن كانوا على ظهر السفينة البالغ عددهم 3700، حيث سمحت السلطات اليابانية لركابها بمغادرتها مطلع مارس/ آذار 2020 بعد رفض العديد من الدول استقبالها.

تقرير آخر لوكالة الأنباء الفرنسية أكد أن العديد من المستشفيات حاليا باتت تتجه على نحو متزايد إلى استخدام الروبوتات التي تستطيع القضاء على الجراثيم والقيام بعمليات تعقيم الغرف من الفيروسات والبكتيريا في بضع دقائق. 

تقول ميليندا هارت المتحدثة باسم شركة زينيكس الأميركية: إن خدمات الطوارئ في بعض المستشفيات بدأت في استخدام هذه الروبوتات من أجل تعقيم الغرف بعد خروج المرضى واستخدامها أيضا في تعقيم بعض الأنواع من الكمامات الواقية من الفيروسات والميكروبات.

حظر التجوال

وقد يستغرب البعض استخدام السلطات التونسية الروبوتات للقيام بدوريات في شوارع العاصمة ومراقبة الإغلاق الذي فرضته في 18 مارس / آذار 2020. 

لكن الأغرب أن يجد المخالفون لقرار الحظر في العاصمة أنفسهم أمام روبوت يطلب منهم إظهار هويتهم ويسألهم ماذا تفعلون خارج البيت في وقت الحظر، وينادي عليهم "ماذا تفعل؟ أظهر لي هويتك. ألا تعرف أن هناك إغلاقا؟".

وأرسلت وزارة الداخلية التونسية عددا من الروبوتات للشرطة للقيام بدوريات في شوارع العاصمة وفرض حظر التجول ويطلق عليها اسم PGuard وتعمل عن بعد ومجهزة بكاميرات تصوير بالأشعة تحت الحمراء والحرارية بالإضافة إلى نظام إنذار الصوت والضوء. 

يقول أنيس الصحباني الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة إنوفا روبوتيكس ومقرها مدينة سوسة شرقي البلاد: إن هذا الروبوت يعمل بشكل مستقل من خلال الذكاء الاصطناعي.

وأشار إلى أن إنتاجه لأول مرة كان في عام 2015 للقيام بالدوريات الأمنية، موضحا أن تكلفته تتراوح بين 100 و140 ألف دولار ويتم تسويق أغلب الإنتاج في الخارج. 

 

حفل تخرج 

وفي صورة أخرى لاستخدامه، أجرت اليابان تجربة فريدة من نوعها حيث استخدمت الروبوت في إقامة حفل تخرج جامعي حل فيه محل الطلاب وذلك ضمن التدابير المتخذة لتجنب التجمعات وتقليل الإصابة بفيروس كورونا. 

وأعربت جامعة بيزنس بريكثرو في طوكيو عن أملها بأن يكون نهجها نموذجا مبتكرا للمؤسسات التعليمية في العالم التي تسعى إلى عدم إقامة أي تجمعات كبيرة في ظل انتشار الوباء. 

وارتدت الروبوتات التي أطلق عليها اسم "نيومي" وطورتها شركة إيه إن إيه القبعات والأرواب بدلا من الطلاب خلال حفل التخرج، حيث جرى التحكم فيها عن بعد. ويظهر وجه الطالب على شاشة الروبوت الذي يمثله في الجامعة. 

 

زيادة الطلب

وأشار تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية إلى زيادة الطلب على الروبوتات خلال الأسابيع الأخيرة وهو ما اضطر شركة "زينيكس" الأميركية و"يو في دي" الدنماركية في رفع إنتاجها من الروبوتات التي تصدر الأشعة فوق البنفسجية حيث ترى أن لديها القدرة على القضاء على العوامل المسببة للفيروسات.

أما شركة "شارك روبوتيكس" الفرنسية فقد تلقت العديد من الطلبات من دول أجنبية بينها إيطاليا لشراء روبوتات أضافت إليها وحدة تعقيم وأجرت عليها اختبارات قبل نحو شهرين، حيث تستخدم في تعقيم المستشفيات ومحطات القطارات. 

ونشر موقع بي بي سي البريطاني تقريرا توقع فيه ارتفاع الطلب على عمال الروبوتات بشكل أكبر مع تحذير خبراء الصحة من أنه قد يلزم وضع بعض تدابير التباعد الاجتماعي حتى عام 2021. 

وأشار التقرير إلى قيام الشركات الكبيرة والصغيرة بتوسيع كيفية استخدام الروبوتات لزيادة التباعد الاجتماعي وتقليل أعداد الموظفين الذين يتعين عليهم العمل جسديا. كما يتم استخدام الروبوتات لأداء الأدوار التي لا يستطيع العمال القيام بها في المنزل.

وبحسب التقرير، يقول الخبراء: إنه مع إعادة فتح المزيد من الشركات، يمكننا أن نتوقع اعتماد أكبر لهذه التكنولوجيا وقد نرى الروبوتات تنظف المدارس والمكاتب. 

ووفقا لعالم تكنولوجيا المستقبل مارتن فورد، فإن استخدام الروبوتات في عالم ما بعد كورونا يقدم أيضا بعض مزايا التسويق، موضحا أن الناس ستفضل الذهاب إلى مكان يضم عددا أقل من العمال وآلات أكثر لأنهم يشعرون أن بإمكانهم تقليل المخاطر الإجمالية.

وتوقع تقرير صادر عن شركة ماكنزي للاستشارات الإدارية في عام 2017 أن يتم استبدال ثلث العاملين في الولايات المتحدة بالأتمتة (استخدام الآلات لأداء المهام) والروبوتات بحلول عام 2030.

لكن أحداث مثل الأوبئة التي نعيشها اليوم لديها القدرة على تغيير جميع الجداول الزمنية ويقول الخبراء: إن الأمر متروك للبشر لتحديد كيف يريدون دمج هذه التكنولوجيا في العالم.