مبروك عطية.. داعية يقدم الفتوى للمصريين في قالب كوميدي

خالد كريزم | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

وسط أستوديو بخلفية زرقاء فاقعة، يجلس الداعية المصري مبروك عطية، حاملا في يده باقة من الورد البلدي، وعلى عينيه نظارة شمسية سوداء، ليبدأ في استقبال أسئلة عجيبة من المصريين في برنامج خاص بالفتاوى، على إحدى القنوات الفضائية المصرية.

يحمل الوردة لأن "الدنيا لا بد أن تكون زرعا وورودا"، وليشعر المتفرج أن الدين الإسلامي هو دين الجمال، أما النظارة فيخفي خلفها عينه التي تشوهت بفعل جراحة أجراها "طبيب مهمل"، فاضطر إلى لبسها، "حتى لا يرى الناس في يده شيئا يسرهم، وفي وجهه أمرا يؤلمهم"، بحسب قوله.

ويرد عطية على أسئلة المتصلين التي غالبا ما تحمل بعض الغرابة، بطريقة كوميدية ومنطق شخصي أحيانا، لا يضطر فيه إلى الاستشهاد بآية قرآنية أو حديث نبوي.

ويقول في مقابلة سابقة: "أنا لا أدعي ولا أزعم أني أتكلف شيئا فى يوم ما إلا تكلفي جهدا فى طلب العلم، وأنا لا أتكلف في طريقة ولا أسلوب. هكذا نشأت ولا أتعمدها ولا أدري إلا أني أتعمد التيسير، ولكن الأسلوب يفتح به الله".

من هو؟

مبروك عطية هو داعية وأكاديمي مصري، ولد في المنوفية عام 1958، والتحق مبكرا بالأزهر، حيث أنجبنت والدته خمسة أشقاء ماتوا جميعهم. ويقول عن نفسه: "فلما جئت للدنيا قالت الجارة لأمي، ربنا يجعله مبروكا لك هذه المرة، وقال أبي وهو مبروك، فلهذا سميت مبروك".

حصل على الدكتوراة مع مرتبة الشرف من جامعة القاهرة عام 1989. يعمل حاليا رئيسا لقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، وكان قبل ذلك أستاذا في جامعة الإمام محمد بن سعود في مدينة أبها بالسعودية.

كتب عطية أكثر من 235 كتابا، منها: ركائز الدعاء، الأولويات في الفكر الإسلامي، أغبياء يدخلون النار، فتاوى الشيطان، الوسطية في الدين والإبداع. وهو أحد الدعاة المستنيرين، حيث يتخذ من الوسطية والحكمة والموعظة الحسنة زادا في مسيرته، ويقول عن نفسه: "أنا مش شيخ ولا نيلة، أنا أستاذ دكتور"‏.‏

لا ينتمي إلى أي جماعة أو حزب، ويرى أن الانتماءات السياسية للدعاة تنتقص من رصيد الدعوة الإسلامية التي تحولت من عزم الأمور إلى توافهها، وفق ما قال لجريدة "الأهرام" في حوار سابق. ويؤكد عطية أن "الأزهر ليس جهة أمنية أو رقابية، بل هو مؤسسة جامعة لنشر الوسطية والأدب الرفيع واللغة".

اهتمامه باللغة

بالحديث عن اللغة، بدا أنها إحدى أكبر اهتمامات عطية، إذ أنه أتم الأستاذية فى اللغة العربية. ويفرد في كثير من الحوارات التلفزيونية مساحة لها، بل إنه ظهر مستمتعا أثناء طرح إحدى المتصلات مشكلتها مع زوجها، فقط لكونها تتكلم العربية الفصحى.

وتعمق في قضية اللغة بتفصيل أكبر، حيث قال لأحد المذيعين: "لا تستعمل ليت ولا أتمنى، واستبدلها بأرجو، لأن التمني في المستحيل، والرجاء في الممكن، والله يحب الممكن".

وقال سابقا: إن الحفاظ على اللغة العربية واجب على كل إعلامي "فهي لسان العرب ولغة أهل الجنة"، مؤكدا أنها "سلاح ذو حدين بها تستثمر المعاني ويمدح الناس وبها يتم الهجاء".

النقاب والسجائر

بعيدا عن مواقفه الكوميدية، كان عطية صارما عندما قال: إن المرأة التي ترتدي النقاب تشبه الرجل، وإن الأزهر لا يدعو إلى ارتدائه، وأثار بذلك الكثير من الجدل في الشارع المصري، حيث رأى منتقدوه أن هذه العبارات خارجة عن إطار العلم وأدبه، وأدب الإسلام بوجه عام، خاصة أن أئمة كبار في الأزهر تحدثوا بالإيجاب عن أهمية ستر الوجه.

وأضاف: "أنا في قمة الحزن لمَّا بشوفكم... المنتقبة راجل، ومفيهاش ريحة الأنوثة"، متابعا: "الإسلام م فيهوش كلمة اسمها نقاب أنا الوحيد اللي بقول لأي موظفة في الأزهر ترتدي النقاب: لو عندك دين سيبي الأزهر وامشي واتنقبي برّه".

وبالحديث عن المصطلحات الجدلية التي يطلقها مبروك عطية، قال في لقاء سابق: إن المرأة التي تنفق على بيتها، وزوجها ممتنع عن العمل "واطية بنت واطي"، فهي تصرف على البيت دون رضا، لأن الرجل هو من قرر ذلك، وفق تعبيره.

كما أجاب على أحد الأسئلة بأنه يجوز العمل فى شركات تصنيع السجائر، مضيفا: "محدش يقدر يقول عن السجائر حرام ممكن نقول معفنة ووحشة لكن منقدرش نقول حرام. إن الحكم الدينى يقضي بأن السجائر مكروهة، الأمر الذي يعتبر درجة أقل من التحريم".

الزواج والطلاق

وأكثر الأسئلة التي ترد للداعية عطية، ترتبط بالزواج والطلاق ومعاملة الزوجين. ويقول: إن تعبير "قوامون على النساء"، يعني أنه يجب أن ينفق عليها "من ساسها لراسها"، موضحا أنه ليس واجبا عليه أن يشتري لها كل ما تشتهيه، ولكن الأمور تسير بـ"المعروف".

وفي مقابلة مع صحيفة "اليوم السابع" المصرية، يقول: "لا يوجد سؤال معين يأتيني عن الأمر، لأنها عشرات الآلاف، لا أستطيع أن أذكر ألفا أو ألفين، لكن كل ما فيها غريبة، بنسبة تصل 97 بالمئة من تعدد الزوجات ومن يهدد زوجته بأنه سيتزوج عليها، وعن الزوج الذى يأمر زوجته بقطع الصلة مع أهلها، ويعلق الطلاق على أنها لو تحدثت مع شقيقتها سوف يطلقها، فلو سئل الرسول في هذه الفتاوى لقال: (هذه ليست أمتي)، فهناك رجال لا تنفق على أسرهم، فأي دين هذا، فكما قلت لك نحن فى زمن الضياع".

ويقول: إنه "من البداية تعرف جيدا قدراته، فإذا ارتضت به لا مشكلة، ولكن البعض يخترع قرآنا جديدا". ويقول "خذوهم فقراء يغنيكم الله"، مستشهدا بالآية التي تقول: {"وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ "}، معقبا: "ربنا قال اللي ممعاهوش ميتجوزش".

وأوضح أنه يجب على الشاب والفتاة التأني فى الاختيار، مضيفا: "لا أنصح بزواج الكلفتة، ولكن يجب التروي والهدوء، فالأصل فى الزواج أن يكون أبديا والطلاق أمر عارض". وأكد أن الأمة الإسلامية في حاجة للتدريب على الدين.

الخطاب الديني

عطية أحد دعاة تجديد الخطاب الديني، ويرى أن ذلك ينبغي أن يناقش شيئا محددا، وهو: "كيف تنتقل بالإنسان من مستوى الجهل بأبجديات دينه إلى مستوى العلم به؟ وأنا لا أتكلم فى الهواء ولا أركب متن الخيال".

وتابع في مقابلة تلفزيونية سابقة: "أنا أعرف معنى الخطاب الديني، وقلت هو كلمة الله ورسوله إلى المكلفين، لأن الله لا يكلف غير العقلاء (المجانين)، ولا الأطفال".

 أما كيف يكون تجديده، فهناك عناصر يجب دراستها منها مراجعة فهمنا لكلمة الله وكلمة رسوله. يقول: هناك كتاب لي بعنوان "أخطاء شائعة فى تفسير القرآن الكريم" فعندما يقول الناس: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، المراد بها الأزواج والزوجات؛ فهذا خطأ؛ لأن الخبيثات من الأعمال للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من الأعمال؛ وليس لها صلة بالرجال ولا النساء. 

وبين في لقاء آخر أن "هذا التبيان له آليات، منها فهم الكتاب ولغته. وتجديد الخطاب الديني لا يعني أننا ننشئ دينا جديدا، وإنما يعني أن تكون اللغة سهلة ومناسبة للزمان الذي يتحدث فيه العالم مبينا مراد الله".

السوشيال ميديا

كان لدى عطية صفحة على "فيسبوك"، لكنه حذفها، ولم ينشئ حسابا على "تويتر" بالمطلق، لكنه يسعد بنقل الناس لكلامه.

ويقول: "جلبت صفحة الفيسبوك لي أوجاعا لا يعلمها إلا الله، ويوجد 150 صفحة تحمل اسم مبروك عطية، ولكنني قلت ليس لي علاقة بهذه الصفحات، ومن يديرونها ضلالية وأفاقين".

ويرجو عطية أن يتفق الناس على أن "السوشيال ميديا عالم افتراضى علشان يستريحوا، لكن تصدق محتواها وتقبل ما يسمى بالصداقة، فهذه ليست طلبات صداقة، بل اسمها لعب عيال".

وتابع: أن "السوشيال ميديا وباء، لأنها كفيلة بأن تخرب العقول، والأكاذيب فيها والضلال والتفاهة بلا حصر، فهي تخرب الوجدان والدعوة والتفاهة والعري فيها أصبح صريحا، فهي نعمة ونحن من حوالها إلى وباء، والنعمة لها ناسها وإحنا مش وش نعمة".