الرهان الروسي في ليبيا يتجاوز دعم حفتر.. هذه الأسباب

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "ريدل" المختص في الشؤون الروسية، الضوء على تقلب الموقف الروسي بالملف الليبي، واصفا إياه بأنه "متأرجح" في الجهة التي تراهن عليها موسكو في ليبيا، مشيرا إلى ظهور عنصرين أساسيين آخرين من الأدلة على تورط روسيا مؤخرا في هذا البلد.

وفي مقال للكاتبين أنطون مارداسوف، الخبير غير المقيم في المجلس الروسي للشؤون الدولية، وكيريل سيمينوف، رئيس مركز الدراسات الإسلامية في معهد التنمية الابتكارية، أوضح الموقع أن الدليلين هما: "الأول: بيان صادر عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعترف بوجود مرتزقة فاجنر في ليبيا. الثاني: مقابلة مع قناة (الآن) الإماراتية يعترف فيها الروسي إيجور كوليكوف عن إقامته في ليبيا كمدرب مرتزق".

تحولات روسية

وأضاف الموقع: "تمثل هذه الأدلة تأكيدات على أن الأفراد العسكريين الروس يحتلون قواعد عسكرية عدة هناك، حيث يقاتل المرتزقة من فاجنر على الخط الأمامي إلى جانب خليفة حفتر (القذافي الجديد)".

وتابع: "من الواضح أن موسكو قررت لعب دور أكثر نشاطا في الاتجاه الليبي. ومع ذلك، هناك سبب للتشكيك في نطاق ومدى ذلك الدور. على عكس بشار الأسد، الذي لا يعلن عن وجود مختصين روس في الجيش السوري، فإن القائد العسكري الليبي حفتر، على العكس من ذلك، لا يمانع في المبالغة فيه لأغراض معينة".

وأشار الكاتبان إلى أنه بين عامي 2014 و2016، تفاعلت موسكو مع خليفة حفتر بطريقة مختلفة، لكن مع مرور الوقت بدأ الكرملين أخذ مصالح حكومة فايز السراج في طرابلس وكتائب مصراتة في الاعتبار، لتصبح سياسة موسكو الخارجية على المسار الليبي أكثر توازنا.

وأوضح الموقع: "مع ذلك، في صيف عام 2018، بدأت السلطات الروسية في الابتعاد عن سياسة المساواة في العلاقات مع طرابلس (مقر حكومة الوفاق) وطبرق (مقر حكومة تابعة لحفتر)، حيث تحولت لصالح دعم أكبر للجنرال الليبي المتقاعد، قائد ما يسمى بالجيش الوطني الليبي".

وتابع: "على وجه الخصوص، يتضح هذا من وصول حفتر إلى العاصمة الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 عشية المؤتمر حول ليبيا في باليرمو. وفي موسكو، أجرى حفتر محادثات مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو. وكان يفغيني بريجوزين، الذي يعتقد أنه يسيطر على فاجنر، حاضرا أيضا".

ومضى الكاتبان بالقول: "منذ تلك اللحظة، بدأت وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية التي يسيطر عليها بريغوزين في دعم حفتر بنشاط. وبدأت مجموعات من المرتزقة الروس في الظهور في ليبيا. لفترة طويلة لم تكن هناك اتصالات مهمة بين المسؤولين الروس رفيعي المستوى والسياسيين الليبيين من طرابلس، الذين يمثلون المعسكر المعادي لحفتر".

ولفت الموقع إلى أنه "من الواضح أن الموقف الرسمي لموسكو بشأن دعم حفتر خلال بداية هجومه الأول على طرابلس كان إلى حد كبير بسبب توقعات النجاح السريع للجيش الوطني الليبي".

نصيحة الحلفاء

ونوه إلى أن "الإمارات ومصر، أوضحوا للجانب الروسي أن حفتر لديه ما يكفي من القوات والوسائل لتحقيق النصر وإثارة انقسام في القوات التي تدافع عن طرابلس".

وتابع الموقع: "مع ذلك، كانت حسابات أبوظبي والقاهرة غير سليمة، حيث فشلت قوات حفتر بدخول المدينة في 3 محاولات، كما تكبدت خسائر جسيمة من الهجمات المضادة التي شنها جيش حكومة الوفاق الوطني (معترف بها دوليا)".

وبحسب الكاتبين، فإنه نتيجة لذلك، فقد حفتر قاعدته الخلفية واللوجستية الرئيسية بالقرب من طرابلس في مدينة غريان، ولم يتمكن الجيش الوطني الليبي من استعادة مواقعه المفقودة واضطر إلى المضي قدما في تكتيكات استخدام الهجمات الجوية عبر الطائرات بدون طيار.

وبيّن الموقع: "مع ذلك، وبغض النظر عن مدى فعالية استخدام الطائرات الحليفة التي قدمتها الإمارات إلى حفتر، فقد فشل الجيش الوطني الليبي في تغيير الاتجاه. في الواقع، فإن تصرفات الطائرات بدون طيار (وفقا لبعض التقارير والطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية المصرية والإماراتية) تؤدي إلى خسائر كبيرة بين السكان المدنيين".

وأكد الكاتبان: "بسبب الهجوم الفاشل في طرابلس، حاول الجانب الروسي خفض خسائره، وبدأت موسكو مرة أخرى في اتخاذ نهج أكثر توازنا في تصريحاتها ومبادراتها الدبلوماسية على المسار الليبي، وتجنب الإجراءات التي يمكن اعتبارها دعما لا لبس فيه للجيش الوطني الليبي".

وأردفا بالقول: "علاوة على ذلك، قبل أن يعلن حفتر يوم 12 ديسمبر/كانون الثاني 2019 عن هجوم رابع حاسم على العاصمة، حاول الكرملين اتخاذ الجانب الآمن، ودعا فايز السراج لحضور القمة الروسية الإفريقية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. في المستقبل، سيتمكن الكرملين من استخدام هذا ردا على مزاعم عن ميل موسكو إلى حفتر".

وأشارا الموقع إلى أن "المنطق الروسي في ذلك واضح، وهو أن ائتمان الثقة في حفتر، الذي يعاني من مشاكل صحية خطيرة، له حدوده" لافتا إلى أنه "الآن، كما يعترف ممثلو مصر والإمارات في محادثات وراء الكواليس، بأنه يتم تكليفه بدور القاطرة".

سمعة حفتر

في الوقت نفسه، يشير الموقع إلى أن حفتر يتمتع بسمعة مشكوك فيها للغاية بعد أن عطل المؤتمر الوطني في غدامس تحت رعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا.

واستطرد الموقع: "لكن يمكن لحفتر أن يمهد الطريق على الأقل للسياسيين الآخرين الذين سيتفقون على حل وسط حقيقي. وهكذا، رسميا موسكو ليست مستعدة لاتخاذ موقف لا لبس فيه على المسار الليبي. لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن توسيع نفوذها على حساب اللاعبين غير المنتظمين".

ونقل الكاتبان عن مصادر لديها معرفة وثيقة بالموضوع، القول: إن "أنشطة فاجنر في ليبيا تخضع للإشراف المباشر من قبل أفراد عسكريين. ومع ذلك، بخلاف سوريا ، فإن هذا النشاط محدود ويتعلق بعمليات التخطيط والدعم اللوجستي".

وبحسب الموقع، فإنه "في الوقت نفسه، على الرغم من ارتباط فاجنر بالجيش، لا يمكن اعتبار مشاركة المرتزقة انعكاسا لنهج موسكو الرسمي تجاه الوضع في ليبيا"، مشيرا إلى أن "بعض رجال الأعمال الروس يشكلون قوة دفع خاصة مرتبطة بأطراف مختلفة، وليس فقط مع حفتر، ولكن أيضا مع ممثلين في طرابلس وطبرق".

وتابع الكاتبان: "مع ذلك، بالنظر إلى نهج روسيا البيروقراطي المتمركز حول الرئيس في السياسة الخارجية، فمن غير المرجح أن يجرؤ الأفراد على أن يكونوا نشطين في شمال إفريقيا دون موافقة الكرملين".

واستبعدا أن ترفض روسيا إقامة قاعدة لها في ليبيا، خاصة أنها ترغب في إعادة العقود المفقودة بسبب إطاحة القذافي. حتى الآن، روسيا مستعدة لمساعدة الجيش الوطني الليبي في تقديم خدمات النقل، وإصلاح المعدات العسكرية، وتدريب الأفراد، وحراسة البنية التحتية للنفط والغاز.

وفي ختام حديثهما، توقع الكاتبان أن "يحصل الجانب الروسي على بعض الأرباح من دعم حفتر، لكن هذا الدعم له حدود معينة. وأن من المفيد لموسكو أن تحافظ على توازن معين في ليبيا كوسيلة للتحوط، لأنه في فترة ما بعد حفتر، سيتيح لها ذلك تعزيز نفوذها، واستخلاص الفوائد الاقتصادية من أفعالها".