المطالبات بمراجعة دستور العراق تثير مخاوف الأكراد.. أبرز الأسباب

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "آسيا تايمز" الصيني، الضوء على المطالبات السياسية بإجراء تعديلات دستورية استجابة للاحتجاجات الشعبية بالعراق، مشيرا إلى أن الأكراد هم أكثر الطوائف التي تتخوف من إجراء مراجعة واسعة لدستور البلاد.

وقالت الكاتبة بورجو أوزجليك، في مقال لها على الموقع: إن الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية بدت بمثابة تأنيب للحكومة لفشلها في توفير الخدمات الأساسية الكافية ولزيادة البطالة والفساد.

تأثيرات إيران

وتابعت: "اضطر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الاستقالة الأسبوع الماضي. ولكن كما هو الحال مع حركات الاحتجاج في كل مكان، فقد تطورت هذه الحركة أيضا، وأصبح المتظاهرون العراقيون يطالبون الآن بمطالب بعيدة المدى، بما في ذلك وضع حد للتدخل الإيراني في السياسة العراقية والدعوة إلى الإصلاح الدستوري".

وأردفت الكاتبة: "مع ذلك، في حين أن النية قد تكون مفهومة، فإن إخضاع وثيقة متفق عليها حول الترتيبات الداخلية للعراق أمام مفاوضات جديدة سيفتح صندوق باندورا (مليء بالشرور)، وربما يكون أكراد العراق أول من لاحظ هذا".

ومضت تقول: "بعد وفاة المحتجين المدنيين على أيدي القناصة، يطالب المتظاهرون الآن بمراجعات دستورية وتغييرات في القوانين التي تحكم الانتخابات التي يعتقدون أنها ستضمن في المستقبل حكومة تمثيلية وشفافة خالية من التدخل الإيراني".

وأشارت الكاتبة إلى أن النفوذ القوي لإيران وقواتها بالوكالة "مليشيات الحشد الشعبي" مصدر استياء متزايد يغذي الاحتجاجات الأخيرة.

ولفتت إلى أن "إيران، التي طالما كانت ماهرة في لعبة الشطرنج الجيوسياسية، أحكمت بثبات سيطرتها على السياسة الوطنية للعراق منذ عام 2003، بزرع والتأثير على القادة السياسيين مثل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي ساعد في وضع العراق في مدار طهران من عام 2006 حتى عام 2014 عندما سقطت الموصل في أيدي تنظيم الدولة".

وتابعت: "تمكنت منطقة كردستان العراق من البقاء على هامش الاحتجاجات التي بدأت في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول، في حين أن الشباب قد يشكلون غالبية المتظاهرين الذين يتوجهون إلى ساحات التحرير في الجنوب، فإن الشبان والشابات من الأكراد لا يرون صلة لهم بالفوضى التي تجتاح بقية البلاد".

وبيّنت الكاتبة: "أنهم يرون المظاهرات بمثابة انتفاضة قام بها شباب شيعي ضد مؤسسة شيعية نخبوية تشرف على المحسوبية البيروقراطية التي تلحق الضرر بالفقراء والطبقة العاملة وحشود الشباب العاطلين عن العمل في الجنوب".

واستطردت: "أما بالنسبة لأنفسهم، فإن الكثير من الأكراد لا يُعرفون أنفسهم بأنهم عراقيون، وربما لم يفعلوا ذلك من قبل، وقد بدأوا في الاستقرار النسبي للمنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تم تأمينها في عام 1991 من خلال عملية توفير الراحة التي قادتها الولايات المتحدة بعد حرب الخليج الأولى".

ونقلت عن صحفي محلي من سكان أربيل، قوله: "نحن نحزن على الوفاة المأساوية للمتظاهرين. يعرف الأكراد جيدا كيف يكون الوضع على الطرف المتلقي لعنف الدولة غير المتناسب. لكن كثيرين يقولون لماذا يجب أن أتعاطف مع العراقيين اليوم في البصرة، عندما لم يدافعوا عن حقوقي لعقود من الزمن؟ لماذا يجب أن أؤيد احتياجاتهم عندما رفضوا نتائج استفتائنا الديمقراطي من أجل الاستقلال في عام 2017؟".

وواصلت الكاتبة قولها: "مع ذلك، فإن الأكراد ليسوا بعيدين تماما عن تأثير التقلبات السياسية التي تشغل العراق ككل"، لافتة إلى أن "الرئيس برهم صالح زار رئيس وزراء إقليم كردستان السابق، بأربيل في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني لمناقشة التعديلات الدستورية التي تشكل جزءا من حزمة الإصلاح المقترحة لاسترضاء المحتجين".

وأضافت: "لكن السياسيين الأكراد عبروا عن تحفظاتهم بشأن تعديل الدستور الحالي. في الواقع، شعر البعض بالقلق من احتمال إعادة النظر في أحكام أخرى من الدستور بمجرد فتحه لإعادة النظر فيه. في عام 2005، أقر الدستور بإقليم كردستان ككيان اتحادي شرعي".

مشكلة كركوك

وأردفت الكاتبة: "كما قال رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان البارزاني: المشكلة الرئيسية ليست الدستور، ولكن أنه تم تجاهل هذا الدستور". وأضاف: "على وجه التحديد، اعترضت الأحزاب الكردية مرارا وتكرارا على مدى السنوات الفاصلة على فشل بغداد في تنفيذ المادة 140 من الدستور التي تحدد عملية سياسية لتحديد مستقبل كركوك".

ونوهت الكاتبة إلى أن "فتح الدستور الآن للمناقشة يثير القلق بشأن ما قد يعنيه هذا بالنسبة للمطالب الكردية في كركوك"، مشيرا إلى تحذيرات نجم الدين كريم، محافظ كركوك السابق من وجود تهديدات على كركوك وكردستان، وعلى الأخص نزع الهوية الكردية من المناطق المتنازع عليها.

ومضت تقول: "في الواقع، تصف التقارير الأخيرة كيف يتم تعليق ملصقات آية الله علي السيستاني، أعلى سلطة دينية شيعية في العراق، أمام المباني الحكومية وعلى المركبات الأمنية في مدينة كركوك المتنازع عليها".

وزادت: "تعرضت محافظة كركوك لنزاع طويل الأمد بين سكانها الأكراد والعرب والتركمان والمسيحيين. وبين حكومة إقليم كردستان في أربيل والحكومة الفيدرالية في بغداد".

ورجحت الكاتبة أن "تكون رؤية شخصية السيستاني في جميع أنحاء كركوك بمثابة عمل لفصيل سياسي شيعي يسعى إلى ممارسة الشرعية الدينية والسياسية على المدينة المنقسمة. وهذا يعكس نوعا من الانقسامات الفتاكة التي تجري في أماكن أخرى من الدولة العراقية وقد تتسبب في مشكلة في كركوك".

ونوهت إلى أن قرار الحكومة العراقية بمواصلة الحوار الوطني لمراجعة النظام الحاكم والدستور يخاطر بأن يكون مجرد لفتة رمزية ما لم يتم إجراء تحسينات حقيقية على طريقة حكم العراق.

واختتمت الكاتبة حديثها بالقول: "في الواقع، الأزمة الحالية هي أزمة الحكم الرديء، وليس الدستور. قد يؤدي فتح النقاش حول وثيقة وطنية تم المصادقة عليها بشق الأنفس منذ أكثر من عقد من الزمان في نهاية المطاف إلى مزيد من المركزية وتقليل التمثيل الإقليمي وتغرق البلاد في فوضى أكبر"، داعية المحتجين في العراق إلى أن يكونوا حذرين فيما يريدون.