مايكل بلومبرج.. ما دوافع الثري العصامي لمواجهة ترامب في الرئاسة؟

سليمان حيدر | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحول مفاجئ في موقف الملياردير الأمريكي مايكل بلومبرج البالغ من العمر 77 عاما يشعل سباق الانتخابات التمهيدية والرئاسية للولايات المتحدة الأمريكية قبل أشهر من انطلاقها، وذلك بعد نحو تسعة أشهر من إعلانه عدم رغبته بالترشح لمنافسة ترامب.

ففي مارس / آذار الماضي، عاد رجل الأعمال والملياردير الأمريكي، المصنف التاسع في قائمة الأغنى في العالم بثروة تقدر بـ 55.5 مليار دولار، ليعلن خوضه غمار الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي.

وقال بلومبرج وهو مؤسس وكالة "بلومبرج" للأنباء: إنه سيخوض الانتخابات الرئاسية من أجل هزيمة دونالد ترمب وإعادة بناء أمريكا، موضحا أنه لا يمكن تحمل تصرفات الرئيس ترمب التي وصفها بأنها "متهورة وغير الأخلاقية" لأربع سنوات أخرى.

مايكل بلومبرج

الملياردير الذي بنى نفسه بنفسه، مايكل بلومبرج، ذلك الرجل المعروف على نطاق واسع بين رجال المال والأعمال والمصنف التاسع على قائمة أغنياء العالم بثورة تقدر بنحو 55.5 مليار دولار طبقا لمجلة "فوربس". حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد عام 1966، وهو من أصول يهودية شرق أوروبية.

في العام 1990 أسس في مدينة نيويورك بالتعاون مع الصحفي الأمريكي ماثيو وينكلر وكالة أنباء دولية تحت اسم "بلومبرج بيزنس نيوز" لتقديم التقارير المتعلقة بالأخبار المالية وهي المعروفة حاليا باسم وكالة "بلومبرج" .

ظل بلومبرج منتميا للحزب الديمقراطي لفترة طويلة، لكنه قرر في العام 2001 مغادرة الحزب والانتقال إلى الجمهوريين وفاز في انتخابات العام نفسه بمنصب رئيس بلدية مدينة نيويورك والتي جرت بعد أسابيع من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

أعيد انتخابه مرة أخرى في الانتخابات التي تلتها في العام 2005 وبعدها بعامين غادر أيضا الحزب الجمهوري الأمر الذي فتح تكهنات في حينها حول خوضه الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2008، إذ يعتبر بلومبرج الذي شغل منصب عمدة نيويورك لمدة 12 عاما، أحد أربعة أفراد فقط خدموا هذه المدة الطويلة في هذا المنصب.

في بدايات عام 2009 اختارته مجلة "ساينتفك أمريكان" بالاشتراك مع بيل جيتس كواحد من قادة الريادة التقنية العشرة وذلك لإطلاقهما مع آخرين مبادرة دولية لمكافحة التدخين بتكلفة قدرها 375 مليون دولار، رصد بلومبرج منها 250 مليون دولار، فيما رصدت مؤسسة بيل ومليندا غيتس 125 مليون دولار، وذلك لترويج وتطبيق سياسات ضد التدخين.

وطبقا لمعلومات مجلة "فوربس" فقد تبرع بلومبرج بنحو 8 مليارات دولار للسيطرة على الأسلحة وتغير المناخ وأسباب أخرى.

في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عاد بلومبرج ليسجل نفسه مرة أخرى في الحزب الديمقراطي، وذلك بعد 18 عاما من مغادرته الحزب.


عاد بلومبرج إلى الحزب الديمقراطي بعد 18 عاما على تركه

دوافع بلومبرج

من اللحظة الأولى أعلن المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة الأمريكية عن الأسباب التي دفعته لخوض غمار الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي، قائلا: "لا يمكننا تحمل أربع سنوات أخرى من تصرفات الرئيس ترمب المتهورة وغير الأخلاقية، إنه يمثل تهديدا وجوديا لبلادنا وقيمنا، إذا فاز بفترة ولاية أخرى، فقد لا نتعافى أبدا من الضرر".

وقال على موقعه المخصص لحملته الانتخابية: إنه يسعى للفوز من أجل البدء في إعادة بناء أمريكا، وأن تجربته الفريدة في مجال الأعمال والحكومة والعمل الخيري سوف تمكنه من الفوز والقيادة. وأشار بلومبرج إلى أنه سيحشد تحالفا واسعا ومتنوعا من الأمريكيين للفوز، وأنه في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية سيقوم بإصلاح ما تم كسره.

ونوه إلى بعض النقاط التي تحتاج إلى التركيز عليها بالقول: "لدينا اقتصاد مائل ضد معظم الأميركيين، ونظام للرعاية الصحية يكلف الكثير ولا يغطي الجميع، ومجتمعات خربتها أعمال العنف، ومدارس لا تستعد لأطفالنا للنجاح في عالم التكنولوجيا المتقدمة بشكل متزايد، ونظام هجرة قاس وخلل وظيفي، وأزمة المناخ التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، ومصالح خاصة تفسد واشنطن وتعيق التقدم في كل هذه القضايا"، مشيرا إلى حاجة الولايات المتحدة لرئيس يفهم هذه الحقيقة ويمكنه فعل ذلك بدلا من مجرد تقديم الوعود.

ويعتبر بلومبرج هزيمة ترمب وإعادة بناء الولايات المتحدة المعركة الأكثر إلحاحا والأكثر أهمية، وأنه مصمم على الوقوف في وجه التعصب والكراهية وسياساته الخاطئة. وأضاف: "لقد أمضيت حياتي المهنية في جمع الناس معا لمعالجة المشكلات الكبيرة - وحلها. لقد عملت بشكل جيد في مجال الأعمال - وفي إدارة أكبر مدن البلاد وأكثرها تقدمية".

أبرز المنافسين

يعتبر بلومبرج آخر المنضمين إلى قائمة المرشحين للانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي ليصبح المرشح رقم 18 للفوز بترشيح الحزب لخوض انتخابات 2020 الرئاسية، حيث يمثلون مزيجا من أعضاء مجلس الشيوخ وآخرين في الكونجرس بالإضافة إلى عمدة المثليين ورقما قياسيا من النساء.

ومن بين المرشحين الـ 17 الآخرين بخلاف بلومبرج يتصدر كل من نائب الرئيس السابق جو بايدن والسناتور إليزابيث وارين وبيرني ساندرز الانتخابات الداخلية للحزب الديمقراطي.

17 منافسا لبلومبرج على الرئاسة داخل الحزب الديمقراطي

في مارس/آذار الماضي قال بلومبرج: إنه لا ينوي الترشح في الانتخابات التمهيدية حتى لا يضعف من حظوط جو بايدن، وفيما يبدو أن ما قاله ترمب أثار مخاوف لدى الديمقراطيين من عدم قدرة بايدن على منافسته ما دفع بلومبرج بالعدول عن قراره وخوض الانتخابات التمهيدية.

وبحسب استطلاعات الرأي، فإن جو بايدن لا يزال هو المرشح الأبرز بين الديمقراطيين. وشغل بايدن البالغ من العمر 77 عاما، منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما، وسيناتور سابق عن ولاية ديلاوير، وينتمي إلى الطائفة الكاثوليكية، وخاض انتخابات الرئاسة الأمريكية مرتين من قبل، وهو من بين أفضل الشخصيات الديمقراطية المعروفة بشخصيتها المتواضعة، وقدرتها على التواصل مع الناخبين من الطبقة العاملة.

وتعد انتخابات 2020 فرصته الأخيرة للترشح للرئاسة بسبب كبر سنه، وقد يحرمه ذلك من الحصول على أصوات الشباب الديمقراطيين، بحسب تقدير موقف للمركز العربي للبحوث والدراسات.

أما بيرني ساندرز، فيحظى بدعم التقدميين الأمريكيين بالإضافة إلى دعم الأقليات لا سيما المسلمين بسبب دعمه لقضاياهم وتبنيه لها.

واختار ساندرز الناشط "فايز شاكر" ذا الأصول الباكستانية لإدارة حملته الانتخابية، وهو ما يتسق مع دعواته الرافضة للعنصرية التي يتم ممارستها ضد المسلمين والعرب في الولايات المتحدة. بالإضافة لدعمه المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل رغم انتمائه للديانة اليهودية.

وقد نجا "ساندرز" وعائلته من جرائم النازيين في بولندا؛ حيث هرب مع عائلته، وهو في سن السابعة عشر.

وتعتبر حظوظ ساندرز ضعيفة في الظفر ببطاقة الحزب الديمقراطي؛ حيث فشل في هذا الأمر في انتخابات 2016 أمام "هيلاري كلينتون" كما أنه سيكون في التاسعة والسبعين من عمره في هذه الانتخابات.

المنافس الثالث لبلومبرج هي المرشحة إليزابيث وارين، حيث كانت الأكثر شعبية بين اليساريين التقدميين لموقفها من القطاع الأمر بعد الأزمة المالية التي هزت العالم في عام 2008، وخلال عضويتها بمجلس الشيوخ استجوبت المديرين التنفيذيين في "وول ستريت جورنال"، كما أنها تواصل انتقاداتها الصريحة لمبدأ عدم المساواة في توزيع الدخل.

موقف ترمب منه

لم ينتظر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعلان بلومبرج عن ترشحه للانتخابات الرئاسية ليعلن موقفه منه، وقال ترمب في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري: أنه لا يوجد شخص أحسن من بلومبرج "الصغير" ليتنافس أمامه على منصب رئيس الولايات المتحدة، وأشار إلى معرفته المسبقة به.ولم يكتف ترمب بنعت بلومبرج بـ"الصغير" وقال إن الرجل يعاني من عدة مشكلات خاصة على المستوى الشخصي.ولم يتردد ترامب في القول إن جاره في نيويوك منذ فترة طويلة "لن ينجح بشكل جيد في السباق الانتخابي"، مؤكدا أن ترشحه سيضر بنائب الرئيس السابق جو بايدن.وتابع الرئيس الأمريكي بقوله: إن بلومبرج "لا يملك سحر العمل للنجاح في هذا السباق" وقال إنه يعرف جيدا وإنه يتوقع فشله بعد إنفاق "الكثير من المال"، حيث رصد بلومبرج 30 مليون دولار لحملته الانتخابية.