خطوات تصعيدية.. هل ينضم تيار الصدر إلى مظاهرات "25 أكتوبر"؟

يوسف العلي | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

طالما أضافت مشاركة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، زخما كبيرا وقوة لا يستهان بها إلى المظاهرات الاحتجاجية السابقة في العراق، إلا أن غياب هذا التيار الشعبي عن الاحتجاجات الأخيرة، كان له أثره البالغ، على الرغم من إعلان تأييده لها.

الصدر الذي أعلن مبكرا أنه ليس طرفا في المظاهرات التي انطلقت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عاد بعد ذلك وأكد دعمه لمطالب المحتجين، بل طالب بإقالة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، حقنا لدماء العراقيين.

وخرجت المظاهرات في العاصمة العراقية بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الوسط والجنوب ذات الأكثرية الشيعية، ويتطور شعارها إلى المناداة بإسقاط الحكومة.

لماذا غاب الصدر؟

مواقف زعيم التيار الصدري الأخيرة، قرأها محللون على أنها خطوات تصعيدية باتجاه إعلان موقف نهائي ربما يأتي بالتزامن مع تجدد المظاهرات مرة أخرى في يوم 25 من الشهر الجاري، بعد تأجيلها لمناسبة "أربعينية الحسين".

بيان مقتدى الصدر الذي طالب فيه بإقالة الحكومة

مع انطلاق "مظاهرات أكتوبر"، أعلن التيار الصدري على لسان رياض المسعودي النائب في البرلمان عن كتلة "سائرون" المدعومة من مقتدى الصدر، أن التيار لم يشارك في التظاهرات، وأن جهة سياسية تقف وراء هذه التظاهرات.

لكنه أكد أن التظاهر حق يكفله الدستور للشعب العراقي ويجب أن يكون سلميا ومجازا، مشيرا إلى أن: "التيار الصدري نظم سابقا عشرات التظاهرات السلمية، ونحن قلقون مما حدث من عنف تجاه المحتجين، وعلى الحكومة والقوات الأمنية حماية المتظاهرين ومبادئ حقوق الإنسان".

وشدد حاكم الزاملي، القيادي في تيار الصدر على أن هذه التظاهرات غير تابعة لهم: "لكن نحن داعمون لأي تظاهرة سلمية سواء كانت من التيار الصدري أو غيره".

غياب التيار الصدري عن المظاهرات الشعبية الأخيرة، جاء: "لأن الصدر بات جزءا من الحكومة ولديه مناصب مهمة فيها"، وأن الحكومة بالأساس ولدت من رحم تحالف ثنائي بين كتلتي "سائرون" المدعومة من الصدر، و"الفتح" بزعامة هادي العامري.

ويرى كثيرون أن مشاركة التيار الصدري في مظاهرات تنادي بتوفير فرص العمل والقضاء على الفساد، وتحسين الخدمات الأساسية، ومن ثم تطورها إلى المطالبة بإسقاط الحكومة، سيكون بمثابة إعلان إنهاء تحالفه السياسي ورفع يده عن دعم الحكومة، وذهابه إلى المعارضة.

خطوات تصعيدية

مع انطلاق المظاهرات الشعبية في مطلع الشهر الجاري، صدرت عن زعيم التيار الصدري تصريحات، فسرت على أنها خطوات تصعيدية ضد الحكومة الحالية، وتهيئة لموقف نهائي يتخذه خلال الأيام المقبلة.

أولى تلك المواقف كان بيانه الذي أصدره بعد مرور أربعة أيام على الاحتجاجات، وطالب فيه بـ"حقن الدم العراقي الشريف باستقالة الحكومة (شلع قلع)، أي بالكامل". ودعا إلى: "البدء بانتخابات مبكرة بإشراف أممي، فما يحدث من استهتار بالدم العراقي لا يمكن السكوت عليه".

أما على صعيد البرلمان، فقد علّقت كتلة "سائرون" (54 مقعدا) المدعومة من الصدر مشاركتها في الجلسات استجابة لدعوة زعيم التيار ودعما لحقوق المتظاهرين السلميين المشروعة، لحين تقديم الحكومة برنامجا وطنيا واقعيا ترضية للشعب والمرجعية، فضلا عن ضرب المفسدين بيد من حديد.

وبعد ذلك كشف حساب "محمد صالح العراقي" على "توتير" والذي يعتبر بمثابة حساب شبه رسمي للصدر، عن ملف فساد وصفه بـ"الخطير" وأن جهات أطلعت رئيس الوزراء عليه، لكن الأخير لم يحرك ساكنا.

وقال الحساب، إن: "جهة مسؤولة في وزارة الدفاع أبلغته بمعلومات خطيرة، بأن القاعدة الجوية في الصويرة، كلّفت المشروع مليار ومائتي مليون دولار، مع ملحق بكلفة ستمائة مليون دولار".

وأضاف أن: "الأموال قد صُرفت كلها، ولا يوجد شيء على أرض الواقع على الإطلاق، وأن المسؤول قد سلمها بعد التحقيق مشكورا إلى رئيس مجلس الوزراء، ولم يتخذ أي إجراء. فاحكم أيها الشعب... والله خير الحاكمين".

ولعل آخر تلك الخطوات، دعوة مقتدى الصدر أنصاره إلى السير نحو مدينة كربلاء لتأدية زيارة "أربعينية الحسين" مرددين هتافات تنال من الفساد والفاسدين، بالقول: "كلا كلا أمريكا. كلا كلا إسرائيل. كلا كلا يا فاسد. بغداد حرة حرة، يا فاسد اطلع برة".

وحول الهدف من المواقف المتعاقبة هذه، أكد النائب عن كتلة "سائرون" غايب العميري، أن: "التدوينة وتغريدة الصدر السابقة بخصوص إقالة الحكومة، تعبّر عن عدم رضا الصدر وسائرون إطلاقا على أداء الحكومة الحالية، ولا سيما تعاملها مع ملفات الفساد، خلال المدة السابقة".

تلك التطورات في مواقف الصدر تأتي مع قرب انتهاء مهلة "سنة تحت الاختبار" التي منحها زعيم التيار إلى رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لتنفيذ برنامجه، والتي تقول "سائرون" إنه لم يحقق منها سوى 20 %.

وقال النائب عن "سائرون" رعد المكصوصي، إن: "مهلة الصدر لعبد المهدي، انتهت الآن، وبرنامج الأخير لم يطبق منه 20 بالمئة، وبالتالي علّق الصدر عضوية سائرون في البرلمان احتجاجا على عدم تلبية رغبات ومتطلبات الشعب العراقي، وخروج الشعب بمظاهرات ناقمة على الفساد والطبقة السياسية بالكامل".

من جهته، رأى إحسان الشمري، رئيس مركز "التفكير السياسي"، أن طبيعة المواقف التي صدرت عن مقتدى الصدر وكتلة "سائرون" بعد المظاهرات الأخيرة، تُبيّن بما لا يقبل الشك بأننا: "أمام مرحلة جديدة فيما يتعلق بالتحالف بين الصدر وعبد المهدي".

وأرجع ذلك إلى أن: "مهلة السنة التي منحها زعيم التيار للأخير شارفت على الانتهاء، وقضية اللجنة التي طالبت بها المرجعية الدينية لكشف قتلة المتظاهرين، إضافة إلى التحشيد للتظاهرات في يوم 25 من الشهر الجاري، هذه كلها ستكون ضاغطة على الصدر من أجل تغيير موقفه تجاه عبد المهدي".

هل ينضم للمظاهرات؟

بناء على تلك الخطوات التصعيدية لزعيم التيار الصدري، باتت التكهنات السياسية تقترب من احتمالية دعوة مقتدى الصدر لأنصاره إلى الخروج بمظاهرات تساند الاحتجاجات الشعبية التي يُعد لها في 25 من الشهر الجاري.

وفي سياق ذلك، يقول النائب المكصوصي، إن: "الشعب العراقي هو بيضة القبان في البلد، وأن سائرون والحكومة ولدتا من رحم الشعب، وبالتالي فإن الصدر لا يحيد عن مطالبه، وإذا ثار العراقيون ضد الحكومة، فسيكون لزعيم التيار موقف يلبي فيه مطالب الشعب المظلوم".

وبخصوص ذلك، يرى رئيس كتلة "العقد الوطني" في البرلمان العراقي النائب رشيد العزاوي، أن: "مقتدى الصدر في حال دعا إلى المشاركة في المظاهرات فسيكون محتاطا جدا، لأنه سيتحمل أي عنف إذا اندلع، فهو الجهة الوحيدة المعروفة من بين القوى المتظاهرة اليوم، التي لا يمثلها أحد".

أما إحسان الشمري، رئيس مركز "التفكير السياسي"، فإنه يرى أن: "جميع القوى السياسية الشيعية، على وجه الخصوص، قلقة على مستقبلها السياسي، أعتقد أنها تضع في حساباتها أنه لا بد من تغيير طبيعة مواقفها، ومن ثم قد نشهد تطورا دراماتيكيا يتصاعد ما قبل وبعد يوم 25 من الشهر الجاري، كإجراء دستوري تحت قبة البرلمان".

ولفت الشمري إلى أن الصدر في مواقفه: "أعطى مساحات ومُهل لحكومة عبد المهدي للاختبار، وفيما يبدو أنه ينتقل تدريجيا في موضوع اتخاذ موقف أخير، وقد يتزامن هذا الموقف مع التظاهرات التي يُعد لها".

وأكد أن: "الصدر يملك القدرة على إعلان موقفه النهائي من حكومة عبد المهدي، سواء البقاء أو الإقالة، متوقعا أن: "يصدر موقف مختلف خلال الأسبوعين المقبلين من مقتدى الصدر".

وفي ظل المعطيات الحالية التي تتشكل من مواقف زعيم التيار الصدري، نقل الإعلامي العراقي أحمد سعيد في تغريدة عبر "تويتر" حديثا مع أحد الناشطين المصابين في المظاهرات الأخيرة عن أهمية وجود الصدريين في الاحتجاجات.

وقال الناشط العراقي: إن عمليات القتل التي تعرض لها المتظاهرون في بغداد والمحافظات العراقية الأخرى، ساهمت بزيادة التظاهرات، مؤكدا أنه: "لو كان أبناء التيار الصدري معنا لما تجرأ أحد على ضربنا".

وتوصلت الحكومة العراقية إلى اتفاق مع المتظاهرين يقضي بتأجيل الاحتجاجات الشعبية إلى حين الانتهاء من زيارة "أربعينية الحسين"، فيما تجري الاستعدادات لانطلاقها مرة أخرى في 25 من الشهر الجاري.