"يني شفق": هل تعاني تركيا مشكلة في سداد ديونها الخارجية؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالاً للكاتب شهاب كافجي أوغلو، تناول فيه موضوع ديون تركيا الخارجية، مؤكداً أنَّ النسبة الأكبر منها ليست حكومية، بل عائدة للقطاع الخاص الذي يسددها بشكل دوري ومستمر، مستنداً إلى الأرقام القياسية التي تحققها الصادرات.

وقال الكاتب في مقاله، إنَّ "تركيا كانت من الدول التي تتسم بمعدل فائدة منخفض وإمكانيات سداد كبيرة وذلك حتى العام 2013، وخلال ذلك، فإنَّ أقساط الائتمان الافتراضية عندما تنخفض، ويقل مستوى الخطر في تركيا، يؤثر ذلك إيجابياً على الاستثمارات المباشرة، وكذلك الاستثمار في السندات "المحفظة". ومع ذلك، كما نعلم جميعاً، بعد دفع الدُفعة الأخيرة من الدَّين لصندوق النقد الدولي في عام 2013، لم يتبقَّ للبلد أي عمل".

أرقام قياسية للصادرات

وكانت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، أعلنت أنَّ صادرات تركيا بلغت 88.2 مليار دولار في النصف الأول من عام 2019، وسجلت أعلى رقم في تاريخها. وأضافت: "على الرغم من المراجعات الهبوطية في الاقتصاد العالمي، وخاصة آفاق النمو في أهم أسواق التصدير بمنطقة اليورو، ارتفعت صادرات تركيا بنسبة 2.18 بالمئة لتصل إلى 88.2 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، وسجلت رقماً قياسياً في تاريخ الجمهورية، وأنَّ فجوة التجارة الخارجية لتركيا ضاقت إلى 13.96 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام.

ورأى الكاتب، أنَّه "على الرغم من كل الألاعيب، واصلت تركيا للقيام باستثمارات كبيرة في هذه الفترة؛ وحققت أرقاماً قياسية في معدلات الصادرات التركية و، تأثرت الزيادة في الاستثمارات الجديدة بشكل خاص بالاقتراض الخارجي للقطاع الخاص". وأضاف: "اليوم، أحد أهم أسباب عدم وجود مشاكل في سداد ديون القطاع الخاص هو أنَّ هذه الاستثمارات ساهمت في زيادة الصادرات الموجهة نحو الإنتاج في الفترة ذات الصلة".

وتابع: "عندما ننظر إلى مقدار الدين الخارجي المحقق من الماضي إلى الحاضر، نرى اتجاهاً تصاعدياً؛ وعلى سبيل المثال، ارتفع إجمالي الدين الخارجي الإجمالي من 130 مليار دولار أمريكي إلى 453 مليار دولار أمريكي بزيادة قدرها 349.9 بالمئة في الفترة 2002-2019".

وذكر الكاتب، أنَّه "اعتباراً من اليوم، عندما ننظر إلى الدين الخارجي بشكل أعمق؛ على الرغم من الصعوبات الاقتصادية في عام 2018 وحتى 31 مارس/آذار 2019، فإنَّ إجمالي رصيد الدين الخارجي البالغ 453.4 مليار دولار، بلغ صافي رصيد الدين الخارجي منه 277.3 مليار دولار. تبعاً لذلك، بلغت نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الدخل القومي 60.6 بالمئة".

وكان مراقبون، قد لفتوا إلى أنَّ إحصاءات الدين الخارجي الصادرة عن وزارة الخزانة والمالية تؤثر سلباً على توقعاتها المستقبلية، إذ تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أنَّ نسبة الدين الخارجي مقارنة بالناتج المحلى الإجمالي بلغت 60.6 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وأنَّ ديون القطاع العام بلغت 148.3 مليار دولار من إجمالي الدين الخارجي، في حين بلغت ديون القطاع الخاص 299 مليار دولار.

الدين الخارجي

وفي حين أنَّ الدين الخارجي للقطاع العام بلغ 140 مليار دولار في عام 2018، فقد ارتفع بنسبة 5.3  بالمئة إلى 148 مليار دولار في الربع الأول من عام 2019 كما ارتفع الدين الخارجي للقطاع الخاص من 298 مليار دولار إلى 299 مليار دولار. وكذلك فإنَّ ما قيمته 139 مليار دولار (46.6 بالمئة) من رصيد الدين الخارجي للقطاع الخاص يتكون من ديون المؤسسات المالية (البنوك بشكل رئيسي) والجزء المتبقي (53.3 بالمئة) من ديون القطاع الحقيقي، بحسب الصحيفة.

وأضاف الكاتب، إنَّه "على الرغم من انخفاض ديون المؤسسات المالية، لا سيما بنوك القطاع الخاص مقارنة بعام 2018، فقد ارتفع دين القطاع الحقيقي بنسبة 3 بالمئة مقارنة بالعام السابق مقارنة بعام 2019، وتسبب ذلك في زيادة جزئية في إجمالي ديون القطاع الخاص. وعندما ننظر إلى الاقتراض الخارجي للبنوك؛ كان إجمالي الدين للقطاع في عام 2018 164 مليار دولار، ثم ارتفع إلى 165 مليار دولار في عام 2019 وهذه الزيادة مصدرها الديون العامة، وخصوصاً إذا انخفض اقتراض البنوك الخاصة من البنوك الخارجية".

وأوضح: ومع ذلك، فإنَّ الإجراء الذي يُؤخذ في الاعتبار عند تقييم الدين الخارجي هو نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي وعند تحليل هذه النسبة، نرى أنَّ هناك زيادة مستمرة مُنذ عام 2013، وشرح ذلك بقوله: "ارتفع الدين الخارجي الإجمالي في تركيا، من 56.7 بالمئة في 2018 حتى 60،6 بالمئة في الربع الأول من 2019. وهذه الزيادة نشأت عن زيادة اقتراض القطاع العام وخاصة قروض الخزينة التي كانت فعَّالة بشكل خاص في العام الأخير".

وتابع الكاتب: عندما يُؤخذ الدين الخارجي البالغ 467 مليار دولار أمريكي المحقق في الربع الأول من عام 2018 في الاعتبار، يُرى أنَّ مستوى الدين في عام 2019، حيث تتحقق أعلى نسبة دين خارجي/ إجمالي الناتج المحلي، يكون أقل من حيث الكمية هذا يرجع إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي.

مقارنة مع الدول الأوروبية وتركيا، احتلت اليونان، التي كانت تعاني من أزمة اقتصادية خطيرة مُنذ سنوات، المرتبة الأولى بنسبة 173.3 بالمئة من الدين/ الناتج المحلي الإجمالي؛ تليها إيطاليا 132.5 بالمئة والبرتغال 119.7 بالمئة. في وقت احتلت فيه تركيا المرتبة الرابعة عشرة في نسبة الدين/ الناتج المحلي بنسبة 60.6 بالمئة.

وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، تُعَدُّ اليابان البلد الأكثر مديونية في العالم بنسبة 238 بالمئة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. يشار إلى أنًّ اليابان مدينة بالديون أكثر من اليونان وإيطاليا والبرتغال التي تعاني من مستنقع الديون. ومرة أخرى، فإنَّ الولايات المتحدة، التي كان لديها زيادة في الدين العام حتى عام 2018، هي أيضاً واحدة من أكثر البلدان مديونية.

ولفت الكاتب إلى أنَّ تركيا والتي 66 بالمئة من ديونها تقع على عاتق القطاع الخاص، حيث ستسدد خلال عام واحد ما نسبته 59.5 مليار دولار، وعندما النظر إلى توزيع هذا على أساس شهري خلال العام ؛ سيكون شهر فبراير/شباط الماضي، هو الأعلى في نِسب السداد بنسبة 1.9 مليار دولار، وسيكون الأعلى شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل بنسبة سداد تصل إلى 7.1 مليار دولار، على أن تكون نسبة السداد في سبتمبر/أيلول الجاري تصل إلى 3.6 مليار دولار.

وختم الكاتب مقاله بالقول: "من الواضح أنَّ الدولة قطاع الصادرات فيها يزيد بشكل ملحوظ ويقل فيها الواردات، يعني أنذَ القطاع الخاص هو قطاع فعَّال وعليه؛ لن تواجه الدولة أي صعوبات في سداد هذه المدفوعات".