منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعددت الانتهاكات والتجاوزات والجرائم الإنسانية التي ترتكب بحق المدنيين.
إذ قُطعت إمدادات الوقود والكهرباء والأدوية والغذاء وكل مقومات الحياة، وكذلك حُجب الفلسطينيون غير مرة عن العالم الخارجي، عبر قطع الاتصالات والإنترنت عنهم.
وهو ما جعلهم -إلى جانب أضرار أخرى كثيرة- غير قادرين على التواصل مع بعضهم بعضا، مما عرقل عمل المنظومة الصحية وتسبب في صعوبة التواصل مع مناطق الاعتداءات لإسعاف الضحايا.
وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة "كالكاليست" العبرية، تقريرا تناقش فيه مسألة قطع الاتصالات والإنترنت عن القطاع.
وزعمت أن "إسرائيل واجهت انتقادات شديدة من المجتمع الدولي بسبب قطع الاتصالات والإنترنت في غزة، بحجة أن الأمر ليس امتيازا، بل هو حق أساسي من حقوق الإنسان".
وقالت، في لهجة تبريرية لجرائم إسرائيل: "حتى لو كانت هذه الانتقادات والمناقشات مناسبة، ففي زمن الحرب هناك منطق في إيقاف الإنترنت لفترات زمنية محدودة".
تستهل الصحيفة تقريرها بالقول: "منذ اندلاع الحرب في غزة، انهار الاتصال بالإنترنت في جميع أنحاء قطاع غزة بنسبة تزيد عن 80 بالمئة".
ووفقا لجمعية الحقوق الرقمية "أكسس ناو"، فإن انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء غزة نتج عن مجموعة من الهجمات الإسرائيلية المباشرة على البنية التحتية للاتصالات المدنية.
وذلك مثل أبراج الهواتف المحمولة ومزودي خدمات الإنترنت، وكذلك بسبب القيود المفروضة على الوصول إلى الكهرباء والتعطيل الفني لخدمات الاتصالات.
وزعمت الصحيفة أن كل ذلك حدث بشكل غير متساوٍ، وأحيانا عن غير قصد، منذ يوم العدوان الأول في السابع من أكتوبر وحتى السابع والعشرين من ذات الشهر.
وتابعت: "وفي 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، انقطعت شبكات الاتصالات والإنترنت بشكل كامل طوال الليل. وفي الليلة الخامسة من ذات الشهر، قطع الإنترنت مرة أخرى، واستمر الإغلاق هذه المرة أكثر من 15 ساعة".
وأردفت: "عندما وقعت هذه الخدمات، طالبت بعض الأطراف من المجتمع الدولي بإعادة إيصال الإنترنت. حتى إن الملياردير الأميركي إيلون ماسك قال إن شركته الفضائية ستارلينك ستوفر الخدمة لغزة".
وأكملت: "كذلك أوضحت منظمة الصحة العالمية أنه بسبب الإغلاق لم تتمكن من الاتصال بالفرق الطبية أو المسعفين أو ذوي الجرحى أو غيرهم".
وقالت قنوات إعلامية محلية ودولية إن الإغلاق يمنعها من الاتصال بالمراسلين على الأرض ويعطل قدرتهم على نقل أخبار الحرب.
ولفتت الصحيفة إلى أن البعض رأى أن قطع الإنترنت عن سكان قطاع غزة كافة هو "عقاب جماعي" محظور.
كذلك ذكر البعض، بما في ذلك منظمة Access Now، أن قطع الإنترنت كان يهدف إلى منع توثيق جرائم الجيش الإسرائيلي في المنطقة.
إذ أراد الجيش تنفيذ أنشطته تحت غطاء الصمت لتحقيق أهداف عسكرية، بغض النظر عن التكلفة أو الانتهاكات.
وتعقب الصحيفة العبرية على ذلك بقولها إن "رد الفعل كان قويا لدرجة أن أحدا يكاد يظن أن هذا حدث غير مسبوق، وليس له أي مبرر، أو أنه يتجاهل الجدل الدائر والمتردد حول الإنترنت بوصفه حقا أساسيا وليس امتيازا".
ومن ثم شرعت الصحيفة في تبرير إجراءات جيش الاحتلال، وذلك عبر مقارنة أنفسهم بما فعلته حكومات دول نامية ومستبدة حول العالم.
وقالت ساخرة: "قد يتفاجأ البعض، لكن عمليات قطع الإنترنت التي بدأتها الحكومة هي ظاهرة واسعة النطاق".
وتابعت: "بدأت فكرة إغلاق الإنترنت تكتسب زخما خلال ثورات الربيع العربي والمظاهرات التي شهدها ميدان التحرير في مصر خلال يناير/كانون الثاني 2011، فقد حجبت حكومة الرئيس (المخلوع) محمد حسني مبارك آنذاك اتصالات البلاد بالخدمة لمدة خمسة أيام".
وفي مارس/ آذار 2011، عزل الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي البلاد عن الاتصال بالإنترنت لمدة 3 أيام، وسط إدانة عامة من المجتمع الدولي.
وخلال عام 2022، حدث ذات الشيء، بشكل لافت ولفترات طويلة، من قبل حكومات بنغلاديش وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإندونيسيا وإيران والعراق والسودان وميانمار وزيمبابوي.
كذلك تعد الهند من أكبر البلدان التي تتخذ هذا الإجراء سنة بعد سنة بشكل متكرر. ومنذ أشهر عطلت الحكومة الإنترنت في منطقة كشمير المتنازع عليها، وفق الصحيفة العبرية.
وتعقب: "كل عمليات الإغلاق هذه تمت كثيرا، ولا تزال تنفذها الحكومات تجاه مواطنيها حتى اليوم"، زاعمة أنها "نادرا ما تحظى باهتمام المجتمع الدولي".
ولفتت "كالكاليست" كذلك إلى آليات أخرى تغلق عبر الحكومات الإنترنت بشكل غير مباشر.
وضربت المثل بكل من إندونيسيا وإيران، حيث خفضت حكومتا البلدين -حسب الصحيفة- سرعة الإنترنت بدرجة كبيرة، حتى بات من الصعب للغاية استخدام الشبكة.
وكذلك في روسيا، صدر قانون يعطي الدولة السلطة والسيطرة التي تمكنها في غمضة عين من إغلاق موسكو أمام وسائل الاتصالات الخارجية كافة، وفق الصحيفة العبرية.
وفي هذا الصدد، ذكر تقرير الأمم المتحدة الصادر أواخر عام 2022 بشأن عمليات الإغلاق هذه: "في كثير من الأحيان، يتم إبطاء أو حظر قنوات الاتصال الرئيسة أو الشبكات بأكملها".
وأضاف أن ذلك يحرم "الآلاف أو حتى الملايين من الأشخاص من الوسيلة الوحيدة للوصول إلى أحبائهم أو مواصلة أعمالهم وممارسة مهامهم".
وذكرت الصحيفة أن المنظمة وثقت 931 حالة قطع اتصال بين عامي 2016 و2021 في 74 دولة، مع حظر 55 أخرى الاتصالات بشكل متكرر ولفترات طويلة من الزمن.
وأشارت إلى أن المنظمات الدولية باتت ترى أن الوصول للإنترنت حق أساسي تتحمل الدولة مسؤولية ضمانه، تماما كما تضمن وصول المياه والكهرباء والغاز.
لكنها ذكرت، في ذات الوقت، أن هذا "قد يكون صحيحا في أوقات السلم فقط"، مدعية أن "حقوق الإنسان تحظى بتفسيرات مختلفة إبان الحرب".
وتتساءل: "هل من المنطقي أن نتعامل مع قطع الإنترنت بشكل محدود أثناء الحرب بذات المعايير التي نطبقها حال السلم؟"
وتابعت تبريرها بالإشارة إلى أن "ساحة المعلومات تعد ساحة للحرب على مدار تاريخ البشرية، وكانت هناك دوما جهود حربية لتعطيل وعرقلة قدرة العدو على التواصل".
ويعد ذلك هدفا عسكريا مشروعا، حتى لو كان تحقيقه سيسبب أضرارا في قدرة الجمهور على التواصل والمعرفة، وفق زعمها.
وادعت الصحيفة أن تعطيل الإنترنت في غزة ليس هدفه حجب الإعلام أو إسكات الأصوات الناقلة لما يحدث، لكن الغرض الرئيس هو الإضرار بالأهداف العسكرية للفصائل الفلسطينية.
وأوضحت أن هذه "الغاية (الإضرار بحماس) تبرر الوسيلة (قطع الإنترنت عن ملايين البشر في غزة)".
1 |
מה הבעיה בלנתק את עזה מהרשת? |
---|