ازداد الحديث في الآونة الأخيرة عن مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إذ يعتقد معارضوه وحتى بعض مساعديه أنه سيضطر للتنحي بمجرد انتهاء الحرب على غزة.
ونشر موقع "المونيتور" الأميركي تقريرا، قال فيه إن إسرائيل تغيرت بشكل لا يوصف، بعد مرور أكثر من شهر منذ أن شنت حركة المقاومة الإسلامية حماس هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وأضاف أنه "يتضح أكثر فأكثر أن هذه الكارثة هي نهاية مسيرة نتنياهو السياسية الطويلة والمضطربة"، حيث وصفه بأنه "رئيس الوزراء المحاصَر".
ونقل الموقع عن وزير إسرائيلي حالي من حزب الليكود -الذي يتزعمه نتنياهو- أن "السؤال لم يعد ما إذا كان سيرحل، بل متى سيرحل".
ويرى أن "تقييم وزير الليكود رصين، لن يتمكن سياسي بهلواني موهوب كتنياهو من النجاة، بعد فشله في تجهيز إسرائيل لصد هجوم 7 أكتوبر، الذي يوصف بأنه أعظم كارثة في تاريخها".
وحتى أقوى مؤيدي نتنياهو، الذين يواصلون إصرارهم على أنه ليس مسؤولا عن هذا الفشل الذريع، لا يمكنهم الاعتراض على هذا التقييم، وفق المونيتور.
وتابع أن "الصورة التي رسمها طوال حياته المهنية كضامن لأمن إسرائيل ومدافع عن الشعب اليهودي ضد محرقة ثانية ستجعل انهياره مدويا".
وأضاف الموقع الأميركي أن "إسرائيل تعاني من صدمة غير مسبوقة، ولذلك ينتشر مئات الآلاف من الجنود النظاميين والاحتياط في قطاع غزة وجنوب إسرائيل، وكذلك على طول الحدود اللبنانية".
وأفاد بأن هؤلاء الجنود حُشدوا لمعركة "يعدها الكثير من الإسرائيليين ليست مبررة فحسب، بل إنها ليست أقل من كونها حرب وجود وبقاء".
وتابع أنه "على الرغم من مبالغته الواضحة، فإن وصف نتنياهو وغيره من الساسة للحرب ضد حماس بأنها "حرب الاستقلال الثانية"، يعزز من صورة الفشل التي لحقت برئيس الوزراء الأطول خدمة في تاريخ إسرائيل".
ورغم ذلك، أشار إلى أنه "من السابق لأوانه رسم سيناريو محدد لنزول نتنياهو من المسرح السياسي"، منوها أنه "من غير المرجح أن يُطاح به ما دامت الحرب مستمرة".
وقد حذر الجنرالات الإسرائيليون من أن العملية العسكرية ستطول، لكن تجرى حاليا مناقشات خلف الكواليس عن اليوم التالي لانتهاء الحرب.
وقال مصدر في حزب الليكود للمونيتور، شريطة عدم الكشف عن هويته: "لن نقف ضد نتنياهو الآن، ولن يدعو أحد رئيس الحكومة إلى ترك منصبه في خضم الحرب".
وأضاف أنه "مع كل ما حدث، من الواضح بالنسبة لي أن ولاية رئيس الوزراء يجب أن يقيدها القانون، فالبقاء في هذا الوضع لفترة طويلة هو وصفة مؤكدة للمتاعب".
بينما ذهب وزير من حزب "شاس" اليميني إلى أبعد من ذلك، حيث قال: "لقد أعادت الحرب خلط كل الأوراق، ويجب علينا جميعا أن نراجع أنفسنا، وألا نسمح لنتنياهو بالبقاء سياسيا".
وأردف: "في تقديري، ستكون لدينا انتخابات جديدة في غضون عام، ولن يلتزم حزب شاس بالضرورة بدعم مرشح الليكود لرئاسة الوزراء".
علاوة على ذلك، امتنع زعيم المعارضة، يائير لابيد في البداية، عن المطالبة بشكل مباشر باستقالة نتنياهو خلال الحرب.
لكنه غير رأيه مساء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، وطالب بعزل نتنياهو واختيار رئيس حكومة آخر من الليكود، مضيفا: "الجمهور الإسرائيلي لا يثق به".
من ناحية أخرى، فإن هناك شخصيات معارضة -مثل رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك- كانت في السنوات الأخيرة تطالب باستقالة نتنياهو، ودعت الآن علنا إلى رحيله الفوري عن منصبه.
وفي 4 نوفمبر 2023، تظاهر المئات أمام منزلي نتنياهو في القدس وقيسارية، مطالبين بتنحيه.
كما تظاهر عشرات الآلاف في تل أبيب والقدس، لحث الحكومة على ضمان إطلاق سراح الأسرى لدى حماس البالغ عددهم بين 200 - 250.
وقال المونيتور إن "استطلاعات الرأي عكست ما هو واضح بالفعل، فقد انخفضت شعبية نتنياهو إلى مستوى غير مسبوق، ولا يضاهيها إلا موقفه بعد اغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين عام 1995، عندما اتُهم كزعيم للمعارضة بأن له يد في التحريض الذي أدى إلى القتل".
ورغم أن نتنياهو تعافى في غضون بضعة أشهر وفاز بانتخابات عام 1996، فإن إسرائيل تغيرت إلى حد كبير خلال السنوات الـ28 التي تلت ذلك الحدث المؤلم، وفق وصف المونيتور.
وألمح إلى أن "وضع نتنياهو هش بالفعل بسبب خطة الإصلاح القضائي، فقد وصل إلى اللحظة المحورية الحالية في تاريخ إسرائيل، وهو مكروه من نصف الشعب؛ بسبب حملته المثيرة للجدل التي هدفت لكبح جماح السلطة القضائية".
وأردف الموقع أن "معظم الجمهور لا يزال يميل إلى اليمين السياسي، على الرغم من أن تآكل الدعم الشعبي لنتنياهو يؤدي أيضا إلى تراجع حزب الليكود، الذي يرأسه منذ عام 2006".
كما وجه هجوم 7 أكتوبر ضربة مؤلمة للقاعدة الأصغر حجما من ذوي الميول اليسارية، حيث اتهمها اليمينيون بالضعف والسذاجة؛ لاعتقادهم بأن السلام القائم على حل الدولتين أمر ممكن.
وتابع أن رئيس الوزراء "يقود الآن حملة عسكرية"، مشيرا إلى أنه "واقعي ويدرك جيدا ضعفه السياسي والشعبي، ولكن بوصفه ابنا لمؤرخ (بن تسيون نتنياهو، الذي يقتبس منه كثيرا)، فإنه يركز على الإرث الذي سيخلفه".
"ويبدو أن نتنياهو يحاول التقليل من الضرر الذي لحق بصورته من خلال الإشادة بإنجازات الحرب على غزة"، وفق الموقع.
وأشار إلى أنه "قبل ستة أسابيع فقط، وقف نتنياهو على منصة الأمم المتحدة في نيويورك وأعلن عن اتفاق سلام تاريخي متوقع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية".
وأفاد بأنه "حتى مع تراجع شعبيته والاحتجاجات الحاشدة ضد إصلاحاته القضائية، بدا نتنياهو وكأنه قد نهض مرة أخرى مثل طائر الفينيق، مما أربك الكثيرين الذين تنبأوا بنهاية عهده".
"وبعد أسبوعين، وبدلا من التوصل إلى اتفاق سلام (مع السعودية)، وجد نفسه يشن حربا، بدعم من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي قاد التقارب مع السعودية ورغب في التوصل إلى اتفاق سلام بنفس القدر الذي كانت عليه رغبة نتنياهو".
وأكد الموقع الأميركي أن "مفاتيح نهاية عهد نتنياهو موجودة في يد وزير الدفاع السابق بيني غانتس".
وعلى الرغم من أن غانتس هو المنافس السياسي لنتنياهو، فقد انضم إلى حكومة الحرب، معلنا أن هذه شراكة أملتها أحداث 7 أكتوبر المصيرية، وليست تحالفا سياسيا.
وأوضح المونيتور أن "غانتس أصبح الآن المرشح الأبرز لمنصب رئيس الحكومة في كل استطلاعات الرأي، ويحظى بدعم حتى من ناخبي الليكود؛ بسبب تغاضيه عن تجربته السياسية المريرة مع نتنياهو وانضمامه إلى حكومة الحرب من أجل المصلحة العامة".
فعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، في 3 نوفمبر أن 27 بالمئة فقط من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو هو الشخص المناسب لرئاسة الحكومة، بينما يفضل 49 بالمئة غانتس".
"وعلى هذا النحو، فبمجرد أن يقرر غانتس أن هذا الفصل من الحرب قد انتهى، فسوف يستقيل، وبالتالي سيُسقط حكومة نتنياهو ويجري التوجه نحو الانتخابات"، وفق الموقع الأميركي.
وفي المقابل، قال العضو المخضرم في حزب الليكود، موتي أوحانا، للمونيتور إن "نتنياهو يحظى بتأييد مطلق داخل الليكود"، مشيرا إلى أنه "لا يتحمل المسؤولية عن اختراق الحدود (عملية 7 أكتوبر)".
وتابع أوحانا أنه "منذ حرب غزة عام 2014، استمر الجيش في إخبار مجلس الوزراء بأن حماس قد رُدعت، ولم يكن لدى نتنياهو أي سبب للتفكير بطريقة أخرى".
وأضاف: "وقت الحرب ليس الزمن المناسب للبحث عمن يقع عليه اللوم، لكننا (ناشطو الليكود) نؤيد تشكيل لجنة تحقيق تفحص التاريخ الكامل لما أوصلنا إلى الوضع الحالي".
وأوضح أن هذا التحقيق يجب أن يشمل "سلوك وسائل الإعلام، وحركة الاحتجاج المناهضة لإصلاح القضاء، وسلوك المحكمة العليا".
ويرى الموقع أن "نتنياهو براغماتي. وإذا كان مقتنعا بأن الجمهور قد سئم منه، فمن غير المرجح أن يعرض نفسه للإذلال".
وأفاد بأن "نتنياهو قد بدأ بالفعل النضال من أجل إرثه الذي سيخلفه، حيث رتب فرصا لالتقاط الصور مع القوات الإسرائيلية والجنرالات".
كما أحضر خصمه (غانتس) للمساعدة في إدارة الحرب، واستقبل سلسلة من القادة الدوليين الذين زاروا إسرائيل لإظهار دعمهم".
وأورد أنه "يمكن أن يحاول نتنياهو إكمال مهمة التوقيع على اتفاق سلام مع السعودية كصورة النصر النهائي للحرب، قبل أن يغادر المسرح السياسي".
وقد يكون هذا أفضل رهان له -وفق التقرير- على الرغم أنه من المستبعد أن يُعقد اتفاق إسرائيلي-سعودي مع احتدام الحرب على غزة.
وأكد الموقع أنه "عند التقاعد المحتمل لنتنياهو، فسوف يتدهور حزب الليكود ويدخل في مرحلة من الحرب الشرسة لخلافته".
وختم بالقول: "سيظهر لاعبون جدد، ربما أحدهم رئيس الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجي) السابق يوسي كوهين، الذي يشارك حاليا في جهود للتوصل لاتفاق إطلاق سراح الرهائن، ومسؤولون مخضرمون آخرون مثل رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، الذي يستعد لليوم التالي لتنحي نتنياهو".
1 |
Will Netanyahu step down after Israel-Hamas war is over? |
---|