في وقت تتعرض فيه علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي للتوتر بسبب "اختلافات سياسية"، فإن موقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الصريح الداعم للفلسطينيين يشكل "اختبارا جديدا للعلاقات".
وسلط إعلام غربي الضوء على "موقف تركيا الغاضب" من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإذا ما كان موقف أنقرة سيؤثر على علاقاتها مع بروكسل.
ولفت موقع "المونيتور" الأميركي إلى أنه "بعد الهجوم الذي شنه الجناح العسكري لحركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي قاد إلى قصف إسرائيلي متواصل على غزة، سعى أردوغان أولا إلى وضع بلاده كوسيط".
وأضاف "لكن هذا الطموح الواضح تبخر في الشهر نفسه، بعد أن صرح الزعيم التركي بأن حماس ليست جماعة إرهابية، بل حركة تحررية يقاتلون من أجل أرضهم".
وأكد أردوغان أن "إسرائيل ترتكب جرائم ضد الإنسانية في حربها على قطاع غزة، وباتت تتصرف وكأنها تنظيم".
وأضاف أن "إسرائيل تنفذ منذ 7 أكتوبر 2023، واحدة من أكثر الهجمات دموية ووحشية والمقززة في التاريخ ضد الأبرياء في غزة".
في المقابل، وصف نائب رئيسة وزراء إيطاليا، ماتيو سالفيني، تصريحات أردوغان بأنها "خطيرة ومثيرة للاشمئزاز".
ورأى الموقع أنه "في نهاية المطاف، فإن تركيا مرشحة -من الناحية النظرية- لعضوية الاتحاد الأوروبي، وحتى لو كان هذا يبدو احتمالا بعيدا، فإن بروكسل تفضل أن تنال دعم أنقرة بدلا من التنافس مع مواقفها".
ونقل "المونيتور" عن مسؤول بالاتحاد الأوروبي طلب عدم الكشف عن هويته أن "ما يقوله الرئيس (أردوغان) ينعكس بشكل سيئ هنا في بروكسل، فنحن نتوقع دائما أن تنحاز تركيا إلينا في السياسة الخارجية".
وفي تقريره حول التقدم الذي أحرزته الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي في تلبية معاييره، والذي نُشر أخيرا، قال الاتحاد الأوروبي إن "السياسة الخارجية الأحادية التي تتبعها تركيا لا تزال تتعارض مع أولويات الاتحاد".
وأضاف التقرير الأوروبي أن "أنقرة حافظت على معدل توافق منخفض للغاية يبلغ 10 بالمئة مع موقف الاتحاد الأوروبي بشأن السياسة الخارجية والأمنية مقارنة بـ8 بالمئة عام 2022".
وأوضح المونيتور أن "خطاب تركيا الداعم لحماس في أعقاب هجماتها ضد إسرائيل يتعارض تماما مع نهج الاتحاد الأوروبي".
وأردف أن "أردوغان، وهو مسلم متدين ومدافع متحمس عن حقوق الفلسطينيين، صعد انتقاداته مع تزايد عدد القتلى المدنيين في غزة، واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، كما استدعى سفير بلاده في تل أبيب".
وقاد أردوغان تظاهرة في إسطنبول نظمها حزبه الحاكم، قبل يوم واحد فقط من الاحتفالات بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر 2023.
ويخشى المحللون من أن يؤدي موقف أردوغان بشأن إسرائيل وغزة إلى "تقويض تقاربه الدبلوماسي مع الغرب"، وفق الموقع.
بدوره، قال هاميش كينير، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة "فيريسك مابلكروفت" لاستخبارات المخاطر، "إن "موقف أردوغان بشأن إسرائيل وغزة يزيد من التوترات المتصاعدة بين تركيا والغرب بشأن قضايا طويلة الأمد، بما في ذلك الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي".
وأفاد الموقع الأميركي بأن "العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي شهدت جمودا منذ بدء محادثات العضوية عام 2005".
ويقول مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن "الحماس الأولي تبخر، وهناك انحراف ملحوظ عن القيم الغربية، إلى جانب الافتقار إلى الالتزام السياسي بتنفيذ الإصلاحات".
وأكد المونيتور أن "حرب غزة ستؤدي إلى تفاقم العلاقة التي تمر بمرحلة صعبة بالفعل".
وقال مسؤول آخر في الاتحاد الأوروبي للموقع: "عندما بدأت الحرب في غزة، اعتقد الكثير منا أن تركيا يمكن أن تكون وسيطا نزيها ولاعبا كبيرا في نزع فتيل التوترات في المنطقة"، مضيفا: "لكن خطاب أردوغان بشأن غزة قضى على هذه الآمال".
وأضاف المسؤول: "لقد تشجعنا للغاية عندما رأينا الدور المهم الذي لعبته تركيا في استئناف صادرات الحبوب (الأوكرانية) عبر البحر الأسود"، في إشارة إلى دور أنقرة في محاولة لاحتواء جهود روسيا لمنع سفن الشحن الأوكرانية.
وقال أحد المسؤولين الأوروبيين، إن "أوروبا بحاجة إلى التواصل مع تركيا، لكن الأمر يزداد صعوبة".
من جانبه، صرح عضو البرلمان الأوروبي البارز، ناتشو سانشيز أمور، أن "موقف أردوغان المؤيد لحماس لم يمر مرور الكرام".
وأردف: "إذا صورتَ حماس كمقاتلين من أجل الحرية، فإن الآخرين سيرون حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) كمقاتلين من أجل الحرية، وعندها ستكون مشكلة"، وذلك في إشارة إلى تنظيم "بي كا كا" المحظور، والذي أدرجته تركيا وحلفاؤها الغربيون على قائمة التنظيمات الإرهابية.
وردت وزارة الخارجية التركية على تقرير الاتحاد الأوروبي، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قائلة: "إننا نعد تضمين التقرير الأوروبي نقدا لبلادنا وتأكيده أن موقف أنقرة تجاه الحرب بين حماس وإسرائيل يتعارض تماما مع موقف الاتحاد الأوروبي، هو بمثابة إشادة بنا".
وأورد البيان التركي أن "الاتحاد الأوروبي يقف في المكان الخطأ من التاريخ في مواجهة مذبحة مدنية عادت إلى الظهور من ظلمات العصور الوسطى في القرن الحادي والعشرين".
وتابع بأنه يتعين تذكير الاتحاد الأوروبي بأن "السياسات القائمة على القيم العالمية والقانون الدولي والمبادئ الإنسانية يجب ألا تكون صالحة لأوكرانيا أو أي منطقة أخرى في أوروبا فحسب، بل لجميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط".
وختم المونيتور بالقول إن "هجوم أردوغان على إسرائيل ليس جديدا، لكن خبير السياسة الخارجية التركي سيركان دميرتاش يرى أن حرب غزة اليوم تظهر أن الاختلافات في المصالح الجيوسياسية بين الجانبين تتعمق تدريجيا".
1 |
Turkey’s Gaza fury deepens splits with EU |
---|